في محاضرته الرمضانية التاسعة.. قائد الثورة: من ثمرة اليقين أن يمتلك المؤمن الحُجّة المقنعة والحرص على هداية الآخرين
تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT
الثورة /
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
قبل أن ندخل في موضوع المحاضرة، لنا وقفةٌ تجاه ما يجري هذه الأيام في سوريا.
حيث تقوم الجماعات التكفيرية بارتكاب جرائم إبادةٍ جماعية، للمئات من المواطنين السوريين المدنيين، المسالمين، العُزَّل من السلاح، وتوثِّق تلك الجماعات التكفيرية- هي بنفسها- جرائمها بالفيديوهات، وتقوم بنشرها في مواقع التواصل الاجتماعي، وتتباهى بذلك، ويظهر في نفس الفيديوهات، التي تقوم تلك الجماعات بنشرها، كيف أنها تقوم بكل وحشية وإجرام بقتل المواطنين- كما قلنا- المسالمين، العُزَّل من السلاح، البعض يخرجونهم من منازلهم ويقومون بإعدامهم، والبعض في الشوارع (في المدن، وفي الريف).
ما يرتكبونه من إجرامٍ هو مدان، ويجب أن يستنكره الجميع، وأن يسعى كل من بقي له ضميرٌ إنسانيٌ لوقف تلك الجرائم.
هو يكشف أيضاً إصرارهم على الاستمرار في المسلك الإجرامي الوحشي، بقتل الأبرياء، والمدنيين، والمسالمين، بأفظع أشكال القتل والإبادة.
ويشاركهم في المسؤولية عن تلك الجرائم رُعاتهم، الداعمون لهُمْ بالمال، والدعم السياسي، والدعم العسكري، ولـذلك عواقبه السيئة عليهم جميعاً؛ لأنهم يعتبرون أنهم قد أمَّنُوا نفسهم لدى أمريكا ولدى أوروبا، وبالتالي يطلقون لهم اليد ليفعلوا ما يشاءون ويريدون، نسوا الله، نسوا الله، نسوا أنه يعاقب، وأنه يؤاخذ، وأنه يجازي، وأن للإسراف في دماء الأبرياء عواقب وخيمة ومؤكدة.
هم يقدِّمون بجرائمهم تلك، وعدوانيتهم، تجاه فئة واسعة من أبناء الشعب السوري، واستهدافهم للمسالمين، العُزَّل من السلاح، المواطنين العاديين، هم يقدِّمون خدمةً كبيرةً للعدو الإسرائيلي، وللأمريكي؛ بتمزيق النسيج الاجتماعي السوري، وبالتوحش والإجرام تجاه أبناء الشعب السوري؛ لأن ما يسعى له الأمريكي والإسرائيلي، أن يُقدِّم كلٌ منهما نفسه كمنقذ وحامٍ للشعب السوري، في مقابل الاحتلال.
فالإسرائيلي أعلن حمايته للدروز في (السويداء)، وفعلاً لأنه قد أعلن ذلك؛ لم تجرؤ تلك الجماعات التكفيرية على أن تَمَسَّهُم بسوء، بل هي تحترمهم، وتتفاهم معهم، وتتعامل بتواضع كبير معهم، لماذا؟ لأن الإسرائيلي قد أعلن حمايته لهم، وهدد إن مَسُّوهُم بسوء.
والأمريكي كذلك يُقدِّم نفسه كحامٍ للأكراد، في المناطق التي هم فيها، وَيُسَلِّحهم، ويُجنِّدهم؛ وبالتالي عندما يتعرضون لأي هجوم يقاتلون بشراسة، وفي موقع الاستناد والاحتماء بالأمريكي.
ولذلك يرى البقية أنفسهم- من أبناء الشعب السوري- مستهدفين؛ لأنهم ليسوا في حماية الأمريكي كحال الأكراد، ولا في حماية الإسرائيلي كحال الدروز، فيرون أنفسهم يُستباحون ويُقتلون بكل دمٍ بارد، بكل بساطة، وليس هناك من حتى يعترض، أو ينتقد في العالم العربي والإسلامي، الكل يتفرج، وليس هناك موقف تجاه ذلك، يرون أنفسهم في حالةٍ من الاستباحة التامة، لماذا؟ لأنهم ليسوا في حماية الأمريكي، ولا في حماية الإسرائيلي.
