سودانايل:
2025-06-03@21:47:40 GMT

اجتماع نيروبي: لن يعود السودان كما كان

تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT

سمعت من صحافي سوداني كبير راحل أنهم ذهبوا للسلام على قيادي كبير في نظام «الإنقاذ» (حكومة البشير)، وتهنئته على توقيع اتفاق السلام الشامل مع «الحركة الشعبية» بقيادة جون قرنق، المعروف شعبياً باتفاق نيفاشا (يناير/ كانون الثاني 2005). بعد السلام والترحيب بدأ الحضور في طرح بعض التساؤلات، وأشار أحدهم إلى نقطة خطرة في الاتفاق، والتي تتحدث عن تقرير المصير للجنوب بعد ست سنوات، وأنه سيُجرى استفتاء على ذلك.

قال الرجل إنه يخشى أن تدفع «الحركة الشعبية» الجنوبيين للتصويت على الانفصال. ابتسم المسؤول الكبير، ثم صمت لفترة، وبدأ أنه يستدعي مخزونه من الحكمة والمعرفة ، ثم عاد للابتسامة الهازئة، وقال بصوت خفيض: «تفتكر بعد ست سنوات حيكون في حاجة اسمها (الحركة الشعبية)…؟!».

كان السودانيون قلقين من مسألة تقرير المصير الذي يؤدي للانفصال، وكان الذين يحسنون الظن في الحكومة يفترضون أن هناك عملاً كبيراً سيتم في هذه الفترة لإقناع الجنوبيين بالتصويت على الوحدة: العمل في البنيات الأساسية. مشاريع تنمية. تعديلات في القوانين والمناهج التعليمية. فرص تعليم وعمل أفضل… إلخ. لكن اتضح أن كل خطة الحكومة آنذاك هي العمل على تفتيت «الحركة الشعبية» بحيث لا تبقى هناك قوة تدعو للانفصال. لم تتفتت «الحركة الشعبية»، وتسيّدها تيار انفصالي بعد رحيل الدكتور جون قرنق، وصوّت الجنوبيون بالأغلبية المطلقة لخيار الانفصال.

استدعيت هذه الصورة وأنا أتابع وأراجع وأحلل موقف الحكومة في بورتسودان، من خلال الإعلام الموالي وبعض التصريحات الرسمية، من اجتماع نيروبي الذي سينتهي بتوقيع ميثاق، ومن ثم تشكيل حكومة موازية. مع الأسف، لقد بات واضحاً أن نفس العقلية التي تعاملت مع اتفاق نيفاشا ونتائجه هي التي تدير الآن ردود فعل الحكومة وإعلامها الموالي وبعض القوى السياسية. تتراوح ردود الفعل بين الاستهانة بالاجتماع، والسخرية والتنمر على المشاركين، وإطلاق الإشاعات حوله، ثم تلخيص الأمر كله في أموال «الدعم السريع» التي وزعتها على المشاركين.

هناك استهانة كبيرة بخطوة إعلان حكومة موازية؛ إذ إنها، وبرغم التصريحات المطمئنة، هنا وهناك، خطوة في طريق التقسيم. صحيح أن قيادات اجتماع نيروبي قالوا إنهم لا ينشئون دولة جديدة، بحدود جديدة، لكنهم سينشئون حكومة لنفس الدولة القائمة، إلا أن الواقع العملي سيقود إلى أن تكون هناك حكومتان في منطقتين جغرافيتين مختلفتين، ومن الممكن أن يتحول الواقع لدولتين.

الأمر المهم هو أن هناك كثيراً من الناس ينظرون للحكومة القادمة على أنها حكومة بلا مشروع سياسي، وهذا أيضاً أمر غير صحيح؛ فـ«قوات الدعم السريع» التي احتلت معظم مناطق العاصمة وولاية الجزيرة، كانت مجموعات مسلحة بلا هدف وبلا مشروع سياسي. لكن من الواضح أنها تعمل الآن على محاولة إيجاد مشروع سياسي بحاضنة سياسية واجتماعية واسعة، تمتد من رشايدة شرق السودان إلى جبال النوبة في جنوب كردفان، ومن عمامة الطريقة الختمية إلى مظلة من بعض قيادات «الأنصار» وحزب الأمة، دَعْ عنك مناطق دارفور الكبيرة والواسعة.

ومن المؤكد أن هناك عدداً من القوى السياسية جاءت لنيروبي بمشروعها السياسي الخاص، تحاول، على الأقل، أن توجد له موطئ قدم. وهناك أيضاً مجموعات وحركات يقوم مشروعها السياسي على هدم الدولة القديمة، وإقامة دولة جديدة على أسس جديدة. وقد رأى هؤلاء أن بندقية «الدعم السريع» تصلح حليفاً لها في مرحلة إسقاط الدولة، وربما يرون أيضاً أنها قوات بلا مشروع، وقد يفلحون أن يسوقوا لها مشروعهم السياسي القديم. هذا غير بعض القوى التي ترى في تيار الإسلام السياسي الشر الأكبر، ولهذا فهم على استعداد للتحالف مع أي قوة، حتى لو «الدعم السريع»، ما دامت تقف ضد هذا التيار.

