حثّ النبي، صلى الله عليه وسلم، على الإنفاق عموماً، وأكد عليه في رمضان خصوصاً، فدعا للسعي والبذل في رمضان، والإسهام في إفطار الصائمين ولو بتمرة، ما يدل على عظم الثواب، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئاً»، (سنن الترمذي،807).


أولى الإسلام اهتماماً كبيراً للإنفاق، وجعل الثواب فيه عظيماً، بل إن الله تعالى يبارك لمن تصدّق وأنفق، قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكاً تَلَفاً»، وقد قال الله تعالى في محكم تنزيله: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، «سورة البقرة: الآية 261». وقال جل جلاله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، «سورة البقرة: الآية 254»، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ»، (صحيح البخاري، 6). 
والمال مما يطلبه الإنسان ويكدح له، ومما تهواه النفوس، قال عز وجل: (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا)، «سورة الفجر: الآية 20»، فلا ينفقه إلا من قهر نفسه وتحرر من أغلالها، ورمضان شهر الخير والجود، ومن أراد قرباً من ربه جل وعلا، فعليه بالإنفاق في أعمال الخير والبر والإحسان لتحقيق مرضاة الله تعالى.
ودعا النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى المبادرة بالإنفاق وعدم التسويف أو التأخر في ذلك، فقد جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ: «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الغِنَى، وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ، قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ»، (صحيح البخاري، 1419).
وأنشأت الإمارات مؤسسات رسمية معتمدة  لجمع التبرعات والصدقات والزكوات، سعياً إلى إيصالها إلى مستحقيها، ومن أبرز تلك المؤسسات الخيرية هيئة الهلال الأحمر الإماراتية التي تقوم بجهود مشكورة ومشروعات خيرية متنوعة لمساعدة الفقراء والمساكين، وسدّ حاجات المعوزين وإفطار الصائمين وإغاثة الملهوفين، وغير ذلك من أعمال البر والإحسان، فحريّ بنا أن نتعاون معها لإنجاح مشاريعها، ونحذر من وقوع أموالنا وتبرعاتنا في أيدي متسولين لا يستحقونها. وعلى كل مسلم أن يوقن بأن الإنفاق يزيد في المال ولا ينقصه، فهو كالحبة التي أنبتت سبع سنابل، ويضاعف الله الأجر في رمضان بالإنفاق فيه.

إفطار الصائمين
امتدح ربنا، جل وعلا، عباده الأبرار بإطعام الطعام رجاء ثواب الله ورضاه، وبيّن أنّ في إطعام الطعام وقاية ونجاة من النار، فعن عَدِيَّ بْن حَاتِمٍ قال النبي: «اتَّقُوا ‌النَّارَ ‌وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ»، ومن صور إطعام الطعام تفطير الصائمين، والتي تزيد من الألفة والمحبة والتسامح، ولها دور مجتمعي وإنساني بخلاف كونها من القربات. وتعد من العبادات العظيمة في هذا الشهر الكريم «إفطار الصائمين»، التي حثّ عليها النبي ورتّب عليها أجراً كبيراً، فجعل أجر المطعم كأجر الصائم، فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «‌مَنْ ‌فَطَّرَ ‌صَائِمًا ‌كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا».
وكان من هدي النبي أن يدعو لمن أكرم الصائمين بالإفطار، فعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا أَفْطَرَ عِنْدَ أَهْلِ بَيْتٍ قَالَ: «‌أَفْطَرَ ‌عِنْدَكُمُ ‌الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ، وَتَنَزَّلَتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ»، فلو لم يكن لإفطار الصائمين فضل وأجر، لما اختار النبي هذا الدعاء لمن أفطر على موائدهم وأكل من طعامهم! ويحصل تفطير الصائم بأدنى شيء، إلا أن أكمله إشباعه، لأنه يحصل به المقصود من تقوية الصائم على العبادة، واستغناؤه في تلك الليلة.  وإفطار الصائم في شهر رمضان وغيره يعزز قيم التسامح والتآزر، ويزيد روابط المحبة بين الناس، وهو نوع من أنواع الجود والخير، والمؤمن العاقل من يبادر إلى فعل الخيرات التي تضاعف أجره وثوابه وخصوصاً في شهر رمضان، وقد «كَانَ النَّبِيُّ أَجْوَدَ النَّاسِ، ‌وَأَجْوَدُ ‌مَا ‌يَكُونُ فِي رَمَضَانَ»، وورد أن كثيراً من الصالحين كانوا يحرصون على إطعام الطعام ويعتبرونه من أفضل العبادات، وربما آثر بعضهم غيره بفطوره وهو صائم طلباً للأجر والثواب، «وكان ابنُ عمرَ لا يفطرُ ‌إلا ‌مع ‌اليتامَى ‌والمساكين».

