أكد الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية، ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الشريعة الإسلامية ليست غائبة عن واقع المجتمعات الإسلامية كما يزعم البعض، بل تُطبق بأشكال متعددة في مختلف مناحي الحياة، موضحًا أن الادعاء بعدم تطبيق الشريعة هو مغالطة كبرى تستغلها الجماعات المتطرفة لترويج أفكار مضللة تؤدي إلى التشدد والتكفير.

وأوضح، في حديثه الرمضاني الذي بُث على قناتي DMC والناس الفضائيتين، أن بعض الأصوات تظهر من حين لآخر تزعم أن الشريعة غير مطبقة، وأن المجتمعات الإسلامية تعيش في جاهلية، داعين إلى «إقامة الشريعة» وفق تصوراتهم، دون وعي بحقيقتها ومقاصدها.

وقال مفتي الجمهورية: «قبل الحديث عن مدى تطبيق الشريعة، علينا أن نفهم أولًا ما المقصود بالشريعة الإسلامية، فهي ليست حدودًا فقط، بل هي نظام شامل ينظم حياة الإنسان في العبادات والمعاملات والأخلاق والعلاقات الاجتماعية والنظم الاقتصادية والسياسية وغيرها، وغايتها تحقيق العدل والمصلحة، كما يقول الإمام ابن القيم: الشريعة مبناها على الحكم ومصالح العباد، وهي عدل ورحمة ومصالح كلها».

وأشار إلى أن الشريعة تطبق في المجتمعات الإسلامية بأشكال كثيرة، منها ما هو ظاهر للعيان، كإقامة الصلوات في المساجد، والأذان، وصيام رمضان، وإخراج الزكاة، وأداء الحج. كما تُطبق الشريعة في الأحوال الشخصية، حيث تُستمد أحكام الزواج والطلاق والميراث من الفقه الإسلامي، وتُنفذ في المحاكم. إضافة إلى أن القوانين في الدول الإسلامية ترتكز على مبادئ الشريعة، لا سيما في المجالات التي تمس الأسرة والحقوق العامة وتحقيق العدالة.

وبيّن أن القول بعدم تطبيق الشريعة لمجرد عدم تنفيذ بعض الحدود الجنائية هو اختزال قاصر، فحتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لم تكن الحدود تُطبق إلا في أضيق الحدود ومع توفر الشروط الصارمة، وكان النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم يدرأ الحدود بالشبهات، ما يدل على أن الغاية الكبرى هي تحقيق مقاصد الشريعة، لا مجرد تنفيذ العقوبات.

وأكد فضيلته أن هناك فئتين دأبتا على الخلط بين الشريعة وتطبيقها: فئة المتشددين الذين يختزلون الشريعة في العقوبات، وفئة المستغربين الذين يرفضون الشريعة بحجة عدم مواكبتها للعصر الحديث، وكل منهما بعيد عن الفهم الصحيح. فالشريعة الإسلامية مرنة، وقابلة للاجتهاد والتجديد، وتراعي متغيرات الزمان والمكان، شريطة الحفاظ على مقاصدها.

ولفت مفتي الجمهورية الانتباه إلى أن تعزيز تطبيق الشريعة يتم من خلال أمرين أساسيين، أولهما: نشر الوعي الصحيح بمفهوم الشريعة وأنها منظومة متكاملة تشمل الدين والحياة، وثانيهما: دعم الاجتهاد الفقهي المعاصر القادر على تنزيل الأحكام الشرعية بما يحقق المصلحة الحقيقية للناس.

وختم بقوله: «إن ما يزعمه المتطرفون من أن الشريعة معطّلة هو خطاب مضلل لا يمت لحقيقة الإسلام بصلة، فالإسلام دين رحمة، والشريعة جاءت لتحقيق الخير للناس كافة، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يعقلون دينهم فهمًا صحيحًا، وأن يرزقنا نور البصيرة، وأن يجعلنا من الدعاة إلى الحق والخير».

