"ضرب مبرح وصعق بالكهرباء".. شهادات قاسية لمعتقلي غزة في سجون الاحتلال
تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT
كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، اليوم الأربعاء، 12 مارس 2025، عن شهادات قاسية لمعتقلي قطاع غزة في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت في الإحاطة التي نشرتها اليوم، إن إدارة معتقلات الاحتلال تواصل فرض جرائم منظمة بحق المعتقلين ومنهم معتقلو غزة الذين يواجهون أبشع الظروف الاعتقالية.
وأضافت، لا يزال معسكر (سديه تيمان، ومعتقل النقب)، يتصدران المشهد من حيث مستوى التوحش الذي يمارس بحق معتقلي غزة، وذلك استنادا إلى إفادات جديدة، شملت عددا من معتقلي المعسكر والمعتقل المذكورين، إضافة إلى معتقل عوفر، التي تكشف عن المزيد من الظروف غير الآدمية التي يتعرض لها المعتقلون.
وتابعت، أن سياسة التعذيب التي تمارسها قوات الاحتلال أدت إلى استشهاد 4 معتقلين في غضون أيام خلال الفترة الماضية، وهم من بين عشرات الشهداء من غزة الذين ارتقوا منذ بدء العدوان.
ولا يزال الاحتلال يفرض جريمة الإخفاء القسري على المئات من معتقلي غزة، علما أن العدد الحديث الذي أعلنت عنه إدارة معتقلات الاحتلال، لما تصنفهم بالمقاتلين غير الشرعيين، بلغ حتى بداية شهر آذار/ مارس الجاري (1555).
في النقب معتقلون يقضون حاجاتهم في وعاء
في شهادات لمعتقلين من غزة جرت زيارتهم في معتقل "النقب"، أكدوا أنهم محتجزون في أقسام لا تتوفر فيها مراحيض لقضاء حاجاتهم، ما يضطرهم إلى استخدام "وعاء" في وضع مذل ومهين، ولا تزال الأمراض الجلدية وتحديدا مرض (الجرب- السكايبوس) تخيم على الأوضاع الصحية للمعتقلين، بسبب انعدام ظروف النظافة داخل الأقسام، وشح الملابس بشكل كبير، وعدم توفر العلاج المناسب لهم، وللمرضى منهم.
ففي شهادة للمعتقل (ج. و): "ما زلت أعاني من مرض الجرب، ومن وجود دمامل في جسدي، كما أنني تعرضت للضرب المبرح أثناء نقلي المتكرر، وأعاني جراء ذلك من كسر في أحد أسناني، ما يسبب لي آلاما صعبة ومتواصلة، كما لم أعد أسمع بأذني اليسرى بشكل جيد، بعدما صبوا الماء فيها بطريقة مؤذية". وقال: "إن المعتقلين يعانون من مجاعة، ولا يقدم لهم إلا القليل من الطعام، بما يساوي ربع وجبة لكل معتقل، وهي غير صالحة للأكل، ويجمع المعتقلون الطعام المقدم لهم على مدار اليوم ويتناولونه كوجبة إفطار في المساء، كما تُفرض عليهم إجراءات منها: التفتيشات المتكررة، والشتائم على مدار الوقت، وتقييد الأيدي للخلف، وإجبارهم على الركوع أثناء ما يسمى (بالعدد -الفحص الأمني).
وفي شهادته، أكد المعتقل (س. ع): "أن الأوضاع صعبة نتيجة الأمراض الجلدية المنتشرة في القسم، وهناك حالة من الخوف والرعب يعيشها المعتقلون، فالظروف أشبه بالجحيم، والإهانات متواصلة، وسياسة الإذلال والتجويع والحرمان تخيم على الحياة الاعتقالية.
