عربي21:
2025-12-14@02:13:08 GMT

خطة محو الفلسطينيين

تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT

بفوائض عجرفة وجهالة مفزعة بالتاريخ والجغرافيا، وعلى نحو فاق كل توقع جنوني، قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شطب القضية الفلسطينية من جدول أعمال التاريخ والمستقبل، والاستيلاء الأمريكي المباشر على جغرافيا قطاع غزة، وطرد ملايين الفلسطينيين بالجملة، وبدعوى إعادة إعمار غزة، وجعلها ريفيرا الشرق الأوسط، وتحويلها إلى ملكية أمريكية طويلة الأمد، وجلب آخرين من غير الفلسطينيين لسكناها، ومن دون استبعاد إقامة مستوطنات إسرائيلية فيها، بعد جلب وحلب أموال عربية ودولية ـ غير أمريكية ـ لتمويل عملية سرقة غزة، التي تستغرق ـ حسب أوهامه ـ مدة 15 سنة، أي نحو أربعة أضعاف مدة بقاء ترامب نفسه في البيت الأبيض.



ولا حاجة للتذكير بما هو معروف، فقد أثبت ترامب أنه أعظم صديق لكيان الاحتلال في البيت الأبيض، كما قال عنه بنيامين نتنياهو رئيس وزراء العدو، ولولا اعتبارات التحايل اللفظي، لقال نتنياهو أن ترامب هو أعظم خادم للصهيونية في تاريخها على الإطلاق.


وترامب نفسه يفخر بما فعله ويفعله في خدمة الكيان، خلال ولايته الأولى، وما مضى من أيام الولاية الثانية، وكرر مزهوا قبل وبعد لقائه الأخير مع نتنياهو، أنه هو الذي أيد اعتبار القدس بكاملها عاصمة أبدية موحدة لكيان الاحتلال، إضافة لتأييده ضم هضبة الجولان لسيادة كيان العدو، وأجبر دولا عربية عديدة على الانضمام لاتفاقات إبرهام في ولايته الرئاسية الأولى، وأعاد فتح كل مخازن السلاح الأمريكي بلا سقف للكيان، وقرر الانسحاب ووقف تمويل وكالة الأونروا لرعاية وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، كما الانسحاب من المجلس الدولي لحقوق الإنسان المعادي ـ في رأيه ـ للسامية والصهيونية، ووقف تمويل اليونسكو المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة، فوق إعادة فرض سياسة الضغوط الاقتصادية القصوى على إيران الممولة لمنظمات معادية للكيان، وكانت تلك كلها وغيرها مجرد مقبلات تسبق تقديم الطبق الرئيسي، المتمثل في حل مشكلة الفلسطينيين، بشطب وجود الفلسطينيين من أصله، وطردهم جميعا، ليس من غزة وحدها، بل من الضفة الغربية أيضا، التي قال ترامب إنه يستعد لإصدار قراره بشأنها خلال أسابيع، والذى لن يكون على الأغلب، سوى تأييد ضم الضفة بكاملها تقريبا للكيان، وربما شفعه بخطة لطرد ملايين الفلسطينيين منها، أسوة بخطته لطرد ملايين غزة، وبطريقة تجاوزت أحلام أشد المتطرفين داخل الكيان، الذين ظلوا لعشرات السنوات يخططون، ويدعون لطرد الفلسطينيين والتخلص منهم نهائيا.
إذا كان نتنياهو يقود حكومة يمين توراتي في تل أبيب، فإن ترامب يقود حكومة يمين مسيحي متطرف
ثم جاء ترامب ليعد بتحقيق أحلامهم بجرة قلم، الأمر الذي جعلهم في ذهول الفرح، وجعل حلمهم ببناء إسرائيل الكبرى أقرب من طرف الإصبع، وفتح الطريق النهائي لتصفية كل وجود فلسطيني على أرض فلسطين التاريخية من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، وربما التوسع خارج فلسطين في الأردن ولبنان وسوريا وربما مصر، فلم يعبأ ترامب في تصريحاته برفض مصر والأردن لتهجير الفلسطينيين، وكرر الطلب إلى مصر والأردن بتوفير قطع أراض بديلة لوضع ملايين الفلسطينيين المطرودين فيها، وأعلن صراحة أنه لا فرصة في مخططه لإقامة أي كيان أو دولة فلسطينية في أي وقت، وأسقط أقنعة المداورات كلها وأكد، ومن بعده وزير خارجيته الصهيوني ماركو روبيو، أن واشنطن تعد لعملية الاستيلاء على غزة وتنفيذ عملية التهجير، وجاء ذلك طبيعيا متسقا، فإن كان نتنياهو يقود حكومة اليمين الديني المتطرف في تل أبيب، فإن ترامب شكل طاقم إدارته في الشرق الأوسط بالذات، على نحو جعل حكومة إسرائيل في واشنطن أكثر تطرفا وهمجية من مثيلتها داخل الكيان.

