تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ذكرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية أن هذا الأسبوع شهد مع ساعة واحدة فقط خطابان رئيسيان ألقاهما اثنان من أقوى قادة العالم، من طرفين متقابلين من العالم، ويظهر الخطابان معًا النهجين المختلفين تمامًا اللذين تتبعهما قوى القرن الحادى والعشرين لتحقيق طموحاتها الوطنية.

وأضافت الوكالة الأمريكية، أنه بالنسبة للصين، كان ذلك نداءً للوحدة لتجاوز العقبات من خلال الابتكار و"الانفتاح" - وهى عبارة راسخة فى السياسة الصينية - لتحقيق النهضة الوطنية فى نهاية المطاف.

جاء ذلك على لسان رئيس مجلس الدولة الصيني؛ لى تشيانغ، فى بكين أثناء تقديمه تقرير العمل السنوى إلى المؤتمر الوطنى الشعبي، بحضور ما يقرب من 3000 ممثل من دولة يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة.

وبعد ساعة من ذلك، ألقى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب خطابًا أمام مجلسى الكونجرس الأمريكي، بحضور أكثر من ٥٠٠ مشرع يمثلون دولة يبلغ عدد سكانها 340 مليون نسمة؛ إذ تعهد بفرض رسوم جمركية على الواردات وهزيمة التضخم من أجل "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" ــ وهى عبارة لها صدى مماثل لدى كثيرين فى الولايات المتحدة.

وبمقارنة الخطابين، رأت "أسوشيتد برس" أنه من حيث الإعداد وأسلوب الكلام، كانت الخطب متباعدة للغاية. ومع ذلك، فقد اتسمت بنبرة متشابهة - نبرة رغبة فى العظمة فى وقتٍ تشهد فيه القوة العظمى الحاكمة وأكبر منافسيها تضاربًا متزايدًا فى مصالحهما. إن المسارات التى يختارها قادتهم سوف تشكل مستقبل البلدين - ومستقبل بقية العالم أيضًا.

الديمقراطية المنقسمة مقابل الوحدة الاستبدادية
وكان خطاب "لي" مُعدًّا سلفًا لجمهورٍ مُخلص، قرأ لمدة 55 دقيقة نسخةً مُختصرةً من تقريرٍ مُملٍّ ومُشيدٍ فى معظمه حول أداء الحكومة العام الماضى وخططها لعام 2025.

وألقى كلمته من على منصة قاعة الشعب الكبرى، وهى صرحٌ ضخمٌ أشبه بالمسرح، فى ميدان تيانانمن الشهير ببكين. جلس الزعيم الصينى الأعلى، شي جين بينج، على المنصة خلفه. وصفق آلاف المندوبين المصطفين أمامه بأدبٍ فى اللحظات المناسبة.

وأُلقى خطاب "ترامب"، الذى استغرق نحو ساعة وأربعين دقيقة، فى مبنى الكابيتول ذى القبة البيضاء فى الطرف الشرقى من ناشيونال مول، المزين بالمعالم الوطنية. وبحضور نائبه ورئيس مجلس النواب الجمهورى خلفه، ألقى "ترامب" خطابًا أطول وأكثر دراماتيكية أمام كونجرس منقسم يعكس انقسام أمة.

وصفق الجمهوريون وهتفوا بصوت عالٍ أحيانًا، أما الديمقراطيون، فجلسوا فى صمت تام، وهتفوا أحيانًا احتجاجًا. وطُرد أحدهم، وهو النائب آل غرين من تكساس، من القاعة فى وقت مبكر بعد أن نهض وقاطع الرئيس.

هذه اللحظات العفوية - وما يخفيها من مشاعر جياشة - نادرة فى الصين؛ فهى دولة ذات حزب واحد، والحزب الشيوعى لا يتسامح مع أى معارضة علنية. ويسعى جاهدًا لتقديم واجهة من الوحدة.

فى تصريحاته، أشاد "لي" بالوحدة وحثّ البلاد على "الالتفاف بشكل أوثق" حول قيادة شي.

وفى واشنطن، أعرب "ترامب" عن أسفه؛ لأنه "لا يوجد شيء على الإطلاق يمكننى قوله لإسعاد" الديمقراطيين "أو جعلهم يقفون أو يبتسمون أو يصفقون"، ووصف سلفه الديمقراطي؛ جو بايدن، بأنه "أسوأ رئيس فى التاريخ الأمريكي".

التعريفات الجمركية مقابل العولمة
وكان ترامب متفائلًا بشأن الاقتصاد، على غرار السياسيين الأمريكيين الذين يحشدون الدعم لسياساتهم. ووعد باتخاذ خطوات - بما فى ذلك خفض تكاليف الطاقة - لكبح جماح التضخم، الذى يُمثل مصدر قلق لكثير من الأمريكيين.