ويتابع: "اعتُقلتُ من مستشفى الشفاء، وتم نقلي إلى معتقل النقب بعد 97 يوما من احتجازي في معسكرات قريبة من غزة، وكذلك بعد 30 يوما في عوفر، حيث تم التحقيق معي ميدانيا، وتعرضت للضرب المبرح، ما أدى إلى إصابتي بجرح عميق في الرأس، وكسور في الأضلاع، وخلال فترة اعتقالي الأولى تعرضت لتحقيق قاسٍ استمر لمدة 30 يوما، وكان من ضمنه تحقيق (الديسكو)- وهو التحقيق الذي يعتمد على وضع المعتقل وسط موسيقى صاخبة وعالية جدا-، حيث تعرضت له لأكثر من 7 مرات، مترافقا مع عمليات ضرب متواصلة وحرمان من الطعام والاستحمام.
ويضيف: بعد نقلي إلى النقب، تعرضت مجددا للتحقيق، ومن شدة التعذيب والضرب، فقدت الوعي عدة مرات، ما دفعني إلى الاعتراف بأمور غير صحيحة.
وعن معسكر (سديه تيمان)، فمن خلال زيارة عدد من المعتقلين فيه، فإن الفظائع وعمليات التعذيب والتنكيل لا تزال تخيم على الحياة الاعتقالية للمعتقلين.
ويروي المعتقل (ك.ي) في شهادته حول الأوضاع هناك: "نتعرض بشكل متكرر وشبه يومي للقمع، وإلقاء قنابل الصوت والغاز داخل (البركسات)، وذلك بعد أن يجبرونا على الاستلقاء على البطن، ويبقونا هكذا لوقت طويل، ويتعمد السجانون عند نقلنا إلى التحقيق أو لإجراء مقابلة، الصراخ علينا والاعتداء بالضرب بشكل مستمر، وإيقاعنا بشكل متكرر أثناء المشي، مع العلم أنهم ينقلوننا ونحن معصوبو الأعين ومقيدو الأيدي.
ويوجد (ك. ي) في (بركس) محتجز فيه أكثر من 55 معتقلا، وبحسب قوله، "نحن نخضع لمزاجية الجنود في التعامل وعمليات التعذيب والإذلال، أحيانا يتم السماح لنا بالمشي، لكن غالبية الوقت نبقى جالسين على حديد الأسرّة، كل معتقلين اثنين على سرير، ولا يُسمح لنا بالحديث، ومن لا يلتزم يعاقبونه بالشبح لساعات بجانب (السلك) -المنطقة المخصصة للشبح في (البركس).
ويقول إنه نتيجة لظرف العزل الجماعية وانقطاع التواصل مع العالم الخارجي، فإن أحد المعتقلين اعتقد طيلة فترة اعتقاله أن طفلته استُشهدت في العدوان على غزة، ليكتشف لاحقا من خلال المحامين أنها على قيد الحياة".
ويقول المعتقل (م.ي): "يوم اعتقالي اعتقلوا ما يقارب 40 رجلا، وقاموا بتعريتهم بالكامل وألبسوهم لباسا أبيض، وطوال هذه الفترة تعرضنا للضرب المبرح بشكل متكرر بالعصي و(البساطير) ولم يستثنوا أحداً، ما أدى إلى إصابة العديد منهم، وكنت من بينهم، إذ أُصبت بنزيف في الأنف لفترة طويلة دون تقديم أي علاج لي، وبعد نحو 24 ساعة جرى نقلنا إلى معسكر (سديه تيمان)، حيث زودونا بلباس السجن، وحتى ذلك الوقت بقينا في اللباس الأبيض في ظل البرد القارس والضرب.
ويضيف: على مدار (14) يوما، بقيت معصوب العينين ومقيد اليدين، وتعرضتُ لتحقيق (الديسكو)، لمدة 12 ساعة، إذ بقيت في غرفة مغلقة مع موسيقى صاخبة جدا، وبعد أن أُنهكت من الصوت، حاولوا الضغط علي لتجنيدي والتعاون معهم، إلا أنني رفضت، بعد ذلك أخذوا كل بيانات عائلتي".