ولـذلك يتضح أن تلك الوحشية، وذلك الإجرام، لتلك الجماعات التكفيرية، هي هندسة أمريكية إسرائيلية صهيونية يهودية، هم من فرَّخوهم، وأنشأوهم، وأعدُّوهم لذلك الدور، قاموا بإعدادهم ليكونوا بذلك المستوى من الوحشية والإجرام والعدوانية تجاه المسالمين، تجاه العُزَّل من السلاح، تجاه الذين لا يقاتلون، من ليس لديهم أي تحرك عسكري، مع ذلك يقومون بإبادتهم، وقتل الأطفال، والنساء، والكبار، والصغار، والإبادة الجماعية، لماذا؟ هي هندسة أمريكية إسرائيلية تخدم الأهداف اليهودية الصهيونية:
• أولاً: في تشويه الإسلام، تلك الجماعات تُقدِّم نفسها على أنها جماعات متدينة وجهادية، ثم تتَّجه بكل وحشية وإجرام لقتل الأبرياء المسالمين، العُزَّل من السلاح.
• وتفكيك الشعوب من الداخل، وتمزيق نسيجها الاجتماعي.
• وكذلك تقديم الأعداء كحماة ومنقذين؛ لأجل القبول باحتلالهم، لأجل القبول باحتلالهم.
ولذلك نرى- بشكلٍ واضح- أن تلك الجماعات التكفيرية، من بعد سيطرتها على سوريا، لم تُطلق ولا رصاصةً واحدة ضد العدو الإسرائيلي، ولا رصاصة واحدة، بالرغم من اجتياحه لجنوب سوريا، في ثلاث محافظات سورية، وبالرغم من احتلاله لمناطق شاسعة، وغاراته المستمرة التي يُدَمِّر بها مقدرات سوريا، التي هي للشعب السوري؛ ومع ذلك هي لا تقوم بأي ردة فعل، بل إنها عَمَّمَت على وسائلها الإعلامية وناشطيها الإعلاميين، بألَّا يستخدموا مفردة (العدو) في توصيف العدو الإسرائيلي، ألَّا يقولوا: (العدو الإسرائيلي)، إلى هذه الدرجة حتى تسميته بالعدو، ما بالك بأي موقف عملي! بينما هي تتعامل بكل وحشية، وعدوانية، وإجرام، ضد المدنيين المسالمين، العُزَّل من السلاح، وتقوم بإبادتهم إبادة جماعية، وتعرض جرائمها وكأنها بطولات، بطولات، ويتفاخرون بها، ويتباهون بها!
ولـذلك ما يحصل هو مؤسفٌ جدًّا، والعرب ساكتون، والعالم الإسلامي ساكت، لماذا؟ ليكون من يتحدث فقط هو الإسرائيلي والأمريكي، كما قلنا: من أجل أن يُقَدَّم الأمريكي والأوروبي، وتُقدِّم إسرائيل نفسها، العدو الإسرائيلي يُقدِّم نفسه، أنهم هم الحماة للشعوب.
ما يحدث فيه درسٌ كبيرٌ- أيضاً- لكل شعوب أمتنا، عن حقيقة تلك الجماعات، عن إجرامها، والإسلام بريءٌ من إجرامها ووحشيتها، الإسلام بريء، الجهاد في سبيل الله هو عنوانٌ مقدّس، بريءٌ من جرائمها، ليست لا مجاهدة، لو كانت تجاهد لواجهت العدو الإسرائيلي، وليست متدينة، بل هي مجرمة، تدين بالباطل وليس بالهدى والحق، وعدوانيتها واضحة.
من يشك أو يشكك في كلامنا، فليشاهد بنفسه تلك الجرائم، التي وثَّقتها تلك الجماعات بنفسها، وتنشرها بنفسها، وتتباهى بها، وتتفاخر بها، بالرغم من أن رعاتها الإقليميين، الذين يُقدِّمون لها الدعم المادي، يحاولون أن يُقدِّموا في وسائلهم الإعلامية صورة مغايرة، ويحاولون أن يصوروا تلك الجماعات أنها دولة، وأنها أمن، وأنها جيش… وغير ذلك، ولكن الأمور واضحة تماماً، وما يحدث في هذه الأيام فظيعٌ جدًّا، السكوت عنه جريمة، السكوت عنه يتنافى مع المسؤوليات الدينية والإنسانية، وما يحدث خطير، وعواقبه خطيرة على تلك الجماعات، وعلى رُعَاتِهم، في العقوبة من الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، ودرسٌ مهمٌ جدًّا لشعوبنا.
ندخل إلى موضوع المحاضرة.
كُنَّا تحدثنا بالأمس على ضوء قول الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، في قصة نبيه، ورسوله، وخليله إبراهيم «عَلَيْهِ السَّلَامُ»: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ}[الأنعام:80].
في الآية المبارَكة تحدثنا عن جملةٍ من العناوين، كان من ضمنها: أهمية أن يكون المستند للإنسان في دينه ومعتقده هو هدى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، وأن يكون حريصاً، يتأكد من أنه يتَّجه في طريق الهدى، يعرف كيف هي سنة الله في الهداية، وطريق الهدى، وهل هو يسير في طريق الهدى، وهذه مسألة مهمة للإنسان.
