مجلس الأمن يدعو لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الفاشر السودانية
تاريخ النشر: 14th, August 2025 GMT
دعا أعضاء مجلس الأمن الدولي قوات الدعم السريع إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى مدينة الفاشر، وعبروا عن قلقهم البالغ إزاء تجديد الهجوم على المدينة.
واستذكر الأعضاء القرار 2736 لعام 2024، الذي يطالب قوات الدعم السريع برفع الحصار عن الفاشر- عاصمة ولاية شمال دارفور- ويدعو إلى وقف فوري للقتال وتهدئة الأوضاع في المدينة وما حولها، حيث يُخشى انتشار المجاعة وانعدام الأمن الغذائي الشديد.
وأدان أعضاء مجلس الأمن الهجمات التي شنتها الأطراف في منطقة كردفان خلال الأسابيع الأخيرة، وأسفرت عن مقتل أعداد كبيرة من المدنيين.
كما أعربوا عن قلقهم العميق إزاء تأثير النزاع، بما في ذلك الهجمات على العمليات الإنسانية، وحثّوا الأطراف في السودان على السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، بما يتوافق مع أحكام القانون الدولي ذات الصلة.
ورفض أعضاء مجلس الأمن الإعلان عن إنشاء سلطة حكم موازية في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع، لافتين إلى قلقهم البالغ من تداعيات هذه الإجراءات التي تمثل "تهديدا مباشرا لسلامة أراضي السودان ووحدته، وتنذر بتفاقم الصراع الدائر وتفتيت البلاد، وتفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلا".
وأكد أعضاء مجلس الأمن التزامهم الراسخ بسيادة السودان واستقلاله ووحدته وسلامة أراضيه، مشددين على أن أي خطوات أحادية الجانب تقوض هذه المبادئ لا تهدد مستقبل السودان فحسب، بل تهدد أيضا السلام والاستقرار في المنطقة ككل.
وجددوا التأكيد على أن الأولوية تتمثل في استئناف الأطراف للمحادثات للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وتهيئة الظروف اللازمة لحل سياسي للصراع، بمشاركة جميع الأطراف السياسية والاجتماعية السودانية الفاعلة، لإعادة إرساء انتقال سياسي موثوق وشامل.
كما شددوا على أهمية الوصول إلى حكومة وطنية منتخبة ديمقراطيا، بعد فترة انتقالية بقيادة مدنية لتحقيق تطلعات الشعب السوداني في مستقبل سلمي ومستقر ومزدهر، بما يتوافق تماما مع مبادئ الملكية الوطنية.
إعلانوحث أعضاء مجلس الأمن جميع الدول الأعضاء على الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار، ودعم جهود تحقيق السلام الدائم.
وأكدوا دعمهم الكامل للمبعوث الشخصي للأمين العام رمطان لعمامرة وجهوده الرامية إلى استخدام مساعيه الحميدة مع الأطراف والمجتمع المدني، بما يؤدي إلى حل مستدام للصراع من خلال الحوار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات حريات أعضاء مجلس الأمن
إقرأ أيضاً:
الوجه الآخر لحرب السودان.. مرتزقة وراء البحار
هذه ليست المرة الأولى التي يظهر فيها مقاتلون أجانب في صفوف قوات الدعم السريع، فهذه الحرب المدمرة أكبر من أن يقودها فصيل تمرد على قيادة الجيش السوداني، فقضى على بنية الدولة السودانية الحديثة التي تجاوز عمرها مائة عام. ومع مرور الأيام، بدأت تتكشف المساهمة الفعلية لدول الجوار والإقليم في حرب السودان، منذ أن أطلق الدعم السريع الطلقة الأولى في الخامس عشر من نيسان/ أبريل 2023. ولم يعد خافيا على أحد مَن هم الذين يحاربون الجيش السوداني، ولصالح مَن يفعلون ذلك.
أخطأت قوات الدعم السريع ومن يخطط لها في تقدير تكلفة الحرب بشريا وماديا، إذ ظنت قيادتها أن الاستيلاء على السلطة لن يكلف سوى بضع ساعات من الزمن، مدعومة بتعزيزات عسكرية احتياطية دفعت بها قبل ساعات من انقلابها الفاشل من خارج الخرطوم، وتمكنت حينها من الانتشار مؤقتا وعزل مقرات الجيش السوداني عن بعضها البعض داخل الخرطوم.
في المقابل، كانت خطة الجيش السوداني طويلة الأمد، وتهدف إلى استنزاف قوات النخبة المزودة بالعتاد الكافي للسيطرة على كامل السودان، فهلك الصف الأول من هذه القوات، وفتحت أبواب الاستنفار على مصراعيها لتعويض الخسائر البشرية الجسيمة.
