تحل الخميس 14 آب/ أغسطس الجاري الذكرى الـ12 لمجزرتي "رابعة العدوية" و"النهضة" التي ارتكبتها قوات مشتركة من الجيش والشرطة في مثل هذا اليوم من عام 2013، بشرق وغرب العاصمة المصرية القاهرة، وراح ضحيتها مدنيون من أنصار الرئيس الراحل محمد مرسي، ليصبح اليوم الأدمى بتاريخ مصر الحديث.

وتبقى المجزرة حتى اليوم دون محاسبة لمرتكبيها أو تحقيق في وقائعها التي جرت وسط مباركة دول عربية وإقليمية وغربية ووسط صمت عالمي؛ ما دفع بحسب محللين إلى مواصلة سلطات رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، ارتكاب جرائم مماثلة بحق المصريين، وسمح لإسرائيل بارتكاب أبشع جرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.



وتتزامن ذكرى فض "رابعة" مع مرور 677 يوما على الحرب الدموية الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، التي خلفت أكثر من 61 ألف شهيد، و154ألف مصاب، وآلاف المفقودين.

في 6.30 من صباح الأربعاء 14 آب/ أغسطس 2013، بدأت قوات الجيش والشرطة المصرية عملية عسكرية لفض اعتصام رابعة العدوية، المؤيد للرئيس الشرعي الراحل محمد مرسي، مستخدمة القوة المفرطة والأسلحة النارية والغاز المسيل للدموع.





وقدرت الحكومة أعداد الضحايا بـ632 مصريا، لكن منظمة "هيومن رايتس ووتش" قدرتهم بين 817 و1000 مدني، واصفة الفض بالـ"مذبحة"، لتصمه "هيومن رايتس ووتش" بـ"جريمة ضد الإنسانية"، وتعتبره "منظمة العفو الدولية" "من أسوأ وقائع قتل المتظاهرين بتاريخ مصر الحديث"، وتصفه إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالـ"مجزرة".

في المقابل يؤكد حقوقيون وصحفيون مصريون وجماعة الإخوان المسلمين أن أعداد من سقطوا يوم "رابعة العدوية" أكثر بكثير من هذا العدد، ملمحين إلى أن مظاهرات غضب واسعة رفضا للمجزرة اجتاحت محافظات مصر، قابلتها قوات الأمن بالعنف، ما فاقم أعداد الضحايا والجرحى.

وفي هذا الجانب، قال الصحفي المصري الفلسطيني أدهم حسانين: "علينا ألا ننسى أن هناك 28 مذبحة أخرى وقعت في ذات الفترة في مختلف محافظات مصر، وكانت أغلبها في محيط دواوين المحافظات".

وأشار في مقال له في "عربي21"، إلى أن "بعض الوثائق المسربة من أروقة الأمن الوطني تشير إلى أن عدد شهداء رابعة والنهضة قد بلغ 10.384 شهيدا، فضلا عن حالات دُفن أصحابها سرا، وجثث تحولت إلى رماد".



إلهام الدم يتعدى الحدود
اتبعت السلطات المصرية مجزرة "رابعة العدوية" و"النهضة"، رغم ما سبقهما من مذبحة "الحرس الجمهوري" وقتل 61 متظاهرا وإصابة المئات في 8 تموز/ يوليو 2013، ومجزرة "المنصة" 27 تموز/ يوليو 2013، التي راح ضحيتها 90 مدنيا، بعدة مذابح أخرى على طريقة "رابعة".

بعد يومين فقط من "رابعة"، ارتكبت السلطات مذبحة "رمسيس" 16 آب/ أغسطس 2013، لتقتل 100 متظاهر سلمي وتصيب المئات بالميدان الأشهر بقلب العاصمة، وتردي نحو 53 وتصيب أضعافهم في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2013، الأمر الذي تكرر في 25 كانون الثاني/ يناير 2014، بسقوط 64 مصريا، لتواصل السلطات الأمنية نهجها مع المعارضين والمعتقلين في السجون ومقرات الاحتجاز، حتى 2025.

ويرى محللون أن ما ارتكبته السلطات المصرية من إراقة دماء مصريين في "رابعة" وقبلها وبعدها كان ملهما لسلطات عربية أخرى لارتكاب مجازر وأحداث دامية بحق المدنيين.