ثم أيضاً عندما يتوفق للسير في طريق الهداية، أن يكون مُعتزّاً بانتمائه إلى هدى الله، بسيره في طريق هدى الله، أن يدرك أن ذلك نعمة عظيمة عليه، وشيءٌ عظيمٌ جدًّا يعتز به، يحافظ عليه، يحرص عليه، يسعى ويحرص للاستقامة عليه، أن يكون مستقيماً على هدى الله، وهذه مسألة مهمة جدًّا؛ فالإنسان الذي لا يُقدِّر نعمة الهدى قد يستبدل به: إمَّا شيئاً من الدنيا، فيكون ممن يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، أو شيئاً من دعاوى الضلال، التي ينخدع بها، يغْتَرُّ بها، ويَتَّجِهُ إليها، وهذه مسألة خطيرة؛ لأن الإنسان حينما يضِلُّ بعد الهدى، ويزيغ قلبه بعد أن كان في طريق الحق، هذا هو من أخطر أنواع الضلال، وأشد أنواع الضلال على الإنسان؛ قد يُخْذل، الإنسان عندما يزيغ قلبه عن الحق، بعد أن وُفِّق للسير في طريق الحق، ويضلّ عن طريق الهدى، فالضلال بعد الهدى خطيرٌ جدًّا على الإنسان، قد يؤدي إلى أن يُخذل، ثم لا يتوفق أبداً للعودة إلى طريق الهداية.
تحدثنا فيما يتعلق بمسألة الخوف، فيما ورد في الآية المباركة، في قوله: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الأنعام:81]، تحدثنا عن أهمية هذه المقارنة، وعن حاجتنا إليها في هذا الزمن بشكلٍ كبير جدًّا، حيث معظم المسلمين مُكَبَّلون بالخوف من غير الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، مكبَّلون بالخوف من أمريكا، من إسرائيل، من طغاتهم وجبابرتهم الذين يوالون أمريكا وإسرائيل، هذه المقارنة هي مهمة في تحرير الإنسان من المخاوف الأخرى، أن يعرف ما يجب أن يكون خائفاً منه، حينما يكون في ما هو عليه، حينما يكون مذنباً، متحملاً للوزر الكبير، في محل المؤاخذة، بالعقوبة الإلهية التي هي أشد مما بيد الناس كلهم، حينما يكون خصمه هو الله، حينما يكون في مشكلة مع الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى».
ونبَّهنا في سياق ذلك على ضوء قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، كذلك من خلال هذه المقارنة، وأنك عندما تخاف من عذاب الله، فتتَّجه فيما يرضيه لتأمن من عذابه، قد يقيك هو «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» من ضُرِّ الآخرين ومن شرهم؛ أمَّا الله فلا أحد يستطيع أن ينقذك منه، أو أن يَقِيَك من عذابه وبأسه، لا يستطيع أحد، {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ}، {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ}[يس:23]، فليس هناك من يستطيع أن يُخلِّصك، أو يُنقذك، أو أن يدفع عنك بأس الله، وعذاب الله.
طريق الأمن وطريق الهداية، كما قال عنها نبي الله إبراهيم «عَلَيْهِ السَّلَامُ»: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأنعام:82]، هذا هو طريق الأمن للإنسان وطريق الهداية: الذي يؤمن إيماناً صحيحاً صادقًا، الإيمان بعناوينه الكاملة بمصداقية، وعناوينه الكاملة هي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والاستقامة على أساس ذلك، فالإنسان إذا اتَّجه هذا الاتِّجاه، بالإيمان الصادق الكامل، اتَّجه في طريق الهدى ولم يلبس إيمانه بظلم، بل كان إيماناً صافياً من الشوائب، يتَّجه ليصفِّي مسيرته العملية والتزامه العملي من الشوائب، شوائب الظلم، والظلم هو عنوانٌ واسع، هو عنوانٌ يشمل كل أنواع التعدي لحدود الله، كل أنواع التعدي لحدود الله:
• في معاملتك مع الناس، لا تظلمهم، لا تتجاوز الحق في تعاملك معهم، أي تجاوز للحق في تعاملك معهم، في أي نوعٍ من أنواع المعاملة، هو ظلم، التجاوز للحق هو ظلم، فيما تأخذه عليهم من حقوقهم، فيما تسيء به إليهم بغير حق، فيما تعتدي به عليهم… في أي شكلٍ من أشكال تجاوز الحق، والتعدي لحدود الله التي رسمها في التعامل مع الناس.
• وهكذا في علاقتك بالله، فيما يتعلق ببقية الالتزامات الإيمانية، ألَّا تتجاوز فيها حدود الله، لا تتعدى فيها حدود الله، التعدي هو ظلمٌ، يعتبر من الظلم.
