خبير: مسار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مرهون بالتحركات الدبلوماسية والضغوط الداخلية
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
قال الدكتور سهيل دياب، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، ان التحركات الدبلوماسية الأخيرة تعكس جهودًا مكثفة من جميع الأطراف، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، للتعامل مع الوضع الراهن ودفع اتفاق غزة نحو استكمال التنفيذ.
وأكد أن تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي حول ضرورة استمرارية الاتفاق واسترجاع الأسرى الإسرائيليين تعبر عن رغبة واشنطن في تفادي انهيار الصفقة.
وأشار الدكتور سهيل دياب في مداخلة مع الإعلامية هاجر جلال ببرنامج "منتصف النهار" على قناة القاهرة الإخبارية، إلى تسريبات إسرائيلية تتحدث عن مباحثات متقدمة بوساطة من قطر ومصر لإتمام تسليم أربع جثث متبقية من قطاع غزة مقابل مواصلة الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.
ولفت إلى احتمال تمديد إسرائيل للفترة بين المرحلتين الأولى والثانية من الصفقة لتجنب إعلان انتهاء الحرب في غزة في الوقت الراهن.
وأكد دياب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه ضغوطًا داخلية ضخمة من الجمهور الإسرائيلي والأجهزة الأمنية، وهو ما يجعله يسعى لتجنب تصعيد الأزمة إلى نقطة انفجار.
وأوضح أن إسرائيل لا يمكنها العودة إلى الحرب بنفس الوتيرة السابقة، رغم تهديدات نتنياهو ووزير دفاعه بذلك، ورغم ضغوط الداخل، اضطر نتنياهو لقبول الاتفاق لكنه في الوقت ذاته يحاول إبقاء التوتر قائمًا في الضفة الغربية كبديل لاستئناف العمليات العسكرية في غزة.
واعتبر دياب أن التصعيد في الضفة الغربية يعد أداة ضغط إسرائيلية على المقاومة الفلسطينية والوسطاء في ما يتعلق بالمرحلة الثانية من الصفقة.
وأشار إلى أن إدخال دبابات إلى الضفة الغربية لأول مرة منذ 20 عامًا يعد رسالة ردع من نتنياهو، مفادها أن الضفة الغربية ستكون الساحة القادمة للمواجهات.
وفيما يتعلق بالتوسع الاستيطاني الإسرائيلي، أضاف دياب أن هذه السياسة تتماشى مع استراتيجية الإحلال والتهجير القسري للفلسطينيين، مشيرًا إلى تهجير أكثر من 2000 فلسطيني مؤخرًا.
وأكد أن نتنياهو يسعى لتغيير المعادلة الديمغرافية في الضفة الغربية، مستغلًا تصريحات غربية مثل تصريحات ترامب حول التهجير في غزة لتبرير سياسات التطهير العرقي التي كانت في السابق غير مقبولة.
وفي ختام حديثه، أشار دياب إلى أن إسرائيل تستغل الظروف الراهنة لتنفيذ أجندة قديمة تهدف إلى إضعاف الوجود الفلسطيني جغرافيًا وديموغرافيًا، مستفيدة من الأوضاع السياسية الإقليمية والدولية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إسرائيل الولايات المتحدة غزة الصراع الإسرائيلي المزيد الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
الحرب تؤزّم الوضع النفسي للفلسطينيين بالصفة الغربية
الضفة الغربية – منذ تحررها من سجون الاحتلال، تعيش الفلسطينية سوزان العويوي قلقا مستمرا يحرمها طمأنينة العيش بسلام، وتضاعف هذا القلق خلال السنتين الأخيرتين اللتين تشهد فيهما البلاد حرب إبادة إسرائيلية تتركز في قطاع غزة وتشمل تصعيدا مستمرا في الضفة الغربية المحتلة.
