أحدثت ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثانية في البيت الأبيض كثيرا من الاضطرابات في مختلف أنحاء العالم. ففي أوروبا، ألقت قضية الزيادة في الإنفاق الدفاعي بظلالها على مالية أوروبا بشكل غير مسبوق.

وفي الجانب الآخر من العالم جغرافيا، تعتبر الولايات المتحدة المحيطين الهندي والهادي مسرحها الأول لما يطلق عليه البنتاغون "منافسة القوى العظمى"، مما يدفعها إلى مطالبة الحلفاء والشركاء في المنطقة بإنفاق المزيد على الدفاع، بمن فيهم نيوزيلندا.

وفي مقابلة خاصة مع وزيرة دفاع نيوزيلندا جوديث كولينز على هامش مؤتمر ميونخ للأمن في ألمانيا، تحدثت الوزيرة عن الإنفاق الدفاعي والوضع الأمني في منطقة المحيطين الهندي والهادي، فضلا عن حلف شمال الأطلسي وعلاقة بلادها مع واشنطن وبكين.

جوديث كولينز تقول للجزيرة نت إن بلدها بحاجة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي وتعمل على وضع خطة من أجل ذلك (الجزيرة) الإنفاق الدفاعي

وباعتبار أن نيوزيلندا عضو في تحالف "العيون الخمس" الأمني ​​المهم، أكدت كولينز أن الرئيس الأميركي ترامب محق في المطالبة بمزيد من الإنفاق على الدفاع، سواء في نيوزيلندا أو في بلدان أخرى، قائلة: "لا نستطيع أن نأمل فقط أن يلتزم الجميع بحدودهم وأن نتوقع من الولايات المتحدة أن تأتي وتساعد دون بذل جهد من جانبها".

وأضافت: "نحن واضحون جدا في أننا بحاجة إلى زيادة إنفاقنا الدفاعي بشكل كبير. وقد أمضينا -مثل عديد من الدول الأخرى- الـ35 سنة الماضية في التفكير في كيفية توفير المال في الدفاع، ونعمل حاليا على وضع خطة بشأن مقدار الأموال وكيفية إنفاقها".

إعلان

وتابعت الوزيرة "عندما تولينا الحكومة قبل أكثر من عام بقليل، ورثنا قوة دفاع فقدت كثيرا من الأفراد ذوي الخبرة، وكان ذلك بسبب الطريقة التي استخدمت بها الحكومة السابقة الدفاع لإدارة عمليات الإغلاق بسبب جائحة فيروس كورونا ومرافق العزل".

وفيما يتعلق بخطاب جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي في المؤتمر، ذكرت المسؤولة النيوزيلندية أنها تتفهم محاولته إثبات وجهة نظره بشأن حرية التعبير والديمقراطيات والحاجة إلى إنقاذها لتكون قوية.

وكان فانس قد أثار استياء القادة الأوروبيين خلال كلمته في اليوم الأول من مؤتمر ميونخ للأمن، إذ انتقد السياسات الأوروبية بشأن الهجرة وحرية التعبير، معتبرا أن أوروبا تراجعت عن بعض أهم قيمها الأساسية.

المحيط الهندي والهادي

ولا تعتقد كولينز أن منطقة المحيطين الهندي والهادي مكان سلمي، بسبب "بعض السلوكيات العدوانية والصعبة التي تقع من وقت لآخر"، على حد قولها.

ووصفت الوزيرة الصاروخ الباليستي الصيني العابر للقارات الذي أطلق قبل بضعة أشهر عبر المحيط الهادي إلى منطقة المحيط الهادي الخالية من الأسلحة النووية بـ"جرس الإنذار الحقيقي" لبلدها وباقي الدول الأخرى، لأنه برهن مدى التوتر الذي أصبحت تعاني منه المنطقة.

وأوضحت أن بلدها منخرط أيضا في قانون البحار التابع للأمم المتحدة للتأكد من مشاركته في عمليات العبور عبر مضيق تايوان وبحر جنوب الصين، وأنهم منخرطون في أعمال العقوبات على كوريا الشمالية ويدركون جيدا أن الأوضاع تتغير.

