وسط مشهد سياسي وأمني مضطرب، برز أنس خطاب بين الشخصيات المؤثرة في الحكومة السورية الجديدة، بعد أن تدرّج في العمل العسكري والاستخباراتي ليصل إلى منصب وزير الداخلية في التشكيلة المعلنة السبت.

رجل عُرف بعمله في الظلّ خلال سنوات الثورة على نظام بشار الأسد، لكنه اليوم في الواجهة، ليقود واحدة من أكثر الوزارات حساسية في سوريا ما بعد النظام البائد.

من مسؤول استخباراتي في هيئة تحرير الشام إلى رأس المؤسسة الأمنية للدولة الجديدة، يواجه خطاب تحديات كبرى، تتراوح بين إعادة بناء الأجهزة الأمنية، وفرض النظام والقانون، والتعامل مع فلول النظام السابق.

وبينما يتطلع السوريون إلى عهد جديد يقطع إرث القمع والبطش، يتعيّن على خطاب أن يثبت أن وزارة الداخلية يمكن أن تتحول من أداة ترهيب إلى ركيزة للأمن والعدالة.

وشهدت سوريا، مساء السبت، تشكيل أول حكومة رسمية في البلاد بعد الاعلان الدستوري الجديد والإطاحة بنظام بشار الأسد، حيث اختير أنس خطاب لمنصب وزير الداخلية بعد أن كان يشغل منصب رئيس الاستخبارات في الحكومة الانتقالية التي تشكلت أواخر 2024، عقب الإطاحة بنظام الأسد.

وجرى الاعلان عن التشكيلة ضمن مراسم رسمية جرت في قصر الشعب بدمشق، بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع، وفق مراسل الأناضول.

وضمت الحكومة 23 وزيرا، بينهم سيدة واحدة و5 منهم من الحكومة الانتقالية التي تشكلت في العاشر من ديسمبر/ كانون أول الماضي لتسيير أمور البلاد.

**مناصب قيادية

وُلد خطاب في مدينة جيرود بريف دمشق جنوبي البلاد عام 1987، وشغل منصب نائب القائد العام، ثم عضو مجلس الشورى ومسؤول الجهاز الأمني في هيئة تحرير الشام.

التحق خطاب بجامعة دمشق لدراسة هندسة العمارة، لكنه لم يكمل تعليمه إثر مغادرته إلى العراق في 2008.

عاد إلى سوريا للمشاركة مع الفصائل السورية المسلحة بعد اندلاع الثورة في مارس/ آذار 2011، وقمع نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد ضد المتظاهرين في عدة محافظات بالبلاد.

وأسّس خطاب جهاز استخبارات "هيئة تحرير الشام"، وجهاز الأمن العام التابع للهيئة في محافظة إدلب شمالي البلاد وأداره، وهو جهاز توسع نفوذه ليشمل أغلب المحافظات الخاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام".

وبعد سقوط نظام الأسد أعلنت القيادة العامة في حكومة تصريف الأعمال السورية تعيين خطاب يوم 26 ديسمبر/كانون الأول 2024 رئيسا لجهاز الاستخبارات العامة بالبلاد.

**تحديات صعبة

وتواجه وزارة الداخلية بقيادة خطاب مهمات صعبة، أبرزها إعادة تأهيل المؤسسة الأمنية التي كانت خاضعة لفكر نظام البعث البائد، وتمّ حلّها بشكل كامل بعد إسقاط نظام الأسد.

كما يُطلب من الوزارة الجديدة تقديم خدمات عاجلة للمؤسسات المدنية، لا سيما الشؤون المدنية التي ما تزال تعاني من تبعات الفساد الذي انتهجه نظام الأسد.

أما التحدي الثالث البارز الذي تواجهه وزارة خطاب، فهو ضبط الأمن وملاحقة فلول النظام البائد في عدة محافظات، بعد رفضهم الاندماج في الدولة الجديدة، وإصرارهم على حمل السلاح وبث الفوضى.

وفي كلمته بعد تكليفه بالوزارة، قال خطاب: "ارتبطت صورة وزارة الداخلية في عهد النظام البائد بالبطش والظلم والطغيان، وهذا ما أورثنا مهمة ثقيلة لتعديل هذا المفهوم"، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا".

وأضاف: "سنسعى لبناء مؤسسات أمنية نقية تحفظ كرامة السوريين وتعينهم على كسب أرزاقهم".

وأشار إلى أن الوزارة "ستعمل على إرساء مؤسسات أمنية يفتخر بها كل سوري شريف ويرسل أبناءه للعمل ضمن صفوفها".

وتعهد خطاب "بالعمل على تطوير عمل الشؤون المدنية من خلال تطوير عمل قاعدة البيانات المدنية، وتفعيل أنظمة الأتمتة والتحول الرقمي لضمان تقديم المزيد من الخدمات مع دقة في الأداء وسهولة في الوصول".

وخلال الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة، قال الشرع في كلمة: "في لحظة فارقة من تاريخ أمتنا تتطلب مننا التلاحم والوحدة أقف أمامكم اليوم متوجها إلى كل فرد منكم حاملا آمال كل واحد منكم ونحن نشهد ميلاد مرحلة جديدة".

وأضاف: "نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة".

وتابع: "هذه الحكومة ستسعى إلى فتح آفاق جديدة في التعليم والصحة، ولن نسمح للفساد بالتسلل إلى مؤسساتنا".

وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد أيام من السيطرة على مدن أخرى، لينتهي بذلك 61 عاما من حكم نظام حزب البعث الدموي و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

وأعلنت الإدارة السورية في 29 يناير/ كانون الثاني 2025 الشرع رئيسا للبلاد بالمرحلة الانتقالية، بجانب إلغاء العمل بالدستور، وحل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية، ومجلس الشعب (البرلمان)، وحزب البعث.

وفي 13 مارس الجاري، وقَّع الشرع إعلانا دستوريا يحدد المرحلة الانتقالية في البلاد بمدة خمس سنوات.

وقالت لجنة الخبراء المكلفة بصياغة الإعلان الدستوري في مؤتمر صحفي حينها، إنها اعتمدت في صياغة الإعلان الدستوري على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في فبراير/ شباط 

 

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: هیئة تحریر الشام نظام الأسد

إقرأ أيضاً:

محافظة حلب تطلق برنامج الحوار المجتمعي مع الحكومة السورية بلقاء مع وزارة الاقتصاد

حلب-سانا

أطلقت محافظة حلب اليوم، برنامج الحوار المجتمعي مع الحكومة السورية ضمن جلسة مفتوحة، حملت عنوان “يوم مع وزارة الاقتصاد والصناعة”، وذلك في قاعة اجتماعات مبنى المحافظة، بمشاركة عدد من ممثلي الفعاليات الصناعية والاقتصادية والتجارية في المدينة ومحيطها.

وزير الاقتصاد والصناعة السوري الدكتور نضال الشعار أوضح أنّ الوزارة تعمل على رصد الواقع الاقتصادي والاستثماري في حلب، من خلال إعداد قاعدة بيانات دقيقة حول منشآتها الصناعية، وتوزعها واحتياجاتها الخدمية من الطاقة والبنية التحتية والخدمات المساهمة في الإنتاج.

وأشار إلى أن من أبرز مخرجات اللقاء مع الفعاليات الاقتصادية والصناعية والتجارية ضرورة تشكيل لجنة مشتركة، تضم ممثلين عن محافظة حلب ووزارة الداخلية ووزارة الطاقة والجهات ذات الصلة لتسهيل ترخيص الشركات والمشاريع، بالإضافة إلى التحوّل الرقمي في التبادل المالي بين الجهات الحكومية والفعاليات التجارية.

ولفت الوزير الشعار إلى عمل الوزارة في اتجاهات متعددة، منها كبح جماح الفساد المتراكم على مدى عقود، جراء ممارسات النظام البائد، وتسهيل الإجراءات أمام المواطنين عبر التنسيق الفعال بين الوزارة والوزارات المعنية في قطاع الإنتاج والاستثمار والطاقة والأمن الداخلي.

محافظ حلب المهندس عزام الغريب أوضح أن هدف البرنامج تأمين بيئة حوارية بناءة بين مختلف الوزارات والمواطنين ضمن أجواء من الشفافية، وتوضيح القرارات، وتقديم الشرح اللازم حول آلية عمل كل وزارة من جهة، والاستماع لمشاكل وتطلعات المواطنين ضمن قطاعات عملهم ونشاطهم، وفتح المجال لتقديم المقترحات، وإمكانات تكامل الجهود بينهم وبين الجهات الحكومية.

من جهتهم، توجه الحضور بأسئلة واستفسارات حول الخطوات المقبلة التي ستتبعها الوزارة، بالإضافة إلى تقديم عرض بانورامي عن ظروف عملهم في قطاع الصناعة والاقتصاد، وما يعترضهم من صعوبات وتحديات وسبل تذليلها بالتعاون مع الوزارة والجهات الحكومية المعنية.

شارك في اللقاء بعض من مستشاري وزير الاقتصاد والصناعة، إلى جانب نواب ومستشاري محافظ حلب، إضافة الى عدد من المواطنين عبر توصيات تلقتها المحافظة من خلال الإنترنت وقدمت كورقة عمل للوزارة.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • تركة ثقيلة من الفساد والحرب.. هل تستطيع الحكومة السورية الجديدة النهوض بالاقتصاد؟
  •  الداخلية السورية: خلية تفجير كنيسة مار إلياس لا تمت بأي صلة لأي جهة دعوية
  • الحكومة اليمنية تطلق رسمياً نظام التأشيرة الإلكترونية بدعم أمريكي ودولي
  • سوريا.. القبض على لواء سابق في النظام المخلوع باللاذقية
  • معتقلو تنظيم الدولة.. عصي في دواليب الحكومة السورية
  • الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على 5 أشخاص مرتبطين ببشار الأسد
  • وزير الداخلية السيد أنس خطاب ورئيس جهاز الاستخبارات العامة السيد حسين السلامة، يعقدان جلسة طارئة، للوقوف على آخر مجريات التحقيقات المتعلقة بالتفجير الإرهابي الغادر، الذي وقع يوم أمس في كنيسة القديس مار الياس بدمشق.
  • وزارة الدفاع التركية: نتابع عن كثب عملية تسليم سد تشرين إلى الحكومة السورية
  • بقوة 214 حصانا.. الكشف عن نيسان LEAF الكهربائية الجديدة
  • محافظة حلب تطلق برنامج الحوار المجتمعي مع الحكومة السورية بلقاء مع وزارة الاقتصاد