خلال العامين الماضيين، لم تغادر سوزان مدينتها الخليل جنوبي الضفة الغربية، المدينة المزدحمة بالحواجز العسكرية الإسرائيلية، واقتصر تحركها اليومي على شارعين أو ثلاثة فقط، في محاولة لتجنّب أي احتكاك مع جنود الاحتلال، وحماية نفسها من خطر إعادة الاعتقال أو التعرض للتنكيل على الحواجز.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كيف أفشلت المقاومة أهداف الاحتلال في غزة على مدار عامين؟list 2 of 2الإبادة التي تُغيّر العالمend of listوفي المرة الوحيدة التي قررت فيها الخروج نحو بيت لحم، رغم أن المسافة قصيرة نسبيا، واجهت ما كانت تخشاه، فقد تم توقيفها على حاجز عسكري لأكثر من ساعتين، وعادت إلى ذكرياتها مع الاعتقال السابق، حتى إنها أعدَّت نفسها لاحتمال الاعتقال، واتصلت بعائلتها لتستلم سيارتها قبل أن يصادرها الاحتلال. لكنها نجت هذه المرة.
مكبّلة
منذ تلك الحادثة، لم تكرر سوزان التجربة، وأصبحت حياتها اليومية أشبه بالعيش في سجن مفتوح يقيّد حركتها ويضاعف شعورها بالخوف والقلق.
تقول سوزان للجزيرة نت "انعكس ذلك على حياتي الاجتماعية، فأصبحت الحركة ضيقة جدا، لا أستطيع زيارة أقاربي أو الأصدقاء كما كنت أفعل سابقا، لأن ذلك يضعني في توتر دائم".
وتضيف أنّه منذ بدء الحرب على غزة، ومع تصاعد الاعتقالات واستهداف الأسرى السابقين والاقتحامات اليومية للمدن والبلدات، لم تعرف طعم النوم ليلا؛ فأصبحت تعيش في ترقب دائم للأخبار والاقتحامات، مما جعل التوتر والخوف جزءا من حياتها اليومية.
وتشرح أن التوتر المستمر أثّر مباشرة على صحتها الجسدية، إذ أصيبت بأمراض عديدة نتيجة الضغوط النفسية، مثل القلق الدائم والذئبة الحمراء (مرض مناعي يتأثر بالحالة النفسية) ومشاكل في القولون، مؤكدة أنها تبذل جهدا كبيرا للسيطرة على هذه الأعراض حتى لا تتطور أو تتضاعف.
لا تختلف ظروف مريم شواهنة، من طولكرم شمالي الضفة الغربية، زوجة الأسير في سجون الاحتلال حمزة الصافي، عن حال سوزان كثيرا، فمنذ اعتقال زوجها في الأيام الأولى من الحرب، تعيش مريم حالة دائمة من الخوف والقلق، حيث اقتحم جنود الاحتلال منزلها بطريقة عنيفة، و"انتزعوا منه الدفء والأمان والعامود الذي كان يستند عليه هذا البيت الصغير"، كما تقول.
إعلانوتروي مريم معاناتها وهي تذرف دموعها "عندما يقتحم غريب بيتك ويسلب منه أمانه واستقراره، هذا شعور لا يُسترد طالما الأسير خلف القضبان، ويبقى عالقا في قلب العائلة وأطفالها".
منذ اعتقال زوجها، تعيش مريم تحت وطأة تهديدات متكررة وضغوط نفسية متواصلة من قبل قوات الاحتلال، وتواجه الحياة بمفردها مع طفلين، أكبرهما لا تتجاوز الخامسة من عمرها.
وتقول للجزيرة نت "آخر تهديد كان قبل شهر تقريبا خلال اقتحام المنزل وإخضاعنا لتحقيق ميداني من ضابط المنطقة. أشعر أن التهديدات هدم لإرادة الإنسان، وكأنهم لم يكتفوا باعتقال الأسير وتفكيك العائلة، بل يريدون حرماننا من محاولة استعادة حياتنا الطبيعية".
هذه الملاحقة المستمرة تجعل مريم وعائلتها في حالة قلق وترقب دائم، مما يؤثر على إحساسها بالأمان وقدرتها على ممارسة حياتها اليومية، ويجعلها تحاول جاهدة إخفاء قلقها عن طفليها للحفاظ على توازنهما العاطفي.
قوات الاحتلال تنفذ حملة مداهمات واسعة في الضفة الغربية#حرب_غزة pic.twitter.com/hlI23waWD8
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 5, 2025
وضع مأزومتقول الطبيبة النفسية سماح جبر إن الوضع النفسي في الضفة الغربية المحتلة أصبح حالة مأزومة ومستمرة، فنسبة كبيرة يعانون من التوتر المزمن، ويواجه المواطنون ضغطا يوميا يشمل انتشار الحواجز العسكرية ومحدودية الحركة، ونزوحا في مخيمات شمال الضفة، والقلق من الاقتحامات، والخوف الدائم من الاعتقال أو القتل.
