ملامح الخطط الأمريكية الشيطانية للبنان
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
لم يعد العدوان الأمريكي على لبنان محل خلاف بعد كل الشواهد والأدلة اليقينية بتمويل أمريكا للكيان ودعمه سياسيًا وعسكريًا واستخباراتيًا، وكذلك بالوقوف في محل الخصم والحكم كمراقب لوقف إطلاق النار والتغاضي عن الخروقات “الإسرائيلية” واستمرار الاحتلال بالمخالفة للاتفاق وما يحمله ذلك من حرج للدولة اللبنانية ومن نذر انزلاقات جديدة للحرب مع إعلان المقاومة بأنها لن تصمت على الاحتلال وأنها فقط تترك المساحة والوقت للدولة للقيام بمسؤولياتها.
والهدف الأمريكي الاستراتيجي هو خلو لبنان من المقاومة وتدجين البلد في حظيرة التطبيع الإقليمي مع الكيان لاستغلال موارده وموقعه في خدمة المصالح الأمريكية بالمنطقة، وهذا الهدف له تكتيكات متعددة، أفصحت عن بعض من تفاصيلها مراكز الفكر الأمريكية وخاصة “معهد واشنطن للدراسات”، كما جاء تعيين الرئيس ترامب للسفير ميشيل عيسى سفيرًا أمريكيًا في لبنان ليرجح هذا التوجه الأمريكي وأن توصيات مراكز الفكر ليست مجرد توصيات، وإنما برنامج من المرجح أنه دخل مرحلة التنفيذ.
والمراقب لمراكز الفكر الأمريكية يعلم جيدًا أن إصداراتها ليست مجرد دراسات، وأن العاملين فيها من كتاب ومحللين ليسوا مجرد رجال فكر أو صحافة، وانما مديرو برامج استراتيجية وذوو مناصب سابقة في وزارات الخارجية ومبعوثون للشرق الأوسط ومسؤولون عن ملفات استراتيجية كبرى في مختلف الإدارات، وهو ما يعطي توصياتهم اهتمامًا كبيرًا ويتطلب الحيطة والاهتمام الشديد بكل حرف فيها، لأن التاريخ يقول، إن توصيات سابقة تم تطبيقها عمليًا وبنفس التفاصيل في منطقتنا.
ومحل الشاهد هنا، هو تقرير حديث صدر عن معهد واشنطن بعنوان” “ينبغي على ترامب أن يطمح إلى إنشاء “ريفييرا” في لبنان”، وهو تقرير مشترك لكل من “حنين غدار”، وهي كاتبة بـ”معهد واشنطن” ومن أصل لبناني ومعروفة بعدائها الشديد للمقاومة وخاصة حزب الله، وللباحث الصهيوني “زوهار بالتي”، والذي شغل سابقًا منصب رئيس مكتب السياسات والشؤون السياسية العسكرية في وزارة الحرب “الإسرائيلية”، وشملت مسؤولياته توجيه العلاقات الدفاعية والأمنية مع الدول الأجنبية.
ونظرًا، لأن صدور هذا التقرير ترافق مع تصريحات لافتة بخصوص لبنان وأيضاً تعيين لافت لسفير أمريكي في لبنان من أصل لبناني وعلى صلة وثيقة بعالم المال والأعمال والمصارف وعلى تماس مع التوصيات المقدمة في الخطة، فإنه ينبغي هنا التعاطي بجدية مع ملامح الخطة الأمريكية عبر تحليل التصريحات والتعيينات الأخيرة وربطها بالبنود الواردة في التقرير وذلك تالياً:
1 – جاء في التقرير فقرة لافتة تقول: (تملك الحكومة الجديدة فرصة تاريخية لم يشهدها لبنان منذ أكثر من أربعين عامًا، وهي إعادة الاندماج في المجتمع الدولي، واستعادة التواصل مع الدول العربية “السنية” الرائدة، وتعزيز العلاقات مع أوروبا، وربما حتى البدء في عملية الانضمام إلى اتفاقات “إبراهيم” مع “إسرائيل”. تُعد هذه فرصة استثنائية بكل ما تعنيه الكلمة، فإن كان هناك بلد واحد في الشرق الأوسط يُجيد تطوير “الريفييرا”، وبناء الفنادق، والاستمتاع بحياة كريمة، مع توفير فرصٍ استثماريةٍ ضخمة للمستثمرين الأجانب والمحليين، فهو بلا شك لبنان.”
