سوريا تقر إعلانا دستوريا لإدارة مرحلة انتقالية من خمس سنوات
تاريخ النشر: 14th, March 2025 GMT
أقرت السلطات السورية، الخميس، إعلانا دستوريا للمرحلة الانتقالية، يحدد مدتها بخمس سنوات يتولى خلالها الرئيس الانتقالي السلطة التنفيذية في البلاد، بعد ثلاثة أشهر من الإطاحة بالرئيس بشار الأسد .
وجاء توقيع الإعلان بعد أيام من أعمال عنف دامية في منطقة الساحل أوقعت 1476 قتيلا وفق آخر حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبعيد توليه السلطة في دمشق عقب الإطاحة بالأسد أواخر العام الماضي، أعلن الشرع عن سلسلة خطوات لإدارة المرحلة الانتقالية، من أبرزها « إعلان دستوري » وحل مجلس الشعب وتشكيل حكومة انتقالية كان يفترض أن تبصر النور مطلع مارس، بعدما تولت حكومة مؤقتة تسيير شؤون البلاد منذ ثلاثة أشهر.
وقال الشرع، الخميس، بعد توقيعه مسودة الإعلان الدستوري في القصر الرئاسي « هذا تاريخ جديد لسوريا، نستبدل فيه الظلم بالعدل »، آملا في أن يكون « فاتحة خير للأمة السورية على طريق البناء والتطور ».
وبعد يومين من توقيعها اتفاقا مع الشرع يقضي بدمج مؤسساتها المدنية والعسكرية في إطار مؤسسات الدولة، انتقدت الإدارة الذاتية الكردية الإعلان الدستوري، معتبرة أنه « يفتقر لمقاييس التنوع الوطني السوري، ويخلو من حالة المشاركة الفعلية لمكونات سوريا الوطنية ».
ورأت أن الإعلان الدستوري يعبر عن « العقلية الفردية والتي تعد امتدادا للحالة السابقة التي تواجدت في سوريا وانتفض الشعب ضدها »، مشيرة إلى « بنود ونمط تقليدي يتشابه مع المعايير والمقاييس المتبعة من قبل حكومة البعث »، الحزب الذي حكم البلاد لعقود.
ولم يدع الأكراد إلى مؤتمر الحوار الوطني، ولم يمثلوا في لجنة صياغة الدستور التي تم تكليفها، قبل التوصل إلى اتفاق مع دمشق.
وتتوزع بنود الإعلان المؤلف من 53 مادة على أربعة أبواب. ونص على مبادئ عدة من أبرزها « الفصل » بين السلطات، في بلاد شهدت اختزال موقع الرئاسة لمجمل الصلاحيات خلال العهود السابقة، والتشديد على جملة من الحقوق والحريات الأساسية، بينها حرية الرأي والتعبير وحق المرأة في المشاركة.
وتلا عضو لجنة صياغة الإعلان عبد الحميد العواك أبرز بنود المسودة خلال مؤتمر صحافي في القصر الرئاسي، قبل المصادقة عليها من الشرع.
وحدد الإعلان « المرحلة الانتقالية بخمس سنوات »، على أن يتم « إحداث هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية » بهدف « تحديد سبل المساءلة والحق في معرفة الحقيقة وإنصاف الضحايا والناجين » في النزاع المدمر الذي اندلع عام 2011.
وفي ما يتعلق بعمل السلطات، قال العواك « لأن مبدأ الفصل ما بين السلطات كان غائبا عن النظم السياسية، تعمدنا اللجوء إلى الفصل المطلق بين السلطات » بعدما عانى السوريون « سابقا من تغول رئيس الجمهورية على باقي السلطات ».
ويعود للرئيس الانتقالي « تعيين ثلث » أعضاء مجلس الشعب، الذي حددت ولايته بثلاثين شهرا قابلة للتجديد.
وبحسب نص الإعلان الدستوري الذي وزعته الرئاسة لاحقا، يتولى مجلس الشعب السلطة التشريعية حتى « اعتماد دستور دائم وإجراء انتخابات تشريعية جديدة وفقا له ».
وقال العواك إنه ستشكل في المرحلة المقبلة هيئة عليا للانتخابات ستتولى الإشراف على انتخابات اختيار أعضاء ثلثي مجلس الشعب.