وتضيف سماح، التي شغلت رئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية سابقا، أن هذا الواقع خلق حالة من الإرهاق النفسي الجماعي حتى لدى من حاولوا التكيف مع الصدمات السابقة، إذ تراجعت قدراتهم على التحمل وظهرت لديهم أعراض مثل التعب العاطفي وصعوبات النوم والتركيز.
وتشير إلى أن تقارير منظمة الصحة العالمية والمنظمات الإنسانية تؤكد ارتفاعا كبيرا في الاحتياجات النفسية وخدمات الدعم بعد الحرب.
وتشير الطبيبة سماح إلى الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع الفلسطيني وهي الأطفال والنساء والمسنون، كونهم الأكثر تعرضا للعنف المباشر والضغوط المستمرة، مما يجعلهم أكثر عرضة لخطر الاكتئاب والقلق، وتؤدي إلى عزلة واضطرابات جسدية ونفسية متفاقمة.
وتشدد على أن المعاناة لم تقتصر على هذه الفئات، إذ سجلت العيادات النفسية تزايدا في أعراض القلق والاكتئاب واضطرابات النوم حتى بين طلاب الجامعات والعاملين الصحيين.
وبشأن الإحصاءات -توضح سماح جبر- أن المعطيات الرسمية المباشرة بخصوص الضفة الغربية فقط خلال سنتين بعد أكتوبر/تشرين الأول 2023 محدودة، وبسبب غياب مسح وطني شامل فمن الصعب تحديد نسب دقيقة للمعاناة النفسية بالضفة، رغم أن تقارير منظمة الصحة العالمية وأبحاثا محلية تشير لارتفاع واضح في معدلات الاضطرابات النفسية في مختلف المناطق، حتى وإن لم تُنشر بعد أرقام وطنية موحدة.
وتختم بالتأكيد أنّ الوضع النفسي في الضفة مأزوم ومتزايد مع أسى وقلق واكتئاب واضحين، داعية إلى توسيع خدمات الصحة النفسية الجماعية، وتدريب المزيد من العاملين، وتفعيل برامج مخصّصة للأطفال والأمهات والشباب.
إعلان دعم نفسيمن جهته، يؤكد تقرير عن آخر مستجدات الحالة الإنسانية، أعدته منظمة "أطباء بلا حدود" في الضفة الغربية المحتلة ونشرته خلال سبتمبر/أيلول الماضي، أن "الانهيار الاقتصادي يتجلى بشكل متزايد في صورة ضائقة نفسية"، مشيرا إلى أن نحو واحد من كل 4 مرضى راجع عيادات الصحة النفسية (22%) في جنين وطولكرم، أفادوا بأن "فقدان الدخل كان السبب الرئيسي لمراجعتهم مكاتب الاستشارات النفسية الأولية".
وحسب الموقع الإلكتروني للمنظمة، فإن فريقها للصحة النفسية والمرضى يتأثرون بالقيود المشددة على الحركة، مشيرة إلى تقديم 174 جلسة دعم نفسي عن بُعد خلال يونيو/حزيران الماضي، مقارنة بمتوسط 37 جلسة شهرية خلال الأشهر السابقة من العام نفسه، أي بزيادة قدرها 370%.
ووفقا لنتائج استطلاع للمنظمة شمل 95 مريضا اختيروا عشوائيا من بين المستفيدين من خدمات الصحة النفسية بمحافظة الخليل في مايو/أيار الماضي، أفاد 31% بأنهم أوقفوا عند حواجز عسكرية، مما أثر بشكل مباشر على وقت الوصول إلى غرفة الاستشارات التابعة لها.
وبينما بلغ متوسط وقت الوصول لدى المرضى الذين تم توقيفهم 60 دقيقة، أفاد 15% من المشاركين بتعرضهم للعنف على يد الجنود أو المستوطنين في أثناء تنقلهم. وتشير معطيات المنظمة لعام 2024 إلى تقديمها 36 ألفا و700 استشارة صحة نفسية فردية.