وفي حديثها عن مدى تأثر نيوزيلندا بما يحدث في أوكرانيا والشرق الأوسط والمحيطين الهندي والهادي، ترى كولينز أن دولا مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية تطل على المحيط الهادي، فضلا عن بلدها والولايات المتحدة وكندا وغيرها، وهو الأمر الذي يؤدي إلى إثارة مزيد من القلق بشأن ما تفعله روسيا، وخاصة مشاركة كوريين شماليين معها في القتال بأوكرانيا.

إعلان

وفي سياق متصل، أشارت الوزيرة إلى أهمية المياه وما تحتويه في هذه المنطقة، بما في ذلك الأسماك والمعادن والموارد، قائلة "لدينا حلقة من النار تحتنا في المحيط الهادي، لذا ندرك تماما أن الدول الأخرى قد ترغب في أخذ مواردنا".

حلف الناتو

وفي تقييمها لأداء حلف شمال الأطلسي (ناتو) خلال السنوات الماضية، ترى كولينز أن الناتو يكثف جهوده كتحالف دفاعي "شاركتُ في الحلف العام الماضي بصفتي وزيرة للدفاع في نيوزيلندا، ووجدت أن الناتو يعمل بجدية شديدة للتحسن، تحت قيادة الأمين العام الـ14 للحلف مارك روته".

أما بالنسبة للدور الذي يسعى الناتو إلى القيام به في منطقة المحيطين الهندي والهادي، قالت الوزيرة إن "نيوزيلندا هي واحدة من الدول الأربع المشاركة في هذه المنطقة، وأعتقد أنهم يدركون تماما أن المحيط الهادي -وخاصة مع الدول المشاركة في أوروبا والمحيط الهادي- لا يزال منطقة مهمة للغاية ومنطقة أخرى قد يكون فيها صراع".

أميركا والصين

وأشادت وزيرة دفاع نيوزيلندا بعلاقات بلادها الوثيقة مع الولايات المتحدة الأميركية، بالقول: "كنا معها في وقت لم تكن فيه عديد من الدول الأخرى في أوروبا كذلك"، موضحة "عملنا معا في جمهورية كوريا، ونشارك في قوة الأمم المتحدة هناك والتي تساعد في الحفاظ على السلام في شبه الجزيرة الكورية".

وأضافت كولينز "عملنا مع الولايات المتحدة في أفغانستان وكل أنحاء العالم تقريبا. كما يعود تعاوننا إلى نهاية الحرب العالمية الثانية".

وتعتبر نيوزيلندا جزءا من اتفاقية تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الدول الخمس، إذ يتكون "مجلس مراقبة ومراجعة الاستخبارات التابع لدول العيون الخمس" من هيئات الرقابة والمراجعة والأمن الاستخباراتية غير السياسية في أستراليا وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وعن علاقة بلادها مع الصين، أكدت الوزيرة على قوة العلاقة الاقتصادية بين البلدين، فضلا عن التعاون في مجال البحث العلمي على مر السنين، موضحة أن "الصين هي أكبر شريك تجاري لنا، لكن العلاقة مع أميركا تعود إلى فترة طويلة جدا وتجمعنا بها علاقة ثقة متبادلة وتقدير، فضلا عن القيم الديمقراطية المشتركة".

إعلان

وأضافت كولينز "عند النظر إلى الترتيبات الأمنية، فإننا نتوافق بشكل وثيق مع شركائنا القدامى، وحليفنا الرسمي الوحيد من الناحية العسكرية هي أستراليا، لذا فإننا نعمل معهم بشكل وثيق أيضا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المحیطین الهندی والهادی الولایات المتحدة الإنفاق الدفاعی المحیط الهادی الدول الأخرى منطقة المحیط فضلا عن

إقرأ أيضاً:

ما أهداف الحملة الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية ضد فنزويلا؟

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا عن غلق المجال الجوي فوق فنزويلا. جاء ذلك في رسالة تحذير نشرها على موقعه للتواصل الاجتماعي. وقد أثار هذا الفعل الكثير من التكهنات حول ما الذي سوف يحصل لاحقا، خاصة أن هناك حشودا عسكرية أمريكية بدأت في الكاريبي منذ أغسطس/ آب الماضي، حيث نشرت الولايات المتحدة قوات بحرية وجوية، بما في ذلك غواصة تعمل بالطاقة النووية، وحاملات طائرات، وسفن هجومية برمائية، وإنزال 15 ألف جندي قبالة السواحل الفنزولية. كما شهدت قواعدها في المنطقة نشر طائرات أف 35، وتغطية المجال الجوي بطائرات تجسس.

