جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-16@17:06:56 GMT

عن المجتمع

تاريخ النشر: 2nd, March 2025 GMT

عن المجتمع

 

 

د. أحمد بن موسى البلوشي

المجتمع هو النسيج الحي الذي يتكون من أفراد مختلفين في فهمهم وفكرهم، وفي نظرتهم للحياة، يجمعهم المكان والزمان، ويؤثر فيهم كما يؤثرون فيه. ومنذ الأزل، يحلم الإنسان بمفهوم المجتمع المثالي الذي يحقق العدالة والمساواة والرفاهية للجميع، لكن، هل من الممكن فعلاً وجود مجتمع متكامل ومثالي تمامًا؟

المجتمعات بطبيعتها تتسم بالتنوع والتعددية، ولا يمكن لأي مجتمع أن يحقق تطابقًا تامًا بين قيم وأفكار أفراده، لأن كل شخص يحمل رؤيته وفكرته الخاصة ويعيش تجارب مختلفة؛ فالتوازن بين الحقوق الفردية والمصالح الجماعية هو ما يشكل تحديًا دائمًا، وبالتالي من الصعب إيجاد مجتمع متجانس بالكامل؛ إذ إن التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تُعد سمات حتمية في أي تجمع بشري، في كل مجتمع، نجد الغني إلى جانب الفقير، والمتعلم بجوار الأمي، والقوي مقابل الضعيف، نجد المثقف والفيلسوف، نجد المنتقد الإيجابي والسلبي، هذا التنوع لا يُعتبر بالضرورة عيبًا، بل يمكن أن يكون مصدرًا للقوة، حيث يُتيح فرصًا للتعاون والتكامل بين أفراد المجتمع.

والسعي نحو تحقيق مجتمع مثالي خالٍ من التحديات قد يكون أمرًا غير واقعي. حتى أكثر المجتمعات تقدمًا تواجه قضايا مثل الفقر والبطالة والفجوات الطبقية والاختلافات الفكرية. ومع ذلك، فإن وجود هذه المشكلات لا يعكس فشل المجتمع، بل يُظهر طبيعة الحياة البشرية التي تتميز بالديناميكية والتغير المستمر.

والبعض يسعى لإيجاد مجتمع يتوافق تمامًا مع قيمهم وأفكارهم، ويكونون قادرين على التحكم في تصرفات أفراده، لكنَّ هذا الأمر غير ممكن عمليًا؛ فالمجتمعات تتشكل من أفراد يتفاوتون في خلفياتهم، ويحملون رؤى وتجارب مختلفة، ويعكسون تنوعًا في أفكارهم. وهذا التنوع هو ما يجعل التعايش المشترك ضرورة حتمية، وليس مجرد خيار، قد يستطيع بعض الأفراد التأثير في مجتمعاتهم والمساهمة في تحسينها، ولكنهم لن يتمكنوا من تشكيلها وفق مواصفاتهم الخاصة بالكامل، لأن كل فرد في المجتمع يمتلك حرية التصرف وفق إمكانياته الشخصية ورؤيته للحياة. ففي النهاية، المجتمع هو مساحة مشتركة تتلاقى فيها الأفكار، ولا يمكن فرض نمط واحد يطغى على باقي الأنماط، أو فكر معين على باقي الأفكار المختلفة.

من المهم أن ندرك أن قوة المجتمعات تكمن في قدرتها على احتضان هذا التنوع، وتحقيق التوازن بين حرية الأفراد ومسؤولياتهم تجاه الآخرين، مما يسهم في بناء مجتمع متماسك ومتفاهم رغم اختلافات أفراده وأفكارهم، وبدلًا من البحث عن مجتمع مثالي، قد يكون الحل في تعزيز قيم التعايش والقبول بالاختلافات؛ فالمجتمع المتوازن هو ذلك الذي يسعى لتوفير العدالة الاجتماعية، دون أن يعني ذلك تطابق جميع أفراده في الظروف والتوجهات، فالتكافل والتضامن بين الفئات المختلفة هو ما يجعل المجتمع أكثر إنسانية وقوة. والمجتمع المثالي -كما نتصوره- قد يكون مجرد حلم، ولكن المجتمع القابل للتحسين والتطوير هو واقع يمكن تحقيقه. بدلًا من البحث عن مجتمع خالٍ من العيوب، يجب العمل على تعزيز قيم التعاون والاحترام والعدالة الاجتماعية؛ فالتكامل لا يعني التطابق؛ بل يعني القدرة على العيش المشترك رغم الاختلافات.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خطبة الجمعة اليوم من الجامع الأزهر.. الهدهد: حسن الخلق يكون مع الله ومعاملة الخلق | فيديو

خطبة الجمعة اليوم من الجامع الأزهر
الدكتور إبراهيم الهدهد يؤكد:اجتمع كل دين الإسلام في هذا الحديث النبويحسن الخلق سلوك يرفع شأن الإنسان في الدنيا والآخرةحسن الخلق يكون مع الله ومعاملة الخلق

نشرت الفضائية المصرية، بث مباشر لنقل شعائر صلاة الجمعة من الجامع  الأزهر بمحافظة القاهرة.