وبعد أسبوع واحد من مجزرة "رابعة"، ارتكب رئيس النظام السوري بشار الأسد مجزرة "الغوطة الكيميائية" 21 آب/ أغسطس 2013، مستخدمة غاز "السارين"، لتودي بحياة 1400 سوري.

ويرون أن ردود الفعل الدولية المخيبة للآمال على مجزرة "رابعة"، دفعت الكيان الإسرائيلي المحتل ليمارس القتل بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، وغزة، بشكل خاص.

ليقتل عام 2014، أكثر من 2251 فلسطينيا، ويواصل جرائمه منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لأكثر من عام و10 شهور من قتل وتشريد وهدم للبيوت والمدارس وتجويع 2.3 مليون فلسطيني أغلبهم نساء وأطفال.

شاهدتي عيان: المشهد مفزع
" لا يغيب مشهد الفزع عن عقولنا ولم يعد هناك رجال خارج السجون والمنفى يمكنهم الحديث عن يوم الفض، إلا قليلا، فقط بقي زوجات وأبناء فاقمت جريمة الفض أعمارهم وشيبت قلوبهم قبل وجوههم"، وفق قول "أم سفيان"، و"أم أنس"، لـ"عربي21".

وتضيف الأولى، "شعرنا بأنها ليلة الفض، ومن أزواجنا وأهل قريتنا أكثر من 100 في الميدان، ولأنه كان معنا أطفال كان من المفترض أن نعود إلى بيوتنا بعد الفجر، لكن تأخرنا في التجمع لنفاجأ بحصار الأمن لمخرج الميدان من ناحية (المنصة)، لنعود إلى خيمتنا للبحث عن أزواجنا".

وتوضح أنه "لم يمر وقت طويل أقل من ساعة حتى سقط أول شهيد من قريتنا، ليحمله الشباب، إلى المستشفى الميداني، لنتوجه جميعنا خلفه، ومعنا أطفالنا وصوت ضرب النار يصعق الجميع، لنعلم بعدها بعدة إصابات لشباب القرية".

وتبين أنه "مع تزايد المخاوف على النساء والأبناء خرجنا من الاعتصام، وتركنا أزواجنا وشباب القرية الذي عادوا بشهيدين و4 مصابين، لكن نجاتهم من اعتقال ذلك اليوم خففت حدة الألم، لكنه جرى اعتقالهم لاحقا، وإلى اليوم".

"الجميع يدفع الثمن"
وتشير الثانية، إلى أنه "رغم أحزاننا عقب فض رابعة لم تمهلنا السلطات حتى دفن الشهداء، ومداواة الجرحى حتى راحت تعتقل الجميع، بمساعدة بلطجية ومنتفعين أبلغوا عن أماكن تواجد كل من دخل رابعة، ليتم اعتقاله"، ملمحة إلى اعتقال زوجها وابنها وشقيق زوجها.

وتوضح أن "كل المصريين لاحقا دفعوا ثمنا غاليا، وكثيرون رقصوا على أغنية تسلم الأيادي، وهم اليوم يعانون من الغلاء، والفقر، وفقدان حقوقهم، وعدم توفير فرص العمل والحياة الكريمة لأبنائهم، والخوف من البلطجية بكل مكان".




وترى المعارضة المصرية، أنه عقب فض "رابعة"، طالت المصريين خسائر كبيرة منها إنهاء المسار الديمقراطي الذي بدأ بعد ثورة 25 يناير 2011، وتجميد العمل بالدستور، وحل البرلمان المنتخب "مجلس الشورى"، وعودة "دولة القمع" والحكم الأمني، وعودة الحكم العسكري للبلاد.

وتؤكد على فقدان الحريات العامة، وعلى رأسها حرية التعبير عن الرأي، والتجمع، وتكوين الأحزاب السياسية، واعتقال عشرات الآلاف من المعارضين السياسيين والصحفيين والنشطاء، وتزايد الانتهاكات الحقوقية، مثل الاختفاء القسري، والتعذيب بالسجون، وإصدار أحكام بالإعدام في قضايا سياسية.

