د. أحمد الرميلي.
بهذه المناسبة الجليلة يطيب لي أن أشارك بهذا المقال القصير المتواضع.
لا شك أن اللغة السقطرية تمر بمخاطر أكثر من ذي قبل لأسباب كثيرة يطول شرحها، لكن لا يعني هذا أنه لا توجد مبشرات تجعلنا نتفاءل بقوة تلك اللغة وقدرتها على الصمود لمدة طويلة أكثر من المتوقع. ولدينا بعض الدلائل على هذا الكلام منها:
أولا: أن اللغة السقطرية لم تزل حديث الناس اليومي داخل الأسرة وفي المزرعة والحقل والرعي وحتى في السوق والتجارة، فهي اللغة الأساسية المتداولة في كل مكان.
ثانيا: أن السقطرية لم تزل تلوي أعناق الكلمات التي تدخل إليها من العربية الفصحى واللهجات العامية، فتعمل على تطويع تلك الألفاظ وتخضعها لقواعدها الخاصة بها. ففي ظاهرة التصغير تقوم بإخضاع الكثير من الكلمات إلى قواعدها الخاصة، نحو:
(سيارنه) في تصغير سيارة.
(قلصهن) في تصغير قلاص.
(حامرهن) في تصغير حمار.
(سعدهن) في تصغير سعد.
(سعيدهن) في تصغير سعيد.
(حامدهن) في تصغير حامد.
(حمدهن) في تصغير حمد.
وهكذا.
وكذلك تخضع الأفعال، نحو:
(صيم) في صام.
(إيصيم) في يصوم.
(صالي) في صلى.
(إيصالين) في يصلى.
(إصابر) في يصبر.
كما أن السقطرية لا تنطق الأحرف الأسنانية الثلاثة (ث، ذ، ظ)، فتقوم بإبدالها بما يقاربها في كل الكلمات العربية، نحو: (تلاتة، دلك، الضاهر) في (ثلاثة، ذلك، الظهر). وهكذا.
ثالثا: اعتزاز السقطري بلغته وحبه لها والميل إليها في كل الأحوال، فلو حصل أن شخصين من سقطرى كانوا مع أشخاص آخرين لا يتكلمون السقطرية فلا بد أن يحصل منهما الحديث الجانبي بالسقطرية حتى يلفت أنظار البقية، وهذا الأمر مجرب كثيرا ويدركه السقطريون.
رابعا: تمسك السقطريين بالكثير من عاداتهم وتقاليدهم وإرثهم الثقافي، مثل الرعي وزراعة النخيل واصطياد الأسماك والحرف اليدوية والشعر السقطري والدعاء بالغنم وغيرها. وكل تلك الأمور تحتفظ بالكثير من المخزون اللغوي الكبير الذي يبقى ببقاء ذلك الإرث.
المصدر: صفحة الكاتب على فيس بوك
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: اللغة السقطرية اليمن فی تصغیر
إقرأ أيضاً:
قردة إنسان الغاب تمتلك ذكاء لغويا اُعتقد أنه حصري على البشر
في دراسة أجراها باحثون من جامعة وارويك البريطانية، وجدوا أن إنسان الغاب (الأورانجوتان) يُصدر أصواتًا بتعقيد متعدد الطبقات كان يُعتقد سابقًا أنه فريد من نوعه في التواصل البشري.
وإنسان الغاب هو نوع من القردة يعيش في الغابات المطيرة في إندونيسيا وماليزيا، خصوصًا في جزيرتي بورنيو وسومطرة، ويُعرف بذكائه، وطبيعته الهادئة، واعتماده الكبير على الأشجار في حياته اليومية.
يعرف الاستدعاء المتكرر بأنه القدرة على إدراج جُمل أو عبارات داخل بعضها بعضا، مثل: "هذا هو الكلب الذي طارد القطة التي قتلت الفأر الذي أكل الجبن"، يُعتبر هذا النمط من التفكير والتعبير من سمات اللغة البشرية المعقدة.