بث مباشر.. خطبة الجمعة من الحرمين الشريفينموضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد الأوقاف.. ومحافظة واحدة تتحدث عن المخدرات

وحددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم، في جميع المساجد على مستوى الجمهورية بعنوان: "حُبُّ التَّنَاهِي شَطَطْ خَيْـرُ الأُمُـورِ الوَسَـطْ".

بينما ألقى الدكتور إبراهيم الهدهد، خطيب الجامع الأزهر، خطبة الجمعة اليوم، عن حسن الخلق وبين أجره في الدنيا والآخرة.

وقال الدكتور إبراهيم الهدهد، خطيب الجامع الأزهر، إن حسن الخلق مع الله وحسن الخلق مع الخلق، فالدين هو أن تحسن العبادة لله الحلق، وأن تحسن إلى كل الخلق.

وأضاف إبراهيم الهدهد، في خطبة الجمعة من الجامع الأزهر، أن هذا دينكم أيها الناس وهذا ما وصف الله به نبيه في قوله تعالى في سورة القلم ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).

واستشهد إبراهيم الهدهد، بما روى ابن كثير رحمه الله عن بعض السلف قولهم: حسن الخلق قسمان : أحدهما مع الله 
وهو أن تعلم أن كل ما يكون منك يوجب عذرا ، وأن كل ما يأتي من الله يوجب شكرا، ثانيهما : حسن الخلق مع الناس 
وجماعه أمران: بذل المعروف قولا وفعلا، وكف الأذى قولا وفعلا.

وأشار إلى أنه من خلال هذه العبارات، يتبين لنا أن الإسلام يجتمع فيه هذه الأمور الأربعة حتى يحقق لنا حسن الخلق مع الله، وتلك هي النصيحة التي نصح بها النبي سيدنا عبدالله، حين قال له: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) فاجتمع كل الدين في هذا الأمر.

وتابع: من فعل ذلك وعاش على حسن الخلق مع الله وحسن الخلق مع الخلق، ارتفع شأنه في الدنيا وكان شأنه كذلك في الآخرة أرفع.

واستشهد بحديث النبي (إن أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا) مؤكدا أن الإسلام الحق أن تعيش في هذه الحياة مصنع خير للناس، لا ترى فيها إلا ربك ورسولك في كل شئ في حركتك وسكونك وبيعك وشرائك وكلامك وصمتك.

وقال الدكتور إبراهيم الهدهد، خطيب الجامع الأزهر، إن الله تعالى قد بين لنا في القرآن الكريم أجر حسن الخلق في الدنيا، ففي الدنيا قال الله (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).

وأضاف إبراهيم الهدهد، في خطبة الجمعة من الجامع الأزهر، أن حسن الخلق يخرج العداوة والبغضاء من العبد، وعلى المسلم أن يتأسى بحديث النبي الذي يقول فيه (خالق الناس بخلق حسن) وحديثه الآخر (عامل الناس بمثل ما تحب أن يعاملوك به).

وأشار إلى أن حسن الخلق يكون مع الله ويكون مع الخلق، فالدين هو أن تحسن العبادة لله الحق، وأن تحسن إلى كل الخلق.

كما نصح النبي أمته قائلا (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) وقال كذلك (إن أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا).

وتابع: من فعل ذلك وعاش على حسن الخلق مع الله وحسن الخلق مع الخلق، ارتفع شأنه في الدنيا وكان شأنه كذلك في الآخرة أرفع.

طباعة شارك خطبة الجمعة اليوم خطبة الجمعة الجامع الأزهر الدكتور إبراهيم الهدهد حسن الخلق الخلق

مقالات مشابهة

  • كيف أعاد الرئيس السيسي رسم خريطة القوة النارية من الغرب إلى الشرق؟
  • خطبة الجمعة اليوم من الجامع الأزهر.. الهدهد: حسن الخلق يكون مع الله ومعاملة الخلق | فيديو
  • متى يكون تساقط الشعر دليلا على الإصابة بعدوى جنسية خطيرة؟
  • لقاء الرياض لن يكون بديلا” عن قمة بغداد
  • رئيس الضرائب: بدأنا رحلة ناجحة بشهادة مجتمع الأعمال والمستثمرين
  • الملواني: التيسيرات الضريبية الأخيرة شهادة ثقة في مجتمع الأعمال وتأكيد على إرادة الإصلاح
  • ذوبان الجليد يهدد التنوع البيولوجي والنظام البيئي
  • مؤتمر الخدمة الاجتماعية.. نحو مجتمع آمن وأسرة متماسكة
  • رئيس اتحاد المستثمرين: وزراء الاستثمار والمالية يضربان البيروقراطية والروتين ويدعمان مجتمع الأعمال
  • «أهمية تعزيز القيم الإيجابية لبناء مجتمع متماسك» ندوة توعوية بإعلام السويس