وإذا كان نتنياهو يقود حكومة يمين توراتي في تل أبيب، فإن ترامب يقود حكومة يمين مسيحي متطرف أكثر ولاء وإيمانا بالكيان الإسرائيلي قبل أي شيء آخر.

تسيطر على الكونغرس الأمريكي بمجلسيه، وعلى وزارة الخارجية بالكامل، كان الصهاينة اليهود هم عماد المناصب الكبرى في وزارة خارجية الرئيس السابق جو بايدن، وأصبح الصهاينة المسيحيون هم عماد وزارة خارجية ترامب، حتى إن السفير مايك هاكابي الذي عينه في إسرائيل، أكثر صهيونية من نتنياهو وبن غفير وسموتريتش، وكان قسا ومبشرا إنجيليا قبل أن ينتقل إلى ميدان السياسة، وهو يرفض من الأصل مصطلح الضفة الغربية، ويصفها كغلاة التوراتيين بأنها يهودا والسامرة، ويعتبر أنه لا وجود ولا حقوق لشيء اسمه الشعب الفلسطيني، ويتحدث عن استيطان الضفة كحق طبيعي ثابت لليهود وحدهم، تماما كرئيسه ترامب الذي يدعم حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية في الضفة اليوم، ويمهد لإعلان قراره بضم الضفة كلها، أو أغلبها لكيان إسرائيل نهائيا، ويعول على تنفيذ خطته الجنونية في غزة، على أن تبدأ بعد، أو بدلا من المرحلة الثانية لاتفاق وقف إطلاق النار، وقد كان ستيف ويتكوف مبعوث ترامب في مفاوضات وقف النار، صريحا بما يكفي وزيادة، حين أعلن قبل ترامب وبعده، أن الهدف من المرحلة الثانية هو استكمال إطلاق سراح كل المحتجزين الإسرائيليين والأمريكيين الأحياء، وأن مخطط المرحلة الثالثة الموضوع يحتاج إلى ما سماه إعادة ضبط، وانتظار عملية تهجير الفلسطينيين من غزة، قبل أي حديث عن إعادة إعمار، في ما وضع ترامب الوسطاء العرب في التفاوض تحت الضغط، وأعلن ـ أكثر من مرة ـ أنه لا ضمانات عنده باستمرار وقف إطلاق النار، وأن كل الخطوات التالية موقوفة على قبول خطة التهجير واستيلاء أمريكا على غزة، ربما ليضمن أنه لن يكون من دور لحركة حماس بعد الحرب، ولن يكون من دور لأي فلسطيني آخر، لأنه لن يكون من فلسطينيين أبدا في غزة، حسب الخطة الترامبية.


ولا تبدو ردود الأفعال الفلسطينية والعربية، متناسبة مع التطور الأخير الأخطر بامتياز، صحيح أن الكل لم يقصروا في عادة الشجب والتنديد، أو اعتبار أن وعد ترامب أخطر من وعد بلفور، وهذا صحيح، فقد أعطى وعد بلفور ما سماه وطنا قوميا لليهود في فلسطين، لكن وعد ترامب يعطى اليهود فلسطين كلها وللأبد، ويحجب عن الشعب الفلسطيني مجرد حق الوجود فوق أرضه، وحين يتحدث ترامب عن الاستيلاء الأمريكي على غزة، فقد لا يعني ـ بالضرورة ـ إرسال قوات أمريكية لاحتلال غزة، وعنده قوات الجيش الإسرائيلي، الذي هو جيش أمريكي، يكلفه بالمهمة، فوق وجود قواعد مباشرة باسم الجيش الأمريكي نفسه في صحراء النقب المحتلة وغيرها، مع إمكان تحريك أساطيل أمريكا وحاملات طائراتها الضخمة إلى شواطئ غزة، وإعطاء الامتيازات للشركات الأمريكية لاحتكار التنقيب عن البترول والغاز في بحر غزة، وإنزال قوات المارينز على شاطئ غزة، وفرض الحماية الأمريكية المباشرة المعلنة لقوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة عبر 60 قاعدة أمريكية موزعة في دول الخليج والمشرق العربي، ومع أن خطة ترامب الجديدة تبدو خيالية، بما يكفى وخارج التوقعات، فإن مقاومتها وإحباطها في المهد ممكنة، ليس فقط لأنها تطيح بكل قواعد القانون الدولي، ونزوات ترامب لا تقيم وزنا على أي حال للقانون ولا للأمم المتحدة ومنظماتها، ولن يعجب أحد لو قرر انسحاب واشنطن من الأمم المتحدة، أو طرد مقرها الزجاجي من نيويورك، فهو يؤمن بما يسميه السلام المفروض بالقوة، ويعتقد أن لديه القوة الكافية لفرض ما يريده، ويعتبر أن الدول التي رفضت خطته لتهجير الفلسطينيين سوف ترضخ لأوامره في نهاية الأمر، وهذا هو التحدى المطروح اليوم على الشعب الفلسطيني والأمة العربية ونظمها الحاكمة، فلا معنى يذكر لبيانات الشجب والتنديد وإبداء الامتعاض، ولا لتكرار اللغو الممل عن طلب الوساطة الأمريكية وغيرها، وكل ذلك صار مزاحا أسخف من سخف ترامب نفسه، ولا بد من التعامل مع التحدي غير المسبوق على نحو مختلف جذريا،
أولا: بتعبئة تحرك دولي جامع ضد همجية ترامب، واستصدار قرارات أممية لتجريم أي ترحيل للفلسطينيين من وطنهم.