كما تعهد بفرض المزيد من الرسوم الجمركية على الواردات، وهى خطوة زعم أنها ستعزز الصناعات الأمريكية، لكنها تهدد بزعزعة النظام التجارى العالمى وإلحاق الضرر بالصين واقتصادها المعتمد على الصادرات.

وقال "ترامب": "المصانع تُفتتح فى كل مكان، وتُعقد صفقات لم نشهد مثلها من قبل، هذا مزيج من الفوز الانتخابى والرسوم الجمركية. إنها كلمة جميلة، أليس كذلك؟".

وعلى الرغم من أن الصين تشعر بقلق أكبر إزاء الانكماش من التضخم؛ إلا أن "لي" أقرّ بالتحديات الأخرى التى يواجهها الاقتصاد، وعلى رأسها انخفاض أسعار العقارات وتراجع الإنفاق الاستهلاكي. وأكد التزام بكين الراسخ بالانفتاح.

وقال "لي": "بغض النظر عن التغيرات فى البيئة الخارجية، يجب أن نحافظ على التزامنا الراسخ بالانفتاح. وسنواصل توسيع شبكتنا العالمية من مناطق التجارة الحرة عالية المستوى".

وفى بيان أشار بلا شك إلى الولايات المتحدة إلى حد كبير، حذر "شي" من أن "البيئة الخارجية المتزايدة التعقيد والخطورة قد تمارس تأثيرًا أكبر على الصين فى مجالات مثل التجارة والعلوم والتكنولوجيا".

الانسحاب من اتفاقية المناخ مقابل التحول الأخضر
روّج ترامب لانسحابه من اتفاقية باريس للمناخ، ووصف سياسته فى مجال الطاقة بـ"الحفر، يا صغيري، الحفر". وتباهى بإنهاء القيود البيئية التى فرضتها الإدارة السابقة، و"على نحو غير صحيح" قرارها المتعلق بالسيارات الكهربائية، "منقذًا عمال صناعة السيارات وشركاتنا من الدمار الاقتصادي".

على النقيض من ذلك، تُراهن بكين على اقتصاد أكثر خضرة؛ إذ صرّح "لي" بأن تسريع "التحول الأخضر" فى "جميع مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية" سيكون من أولوياتها. تمتلك الصين بالفعل أكبر صناعة سيارات كهربائية فى العالم. وفى تأكيدٍ على تعهدات شى السابقة".

قال "لي": "إن الصين ستعمل "بنشاط وحكمة" لتحقيق ذروة الكربون والحياد الكربون".

وشدد "لي" على أهمية الابتكار وتطوير اقتصاد التكنولوجيا فى الصين، بما فى ذلك الذكاء الاصطناعي. ويُخشى العديد من صناع القرار الأمريكيين من أن تُشكّل هذه الخطوة تحديًا لريادة أمريكا فى مجال التكنولوجيا، مع ما لذلك من آثار على التنافس الاقتصادى والعسكرى بينهما.

وأضافت "أسوشيتد برس" أن "ترامب" لم يتطرق إلى التكنولوجيا، باستثناء قوله: "إنها ستساعد فى بناء درع دفاعى صاروخى "قبة ذهبية" فوق الولايات المتحدة". وأعلن أن تركيزه كقائد أعلى للقوات المسلحة منصب على "بناء أقوى جيش فى المستقبل". وتابع: "إن أحد الإجراءات هو إحياء صناعة بناء السفن الأمريكية".

ولم يتطرق تقرير "لي" إلى الدفاع إلا بإيجاز، لكنه قال: "إن الصين "ستُسرّع تطوير قدرات قتالية جديدة".

ماجا فى مواجهة "التجديد" الصيني
وهناك شيء مشترك أيضًا وفقًا لـ"أسوشيتد برس"، فكلا البلدين يتوقان إلى العظمة مرة أخرى.

حيث هيمنت الولايات المتحدة، كقوة صاعدة ثم مهيمنة، على النصف الثانى من القرن العشرين وبداية القرن الحادى والعشرين. ولا يزال اقتصادها وجيشها الأقوى فى العالم.

مع بروز الصين كقوة صاعدة، تتعارض مصالحها بشكل متزايد وحتمى مع مصالح الأمريكيين وحلفائهم فى مجالات التجارة والتكنولوجيا وجزر المحيط الهادئ الشاسعة.

اليوم، ومن خلال سيطرة الصين على وسائل إعلامها المحلية، تُضخّم الصين الانقسامات الأمريكية وجرائمها العنيفة. الرسالة الموجهة إلى شعبها: إنها تُقدّم خيارًا أفضل لمستقبلهم من فوضى الديمقراطية.

لكن "ترامب" قدّم وجهة نظر مختلفة، فقد افتتح خطابه كما كرّس أجزاءً كبيرة من خطاب تنصيبه فى يناير الماضي: بإعلانه أن "زخم أمريكا قد عاد".