ويتولى رئيس الجمهورية والوزراء السلطة التنفيذية، في خطوة قال العواك إنها تشكل « خيارا مناسبا مبنيا على ضرورة سرعة التحرك لمواجهة أي صعاب أو أحداث في المرحلة الانتقالية ».
ومنح الإعلان الرئيس صلاحية استثنائية واحدة، وهي إعلان حالة الطوارئ.
وأكد « استقلالية » السلطة القضائية و »منع إنشاء المحاكم الاستثنائية » التي عانى منها السوريون كثيرا في الحقبات الماضية.
ويرد في الإعلان الدستوري أن « الفقه الإسلامي… المصدر الرئيس » للتشريع والإسلام دين رئيس الدولة. وأقر راية الاستقلال ذات النجوم الثلاث، والتي رفعها معارضو الأسد خلال الاحتجاجات، علما للبلاد.
وبحسب النص، « تجرم الدولة تمجيد نظام الأسد البائد ورموزه، ويعد إنكار جرائمه أو الإشادة بها أو تبريرها أو التهوين منها جرائم يعاقب عليها القانون ».
كما نص الإعلان الدستوري، وفق العواك، « على مجموعة كبيرة من الحقوق والحريات منها حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة »، وحرية المعتقد، إضافة الى « حق » المرأة في التعليم والعمل، و »تكفل الدولة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمرأة ».
ويتضمن الإعلان الدستوري كذلك تجريم « دعوات التقسيم والانفصال وطلب التدخل الأجنبي أو الاستقواء بالخارج »، في حين تلتزم الدولة « بمكافحة جميع أنواع وأشكال التطرف العنيف ».
ويخصص الإعلان بندين مرتبطين بتداعيات النزاع. إذ تسعى الدولة « للتنسيق مع الدول والجهات ذات الصلة لدعم عملية إعادة الإعمار ». كما تعمل مع « الدول المنظمات الدولية ذات الصلة لتذليل عقبات العودة الطوعية للاجئين والنازحين » بعدما شردت الحرب أكثر من نصف عدد السكان.
ويصبح الإعلان الدستوري ساري المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية.
ولا يتيح الإعلان الدستوري، وفق ما قال العواك في مؤتمر صحافي عقده لاحقا، إمكانية عزل رئيس الجمهورية.
وقال ردا على سؤال صحافي « لا يستطيع رئيس الجمهورية أن يعزل نائبا، ولا مجلس الشعب يعزل الرئيس، لأنه نظام رئاسي، هكذا هو نظامه، ومطبق في أمريكا وفي تركيا والعديد من الدول ».
وأمل الموفد الدولي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن أن يشكل الإعلان الدستوري « إطارا قانونيا قويا لانتقال سياسي حقيقي وشامل »، معتبرا أن « التطبيق السليم يبقى الأمر الأساس ».
وأطاحت فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام التي تزعمها الشرع، بحكم الأسد مع دخولها دمشق في الثامن من كانون ديسمبر إثر هجوم بدأته من معقلها في شمال غرب البلاد في أواخر نوفمبر.
وأعلنت السلطات الجديدة حينها تعيين حكومة تصريف أعمال لمدة ثلاثة اشهر، أي حتى مطلع مارس، إلا أنه لم يصار بعد إلى تشكيل حكومة انتقالية.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان، الخميس، إن « الأمم المتحدة مستعدة للعمل جنبا إلى جنب مع الشعب السوري لدعم عملية انتقال سياسي تشمل الجميع وتضمن المحاسبة وتعزز التعافي على المستوى الوطني ».
وقال مع قرب إتمام النزاع عامه الرابع عشر « لا بد أن نضمن أن تخرج سوريا من ظلال الحرب نحو مستقبل يقوم على الكرامة وسيادة القانون، يصغى فيه إلى جميع الأصوات ولا يستثنى منه أحد ».