وهنا، فإن هناك توجهاً لإعادة تشكيل هوية لبنان بوجه تطبيعي وضمه للدول (المعتدلة) وإعادة العجلة إلى الوراء لعام 1982، عندما كانت هناك خطة لعقد اتفاقية (سلام) بين لبنان و”إسرائيل” وأسفرت عن اتفاقية 17 ايار 1983، في قراءة أمريكية للحظة الراهنة بأن المقاومة ضعفت وأن الأرض مهيأة لعودة الزمن إلى الوراء.
ويعزز ذلك ما ورد من تصريحات لمستشار ترامب “مسعد بولس” الذي التقى مؤخراً مع “يوسي دغان”، رئيس مجلس السامرة الإقليمي المتطرف الذي يمثل 35 مستوطنة “إسرائيلية” غير قانونية بنيت على أراضٍ فلسطينية في انتهاك واضح للقانون الدولي، وأدلى بتصريحات مستفزة ولافتة، حيث زعم أن “السلام بين لبنان و”إسرائيل” بات قريبًا”!
وفي الشهر الماضي، زعم المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف أن لبنان وسورية يمكنهما “تطبيع العلاقات مع (إسرائيل) قريباً”.
كما ألمح وزير الخارجية “الإسرائيلي” يسرائيل كاتس إلى أن لبنان قد يحذو حذو المملكة العربية السعودية في تطبيع العلاقات.
2 – من ضمن توصيات التقرير بنود توصي بإلحاق الهزيمة السياسية بـ”حزب الله” وتجفيف منابع تمويله، و الضغط على الجيش اللبناني عبر آلية الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار. بصفتها رئيسةً لهذه الآلية، حيث يجب على واشنطن ممارسة الضغط على الجيش اللبناني لوقف تدفق الأموال إلى “حزب الله”، وذلك بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية وغيرها من كبار المانحين لجهود إعادة الإعمار.
وعندما نتأمل السياسات الراهنة وتلكؤ “إسرائيل” في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار والتواطؤ الأمريكي، فإننا نلمح ظلالاً للضغط على الدولة للدخول في مسار وقيعة مع المقاومة وإعادة فتنة نزع السلاح والدفع نحو عزلة وتهميش المقاومة وبيئتها.
3 – من ضمن التوصيات الخطيرة، توصية تتعلق بالضغط من أجل تعيين قائد جديد للقوات المسلحة اللبنانية يكون مسؤولًا عن التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار، ومنع إعادة تسليح “حزب الله”، والتنسيق مع السلطات الانتقالية الجديدة في سورية لضبط الحدود، وتنسيق المساعدات المالية مع المملكة العربية السعودية وقطر والجهات المانحة الأخرى، لضمان أن يكون الالتزام بشروط وقف إطلاق النار والإصلاحات الاقتصادية شرطًا أساسيًا لأي دعم لإعادة الإعمار.
وهو توجه خطير نلمح مع الأسف بوادر له مع التلكؤ في ملف إعادة الإعمار في الجنوب وتحركات مشبوهة على الحدود مع سورية ومحاولة إقحام اسم حزب الله في ما يحدث بالساحل السوري من أجل الضغط السياسي على المقاومة.
4 – هناك توصية مباشرة وصريحة بتعليق معاملات لبنان مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى حين تنفيذ إصلاحات اقتصادية وقانونية إضافية، ومراقبة عملية إعادة الإعمار النهائية عن كثب، واستبعاد “حزب الله” وشركائه المحليين من جميع مراحل العملية، مع استبعاد كامل لمجلس الجنوب اللبناني الذي لطالما استُخدم كأداة لتعزيز نفوذ الحزب، وفق تعبيرها.
وهذا الأمر نراه على علاقة بتعيين ميشيل عيسى رجل الأعمال والمصارف وصاحب العلاقات الدولية الكبرى وصاحب الأذرع الاقتصادية داخل لبنان بامتلاكه مؤسسة “ميشال عيسى للتنمية المحلية” في لبنان، وهي منظمة غير حكومية تعلن أن هدفها تعزيز التنمية المحلية وبناء القدرات من خلال تنفيذ برامج تنموية بالتعاون مع الجهات المعنية، ودعم المجتمع المدني والإدارات المحلية في لبنان.