وذلك إلى جانب تدهور الأوضاع المعيشية واعتماد الاقتصاد على الاقتراض الخارجي والمشاريع الضخمة التي لا تعود بالنفع على المواطن العادي، مما أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه المصري، وارتفاع معدلات التضخم، وتزايد نسبة الفقراء وتآكل الطبقة المتوسطة.



موثقة بكامل أحداثها
وعن توثيق وقائع مجزرة رابعة، ومصير ما جرى توثيقه منها، قال القيادي في جماعة الإخوان المسلمين الدكتور أشرف عبدالغفار، إن "وقائع رابعة والنهضة لم ولن تُنسى؛ فهي أحداث وصفها يشيب له الولدان، وأعتقد أن الأمر محفور بقلوب كل من عاشها".

وأضاف لـ"عربي21": "قمنا بتوثيق الأحداث والصور وشهادات الوفاة وأسماء أغلب الشهداء والمصابين، ووقائع وأحداث بدء المجزرة من وقت الفض حتى نهاية اليوم كاملا".

وفي تقديره لحجم خسائر مصر والقضايا العربية منذ مجزرة رابعة، وكيف مهدت لمجازر أخرى وسط صمت عالمي، أكد عبدالغفار، أن "مصر فقدت مكانتها لأنها أضحت مرهونة بمذلة الفعل في رابعة والنهضة؛ لأن الغرب صمت وكأن شيئا لم يكن".

وأشار إلى أن "مصر فقدت مكانتها، والقضايا العربية تحولت فيها رابعة لمثال على تجاوز الحد في الإجرام"، ملمحا إلى أن "نتنياهو يقول عن أحداث غزة لقد حدث مثلها في رابعة، وبعد رابعة تجاوز بشار الأسد في حق شعبنا في سوريا".

وختم بالقول: "بعد أحداث رابعة والنهضة أصبحت سمة النظم؛ قتل الشعب العربي، بلا ثمن، وبلا استنكار، أو رفض".

توثيق حبيس التقارير
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد الباحث الحقوقي عبدالرحمن حمودة، أنه "بالفعل وثقت منظمات حقوقية دولية ومحلية أحداث مجزرة رابعة، وأبرزها (هيومن رايتس ووتش) في تقريرها الشهير (حسب الخطة) 12 آب/ أغسطس 2014، والذي وصف المجزرة بأنها جريمة ضد الإنسانية، مؤكدا أن قوات الأمن المصرية أطلقت النار عمدا على متظاهرين سلميين".

ولفت إلى توثيق "العفو الدولية، ومراكز بحثية، وشهادات شهود عيان وصحفيين دوليين وعرب، إضافة إلى آلاف الفيديوهات والصور"، مستدركا: "لكن رغم وفرة التوثيق، لم يُفتح أي تحقيق جاد، وظل كل ذلك حبيس التقارير".

وعن مصير ما جرى توثيقه، أكد حمودة، أنه "تم تجاهل الأدلة دوليا، بل وجرى تقنين القتل داخليا عبر تشريعات وقوانين تحصن القوات المسلحة وقادة الشرطة من المساءلة، فيما تعرض الناجون والناشطون الذين وثقوا الجرائم للملاحقة والاعتقال"، مبينا أن "التوثيق لم يذهب سدى، لكنه لم يُستخدم حتى الآن لتحقيق العدالة".

مجازر مُرحب بها دوليا
وتحدث عن خسائر مصر والقضايا العربية، موضحا أنه "داخليا؛ أُغلقت الحياة السياسية، وتم ترهيب المجتمع، وتكريس دولة الخوف، واعتقال عشرات الآلاف، وعربيا، المجزرة أعطت الضوء الأخضر لمجازر وانقلابات وقمع في ليبيا وسوريا واليمن والسودان"، مضيفا "في غزة، شجع الصمت على رابعة العالم على الصمت أمام مجازر الاحتلال، خصوصا في العدوان الأخير".

ويرى أن "صمت العالم على رابعة اعتُبر رسالة واضحة، بأنه يمكن للأنظمة أن تقتل دون عقاب طالما تحظى بدعم الغرب، أو تضمن الاستقرار، لذلك كانت مجزرة رابعة نقطة تحوّل أعادت تعريف العلاقة بين الشعوب والأنظمة، وشرّعت القمع كحل سياسي، وأدخلتنا عصر المجازر المُرحب بها دوليا".