"الفورة" في "سديه تيمان" أداة للتعذيب
وبحسب إفادات المعتقلين، فقد أكدوا أن إدارة المعسكر حولت (الفورة) وهي فترة الخروج إلى ساحة المعسكر، إلى أداة للتعذيب والتنكيل والإذلال، يمنعون خلالها من الحديث فيما بينهم أو رفع رؤوسهم، ولا يسمعون سوى الشتائم، ومن يخالف أي أمر يتعرض للتعذيب والعقوبة.
وفي إفادته يشير المعتقل (د.ع): "اعتُقلتُ في ساعات الصباح، بعد أن صورني الجنود بالكاميرا، وأخبروني أنني لن أستطيع العبور باتجاه غزة، حيث بقيت هناك حتى ساعات العصر، وبعد ذلك نقلوني وآخرين عبر شاحنة إلى معسكر (سديه تيمان)، وفي الطريق تعرضنا للضرب المبرح، بشكل مركز على بطني ووجهي، وبقيت مقيدا ومعصوب العينين لمدة 12 يوما من يوم الاعتقال، وعند دخول المعسكر ألبسونا لباس المعتقل، وطوال الوقت كنت مجبرا على الجلوس على الركب بوضعيات مذلة وصعبة، وداخل (البركس) يتعمدون سحب الفرشات يوميا، ويمنعوننا من الاستلقاء طوال اليوم.
ويؤكد: "استمر ذلك لمدة 39 يوما، وقد تسنى لي تغيير ملابسي لأول مرة بعد 72 يوما، واستطعت حلق شعري مرة واحدة بعد 110 أيام على اعتقالي.
ضرب مبرح وصعق بالكهرباء وحرمان من الطعام والشراب
وأفاد المعتقل (ن.و): "في بداية اعتقالي كنت في (البركسات)، طوال الوقت مقيد اليدين ومعصوب العينين، كانوا يجبروننا على الجلوس على الركب، وبعد أربعة أيام نُقلتُ لمقابلة المخابرات، انتظرت يوما كاملا بقيت خلاله مقيدا ودون طعام ومياه، كما رفضوا توسيع القيود رغم ما تسببته لي من ألم".
ويشير: "لا أعلم في بداية اعتقالي في أي معسكر كنت، بسبب القيود والعصبة، وكنت أجلس على ركبتي والمكان بارد جدا ومكشوف للهواء، وبعد 21 يوما نُقلتُ إلى (سديه تيمان)، حيث تعرضت للضرب المبرح على صدري، وعلى إثرها شعرت بضيق في التنفس، كما تم صعقنا بالكهرباء، وضربنا بالأسلحة.
وفي إفادة للمعتقل (أ.ح): "عند اعتقالي تم أخذ الرجال إلى بناية مجاورة، بعد أن أمروهم بالتعري بشكل كامل، ثم انهالوا عليهم بالضرب المبرح، إلى جانب شتمهم ونعتهم بأسوأ الأوصاف، وبعد ساعتين تم نقلنا إلى شاحنة، ثم إلى مكان آخر بقينا فيه ليلة كاملة، رافقها ضرب مبرح وإهانات، كما تعمدوا وضع رؤوسنا في الماء، وكان هناك تهديدات مباشرة بقتلنا، كما أجبرونا على السجود على الأرض ونحن عراة في البرد القارس ومقيدو ومعصوبو الأعين.
ويتابع: عند نقلنا إلى (سديه تيمان)، تم عرضنا على طبيب إلا أنه تجاهل إصاباتنا، ونُقلنا لاحقا إلى (بركس)، وبقينا فيه لمدة 90 يوما، منها 20 يوما مقيدي الأيدي ومعصوبي الأعين.
عمليات قمع وضرب مبرح واستخدام لقنابل الصوت
وقال المعتقل (أ.ح): إن "إجراءات القمع تتكرر، فقبل نحو 20 يوما، اعتدوا علينا بقنابل الصوت، إحدى هذه القنابل انفجرت بجانبي، فأُصبتُ في قدمي وكتفي، ولم أتلق العلاج، رغم أنني عانيت من الآلام مطولاً، وهذه الاعتداءات تتكرر بشكل شبه يومي، ولم تتوقف في رمضان، فقبل السحور، اقتحموا (البركس)، وأجبرونا على النوم أرضا، واعتدوا علينا بالضرب، وشتمونا، وألقوا قنابل الصوت تجاهنا".