وبالتالي فإن هذه المناصب التي تمتع بها ميشيل عيسى لها علاقة وطيدة بالتوصيات المقدمة لإدارة ترامب، من حيث علاقات إعادة الإعمار وتنسيق استثمارات “ريفييرا لبنان” والعلاقات المصرفية لحصار المقاومة.
وبالتالي فإن تضافر هذه التصريحات والممارسات يشي بخطة أمريكية واضحة لضم لبنان إلى قطار التطبيع عبر إغراءات وضغوط، ومن اللافت أن العديد من المنظرين والمنفذين لهذه الخطة هم من أصول لبنانية مثل حنين غدار الباحثة بمعهد واشنطن، والسفير الأمريكي ميشيل عيسى، ومستشار ترامب مسعد بولس، وغيرهم من خصوم المقاومة في الداخل، وهو أمر بلا شك ترصده المقاومة وتتعاطى معه بحكمة وبحذر وبمسؤولية وطنية وبصبر استراتيجي عبر عنه سماحة الأمين العام الشيخ نعيم قاسم عندما قال، إن المقاومة موجودة ومستمرة، وكل ما هنالك أنها تصبر وتضع الجميع أمام مسؤولياته وأنها محتفظة بثوابتها وبقوتها للتوقيت المناسب.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
فرنسا متخوفة من التهديد الإسرائيلي للبنان.. واجتماعات ثلاثية في باريس الاسبوع المقبل
الفترةَ الفاصلة عن نهاية السنة، وهو التاريخ الذي حدّده الجيش لانتهاء المرحلة الأولى من خطة حصرية السلاح والتي تشمل جنوب الليطاني، حافلة بالاجتماعات حول لبنان، مع توجّس كبير لما يمكن أن يحصل في العام الجديد في ضوء النيات الإسرائيلية المُبيّتة لتصعيد جديد.ومن المقرر أن يشهد الأسبوع المقبل نشاطاً دبلوماسياً – سياسياً – عسكرياً في باريس مع الزيارة التي يقوم بها قائد الجيش العماد رودولف هيكل للعاصمة الفرنسية للبحث في احتياجات الجيش، كما ستحضر المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس التي ستُجري محادثات مع المبعوث الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان العائد من بيروت ومع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط آن كلير لو جاندر بعد زيارتها إسرائيل ولبنان.
كما يزور باريس للمشاركة في المحادثات حول لبنان الأمير يزيد بن فرحان، وذلك بعد اتصال حصل قبل أيام بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، يُفترض أنه تناول ملف دعم الجيش اللبناني، خصوصاً أن باريس، وباقي العواصم، غير مقتنعة بحسب ما نقله موفدين غربيين إلى لبنان، بأن التصعيد الإسرائيلي تراجع لصالح المسار الدبلوماسي رغمَ ملاقاة بيروت الطلب الأميركي بإطلاق مفاوضات مدنية مع العدو، فضلاً عن توجّس جديد يتمثّل في الإخلال بالسلم الأهلي الداخلي، وفق ما اوردت صحيفة" الاخبار".
اضافت: قالت مصادر مطّلعة، في هذا السياق، إن الموقف الأميركي من الملف اللبناني غير مفهوم، ففي حين يؤكّد الموفدون في رسائلهم للمسؤولين اللبنانيين أن الولايات المتحدة تكبح جماح إسرائيل بعدم الذهاب إلى تصعيد كبير حالياً قبل توضيح مفاعيل مفاوضات «الميكانيزم» بمدنيين التي تجتمع مجدّداً في 19 الجاري بصيغتها «المُحدَّثة»، لكن ثمة ما يؤكّد وجود مخططات تجعل جبهة الجنوب قابلة للانفجار في أي لحظة، تدخل ضمنها المحاولات المستمرة للتخلص من قوات الطوارئ قبل انتهاء مدة وجودها، فإسرائيل لا تريد أي قوة في جنوب النهر، لا الجيش اللبناني ولا اليونيفل. وهي إلى جانب تحريضها على الجيش باتهامه بأنه ينسّق مع حزب الله، لا تتوقف محاولاتها عن استهداف عناصر اليونيفل، باعتراف الأخيرة.