هذه المسألة هي مهمة أيضاً، مهمةٌ جدًّا للإنسان في انطلاقته الإيمانية والجهادية في سبيل الله تعالى: أن يحرص على أن يكون بعيداً من الظلم في كل أشكاله، في تعامله مع الناس، في كل أنواع التعامل، أن يكون حريصاً جدًّا- هذا من الإيمان- حريصاً جدًّا ألَّا يقع في الظلم، ألَّا يتورط في الظلم؛ لأن هذا يُحبط عملك، وفي نفس الوقت تفقد القيمة الإيمانية، لا يبقى لانتمائك الإيماني قيمة، ولا يبقى سبباً لنجاتك، ولا يبقى قُربةً لك إلى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، لماذا؟ لأنك أحبطته بالظلم، بالتعدي لحدود الله، والإنسان في انطلاقته الإيمانية الجهادية، إذا لم يكن مرسِّخاً في نفسه لذلك، فقد يستهتر بهذه المسألة، البعض من الناس يستهترون، وفي المسيرة الإيمانية لأُمَّةٍ مؤمنةٍ مجاهدة يُمكِّنها الله، تعتبر المسؤولية كبيرة جدًّا، ويجب ترسيخ هذا المفهوم بشكلٍ كبير: ضرورة الحذر من الظلم، من أن تشوب إيمانك، تشوب جهادك، بالظلم للآخرين؛ لأن هذا- فعلاً- يفقدك القيمة الإيمانية لانتمائك الإيماني، لا يبقى له أي إيجابية، ولا قيمة، ولا يبقى يمثِّل قربةً إلى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى».
الحالة الخطيرة على الناس هي في: الأطماع، والطغيان، كل أشكال الطغيان، لاسيَّما في مراحل التمكين؛ ولـذلك نجد أن الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» يخاطب نبيه محمداً «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ» بقوله: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا}[هود:112]، يكون الناس مُعَرَّضون للطغيان في مراحل التمكين، البعض- فعلاً- حينما يتمكن يطغى، حينما يصبح له نفوذ، قدرة، قوة، إمكانية، يرى أنه يستند فيما يفعل إلى قدرة عسكرية، أو إمكانية، أو نفوذ، أو وجاهة اجتماعية… أو غير ذلك، يطغى فيظلم، يتجرأ على الظلم، ينسى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، وبذلك يُبْطِل أعماله، جهاده، إيمانه، فهو في حال ما هو عليه من ظُلم هو مُعَرَّض للمؤاخذة الإلهية، هو مهددٌ من الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، ينطبق عليه الوعيد الإلهي، والله سيعذبه، لا أمان له من عذاب الله، لا أمان له من عذاب الله، وعلى الإنسان المؤمن أن يراجع نفسه، أن يُقيِّم نفسه؛ لأن البعض من الناس إمَّا بدافع الأطماع- وهي خطيرةٌ جدًّا على الناس- قد يطمع في أراضي الناس، في أملاكهم، فبدافع الطمع يستند إلى نفوذه، إلى قدرته، إلى إمكانياته؛ فيطغى ويظلم، يظلم الآخرين، ويتكبر، يجمع بين التكبر، يكون متكبراً، ظالماً، طاغية، ولو أنه يبقى في انتسابه انتساباً إيمانياً وجهادياً، لكن لا يمكن للإنسان أن يخادع الله؛ فبالتالي هو مُعَرَّض لأنواع من المؤاخذة الإلهية: قد يُخْذَل، فلا يتوفق أبداً في بقية حياته، تأتيه عقوبات متنوعة، والله يعاقب ويؤاخذ، مهما اغتر المتكبرون والطغاة، الذين ينحرفون إلى طريق الطغيان عن طريق الإيمان.
لـذلك على الإنسان أن يحرص على أن يحافظ على إيمانه من الشوائب، شوائب التعدي لحدود الله، ثمرة الإيمان هي: الاستقامة، والعمل الصالح، وأهمية أن يسعى الإنسان لتنقية إيمانه باستمرار من الشوائب مسألةٌ مهمةُ جدًّا.
الإنسان حتى في اطمئنانه فيما هو عليه، فيما بينه وبين الله، هذا مهمٌ له، يشعر بالأمن، بالاطمئنان؛ لأن الإنسان محتاجٌ إلى الله، محتاجٌ إلى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، البعض قد ينسى هذه الحقيقة في فترة التمكين، ولكن عندما تأتيه المؤاخذة الإلهية يقهره الله، ويُذِلُّه الله، كما أَذَلَّ غيره من الجبابرة؛ لأن البعض ينسى حتى أخذ الدروس من حال الآخرين، من حال الآخرين.
ولـذلك كثيراً ما نقول لإخوتنا في مسيرتنا القرآنية: لا ترثوا الظلم من الظالمين، لا تقتدوا بهم، يحذر الإنسان لا يتحول إلى بلطجي، يسطو على أراضي الناس، على أملاكهم؛ لأنه يريد أن يقتدي بضابطٍ كان مجرماً من المجرمين، كان طاغيةً من الطغاة، هذه مسألة خطيرة على الإنسان، الله سَيُذِلُّك كما أذلَّهُ، مهما اغتررت بنفسك، ليس لك حصانة عند الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى».