يعني ذلك تكرار عناصر اللغة بطريقة مدمجة بحيث تُشكل فكرة أو عبارة مفهومة، وكما هو الحال في الدمى الروسية المتداخلة، فإن قوة هذا النمط من التكرار تعني أنه يمكننا دمج مجموعة محدودة من العناصر لإيصال مجموعة لا نهائية من الرسائل ذات التعقيد المتزايد.
وكان يُعتقد سابقا على نطاق واسع، أن التواصل المتداخل سمة فريدة لذكاء اللغة البشرية، مما يمنحنا تفكيرًا أكثر تعقيدًا، لكن الدراسة الجديدة، التي نشرت في دورية ، نُشر في دورية "أنيوالز أوف نيويورك أكاديمي أوف ساينس"، يروي قصة مختلفة.
إعلان طبقات الكلماتوعند تحليل البيانات الصوتية لنداءات التنبيه الصادرة عن إناث إنسان الغاب السومطري، وجد الباحثون أن البنية الإيقاعية لأصوات إنسان الغاب كانت مدمجة ذاتيًا عبر ثلاثة مستويات.
وبحسب الدراسة، وجد الباحثون أن الأصوات الفردية التي يصدرها إنسان الغاب تأتي في مجموعات صغيرة (الطبقة الأولى)، ويمكن تجميع هذه المجموعات في نوبات أكبر (الطبقة الثانية)، ويمكن تجميع هذه النوبات في سلسلة أكبر (الطبقة الثالثة)، جميعها بإيقاع منتظم في كل مستوى.
ومثل مقطوعة موسيقية ذات أنماط متكررة، أخفى إنسان الغاب إيقاعًا داخل إيقاع آخر، ثم آخر، مكونًا بنية صوتية متطورة متعددة الطبقات، لم يكن يعتقد أن القردة العليا قادرة على ذلك.
ووجد الباحثون، أن هذا النمط لم يكن مصادفة، لأن إنسان الغاب غيّر أيضًا إيقاع نداءات الإنذار الخاصة به تبعًا لنوع المفترس الذي يواجهه في التجارب، فعندما رأى تهديدًا حقيقيًا، مثل نمر يقترب، كانت نداءاته أسرع وأكثر إلحاحًا، وعندما رأى شيئًا بدا تهديدًا، ولكنه يفتقر إلى مصداقية الخطر الحقيقي (مثل قطعة قماش منقطة بالألوان)، كانت نداءاته أبطأ وأقل انتظامًا.
وبحسب الدراسة، تُظهر هذه القدرة على تكييف الإيقاعات الصوتية مع مختلف المخاطر، أن إنسان الغاب لا يُصدر ضجيجًا فحسب، بل يستخدم تكرارًا صوتيًا منظمًا لنقل معلومات ذات مغزى عن العالم الخارجي.
ومنذ عقود، يعرف العلماء، أن إنسان الغاب ليس فقط قادرًا على التواصل، بل يظهر أيضًا سلوكا يدل على ذكاء اجتماعي ووعي ذاتي.
وعلى سبيل المثال، يستخدم إنسان الغاب أدوات لصيد الأسماك أو لاستخراج الحشرات، ويخطط لتحركاته مسبقًا، ويظهر سلوكا يدل على فهمه للآخرين ولبيئته.
في تجارب مخبرية، أظهر إنسان الغاب قدرة على اتخاذ قرارات اقتصادية معقدة عند استخدام الأدوات للحصول على الطعام، حيث يوازن بين الجهد المبذول والمكافأة المتوقعة، مما يدل على مستوى عالٍ من التفكير التحليلي.
إعلانوإلى جانب ذلك، أظهرت الدراسات، أن إنسان الغاب يمتلك وعيًا ذاتيًا، حيث يستطيع التعرف إلى نفسه في المرآة، وهي قدرة نادرة في عالم الحيوان. كما أنه يُظهر سلوكا يدل على التفكير المجرد، مثل استخدام الأدوات بطرق غير تقليدية لتحقيق أهداف محددة.
بل وتم توثيق حالة لإنسان غاب في سومطرة استخدم نباتًا طبيًا لعلاج جرح في وجهه، مما يُعد أول دليل على استخدام حيوان بري نباتات طبية للعلاج الذاتي.