أخبار ذات صلة إسرائيل تنشر 3 آلاف شرطي بالقدس في أول جمعة برمضان بتوجيهات حميد النعيمي.. عجمان تواصل دعم غزة بـ410 أطنان من المساعدات في رمضان

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: رمضان شهر رمضان العطاء صلى الله علیه وسلم فی رمضان ى الله ع

إقرأ أيضاً:

5 مكاسب لمن ينفذ وصية النبي بإطعام الطعام.. البحوث الإسلامية يوضحها

إطعام الطعام من أفضل القربات وأعلاها عند الله – عز وجل- التي ترفع البلاء وتزيل الهم، ومن مكاسب إطعام الطعام ما يلي:

1- سبب لدخول الجنة لقوله ﷺ: “اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بشق تمرة”.

2- أن تكون من خيرة الناس، لقوله: “خَيَارُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وَرَدَّ السَّلام”.

3- من خير الأعمال؛ لقوله عندما سُئل عن أي الإسلام خير: “تطعم الطَّعَامَ، وَتَقْرَأ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفُ”.

4- له أجر إطعامه ويضاعفه له الله، لقوله ﷺ: “حَتَّى إِنَّ التَّمْرَةَ أَو اللُّقْمَةَ لَتَكُونَ أَعْظَمَ مِنْ أَحد”.

5- النجاة من أهوال يوم القيامة ودخول النار، لقوله ﷺ: “اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ”.

دعاء آخر يوم في العام الهجري 1446.. يغفر كل ذنوبك الماضيةدعاء واحد يجمع لك خيري الدنيا والآخرة في العام الهجري الجديد 1447فضل إطعام الأغنياء أو الفقراء

في سياق متصل، أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أن الإسلام حثنا على إطعام الطعام سواء أكان من الأغنياء إلى الفقراء أم من كرم الضيافة أم كان من قبيل حقوق الإنسانية، مستشهداً بقوله - تعالى-: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا)، وقال رسول الله ﷺ: « أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلاَمَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِيسَلاَمٍ».

واستدل أيضاً بما روى عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به"، رواه الطبراني والبزار (بإسنادٍ حسن)، مشيراً: أنه - صلى الله عليه وسلم- كان كلما ذكر ابن جُدعان، يتهلل وجهه فرحًا لما كان يفعله ذلك الجاهلي من ضيافة الحجيج، فإن مكارم الأخلاق محمودة حتى ولو خرجت من المشرك فما بالك لو كانت من المؤمن، ولذلك نراه أوصى بإكرام الضيف وعده من علامات الإيمان فقال: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ"، رواه البخاري.

وأوضح جمعة: “سواء أكان الإطعام صدقة للفقير أو إكرامًا للضيف أو إطعامًا للأسير، فهو في كل الحالات لوجه الله سبحانه وتعالى، ومن الحقوق الأساسية التي لا يجوز التلاعب بها أو الضغط بموجبها على عباد الله حتى ولو كانوا أسرى في حرب مشروعة، والتجويع لم يكن أبدًا في شريعة من الشرائع الإلهية نوعًا من أنواع العقوبة، وكذلك لم يكن أبدًا مباحًا في أي نظام قانوني في العالم إلى يومنا هذا”.

أمر يحدث لك بعد تنفيذ وصية النبي بإطعام الطعام

فيما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه وصانا بإطعام الطعام وحُسن الكلام.

عندما كان النبي -صلى الله عليه وسلم -يُسأل: «أي الإسلام خير، فقال: حُسن الكلام وبذل الطعام »، أن إطعام الطعام من الأمور التي تؤدي إلى انعاش الحالة الإنسانية، وتخلق نوعًا من الود والرحمة والوئام بين الناس وبعضها منوهة بأنه أيضًا من موجبات الجنة.

طباعة شارك 5 مكاسب لإطعام الطعام فضل إطعام الطعام إطعام الطعام

مقالات مشابهة

  • كم يوما استغرقت الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة؟
  • قصة الهجرة النبوية باختصار .. 24 معلومة نتعلّم منها الدروس والعِبر من هجرة النبي
  • حقيقة الإلحاح في الدعاء يكون بترديده 3 مرات فقط
  • 5 مكاسب لمن ينفذ وصية النبي بإطعام الطعام.. البحوث الإسلامية يوضحها
  • حكم اختصار الصلاة على النبي عند الكتابة إلى (ص) أو (صلعم).. الإفتاء تجيب
  • دعاء أوصى به الرسول.. أهم الأدعية التي كان يرددها النبي
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • كيف أحقق الخشوع في الصلاة؟ 5 خطوات تنهي على الوسواس
  • هل قراءة القرآن بصورة جماعية بدعة؟.. الإفتاء تجيب
  • من هم الملائكة السيّاحين .. وماذا يفعلون؟