الأسماء، والعناوين، والأنساب… وكل شيءٍ مما قد يَغْتَرُّ به الإنسان، لا يعطي الإنسان حصانةً بينه وبين الله، حينما يظلم هو معرَّضٌ للمؤاخذة والعقوبة الإلهية، ولا أمان له من عذاب الله؛ لـذلك الإنسان هو بحاجة إلى الله، بحاجة إلى أن يُنَقِّي إيمانه من الظلم، فلا يتحول إلى ظالم، غشوم، معتدٍ، متكبر، وأن يسعى لحماية إيمانه، أنت بحاجة إلى الله، وإلَّا إذا أصررت على غرورك وتكبرك سترى، سترى كيف يؤاخذك الله، ويأخذك أخذ عزيزٍ مقتدر، كما أخذ غيرك، ممن يَغْتَرُّوا كما أنت مغتر، وتجاهلوا كما أنت متجاهل.
يقول الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ}[الأنعام:83]، (وَتِلْكَ): هذه البراهين التي عرضها نبي الله إبراهيم «عَلَيْهِ السَّلَامُ» على قومه، عرضها عليهم، وهي حجج دامغة، تُزهق باطلهم، تُفَنِّد ما يحاولون أن يستندوا إليه من الشُّبَه والزخارف، زخارف القول، وهذا الهدى، هذه الحجة المقنعة، القوية، التي يقدِّم من خلالها لهم الحق بطريقة مقنعة، مُزهقةٍ للباطل، هذا هو من هدى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، الله «جَلَّ شَأنُهُ» حينما قال: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}[الأنعام:75]، كان مما أراه الله من الآيات، ما يزيده نوراً، ويعطيه حُجَّةً، ويَدُلُّه أيضاً على وسائل مقنعة ومفيدة ومؤثِّرة: وسيلة لمحاججة قومه، وسيلة لهدايتهم، وسيلة للوصول بهم إلى الحقيقة، براهين ليعرضها عليهم، هذا هو من عطاء الله، من هدايته، جزءٌ مهمٌ من هداية الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»: أن يمنحك مع الحقِّ الحُجَّة الدامغة، التي تستند إليها في تقديمك لهذا الحق إلى الآخرين، هو جزءٌ من رعاية الله وهدايته.
أيضاً من ثمرة اليقين، والوعي الراسخ: أن يمتلك الإنسان المؤمن المهتدي بهدى الله الحُجَّة النيِّرة، والمُفحمة، والمقنعة، وأن يمتلك قوة التقديم للحق، مع الحرص على هداية الآخرين، والثبات على الثوابت بنفسها؛ لأن المسألة ليست مسألة أنه يسعى لقهرهم، أو لتحطيمهم؛ بل يسعى لتحطيم فكرة الباطل، فكرة الشرك، في أنفسهم، وإنقاذهم منها، وإيصال الحقيقة النيِّرة إليهم؛ لتكون واضحةً لهم، وهذه مسألة مهمة جدًّا.
قوله تعالى: {وَتِلْكَ}، تشير إلى أن المقام من أوله هو مقام عرض براهين وسعي لهدايتهم؛ ولهـذا نجد أنه انتقل ما بعد العرض نفسه، العرض التأملي في مسألة (الكوكب، والقمر، والشمس)، انتقل معهم في النقاش إلى الحديث عن الله بشكل مباشر، بشكل مباشر، يعني: ليس إنساناً جاهلاً بالله، ومتخبطاً يبحث له عن إله، لا، هو قدَّم ذلك العرض التأملي في صورة البحث عن الحقيقة، وعلى الفور انتقل هو وأياهم في الحديث عن الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»: {أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ}[الأنعام:80]، والحديث عن الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، عن أن طريق الأمن هي في الإيمان به، وغير ذلك.
{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ}[الأنعام:83]، من هدى الله: أن تملك أنت عندما تسير على هدى الله قُدرةً في الاحتجاج على الآخرين، في الحديث مع الآخرين وتبيين الحق لهم، في الدعوة للآخرين إلى هدى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى».
الحجة، والبرهان، والدليل، هذا ما يعتبر مستنداً للحق، ودليلاً عليه، وأن ذلك الذي تُقدِّمه هو حقٌّ من الله، هذه قضية أساسية تحدثنا عنها، فأن تمتلك الحجة، أن تمتلك أيضاً الوعي والمعرفة، والقدرة على تقديم الحق بما يزهق الباطل، هذا هو سلاحٌ مهمٌ في مواجهة الضلال والباطل، ووسيلةٌ أساسية في السعي لهداية الناس، وإنقاذهم من الضلال والباطل.