وفي إفادة المعتقل (ز.ل): قال "عند اعتقالي قيدوا يدي وعصبوني، ثم نقلونا إلى بناية، ومنها إلى منطقة مفتوحة في البرد والمطر الشديد، ثم لاحقاً إلى معسكر (سديه تيمان)، وكنا عراة تماما، وطوال الوقت كانوا يشتموننا ويصرخون علينا، وفي البداية تم وضعنا في (بركس) على شكل قوس لمدة 12 يوما، كنا أكثر من 70 معتقلا في حينه، وكان علينا الجلوس طوال الوقت مقيدي الأيدي ومعصوبي الأعين، حتى وقت قضاء الحاجة كانوا يُبقون القيود".
ولفت "أول مرة تسنى لي تبديل ملابسي بعد 50 يوما من اعتقالي، وكنت قد تعرضت قبلها لعملية قمع عنيفة، تم ضرب رأسي بالحائط، ما تسبب في إصابة في عيني، وما زالت آثارها واضحة، وهناك معتقلون جُرحوا وسالت دماؤهم نتيجة للاعتداء".
وجددت الهيئة والنادي، مطالبتهما للمنظومة الحقوقية الدولية، باتخاذ قرارات فاعلة لمحاسبة قادة الاحتلال الإسرائيلي على جرائم الحرب التي يواصلون تنفيذها بحق شعبنا، وفرض عقوبات من شأنها أن تضع إسرائيل في عزلة دولية واضحة، وتعيد إلى المنظومة الحقوقية دورها الأساس الذي وُجدت من أجله، ووضع حد لحالة العجز المرعبة التي طالتها خلال حرب الإبادة، وإنهاء حالة الحصانة الاستثنائية التي منحها المجتمع الدولي للاحتلال باعتباره فوق المساءلة والحساب والعقاب.
المصدر : وكالة وفا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين الرئيس عباس يرد على تصريحات أولمرت بشأن "خارطة السلام" حماس تُعقّب على استئناف "الحوثيين" عملياتهم ضد السفن الإسرائيلية قناة: وفد مصري عربي إسلامي يزور واشنطن لبحث خطة إعمار غزة الأكثر قراءة الإدارة الأمريكية تجري مباحثات مباشرة مع حماس الكنيست يقر قانونًا لإغلاق الأطر الطلابية الأحمد : نرفض مشاريع التهجير طولكرم - الجيش الإسرائيلي يستقدم مدرعات عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025
المصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: للضرب المبرح سدیه تیمان نقلنا إلى ضرب مبرح بعد أن
إقرأ أيضاً:
أوضاع قاسية في اللجوء.. سعدية دهب تفتح ملف الإعاقة في زمن الحرب
كمبالا: التغيير
تتزايد التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في مناطق اللجوء والنزوح، حيث تتقاطع ظروف الحرب مع ضعف الخدمات وغياب الحماية، فتترك آثاراً عميقة على حياتهم اليومية. وخلال الفترة الماضية، برزت روايات عديدة عن معاناة فئات واسعة منهم.
وللاقتراب أكثر من واقع هذه الفئة، أجرينا هذا الحوار مع المنسق الإقليمي لمنظمة WAELE لرفع مقدرات المرأة سعدية عيسى إسماعيل دهب، التي تتابع أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال عملها الميداني والتواصلي في مناطق اللجوء المختلفة، وذلك لفهم ما يواجهه الأشخاص ذوو الإعاقة في مناطق اللجوء والنزاع، وما يفتقدونه من خدمات، وكيف تؤثر الحرب والتنقل المستمر على حياتهم اليومية وكرامتهم الإنسانية.