لقد صاغ "شي" ما يسمى بـ "الحلم الصيني"، والذى من خلاله سيتم تجديد شباب الأمة أو استعادتها إلى مكانة العظمة التى احتلتها فى القرون الماضية.

لا ترغب الصين بالضرورة فى أن تكون قائدةً بالمعنى الأمريكي، لكنها ترغب فى أن تُعتبر ندًا لها. وبشكلٍ ملموس، تريد الصين دورًا أكبر فى وضع قواعد نظامٍ عالميٍّ لطالما هيمنت عليه الولايات المتحدة.

ويبدو "ترامب" أكثر إصرارًا على تحرير الولايات المتحدة من القواعد العالمية؛ فإلى جانب اتفاقية باريس، انسحبت الولايات المتحدة من منظمات عالمية أخرى، منها منظمة الصحة العالمية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهى انسحابات اعتبرها إنجازًا فى خطابه.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ترامب شي جين بينج الكونجرس الولايات المتحدة الولایات المتحدة أسوشیتد برس

إقرأ أيضاً:

بالمنطقة وإسرائيل.. أمريكا تصدر توجيها لرعاياها و10 إجراءات تطلبها السفارة الأمريكية بالقدس

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، صباح الجمعة، بيانا لرعاياها في إسرائيل والمنطقة بشكل عام بعد ساعات على الضربة التي أعلنت إسرائيل توجيهها إلى أهداف داخل إيران.

وقالت الخارجية الأمريكية في تدوينة على صفحتها الرسمية بمنصة إكس (تويتر سابقا): "نظراً للتوتر الشديد في الشرق الأوسط، لا تزال البيئة الأمنية معقدة وقابلة للتغير بسرعة.. نذكّر المواطنين الأمريكيين في إسرائيل والمنطقة عموماً بضرورة توخي الحذر باستمرار، ونشجعهم على متابعة الأخبار للاطلاع على آخر المستجدات".

من جهتها قالت السفارة الأمريكية في إسرائيل في بيان على موقعها الرسمي: "احتمالية وقوع صواريخ أو هجمات: ينبغي على المواطنين الأمريكيين معرفة موقع أقرب ملجأ في حال صدور إنذار أحمر، لأن الحوادث الأمنية، بما في ذلك إطلاق قذائف الهاون والصواريخ والقذائف، واختراقات الطائرات بدون طيار، غالبًا ما تقع دون سابق إنذار. البيئة الأمنية معقدة وقابلة للتغير بسرعة".

وأضافت معددة "الإجراءات الواجب اتخاذها" كما يلي:

كن على دراية بمحيطك.تعرّف على موقع أقرب ملجأ أو أي ملجأ محصن آخر، حمّل تطبيق "الإنذار الأحمر" التابع لقيادة الجبهة الداخلية أو تطبيقات مماثلة للأجهزة المحمولة (متوفر على الأجهزة داخل إسرائيل) لتلقي تنبيهات فورية بشأن الهجمات الصاروخية واختراقات الطائرات بدون طيار المسلحة.تجنب جميع المظاهرات والتجمعات الكبيرة.تجنب جميع المناطق التي تشهد تواجدًا أمنيًا مكثفًا.راقب وسائل الإعلام المحلية.اتّبع تعليمات السلطات المحلية.اتصل بشركة الطيران الخاصة بك مباشرةً للحصول على تفاصيل تغيير الرحلة في حال تأثرت رحلتك.توخَّ الحذر وابقَ متيقظًا في المواقع المرتبطة علنًا بالولايات المتحدة.ابتعد عن الأضواء.سجّل في برنامج التسجيل الذكي للمسافر (STEP) التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، يمنحك التسجيل في STEP آخر التحديثات الأمنية، ويُسهّل على سفارة الولايات المتحدة التواصل معك في حالات الطوارئ.

مقالات مشابهة

  • ترامب: الولايات المتحدة سترد بقوة غير مسبوقة على أي اعتداء إيراني
  • وزير الرياضة يشهد المباراة الافتتاحية لبطولة كأس العالم للأندية 2025 في الولايات المتحدة الأمريكية
  • الصين تكشف حدود القوة الأمريكية.. كيف قلبت حرب ترامب التجارية الطاولة على واشنطن؟
  • ولي العهد يجري اتصالًا هاتفيًا برئيس الولايات المتحدة الأمريكية
  • سمو ولي العهد يجري اتصالًا هاتفيًا برئيس الولايات المتحدة الأمريكية
  • ترامب يؤكد وقوف الولايات المتحدة بجانب إسرائيل في عدوانها على إيران
  • بالمنطقة وإسرائيل.. أمريكا تصدر توجيها لرعاياها و10 إجراءات تطلبها السفارة الأمريكية بالقدس
  • الصين تؤكد التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة
  • رئيس الولايات المتحدة الأمريكية سيحضر مواجهة الاهلي وانتر ميامي
  • الولايات المشتعلة.. هل يقود قرار ترامب بطرد المهاجرين أمريكا نحو المجهول؟