ولـذلك فالإنسان المؤمن، المهتدي بهدى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، ينبغي أن يكون حريصاً في معرفته بالحق، أن يمتلك الحُجَّة، الدليل، البرهان، وأن يمتلك القدرة أيضاً على تقديم الحق، ولاسيَّما من يتحرك في إطار مسؤوليات في هداية الناس، كأنشطة تعليمية، تثقيفية، إعلامية، إرشادية، هذا يتطلب أن يكون لدى الإنسان وعيٌ راسخ، وإيمانٌ صادق، يستوعب في هدى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» الحُجَّة، الدليل، البرهان، ويستوعب الحق بنفسه، ويمتلك القدرة على التقديم الواضح، البيِّن، الذي يُزهق الباطل من نفوس الناس؛ لأن بإزهاق الباطل من نفوس الناس، الإزهاق له من واقع الحياة.
والباطل- كما قلنا- له امتداد في حياة الناس بشكل جرائم، مظالم، مفاسد، ليس مسألة تبقى في أفكار الناس محبوسةً في أذهانهم، أو حبيساً في دفاترهم وكتبهم، أو يبقى في نطاق محدود كطقوس معيَّنة؛ ينزل إلى واقع الحياة، انظروا إلى تلك الجماعات التكفيرية، بوحشيتها وإجرامها تجاه الشعب السوري، بِذُلِّها وخنوعها المخزي جدًّا، المعيب، تجاه الإسرائيلي، هذا شكل من أشكال الضلال، يتجلى في الواقع، في السلوك، يتحول الإنسان إلى بطل، شجاع، إذا كان أمامه إنسان أعزل من السلاح، مواطن عادي، لا يتَّجه لقتاله، لا يمتلك إرادةً في القتال؛ فيقتله بكل وحشية، ويتباهى بذلك، ويتفننون في قتل الناس بشكل بشع جدًّا؛ أمام العدو الحقيقي الفعلي للإسلام والمسلمين، والكافر الحقيقي الإسرائيلي، يظهرون أذلاء، متواضعين، خانعين، لا يجرؤون حتى على وصفه بالعدو، هذا شكلٌ من أشكال الضلال والباطل.
في هذا الزمن هناك حملات رهيبة جدًّا من أعداء الإسلام والمسلمين، يُنظِّم اليهود حملة، بكل الفئات التي تخدمهم، بكل التشكيلات الموالية لهم، من كل فئات أهل الضلال والباطل؛ لأن اليهود هكذا يشتغلون، يعني: لهم أعوانٌ كثر، هم أكثر نفيراً في هذا العصر، نَفِيراً: معهم موالون كُثر، وأصوات كثيرة، وكثيرٌ من الفئات التي تخدمهم تتحرك بأسماء وعناوين متنوعة: البعض منها باسم الإسلام، البعض منها في اتجاهات أخرى، وتحت عناوين أخرى؛ لكنها تتحرك في حملات رهيبة؛ للإضلال، للإضلال، كما حذَّر الله منهم في القرآن الكريم: أنهم يعملون على إضلال الناس، ويودُّون لو يُضِلُّونكم، وأنهم يريدون أن تَضِلُّوا السبيل، كم في القرآن الكريم من تحذير وتنبيه: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}[النساء:44]، {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ}[آل عمران:69]، {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}[آل عمران:100]، هناك حملات رهيبة ووسائل، وسائل في هذا العصر:
• الإنترنت وسيلة تصل إلى الكثير من الناس وتؤثِّر عليهم.
• القنوات الفضائية وسيلة تصل إلى الكثير من الناس وتؤثِّر عليهم.
ولـذلك من واجب المنتمين إلى الحق بصدق، والمهتدين بهدى الله، أن يدركوا أن جزءاً مهماً وأساسياً من جهادهم، هو: في تقديم هدى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، وأن يستوعبوا هدى الله، يستوعبوا فيه الحُجَّة، الدليل، البرهان، الذي يُفَنِّد الباطل، يكشف زيف الضلال، الذي يُزهق الباطل من نفوس الناس، وأن يمتلكوا القدرة على التقديم لهدى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، هذه مسألة مهمة جدًّا.
وفي نفس الوقت، من لا يمتلك القدرة على تقديم هدى الله، ولا يمتلك الحُجَّة، ولا يستوعبها، عليه أن يكون حذراً من التَّطَفُّل في مقامات لا ينبغي أن يَتَطَفَّل فيها.
مثلاً: البعض قد يشارك في نقاشات في الإنترنت، لكنه هو- في نفسه- ليس بالمستوى الذي قد استوعب هدى الله، استوعب الحُجَّة، استوعب الدليل، البرهان، فتكون أطروحاته ضعيفة وركيكة، ويتأثر من شُبه الآخرين؛ لأنها شُبه أقوى مما يقدمه هو؛ لضعفه، لضعف وعيه، لنقص وعيه، لنقص معرفته، هذا هو أسلوبٌ خاطئ، عندما يتطفل الإنسان، وهو لا يمتلك الحُجَّة، وهو ضعيف، عنده قناعة مبدئية، جيد، لكن لا يتفضول، لا يتطفَّل، يترك المسألة إلى الآخرين، من يقدرون على أن يقوموا بهذا الدور بشكل صحيح.