فتاة كفيفة اغتُصبت وحملت، وصماء اعتدي عليها في دار إيواء
بدايةً، كيف تصفين واقع الأشخاص ذوي الإعاقة بين اللاجئين في القاهرة وكمبالا مقارنة بمعسكرات كيرياندونغو؟نحن مقبلون على اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة في الثالث من ديسمبر، بينما تتقاطع معنا كذلك حملات اليوم العالمي للإيدز وحملة الـ16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة وصولاً لليوم العالمي لحقوق الإنسان. هذه كلها مناسبات تضيء جانباً مهماً من معاناة الأشخاص ذوي الإعاقة في مناطق اللجوء.
في القاهرة، يوجد عدد كبير جداً من الأشخاص ذوي الإعاقة بالآلاف فعلياً، لكن لا توجد معسكرات. يعيشون وسط المجتمع المصري مثل باقي الناس، إلا أن الإعاقة تجعلهم الفئة الأكثر تضرراً من الحرب والضغوط الاقتصادية والاجتماعية والنفسية. ورغم اندماجهم الظاهري، إلا أن الاحتياجات الأساسية غير متوفرة لا توجد معينات حركية، ولا أطراف صناعية، ولا لغة برايل، ولا ترجمة بلغة الإشارة، ولا دعم لمن فقدوا وظائفهم، ولا تعليم ملائم للإعاقات الذهنية. كما يواجهون وصمة اجتماعية تزيد من هشاشتهم.
لا توجد معينات حركية ولا أطراف صناعية ولا لغة برايل ولا ترجمة بلغة الإشارة ولا دعم لمن فقدوا وظائفهم
ما التقديرات الحالية لعدد الأشخاص ذوي الإعاقة في أوغندا وما الإعاقات الأكثر انتشاراً؟في كمبالا ومعسكرات كيرياندونغو في أوغندا، الواقع مختلف تماماً. أكبر المعسكرات هو معسكر كيرياندونغو في بيالي، ويضم 17 تجمعاً، يعيش السودانيون في 15 منها. الإحصاءات المبدئية تشير إلى أكثر من 400 شخص من ذوي الإعاقة هناك، ومع الحرب ظهرت الكثير من الإعاقات الجديدة مثل البتر والولادات المبكرة.
ما أبرز التحديات اليومية التي يواجهونها في بيئات النزوح؟يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة صعوبة في الوصول لخدمات العلاج والتعليم، والمسافات داخل المعسكرات طويلة، والوظائف شبه غير موجودة، رغم منح بعض الأسر أراضٍ للزراعة، وهي مهمة شاقة على كثير منهم. أما على مستوى الخدمات، فلا تتوفر ملاذات آمنة مهيأة لهم، ولا حمامات مناسبة، ولا سكن مجهز، ولا مرشدون نفسيون. داخل المعسكرات، الوصول للخدمات الصحية محدود، والتعليم بعيد، والمساعدات الإنسانية لا تصلهم بانتظام ولا تُعطى لهم أولوية.
النقص في البيانات يجعل التخطيط صعباً، فهم يتنقلون باستمرار بين مناطق نزوح ولجوء، مما يزيد من تعقيد أوضاعهم. كثيرون ماتوا جوعاً في مناطق الحصار لعدم القدرة على الوصول إليهم.
الإعاقات الحركية هي الأكثر شيوعاً، البتر والشلل الناتج عن الأمراض المزمنة، وإصابات الحرب
ما الإعاقات الأكثر انتشاراً؟الإعاقات الحركية هي الأكثر شيوعاً، حالات البتر، الشلل الناتج عن الأمراض المزمنة، وإصابات الحرب. يليها الإعاقة السمعية، التي تمثل خطراً لأنها غير ظاهرة ولا تمكن المصاب من سماع أصوات الخطر. ثم الإعاقات الذهنية مثل متلازمة داون والشلل الدماغي والقدم المحنوف وشلل الأطفال وإصابات الحبل الشوكي والتشنجات. كما توجد إعاقات مزدوجة تحتاج لرعاية داخلية معقدة. الكثيرون أيضاً يعانون صدمات نفسية، خصوصاً أن القانون الدولي أدرج الإعاقات النفسية ضمن فئات الإعاقة.