ثانيا : دعوة كل الأطراف العربية التي لها علاقات مع إسرائيل لقطعها فورا، وإبقاء كل الخيارات مفتوحة دون حد أقصى، وإعداد خطة إعمار بديلة عاجلة.

ثالثا : إعلان الاتحاد السياسي الفلسطيني، وإقامة إدارة فلسطينية موحدة، دون إبطاء على أراضي غزة والضفة والقدس المحتلة، فلم يعد من وقت ولا مجال للتسويفات والمماطلات الداخلية بين فتح وحماس وغيرهما، ولا لرفض خيار المقاومة الفلسطينية المسلحة، ولا لمعاندة إرادة الشعب الفلسطيني المصمم على نيل حقوقه كلها، وأبسطها حقه المطلق في تقرير مصيره، وحقه وواجبه في الثبات فوق أرضه المقدسة، وهزيمة خطط الإبادة الأمريكية الإسرائيلية إفناء وتهجيرا، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

المصدر: القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب الفلسطينية غزة الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة أفكار صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی

إقرأ أيضاً:

الأردن يدين مصادقة حكومة الاحتلال على إقامة وشرعنة 19 مستوطنة في الضفة الغربية

أدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية بأشدّ العبارات مصادقة الحكومة الإسرائيلية على إقامة وشرعنة 19 مستوطنة استعمارية غير شرعية في الضفة الغربية المحتلة.

قوات الدعم السريع تنفي مسؤوليتها عن استهداف مقر أممي في كادوقليالرئاسة الفلسطينية تدين تصريحات السفير الأمريكي المؤيدة للاستيطان

وأكد على أن هذا خرق فاضح للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وتقويض لجهود حل الدولتين، وانتهاك واضح لحق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير مصيره وإنهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة، مُشدّدةً على أنّ لا سيادة لإسرائيل على الضفة الغربية المحتلة.

وأكّد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير فؤاد المجالي إدانة المملكة ورفضها المطلق مواصلة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة مشاريعها وخططها الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة التي تُعدّ تكريسًا للاحتلال والتوسع الاستيطاني، وتقويضًا واضحًا للإرادة الدولية لجهود حل الدولتين، وانتهاكًا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وخصوصًا قرار مجلس الأمن الدولي 2334الذي يدين جميع الإجراءات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي وطابع ووضع الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 ، بما فيها القدس الشرقية، إضافة إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أكّد عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية وبطلان بناء المستوطنات وإجراءات ضمّ أراضي الضفة الغربية المحتلة.

ودعا المجالي المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وإلزام إسرائيل وقف تصعيدها الخطير وإجراءاتها غير الشرعية والأحادية في الضفة الغربية المحتلة، وضرورة تلبية حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وفي مقدّمها إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني؛ سبيلًا وحيدًا لتحقيق السلام العادل والشامل الذي يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة.

 

طباعة شارك مستوطنة شرعنة وزارة الخارجية استعمارية القانون الدولي الشعب الفلسطيني القدس المحتلة

مقالات مشابهة

  • آلاف المستوطنين يتظاهرون للمطالبة بإسقاط حكومة نتنياهو
  • مستوطنون صهاينة يعتدون على ممتلكات الفلسطينيين في الضفة
  • الأردن يدين مصادقة حكومة الاحتلال على إقامة وشرعنة 19 مستوطنة في الضفة الغربية
  • غولان: كان بالإمكان إعادة محتجزين بغزة أحياء لولا تعنت حكومة نتنياهو
  • تصاعد عنف المستوطنين يدفع آلاف الفلسطينيين للنزوح في الضفة
  • معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
  • حكومة نتنياهو تصدّق على إقامة وشرعنة 19 مستوطنة بالضفة الغربية
  • معهد فلسطين: حكومة الاحتلال تدرك أن عمرها السياسي قصير
  • تركيا: هدف “نتنياهو” الأساسي هو تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية
  • معاريف تفضح نتنياهو.. رئيس حكومة الاحتلال يتعمد إفشال خطة ترامب للسلام في غزة