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: المرحلة الانتقالیة الإعلان الدستوری رئیس الجمهوریة مجلس الشعب
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تؤكد التزامها بالعمل لإنجاح الفترة الانتقالية في سوريا
أكد الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش"، التزام الأمم المتحدة الكامل بالعمل مع السوريين لإنجاح الفترة الانتقالية، مشيرا إلى أن التحديات كبيرة لكنها ليست مستعصية، وأن التغيير الحقيقي ممكن عندما يتم تمكين السوريين ودعمهم لقيادة الانتقال بأنفسهم.
ونقل مركز إعلام الأمم المتحدة عن الأمين العام إشارته إلى أن المجتمعات في مختلف أنحاء سوريا تعمل بفعالية على تشكيل المؤسسات والهياكل الحاكمة التي ستحدد مستقبلهم، وتواصل النساء السوريات قيادة المسيرة من أجل الحصول على حقوقهن وتحقيق العدالة والمساواة، وحيا "جوتيريش" صمود الشعب السوري وشجاعته، وقال "إن الشعب السوري لم يتوقف يوما عن التمسك بالأمل رغم ما تحمله من معاناة".
وقال "جوتيريش" إن ما ينتظر سوريا يتجاوز بكثير مجرد انتقال سياسي، فهو فرصة لإعادة بناء المجتمعات المدمرة ومداواة الانقسامات العميقة ولَبناء وطن يستطيع فيه كل سوري بصرف النظر عن العرق أو الدين أو الجنس أو الانتماء السياسي أن يعيش بأمن ومساواة وكرامة.
وبينما لا تزال الاحتياجات الإنسانية في سوريا هائلة، أشار الأمين العام إلى إحراز تقدم في استعادة الخدمات الأساسية وتوسيع نطاق الوصول الإنساني وخلق سبل لعودة اللاجئين والنازحين، كما تبذل جهود لإنشاء آليات للعدالة الانتقالية بينما سيسهم توسيع المشاركة المدنية في وضع أسس لسوريا شاملة للجميع وخاضعة للمساءلة.
ودعا "أنطونيو جوتيريش" المجتمع الدولي إلى ضرورة الوقوف بقوة خلف هذا الانتقال بقيادة وملكية سورية وذلك من خلال ضمان احترام سيادة سوريا وإزالة العوائق أمام إعادة الإعمار وتمويل النداءات الإنسانية وتعزيز التنمية الاقتصادية وضمان أن يحقق الانتقال فوائد ملموسة للسوريين على الأرض.
من جانبه، قال رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم الخطيرة في سوريا "روبرت بيتي"، إن الآلية كثفت خلال العام الماضي الجهود لحفظ المعلومات وتعزيزها وتحليلها، وهي معلومات أساسية للإجراءات الجارية والمستقبلية.. واصفا إنشاء اللجان الوطنية السورية للعدالة الانتقالية والمفقودين هذا العام بأنه تطور مهم وجدي يستحق الترحيب؛ "على الرغم من أن العديد من الأسئلة الحاسمة لا تزال قائمة حول شكل ونطاق العدالة الانتقالية في سوريا"، وأكد أن "الفرص المتاحة أمامنا اليوم لم تكن موجودة قبل عام، وتحويل هذه الفرص إلى نتائج ملموسة سيتطلب التزاما مستمرا وثابتا من جميع الفاعلين، السوريين والدوليين على حد سواء".
من جهتها، أشارت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، إلى عودة أكثر من 3 ملايين سوري إلى ديارهم حتى الآن.. ومن بين العائدين أكثر من 1.2 مليون سوري عادوا طواعية من الدول المجاورة، وأكثر من 1.9 مليون نازح داخلي عادوا إلى مناطقهم الأصلية منذ ديسمبر الماضي، وقد أعرب كثيرون آخرون عن رغبتهم في العودة، وفقا للمفوضية.
ووصف المفوض السامي لشؤون اللاجئين "فيليبو جراندي"، هذه العودة بأنها "فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في الجيل للمساعدة في إنهاء واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، ولكن بدون دعم عالمي عاجل، ستغلق نافذة الأمل هذه".
وقالت مفوضية اللاجئين إنها تعمل على تحسين الظروف للعائدين، بما في ذلك من خلال الدعم النقدي والنقل وإعادة تأهيل المنازل المتضررة وتوفير مواد الإغاثة، فضلا عن المساعدة القانونية والمساعدة في تلبية احتياجات التوثيق المدني.