اقرأ أيضاً«المفتي»: الشريعة مطبقة بمفاهيمها الشاملة وليست مقتصرة على الحدود فقط

هل لشفاعة النبي حدود؟.. المفتي يوضح «فيديو»

المفتي يشرح حديث النبي «لا إيمان لمن لا أمانة له».. فيديو

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الاجتهاد الفقهي الجماعات المتطرفة الشريعة الإسلامية الفقه الإسلامي الفهم الصحيح للإسلام تطبيق الشريعة مفتي الجمهورية مقاصد الشريعة نظير عياد الشریعة الإسلامیة تطبیق الشریعة أن الشریعة

إقرأ أيضاً:

إحالة المتهم بالاعتداء على الطفلة سجدة بالمنوفية إلى المفتي

قررت محكمة جنايات شبين الكوم، والمنعقدة بمجمع محاكم وادي النطرون، إحالة أوراق المتهم بالاعتداء الجنسي على الطفلة «سجدة» داخل أحد المخابز بقرية كفر داود بمركز السادات بمحافظة المنوفية، إلى فضيلة المفتي، لأخذ الرأي الشرعي في إعدامه.

وجاء قرار المحكمة خلال جلسة اليوم، في أعقاب تداول القضية التي أثارت غضبًا واسعًا في الشارع المصري، والتي تعود وقائعها إلى استدراج المتهم -العشريني- للطفلة البالغة من العمر 4 سنوات أثناء ذهابها لشراء خبز، حيث احتجزها داخل المخبز وارتكب فعلته المشينة، ثم أطلق سراحها وهي في حالة صدمة، لتروي ما حدث لشقيقها دون أن تدرك طبيعة الجريمة.

وأكد الدكتور إبراهيم حمزة، محامي أسرة الطفلة، أن الحكم يُعد انتصارًا حقيقيًا للعدالة، وردًا رادعًا لكل من تسول له نفسه المساس ببراءة الأطفال، مشيرًا إلى أن أسرة المجني عليها تابعت مجريات المحاكمة بحالة من الألم والترقب، مطالبة بتوقيع أقصى عقوبة بحق الجاني.

وأوضح شهود العيان أن والدة الطفلة استغاثت بالجيران فور اكتشافها الحادث، وسرعان ما توافد الأهالي إلى المخبز، وتمكنوا من ضبط المتهم أثناء محاولته الهرب عبر سطح أحد المنازل المجاورة، قبل أن يُسلَّم لقوات الشرطة التي باشرت التحقيقات.

ووفقًا لما رواه خال الطفلة، فإن كاميرات المراقبة المحيطة بالمكان وثقت لحظة دخول «سجدة» إلى المخبز، وخروجها باكية، وهو ما عزز موقف النيابة في القضية، خاصة مع الفحص الطبي الذي أكد وجود آثار تعدٍ جسيم.

وكانت الطفلة قد نُقلت إلى مستشفى السادات المركزي لتلقي الرعاية الطبية اللازمة، وخضعت لعملية جراحية، بينما تولت جهات التحقيق فحص الواقعة، وأمرت بإحالة المتهم للمحاكمة الجنائية العاجلة

مقالات مشابهة

  • باحث سياسي: واشنطن لا تريد حربًا طويلة.. ووقف إطلاق النار رسالة تهدئة وليست نهاية المواجهة
  • المفتي: جامعة سنغافورة للدراسات الإسلامية نموذج ناجح في الجمع بين الأصالة والمعاصرة
  • 5 مكاسب لمن ينفذ وصية النبي بإطعام الطعام.. البحوث الإسلامية يوضحها
  • المفتي دريان بحث مع اللواء شقير في الأوضاع العامة
  • أستاذ علوم سياسية: الضربة الإيرانية للقاعدة الأمريكية لـ حفظ ماء الوجه وليست تصعيدًا
  • إحالة المتهم بالاعتداء على الطفلة سجدة بالمنوفية إلى المفتي
  • نظير عياد: الخطاب الإفتائي المعاصر يتطلب الوعي بالواقع والانضباط بالمنهج
  • أهمية وضع واقي الشمس للبشرة الدهنية.. حماية ضرورية وليست خيارًا
  • “أيوفي” تعقد جلسة استماع حول “متطلبات التدقيق لتقييم الالتزام بمبادئ الشريعة وأحكامها”
  • طارق فهمي: حرب وجود وليست حرب حدود بين إيران واسرائيل