البعض قد يشارك في برامج تلفزيونية، أو يتصل ببرنامج حواري، ويشارك فيه بضعف، وكذلك هذا أسلوب خاطئ، من لا يمتلك الخلفية اللازمة، فالمفترض به أن يكتفي بمقاطعة وسائل الضلال، ومنابر الضلال، دعاة الضلال، كما نبَّهنا على ذلك في المحاضرات الماضية، على ضوء قول الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}[الأنعام:68].
يقول الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}[الأنعام: 83].
نكتفي بهذا المقدار، ونكمل- إن شاء الله- ما بقي في المحاضرة القادمة.
نَسْألُ اللَّهَ «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان يهنئان قائد الثورة والرئيس المشاط بعيد الأضحى المبارك
يطيب لنا في هذه الأيام المباركة، أيام العزة والجهاد والتضحية، أن نتقدم إلى مقامكم الكريم باسم قيادة وزارة الدفاع وجميع الأبطال من أبناء قواتنا المسلحة المرابطين في الثغور بأخلص التهاني وأطيب التبريكات بمناسبة احتفالات شعبنا اليمني الكريم مع شعوب أمتنا العربية والإسلامية بحلول عيد الأضحى المبارك، سائلين المولى عز وجل أن يتقبل منا ومنكم الطاعات، وأن يعيد هذا العيد على شعبنا وعلى أمتنا بالنصر والتمكين والعزة والكرامة وأن يديم عليكم موفور الصحة والعافية ويوفقكم لما فيه الخير لليمن والأمة الإسلامية فقيادتكم الحكيمة هي نبراس الأمل الذي يهدي الأمة إلى بر الأمان، ونحن معكم على العهد والوفاء، ماضون في نفس الدرب درب الجهاد والانتصار بمشيئة الله وقدرته.
في هذه الذكرى الدينية العظيمة ذكرى التضحية والفداء نستلهم دروس العزيمة والإباء، ونستحضر بكل وعي وإدراك التحديات المصيرية التي تواجهها أمتنا، والتي تتطلب وحدة الصف وثبات الموقف، ففي الوقت الذي تتعرض فيه مقدسات أمتنا ومقومات بلدنا لأبشع أنواع العدوان، فإن إرادة هذا الشعب الأبي تزداد صلابة، وإيمانه بالنصر يتعاظم
لقد أثبتت التجربة أن هذا الشعب العظيم، برجاله الأحرار وجيشه المجاهد وبنيانه الإيماني الصلب قادر على تحويل التحديات إلى انتصارات، والمحن إلى منح، وبفضل الله أولاً، ثم بفضل توجيهاتكم الربانية الحكيمة، استطعنا أن نكسر شوكة الأعداء مرة بعد أخرى، وسنكمل مسيرة الكسر والانتقام فكل طائرة تتجاسر على سماء العزة ستسقط، وكل سفينة تبحر لدعم الكيان ستغرق وكل صاروخ غادر يطلق على أرض الكرامة سيرد عليه بالمثل، وكل مغتر بقوته سيذوق مذلة الهزيمة على أيدينا بمشيئة الله تعالى.
ونحن هنا ومن منطلق المسؤولية الدينية والوطنية والأخلاقية والعسكرية وتنفيذاً لتوجيهاتكم الكريمة نؤكد لكم ولكل أبناء شعبنا المجاهد وقوفنا الكامل في دعم ومساندة إخواننا في غزة بكل ما نملك من قوة حتى وقف العدوان وإنهاء الحصار، و نوجه تحذيراً واضحاً للعدو الصهيوني المجرم و لكل من تسول له نفسه العبث بأمننا أو المساس بسيادتنا ومقدساتنا، أن قواتنا المسلحة تمتلك من القوة والاستعداد ما يمكنها من الرد الصاعق على أي عدوان، ولتعلم قوى الاستكبار العالمي أن أي مغامرة ستُواجه بعقاب شديد، ورد موجع و حاسم وسيندم المعتدون على كل قرار اتخذوه في حق شعبنا العظيم.
نكرر لكم التهنئة بهذه المناسبة الدينية المباركة.. شاكرين لكم كل جهودكم الساعية إلى بناء وتطوير القوات المسلحة ورفع كفاءتها القتالية وتجهيزها بأحدث الوسائل التي تمكنها من حماية الوطن وردع الأعداء.. ونؤكد لكم أننا ماضون على درب الجهاد والاستشهاد مدافعين عن سيادة الوطن ومقدسات الأمة رافعين راية الحق حتى تحقيق الأهداف السامية التي ضحى من أجلها شعبنا اليمني العظيم.