هل توجد خدمات أساسية تلبي احتياجاتهم (العلاج الطبيعي، أجهزة المساعدة، التعليم، الدعم النفسي)؟هذه الخدمات شبه غائبة. لا توجد أدوات تأهيل، ولا علاج طبيعي، ولا علاج نطق، ولا كشف مبكر، ولا أجهزة مساعدة. المنظمات تقدم خدمات محدودة جداً، والتمويل غير كافٍ ولا يغطّي حتى الحد الأدنى.
التعليم الدامج كان موجوداً في السودان، وكان إلزامياً، لكن في دول اللجوء الوضع مختلف. المدارس بعيدة، ولا توجد سياسات دمج فاعلة للاجئين. كثير من الأطفال ذوي الإعاقة انقطعوا تماماً عن التعليم.
الفتيات ما بين زواج مبكر وطلاق بسبب إنجاب أطفال من ذوي الإعاقة
ما أكثر الفئات تضرراً؛ النساء، الأطفال، كبار السن، أم أصحاب الإعاقة الشديدة؟ ولماذا؟النساء والفتيات هن الأكثر تضرراً بسبب تعرضهن للعنف والتحرش والاستغلال والزواج المبكر والنبذ الأسري. الأطفال يتضررون بانقطاعهم عن التعليم، كبار السن غالباً يدخلون مرحلة الإعاقة في عمر متقدم يفقدون السمع أو البصر أو يصبحون طريحي الفراش، في هذه الحالة لا يمتلكون أي مصدر دخل ولا يوجد من يعولهم، ويصبحون من أكثر الفئات إهمالاً.
أصحاب الإعاقات الشديدة والمزدوجة يعيشون ظروفاً بالغة القسوة لعدم قدرتهم على الحركة أو إدارة شؤونهم.
كيف تؤثر أوضاع المعيشة في المعسكرات على تطور الإعاقة أو تفاقمها؟ وما أبرز العقبات الاقتصادية التي تواجههم؟معظم الأشخاص ذوي الإعاقة ينحدرون من أسر فقيرة، ومع اندلاع الصراع تساوت أوضاع الجميع تقريباً، فلم يعد الفارق المالي أو الاجتماعي يوفر أي شكل من أشكال الحماية أو الدعم. ففي السابق، إذا كان الشخص ذي إعاقة وكانت أسرته قادرة على الاعتناء به وتوفير احتياجاته، فقد انتهى ذلك الآن. من سيتولى رعايته اليوم؟ حتى من كان يمتلك تأميناً صحياً، فقد فقده تماماً في ظروف النزوح واللجوء.
أما فيما يتعلق بالعون الإنساني، فلا يصل إليهم بصورة منتظمة، ولا تُمنح لهم أولوية واضحة في التوزيع، مما يجعلهم يشعرون بأنهم مهمشون ومقصيون ولا أحد يلتفت لاحتياجاتهم أو يسأل عنهم. هذا الشعور ينعكس مباشرة على صحتهم النفسية، فتزداد معاناتهم وتتفاقم الضغوط التي يواجهونها يومياً.
بمناسبة حملة الـ16 يوم لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، كيف ترين وضع اللاجئات ذوات الإعاقة في مصر وأوغندا وما أشكال العنف التي يتعرضن لها، وما الذي يجب أن تركز عليه الحملة هذا العام؟وضعهن صعب للغاية. هن معاقات، ولاجئات، ومهمشات، والعنف الذي يتعرضن له أكبر بكثير مما يعلن عنه. بعضهن يتعرضن للتحرش والاعتداء، وبعض الزيجات تكون مبنية على الاستغلال ثم يتركهن الأزواج. في حالات كثيرة يتم تزويج الفتيات مبكراً خوفاً من الوصمة. وفي بعض الحالات الطلاق يحدث لأن الزوجة أنجبت طفلاً ذي إعاقة.