وبحسب هذه المعطيات، غادر نائب قائد الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، الخرطوم مبكرا لاستنفار الحواضن الاجتماعية في دارفور وكردفان، والاستعانة بمقاتلين أجانب من دول الجوار ومناطق التداخل القبلي مع السودان، مغريا إياهم بأن منازل مواطني الخرطوم المليئة بالذهب والأموال في انتظارهم. وقد استعان الدعم السريع بوحدات متخصصة في المدفعية من جنوب السودان، وقناصين من إثيوبيا، وطيارين لأغراض الإمداد اللوجستي من كينيا، وآلاف المقاتلين في القوات البرية من تشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا والنيجر؛ هلك معظمهم في معارك الخرطوم والجزيرة وسنار، بينما تراجع من تبقى منهم إلى دارفور للمشاركة في حصار الفاشر، التي تشهد أزمة إنسانية كارثية، حيث تمنع قوات الدعم السريع عن سكانها الطعام والدواء، رافضة كل المبادرات الإنسانية والقرارات الدولية لفك الحصار عنها.
وإذا وضعنا في الاعتبار دوافع هؤلاء المقاتلين العابرين للحدود، بجانب الارتزاق، فهناك دوافع قبلية وغيرها، لكن تدفق المرتزقة العابرين للبحار إلى السودان يكشف الوجه الآخر للحرب، إذ تُدار من قبل أطراف أكبر من تصورات قوة متمردة حديثة التكوين تخوض حربا لطمس معالم الدولة السودانية.
وعلى مدى العامين الماضيين، أثبتت تقارير ميدانية تورط مرتزقة كولومبيين في عمليات عسكرية داخل الخرطوم وخارجها، مما اضطر سفارتهم في القاهرة للاعتذار لوزارة الخارجية السودانية عن هذه التصرفات. كما شارك خبراء من أوكرانيا في تزويد وتدريب عناصر الدعم السريع على استخدام الطيران المسيَّر في هجمات انتحارية ضد منشآت مدنية وشبكات الكهرباء. إلى جانب ذلك، شارك مقاتلون من مجموعة "فاغنر" الروسية في مهام قتالية وحماية شخصيات وقيادات بارزة في قوات الدعم السريع متعددة الجنسيات.
وقد انخرط جميع هؤلاء في حرب لا دوافع لهم فيها سوى جلب المال والغنائم، ومن أجل ذلك مارسوا جرائم منظمة تمثلت في نهب البنوك والأسواق والممتلكات الخاصة والعامة، وتدمير الجامعات والمؤسسات التعليمية، وكل ما يتعلق بطمس الهوية السودانية، إضافة إلى القتل الجماعي والتعذيب والاغتصاب وانتهاكات ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي الإنساني.
وكشفت معارك الفاشر الأخيرة عن مشاركة مرتزقة كولومبيين في حصار المدينة واستهداف المدنيين بالقصف المدفعي، وتدريب مقاتلين، بينهم أطفال، على حرب المدن، إضافة إلى إدارتهم للعمليات الجوية في مطار نيالا، الذي تستخدمه قوات الدعم السريع كقاعدة عسكرية للإمداد العسكري وإجلاء الجرحى إلى خارج السودان، وكمنفذ جوي لحكومته الافتراضية.
كما أظهرت الهجمات الأخيرة على مدينة الفاشر تحالفا جديدا بين مليشيات قبلية ومرتزقة من وراء البحار، يمارسون القتل خارج القانون والتهجير القسري لمواطنين عزّل، وسط تجاهل المجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكنا لفك الحصار عنهم، رغم أنهم ضحايا صراع دولي وإقليمي مستمر تجاوز مرحلة الخلاف الداخلي، وبات مهددا لأمن المنطقة بأكملها. ولا مبادرات جديدة بعد فشل الرباعية الدولية، سوى الزج بالمزيد من المرتزقة متعددي الجنسيات إلى السودان.
في المحصلة، بدأت معركة جديدة في سبيل مقاومة "الاستعمار الجديد" الذي أطل برأسه عبر مشروع رعاة الدعم السريع الرامي إلى تفتيت السودان. وقد عبّر عن ذلك اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي في أديس أبابا، الذي رفض التدخلات الخارجية في السودان، وأدان الحصار المفروض على الفاشر، والمحاولات المستميتة لتقسيم البلاد ووضعها تحت الوصاية الدولية والإقليمية.