النصر للوطن.. والرحمة للشهداء الأبرار..
والشفاء للجرحى.. والفرج للأسرى..
وكل عـام وأنتم بخير..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
كما رفع وزير الدفاع والإنتاج الحربي اللواء الركن محمد العاطفي ورئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن محمد الغماري، برقية تهنئة إلى فخامة الرئيس المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى- القائد الأعلى للقوات المسلحة وأعضاء المجلس السياسي الأعلى بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك فيما يلي نصها:
يطيب لنا في هذه الأيام المباركة، ونحن نحتفل بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، أن نتقدم إلى مقامكم الكريم وإلى أعضاء المجلس السياسي الأعلى بأسمى آيات التهاني والتبريكات، مرفوعة من قيادة وزارة الدفاع وقادة القوى والمناطق العسكرية، وجميع أبطال القوات المسلحة المرابطين في الثغور والجبهات، سائلين المولى عز وجل أن يديم عليكم موفور الصحة والعافية وأن يمنحكم من الحكمة والعزيمة والصبر ما يمكنكم من القيام بمسؤولياتكم الجسيمة الموكلة اليكم بما يحقق النصر والعزة لشعبنا وأمتنا، ونحن وفي هذه المناسبة الدينية المباركة، التي نستلهم منها دروس الإخلاص والثبات نعاهدكم على مواصلة مسيرتنا الجهادية تحت قيادتكم الحكيمة، وبتوجيهات وإشراف قائد مسيرتنا القرآنية السيد العلم المجاهد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ورعاه، الذي وضع الأسس المتينة لبناء القوة العسكرية الرادعة، وجعل من قواتنا المسلحة درعاً منيعاً للوطن والأمة ومدرسة في القتال.
في ظل الأحداث الدامية التي تشهدها الأمة، حيث يُدك أطفال غزة تحت آليات الاحتلال الصهيوني المجرم، وتتخاذل الأنظمة العربية خائنةً لقضية الأمة، نعلنها من يمن الإيمان والحكمة بصوتٍ مدوٍّ لن تكون غزة وحيدةً ما دام في اليمن رجلٌ واحدٌ يمسك السلاح" وبفضل الله سبحانه وتعالى وتوجيهات قيادتنا الحكيمة ممثلة بالسيد العلم المجاهد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ورعاه استطاع أبطالنا تحويل التهديدات إلى كوابيس تلاحق أعداء الأمة، والوعيد إلى حقائق مرعبة تُسقَط بها أقنعة القوى المستكبرة، ونحن هنا نُوجِّه إنذارنا الأخير فكل طائرة معتدية في سماء اليمن هي طائرة ميتة تسير على قيد الأجل وكل سفينة عدوانية في مياهنا هي هدف مشروع سيُحوَّل إلى شعلة نار وكل جندي غازٍ على أرضنا سيجد قبره جاهزاً قبل وصوله، ولقد أثبتت معاركنا أن قانون القوة هو اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو، وأن لغة الدم" هي التي تُفرض بها الحقوق، ونحن اليوم أكثر استعداداً من أي وقتٍ مضى لـتحويل كل شبر من أراضي العدو إلى جحيم لا يُطاق وإسقاط كل مشاريع الهيمنة الصهيونية في المنطقة ورد العدوان بضرباتٍ استباقية تزهق الأرواح قبل أن تُخطَّط المؤامرات فإن لم يعي العدو لما هو قادم فإننا لن ننتظر الضوء الأخضر من أحد.. فدماء شهدائنا هي شهادتنا، وصواريخنا هي حجتنا هذه ليست مجرد كلمات، بل عقيدة قتال نُزكّيها بالدم، ونُؤكدها بالنار، ونُخلّدها بالنصر بإذن الله.
ختاماً نكرر لكم ولكل أبناء شعبنا اليمني العظيم التهاني والتبريكات بهذه المناسبة الدينية المباركة ونتقدم بجزيل الشكر والعرفان لقيادتكم الحكيمة، ولقائد مسيرتنا القرآنية السيد العلم المجاهد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ورعاه، على ما تبذلونه من جهود جبارة في بناء وتطوير القوات المسلحة، ونؤكد لكم أننا سنواصل تطوير قدراتنا العسكرية والدفاعية، وسنظل أوفياء للدماء الطاهرة التي سالت على ثرى هذا الوطن، مستعدين لتنفيذ أي توجيهات تصدر من مقامكم الكريم بكل دقة وإتقان، حاملين راية "الله أكبر" في كل الميادين، وماضين على درب الجهاد حتى تحقيق النصر بإذن الله تعالى وتوفيقه.
النصر لليمن وقواته المسلحة.. والرحمة لشهدائنا الأبرار..
والشفاءِ لجرحانا.. والفرج القريب لأسرانا..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،