وكتبت" النهار":خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل أيام قليلة، أثار معه موضوع عقد اجتماع لدعم الجيش اللبناني إضافة إلى الأوضاع في سوريا وغزة. وترى باريس أن التهديد الإسرائيلي للبنان ما زال قائماً بقوة رغم تعيين المفاوض المدني السفير السابق سيمون كرم في لجنة الميكانيزم، لذا تقوم باريس بجهود كبرى مع الإدارة الأميركية لإقناعها بالعمل على إقناع إسرائيل بضرورة عدم زعزعة استقرار لبنان، على غرار ما تعمل الإدارة الأميركية بمطالبة إسرائيل بعدم زعزعة استقرار سوريا. فواشنطن تبذل كل الجهود مع إسرائيل بالنسبة لاستقرار سوريا، فيما تمتنع عن الضغط على إسرائيل بالنسبة إلى لبنان بسبب "حزب الله". وتركزت جهود لودريان على إقناع الجانب اللبناني بتعزيز آلية وقف النار، على أن تتولى الميكانيزم التحقق من نزع سلاح "حزب الله" على الأرض وهي المهمة الفعلية للميكانيزم في رأي باريس. ونزع السلاح الحزب مطلوب ليس فقط في جنوب الليطاني، وإنما أيضاً في شمال الليطاني، وهذا الموضوع سيكون سبب جدل معقد وصعب داخل لبنان لكنه أساسي. وكانت مهمة لودريان أيضاً إقناع رئيس مجلس النواب نبيه بري بضرورة فك تعطيله للبرلمان.
وكتبت" الديار": فيما انتهت زيارة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان بتجديد المطالبة بالاسراع بالاصلاحات، وبوعد بتحريك جدي للمساعدات للجيش عبر مؤتمر الدعم المفترض العام المقبل، بعد تقييم فرنسي- سعودي ايجابي لعمل المؤسسة العسكرية جنوب الليطاني، في ظل رغبة بتعزيز قدراته لاستكمال عملية «حصر السلاح»، يصل رئيس الحكومة المصري مصطفى مدبولي الى بيروت مطلع الاسبوع المقبل، في محاولة جديدة لاستكشاف احتمالات استكمال الحراك الديبلوماسي المصري وتطويره كي يصبح مبادرة متكاملة يمكن طرحها على مختلف الاطراف.
وكتبت" البناء": توقفت أوساط سياسية عند الهجمة الدبلوماسية الأميركية الأوروبية العربية الكبيرة على لبنان وخلال فترة زمنية وجيزة، واللافت وفق ما تشير الأوساط هو زيارة السفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى إلى عين التينة للمرة الثانية خلال 24 ساعة ما يُنذر بأمر من اثنين إما أن هناك مسعى ما جدّي للحل استوجب الزيارة الثانية ويتطلب تبادل الرسائل بين الإدارة الأميركية والرئيس بري وإما لإبلاغ رسالة أميركية لبري تحمل تهديدات إسرائيلية بتصعيد كبير على لبنان مطلع الشهر المقبل إذا لم تلتزم الدولة بتطبيق حصرية السلاح على كامل الأراضي اللبنانية.
وتوقع مصدر نيابي أن يطول أمد التفاوض عبر الميكانيزم من دون التوصل إلى نتائج عملية لأن الإسرائيلي معروف بمراوغته بالتفاوض وغدره واستغلال الظروف لصالحه لا سيما أنّ أهدافه تتجاوز مسألة سلاح حزب الله إلى فرض مسار تفاوض مباشر وصولاً إلى التطبيع والتعاون الاقتصادي، كما بشر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو. وتوقع المصدر تصعيداً عسكرياً إسرائيلياً واسعاً لكن تحت سقف الحرب الواسعة بهدف فرض التفاوض تحت النار وانتزاع المكاسب من لبنان تدريجياً.
مواضيع ذات صلة القناة 12 الإسرائيلية: فرنسا تمنع 8 شركات إسرائيلية من المشاركة في معرض للأمن الأسبوع المقبل في باريس Lebanon 24 القناة 12 الإسرائيلية: فرنسا تمنع 8 شركات إسرائيلية من المشاركة في معرض للأمن الأسبوع المقبل في باريس