حمد الناصري

يقول الشاعر :

إذا أتتك مذمتي من ناقص// فهي الشهادة لي بأني كامل

خرجت علينا صُحف إسرائيلية مشهورة بإفتراءات وأكاذيب موجهة الى عُماننا الحبيبة في حملة شعواء غير مسبوقة، إذ نشرت صحيفة "ذا سايفر بريف" مقالا للكاتب الاسرائيلي آري هايستاين بتاريخ 13 مارس 2025، وآري هايستاين، مستشار لشركات إسرائيلية ناشئة ورئيس معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب.

الكاتب تطرق في مقاله إلى دور سلطنة عُمان كوسيط في حل الكثير من النزاعات في اليمن لأكثر من ثلاثة عقود، ابتداءًا من مرحلة توحيد شمال اليمن وجنوبه في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وقيام عُمان بالتعاون في ترسيم الحدود مع اليمن. وتساءل الكاتب- بخبث الصهاينة المعروف- ما إذا كانت عُمان في الواقع وسيطًا مُحايدًا؟ وما إذا كان دورها الحالي في الساحة اليمنية يُعزز الاستقرار الإقليمي؟

ذلك التساؤل الذي طرحه الكاتب يتناقض مع مقدمة مقاله وفيما ذكره عن سلطنة عُمان ودورها الإقليمي غير الخاضع لسياسة الكيل بمكيالين، لذا أقول إن عُمان استحقت دورها الإقليمي لكونها قوة توازن جيوسياسية في المنطقة بسبب موقعها الاستراتيجي ومواقفها المبدئية والثابتة، ولا يخفى على أحد أنّ ثوابت عُمان الخارجية قائمة على مبادئ لها قيم وجذور من التعايش السلمي الآمن، وحُسن الجوار، ومن تلك الثوابت أنّ ما جعل السلطنة تمتنع عن الاشتراك كطرف في الكثير من النزاعات، والتزمت جانب الحياد الإيجابي، وخصوصًا التحالف العسكري في اليمن في 2015؛ مما سجّل لها موقفًا تاريخيًا كبلد آمن يحب السلام للناس أجمعين، وعالجت بحكمة الأزمات الإقليمية وملفاتها الشائكة، وقادت مُصالحة سياسية في اليمن عجز عنها غيرها.

إنّ سلطنة عُمان كانت تنظر إلى اليمن السعيد على أنه عُمق تاريخي وثقافي فاعل للسلطنة وللأمة العربية، ورأتْ أنّ وقوفها الحيادي إلى جانب اليمن سيكون له الدور الفاعل في حل الأزمة اليمنية، وأن اليمن يجب أن يحظى بقيادة شرعية تُمثله، وأنّ أهل اليمن أولى بتسيير شؤونهم دون أي تدخل خارجي فيها، إلّا بالكلمة الصادقة، دفعًا لأي مسوغ قد تُخلفه النشاطات المُتشظية والحروب العبثية، التي ستشل سعيه لثراء وحدته، وتوقف عجلة تقدمه، وتمنعه من القيام بدوره التاريخي جنبًا إلى جنب مع دول مجلس التعاون الخليجي.

تحدث الكاتب أوري هايستاين، بقلق حول مساعي يمنية لبناء علاقات مع روسيا الاتحادية، رغم ما يحدث في أوكرانيا، وعجز الغرب الغرب بأجمعه عن إضعاف روسيا، الأمر الذي يشكل خطرًا على مصالح الغرب في الشرق الأوسط، خصوصًا إذا ما تمكنت روسيا من الحصول على موطأ قدم في تلك المنطقة الحيوية من العالم.