جرائم العنف لا يُبلغ عنها بسبب الخوف والعادات والوصمة، وغياب مترجمات لغة الإشارة، وعدم وجود آليات حماية فعّالة.
ما أنواع المخاطر التي يتعرض لها ذوو الإعاقة أثناء عمليات التوزيع أو الحركة داخل المدن او المعسكرات؟لا توجد لهم أولوية واضحة. في الازدحام يفقدون حصصهم، ويسقط البعض، ولا يستطيع الكثير منهم الوصول لنقاط التوزيع. أثناء التنقل بين المدن أو داخل المعسكر، غالباً ما يُتركون خلف الآخرين. فقدان الكراسي المتحركة يمثل مشكلة يومية.
هل توجد آليات للإبلاغ عن الانتهاكات؟ وهل هي فعّالة؟الآليات محدودة وغير مهيأة لذوي الإعاقة. حتى عندما تكون موجودة، النساء لا يبلغن إلا لمن يثقن به تماماً. السرية غير مضمونة، والمختصون بلغة الإشارة أو الإعاقات الذهنية قليلون جداً. القانون ينص على سرية التعامل، لكن التطبيق صعب في بيئة النزوح.
هل تستجيب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمات الدولية لاحتياجات ذوي الإعاقة بشكل كافٍ؟ (مصر وأوغندا)بعض المنظمات الشريكة (مثلا في مصر: TDH، أوبستيك، كاريتاس، وهنا: UNHCR، بيستيك) تقدم بعض الخدمات والمساعدات. هناك محاولات، لكن الاستجابة غير كافية، والتمويل أقل كثيراً من حجم الاحتياجات. الفجوات كبيرة في السبل التيسيرية، والحماية، والمعينات، والتعليم، والدعم النفسي. العيش اللائق، توفير لغة برايل، توفير التلفونات الناطقة.
هل يواجه اللاجئون ذوو الإعاقة صعوبات في الوصول للمستشفيات أو الوحدات الصحية؟نعم، قوائم الانتظار طويلة جداً، والإحالات تتأخر، ولا توجد أولوية لهم. بعض الحالات المعقدة تحتاج لمستشفيات كبيرة، لكنها تنتظر طويلاً قبل أن تحصل على فرصة العلاج.
أطفال ذوو إعاقة ماتوا جوعاً في مناطق الحصار
ما أكثر اللحظات أو المشاهد التي لا تزال عالقة في ذاكرتك من عملك الميداني؟فتاة كفيفة اغتُصبت وحملت، وصماء اعتدي عليها في دار إيواء، وأطفال ذوو إعاقة ماتوا جوعاً في مناطق الحصار، وأشخاص عالقون لم يتمكنوا من الخروج للوصول للغذاء والدواء.
هناك حالات كثيرة في مصر، وخاصة الآن في مناطق النزاع في دارفور، كثير من الناس تعرضوا للانتهاكات والاغتصابات والعنف الشديد، والإهمال، والتجويع.
مشاهد الأشخاص ذوي الإعاقة الذين تُركوا أثناء الهجوم، والأطفال الذين ماتوا بسبب الجوع، وكبار السن الذين فقدوا السمع والبصر وعاشوا بلا عائل.
هناك قضايا عديدة تمس حياة الأشخاص ذوي الإعاقة وتحتاج إلى اهتمام أكبر. وأتمنى، بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة وحملة الستة عشر يوماً، أن يلتفت الجميع لهذه الفئة ويمنحوها ما تستحقه من تركيز ورعاية، فمشاكلهم كثيرة وقصصهم مؤلمة ومتنوّعة، وما تم ذكره هنا لا يعدو أن يكون مجرد إضاءة على جزء بسيط من التحديات التي يواجهونها يومياً.
الوسومأوغندا السودان الفاشر القاهرة اللجوء النزوح حقوق ذوي الإعاقة حملة الـ16 يومًا لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي دارفور ذوو الإعاقة سعدية دهب مصر معسكر كرياندونقو