يُذكر أن واشنطن كانت قد نفذت ضربات جوية، على أكثر من 20 سفينة تابعة لفنزويلا في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ في بداية سبتمبر/أيلول الماضي، قالت إنها تشتبه في تهريبها للمخدرات إلى أمريكا، لكن من دون تقديم أي دليل يؤكد هذه التهمة، وقد أسفر ذلك عن مقتل أكثر من 80 شخصا. لقد بينت الولايات المتحدة الأمريكية، أن الهدف من هذا الانتشار العسكري واسع النطاق، هو الحد من تهريب المخدرات والبشر إلى أراضيها.

في حين ذهبت بعض الأقوال إلى أن الهدف من الانتشار العسكري، هو الإطاحة بالرئيس الفنزولي نيكولاس مادورو والاستيلاء على بلاده، من خلال سيناريو يقوم على دفع بعض المعارضة الفنزولية للنزول الى الشارع، والمطالبة بتغيير السياسة المعادية للولايات المتحدة، والتعاون معها في وقف عمليات تهريب المخدرات، ثم إثارة الاضطرابات في داخل فنزويلا بشكل كبير، وصولا إلى إسقاط النظام السياسي بمساعدة واشنطن، ومن دون الدخول في حالة حرب. وتستند هذه الأقوال إلى بعض التصريحات الأمريكية، التي تعتبر أن فنزويلا تقوم بكل ما يزعج الولايات المتحدة، وأنها تموضعت بوضع معادٍ لواشنطن، ودخلت في أحلاف واتفاقات مع دول معادية للولايات المتحدة، ولا يظهر أي تغيير ملموس لهذا التوجه، وعليه فقد حان الوقت لمزيد من الضغط لدفع الشعب الفنزولي لإسقاط النظام.

إن تحليل السياسات الأمريكية في عهد الرئيس ترامب يُشير بوضوح، إلى أن جزءا كبيرا من تحركات البيت الأبيض، مرتبط بشخصية الرئيس نفسه، حيث إن قناعاته الشخصية تغلب على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، كما إن حاشيته يجارونه في ذلك، خاصة ماركو روبيو وزير خارجيته، فروبيو لديه فكر صقوري تجاه كل دول أمريكا اللاتينية، خاصة كوبا وفنزويلا، ويعتقد أنه لا بد من الضغط بشكل كبير جدا على هذه الدول، وعليه، حتى لو تم التعامل مع الإدعاءات الأمريكية بمنطقية، فسنجد أنها ليست مُقنعة بما فيه الكفاية. فتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة يأتي بالدرجة الأولى من المكسيك وكولومبيا، اللتين هما من أكبر الموردين لهذه المادة، إذن لماذا يتم التركيز على فنزويلا؟

يبدو أن هناك عوامل جيوسياسية هي المُحرك للتوجه الترامبي ضد فنزويلا. فالولايات المتحدة الأمريكية اليوم منخرطة في حرب باردة مع الصين، وهذه الأخيرة لديها علاقات قوية مع فنزويلا، كما هناك ما يشبه التحالف الصيني الروسي في التعامل مع دول أمريكا اللاتينية، كذلك تأتي علاقة فنزويلا وإيران عاملا آخر، ولكن يبدو أن العامل الأهم في هذا التحرك الأمريكي ضد فنزويلا هو المعادن الثمينة. فترامب يرى أنه يجب الحصول على هذه المعادن أينما وُجدت، كي يتخلص من المساومة الصينية في هذا الجانب.