ويذكر الكاتب حول مفاجأة أشغلته بملامحها، عندما نجحت  سلطنة عُمان في التوسط وإطلاق سراح طاقم سفينة "جالاكسي ليدر"، مما يُعد نجاحًا مهمًا للدبلوماسية العُمانية، وبادرة من جماعة أنصار الله لتهدئة التصعيد. وليته قالها بقناعة، لكنه لم يتنازل عن خبثه رغم أن نجاح مساعي السلطنة لتحرير طاقم السفينة ساهم في تعزيز الأمن الإقليمي. ثم عاد وقد ناقض نفسه فقال "إن إطلاق سراح طاقم السفينة خطوة محسوبة لصالح الجماعة، وأن انطباع العواصم الغربية كان انطباعًا خاطئًا"؛ ذلك الانطباع لم يكن في محله؛ فاليمنيون كان لهم حوار مثمر، وتمكنوا من إبقاء باب الحوار مفتوحًا ومباشرًا لإبقاء فرص السلام قائمة.

وثمة أمر يدعو للريبة، أنه في خلال أسبوع واحد ظهرت مقالة تلو الأخرى تحمل كمية من الحقد الدفين لبلدنا ولأمتنا، وفيها من التشكيك الكثير في حسن نوايا السلطنة؛ حيث إن عُمان قدمت أقصى طاقاتها للجميع بلا مقابل ولعقود من الزمن فقط لغرض الاحتفاظ على التوازن ولنيل منافع الاستقرار.

ونشرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية في 18 مارس 2025، مقالا آخر للكاتب أمين إيكوب، عبَّر فيه عن حالة الاستياء والحقد  تجاه مواقف السلطنة الداعمة لأهلنا في فلسطين، وأعاد المشهد الذي قد سبقه به زميله في صحيفة "ذا سايفر بليف"، فقال في مقاله: "إن على الولايات الأمريكية المتحدة أن تدرك عاملًا  خطيرًا، وهو أن سلطنة عُمان التي تتمتع عاصمتها مسقط بسمعة الحياد والدبلوماسية، إلّا أن الواقع مغاير تمامًا لهذه الفكرة والأمر فيه خداع كثير".

ويعتقد الكاتب أن السلطنة تمارس أدوارًا كثيرة وأنها تخدع الغرب بمظهر الطرف المحايد.

وله ولأمثاله أقول إن المخادع والكاذب يظن أن كل الناس مثله وأن السلطنة لها تاريخ طويل في فض النزاعات والحياد الإيجابي ولطالما أثبتت أن مواقفها هي الأصح والأكثر صدقًا وموثوقية، وهي لا تطالب بمقابل لقاء مواقفها الرصينة والثابتة، ونحن في عُمان يزيدنا فخرًا أن تغضب إسرائيل ومن يساندها مَنَّا، ما دُمنا على الحق وعلى المبادئ.

إنّ سلطنة عُمان أعلنت في أكثر من ظرف وزمان، أن كل مساعيها كانت دومًا بوصفها طرفًا مُحايدًا، وأنّها ماضية في مساعيها على طريق السلام والحرية لكل الشعوب، على الرغم من محاولات بعض القوى الخارجية الكبرى لإفشال تلك المساعي، وأن قافلة عُمان ستسير بإذن الله وبحكمة قائدها المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- ولا يهمها صوت يعلو من هنا أو هناك.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

نقابة الإعلاميين تناقش تطوير الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي 

عقدت نقابة الإعلاميين اليوم، الاثنين، اجتماعًا جديدًا برئاسة النائب الدكتور طارق سعدة، نقيب الإعلاميين وعضو مجلس الشيوخ، وأدار الاجتماع الإعلامي محجوب سعدة، سكرتير عام النقابة، وذلك في إطار الخطة الشاملة للنقابة لتطوير الإعلام المصري.

نقابة الإعلاميين تُدشّن مركز قياسات الرأي العام نقابة الإعلاميين تعتمد لجان قيد وتصاريح جديدة

جاء الاجتماع لمتابعة محور تطوير الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي، ولبحث سبل التعامل مع هذا النمط الجديد من الإعلام بما يحقق أهدافه في إيصال الرسالة الإعلامية بشكل لحظي وسريع الانتشار، مع تعزيز القدرة التنافسية للإعلام المصري على المستويين المحلي والدولي.