من المهم أن نفهم أن هناك مشروعاً سياسياً جديداً يؤيده البعض، ويرفضه آخرون؛ لأنهم يرون فيه الخطوة الأولى نحو تقسيم السودان. ولهؤلاء وأولئك فإنه من الأفضل لهم ولمستقبل السودان أن يبتعدوا عن الاستسهال والتنميط واستدعاء القوالب القديمة، وأن يدرسوا هذا المشروع بكل جوانبه، ويتحروا نتائجه المستقبلية.

لا أظن أن هناك حكومة أفريقية أو عربية أو حتى غربية، ستعترف بالحكومة الجديدة باعتبارها الحكومة الشرعية، لكن سيتم التعامل معها باعتبارها، أيضاً، حكومة أمر واقع. يحتاج العالم والإقليم للوصول إلى كل مناطق السودان، وأينما كانت هناك سلطة فسيتم التعامل معها.

خلاصة الأمر… لن يعود السودان كما كان، بعد اجتماع نيروبي، وعلينا أن نستعد لذلك.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحرکة الشعبیة اجتماع نیروبی الدعم السریع أن هناک

إقرأ أيضاً:

«العدل والمساواة» تعترض على قرار حل الحكومة السودانية

حركة العدل والمساواة السودانية، اعتبرت أن حل الحكومة يمكن أن يُضعف الالتزامات القائمة ويقوّض الأساس الذي قامت عليه الشراكة.

الخرطوم: التغيير

أبدت حركة العدل والمساواة السودانية، اعتراضها على قرار رئيس الوزراء د. كامل إدريس بحل الحكومة، ووصفته بأنه مخالف لاتفاق جوبا لسلام السودان، وحذرت من أنه يمكن أن يؤثر على تماسك الجبهة الداخلية.

وأصدر رئيس الوزراء المعين حديثاً د. كامل إدريس يوم الأحد، قراراً بحل الحكومة وتكليف الأمناء العامين ووكلاء الوزارات بتسيير مهام الحكومة إلى حين تشكيل حكومة جديدة.

وقال الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة معتصم أحمد صالح في تدوينة على منصة (إكس) يوم الاثنين، إن المادة 8.3 من اتفاق جوبا لسلام السودان “تشكّل ضمانة قانونية وسياسية لاستقرار مواقع أطراف العملية السلمية داخل مؤسسات الحكم حتى نهاية الفترة الانتقالية”.

وأضاف أنها “تنص صراحة على احتفاظ هذه الأطراف بالمواقع التي نالتها بموجب الاتفاق، وألا يُشغر أي موقع إلا ببديل منها”.

وتابع صالح: “حلّ الحكومة بالكامل، بما في ذلك وزراء السلام، يُعد مخالفة صريحة لهذه المادة، لأنه يتجاوز النص والضمانات المتفق عليها دوليًا”.

https://x.com/motasim2000/status/1929562581338927200?s=48

واعتبر أن “هذا الإجراء لا يمس فقط بتوازن السلطة الذي أرساه الاتفاق، بل يهدد مصداقية الالتزامات تجاه أطراف السلام، ويُضعف الثقة في مسار الانتقال السياسي، مما قد يؤثر على تماسك الجبهة الداخلية في ظل ظرف بالغ التعقيد”- حسب وصفه.

وقال صالح: “كما أن هذه المادة ترسّخ مبدأ الشراكة الثلاثية خلال الفترة الانتقالية (المكون العسكري، أطراف السلام، قوى الحرية والتغيير)، والتي باتت الآن شراكة ثنائية بعد خروج أحد أطرافها”.

واختتم: “تجاهل هذا الترتيب يُضعف الالتزامات القائمة، ويقوّض الأساس الذي قامت عليه هذه الشراكة”.

وحركة العدل والمساواة بقيادة د. جبريل إبراهيم، إحدى أبرز القوى الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان في اكتوبر 2020م مع الحكومة الانتقالية التي أطاحها انقلاب العسكر في اكتوبر 2021م، وحازت على وزارتي المالية والرعاية الاجتماعية وعدد من الصناديق الحكومية، وتعد من أبرز الداعمين لانقلاب أكتوبر 2021م.

الوسومأطراف السلام اتفاق جوبا لسلام السودان 2020 الحكومة الانتقالية السودان المكون العسكري جبريل إبراهيم د. كامل إدريس قوى الحرية والتغيير معتصم أحمد صالح وزارة المالية

مقالات مشابهة

  • حكومة “كامل ادريس” .. حتى لا تتكرر الخيبات!
  • حكومة السودان والدعم السريع يتبادلان الاتهام بالهجوم على قافلة غذاء
  • «العدل والمساواة» تعترض على قرار حل الحكومة السودانية
  • 50 شخصية بريطانية بارزة تطالب حكومة ستارمر بالتحرك العاجل لوقف الكارثة الإنسانية في السودان
  • وكالة الأنباء السودانية: رئيس الوزراء الجديد يحل حكومة تصريف الأعمال
  • وزير الخارجية السوداني يبلغ مسؤول مصري موقف السودان من إعلان حكومة موازية
  • العليمي يعود إلى عدن برفقة رئيس الحكومة
  • العابد يترأس اجتماع وزارة التعليم في حكومة الدبيبة
  • مصادر: رد حماس على مقترح ويتكوف كان إيجابياً وهذه التعديلات التي تطلبها الحركة
  • الأبلق: هناك عقبات تواجه تشكيل حكومة جديدة