كذلك هناك نقطة مهمة تُفسر الضغوط الأمريكية على الكثير من الدول، وهي أن ترامب ومنذ ولايته الأولى تشكلت لديه قناعة، بأن الضغط إلى أقصى الحدود سوف يؤدي إلى تغيير سياسات الدول بما يتلاءم ومصالحه، وهذا يُجنبه اتخاذ قرار المواجهة العسكرية الذي لا يريده، وحتى لو اضطر للدخول في المواجهة العسكرية، فهو يحسب كيف ستكون ومتى ينتهي منها، كما حدث مع إيران مؤخرا. أما بالنسبة لفنزويلا فهو يعرف جيدا أن اللعبة العسكرية معها لن تكون سهلة على الإطلاق، فالحرب في هذه الساحة لن تكون حربا كلاسيكية، بل حرب عصابات ومادورو لديه أنصار داخل البلاد وفي محيطها، كما أن الجيش الفنزولي يؤيده بشكل كبير.
أفعال عنجهية تبين بوضوح كيف أن القوة قد تسيّدت على القانون الدولي
يقينا أن التحرك بهذا الشكل الضاغط على فنزويلا سيؤدي إلى حالة اضطراب داخل دول أمريكا اللاتينية، والكل سيفكر بأنه ربما سيكون الثاني أو الثالث بعد فنزويلا على أجندة ترامب الابتزازية، فالولايات المتحدة لا تخفي عداءها ضد هذه الدول، بل تعلن ذلك صراحة وبوضوح. وهي وأحزاب اليسار التي وصلت إلى سدة الحكم في دول أمريكا اللاتينية في حالة تنافر سياسي كبير، خاصة أن الولايات المتحدة تساند بعض اليمينيين الذين وصلوا للسلطة، مثل الرئيس الأرجنتيني السابق، الذي ضغطت الولايات المتحدة من أجل عدم محاكمته. بالتالي لا شك في أن هناك مخاوف من الأحزاب اليسارية أن تدخل في مواجهة مع الولايات المتحدة، فمنذ بداية التسعينيات وبعد نهاية الحرب الباردة، تغيرت السياسة الأمريكية من التدخل العسكري المباشر في هذه الدول، إلى المعارضة السياسية وسياسة أقصى الضغوط. وهذه السياسة سمحت للكثير من الأحزاب اليسارية في أمريكا اللاتينية بالوصول إلى السلطة، مثل البرازيل والأرجنتين وكولومبيا وغيرها.

كما أنها جعلت منها أحزابا فاعلة في الحياة السياسية، وصوتها عاليا في معاداة واشنطن، لكن من دون أن تدفع تلك الضريبة التي كانت تدفعها في السبعينيات، حيث كانت الولايات المتحدة تتدخل في هذه الدول وتغير أنظمتها السياسية كما تشاء وكيفما تشاء.

إن إعطاء رئيس أكبر دولة في العالم وأعظم قوة عسكرية، الحق لنفسه بإغلاق المجال الجوي لدولة أخرى، ومحاصرتها من كل الجوانب بالقوة العسكرية، ليس له أي أساس قانوني يمكن الاستناد إليه، بل هي أفعال عنجهية تبين بوضوح كيف أن القوة قد تسيّدت على القانون الدولي في الوقت الحاضر.

فمنظمة مكافحة المُخدرات سبق وقالت في تقارير أمريكية، إن فنزويلا خالية من زراعة المخدرات. وعليه يتضح بأن السيطرة على الثروات باتت هي الشغل الشاغل لساكن البيت الأبيض، خاصة أن النفط والمعادن الثمينة والذهب، الذي مخزونه في فنزويلا، يحتل أهمية أكبر من النفط، كلها موجودة في هذه الدولة. وإذا كان هنالك من يؤيد ترامب من حاشيته، فإنه أيضا يواجه معارضة أمريكية لهذه السياسة تجاه فنزويلا. فقد قال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي تشاك شومر، إن تصرفات الرئيس المتهورة تدفع أمريكا نحو حرب خارجية مُكلفة مرة أخرى. كما تعرّض لانتقادات بسبب التدخل السياسي في هندوراس. لكن يبدو أن عقلية التاجر تسيطر عليه تماما.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • وزيرا خارجية السعودية وأميركا يناقشان السلام في السودان والتطورات في اليمن
  • بجاية.. الدرك يكشف مزرعة سرية للقنب الهندي ويوقف شخصًا بواد غير
  • ما أهداف الحملة الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية ضد فنزويلا؟
  • دواء ضغط قديم يثبت فعاليته في تقليل مخاطر الخرف بنسبة 30%
  • أكلة الشتا .. طريقة عمل العدس الهندي
  • زيادة الرواتب ليست شعبوية… بل دفاع عن الدولة والمجتمع
  • اجتماع بكيغالي لتعزيز التعاون الدفاعي بين فرنسا ورواندا
  • وزيرة التنمية المحلية تشهد توقيع مشروع تعزيز الصمود المناخي
  • الولايات المتحدة تطالب أوروبا بتحمل العبء الدفاعي الأكبر داخل الناتو بحلول 2027
  • تحوّل استراتيجي كبير.. الولايات المتحدة تدفع أوروبا لتحمّل مسئولية دفاع الناتو