حضر الاجتماع عدد من أساتذة الإعلام بالجامعات المصرية، وعدد من المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، والمتخصصين في مجالات الذكاء الاصطناعي والإعلام الرقمي، ومنهم: أ.د. أشرف جلال، عميد كلية الإعلام بجامعة السويس، وأ.د. إنجي لطفي،أستاذ مساعد بكلية الآداب جامعة حلوان، وأ.د. رحاب الداخلي، رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب بجامعة أسيوط، وأ.د. نهلة المدني، خبيرة إعلامية بالهيئة الوطنية للإعلام، وأ.د. رضا الكرداوي، والمهندسة أميرة أبو هيبة، من الهيئة الوطنية للإعلام، والأستاذة هدى عبد الغفار، بقطاع القنوات المتخصصة وبوابة ماسبيرو، والأستاذة حنان العمدة، بالتلفزيون المصري، والأستاذ علي محمد، من إذاعة صوت العرب، والمهندس محمد فراج، المتخصص في البرمجة.

وقد ناقش الحضور أهمية دراسة المردود الاقتصادي للإعلام الجديد، وكيفية تحقيق تمويل ذاتي مستدام يدعم هذا القطاع الحيوي ضمن إطار ما يُعرف باقتصاديات الإعلام الجديد، باعتبارها ركيزة أساسية لاستمرارية الإعلام وتطوير محتواه وزيادة تنافسيته.

وأكد النائب الدكتور طارق سعدة، خلال الاجتماع، ضرورة العمل وفق ضوابط المهنة الإعلامية وميثاق الشرف الإعلامي، والالتزام بأعلى معايير السلوك المهني، مع التركيز على صناعة محتوى رقمي مهني عالي الجودة يجمع بين الاحترافية والمردود الاقتصادي، تحقيقًا لمعادلة التطوير والتوازن التي تسعى النقابة إلى ترسيخها في منظومة الإعلام المصري.

واختُتم الاجتماع بالتأكيد على أن محور الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي يُعد من المحاور الرئيسة في خطة النقابة الشاملة لتطوير الإعلام، والتي سيتم رفع توصياتها إلى الجهات المعنية تنفيذًا لتوجيهات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن تطوير منظومة الإعلام المصري، في ضوء قرار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بتشكيل لجنة لتطوير الإعلام تضم نخبة من الخبراء والأكاديميين والشباب من مختلف مجالات الإعلام والصحافة والشخصيات العامة المهتمة بالشأن الإعلامي.

 

مقالات مشابهة

  • الكاتب والإعلامي “طلال قستي” يثري المكتبة السعودية بـ”نبض الأيام”
  • سلطنة عُمان تشارك في التمرين الإقليمي أمواج المحيط الهندي 2025
  • سلطنة عُمان تشارك في التمرين الإقليمي "أمواج المحيط الهندي 2025"
  • محمد الملا: مؤسسة دبي للإعلام تحلق في فضاءات إعلامية عالمية
  • الكاتب بوعلام صنصال المسجون في الجزائر يُنتخب عضوًا في الأكاديمية الملكية البلجيكية
  • المسلماني يوجّه الشكر لـ"ماسبيرو" على التغطية المميزة لقمة شرم الشيخ
  • موقع بريطاني: اليمن لاعب مؤثر اشترط وقف عملياته لالتزام الكيان الصهيوني بوقف النار
  • نقابة الإعلاميين تناقش تطوير الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي 
  • النظرة الاستعمارية.. من جوهر السياسة إلى توماس براك؟
  • محافظ القليوبية يقود حملة إزالة إشغالات مفاجئة بمدخل بنها من ناحية الطريق الإقليمي