دعوتان: للتظاهر والتوثيق
ودعت مؤسسة "Justice Matters Union Netherlands"، للوقوف أمام سفارة مصر في العاصمة الهولندية أمستردام السبت المقبل في الذكرى الـ12 لفض رابعة، وذلك وفق إعلان الكاتب الصحفي المصري الفلسطيني أدهم حسانين، الذي علق قائلا: "12 سنة من حكم العسكر، فلم يسلم من إيذائهم أحد سواء المصريين أو الفلسطينيين، فأوغلوا القتل في الأول، وشاركوا في حصار وقتل وتجويع الثاني".
ن

وطالب السياسي والبرلماني المصري السابق الدكتور محمد عماد الدين، بتوثيق وقائع مجزرة رابعة العدوية بعد مرور 12 عاما على أحداثها، وما تلاها من مجازر، وتحصينها من التزوير، مشيرا لما طال مصر والعالم الإسلامي وفلسطين، من خسائر، بعدها.

وقال إن مصر "انهارت اقتصاديا، واستسلمت سياسيا، وتحولت إلى تابع ذليل للكيان الصهيوني"، مضيفا: "والعالم الإسلامي يعيش حالة من التشتت والانقسام"، مشيرا إلى أنه "من رابعة إلى غزة، توحد الدم العربي المسلم في وجه الطغيان والصهيونية، وصارت غزة رمزا للمظلومية والبطولة، وأيقظت الشعوب من سباتها".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية رابعة المصرية السيسي مصر رابعة السيسي مذبحة رابعة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رابعة والنهضة رابعة العدویة مجزرة رابعة أکثر من إلى أن

إقرأ أيضاً:

تراجع 11 قطاعا.. مليار جنيه خسائر البورصة المصرية اليوم الأثنين

تراجعت مؤشرات البورصة المصرية في ختام تعاملات اليوم الإثنين، متأثرة بمبيعات العرب والأجانب، في حين اتجه المصريون للشراء. وسجلت قيمة التداول 5.1 مليار جنيه، وفقد رأس المال السوقي نحو مليار جنيه ليغلق عند 2.496 تريليون جنيه.

أداء المؤشرات:تباين أسواق المال العربية.. البورصة المصرية تقود الارتفاعاتالبورصة المصرية تنهي تعاملات يوليو على مكاسب قويةتحت ضغط المبيعات الأجنبية والعربية.. خسائر جماعية لمؤشرات البورصة المصريةالبورصة المصرية تطلق مؤشرا جديدا للأسهم منخفضة التقلبات السعرية EGX35-LV

إيجي إكس 30: تراجع 0.56% عند 35908 نقطة

إيجي إكس 30 محدد الأوزان: هبط 0.46% إلى 44104 نقطة

إيجي إكس 30 للعائد الكلي: انخفض 0.56% إلى 16137 نقطة

EGX35-LV: تراجع 0.4% إلى 3833 نقطة

إيجي إكس 70 متساوي الأوزان: هبط 0.5% إلى 10586 نقطة

إيجي إكس 100 متساوي الأوزان: انخفض 0.5% إلى 14258 نقطة

مؤشر الشريعة الإسلامية: تراجع 0.16% إلى 3644 نقطة


أداء القطاعات:

شهدت جلسة اليوم تراجع 11 قطاعًا بقيادة مواد البناء بنسبة 1.2%، تلتها الخدمات المالية غير المصرفية والسياحة والترفيه والخدمات التعليمية بنسبة 1%، ثم العقارات 0.8%، والتجارة والموزعون 0.7%. كما هبطت قطاعات المنسوجات والسلع المعمرة، والأغذية والمشروبات والتبغ، والبنوك، والطاقة والخدمات المساندة بنسبة 0.6%، فيما انخفض قطاع الموارد الأساسية بنسبة 0.4%.

في المقابل، ارتفعت 5 قطاعات، جاء في صدارتها الخدمات والمنتجات الصناعية والسيارات بنسبة 2.1%، يليه النقل والشحن 1.6%، والمقاولات والإنشاءات الهندسية 1.5%، ثم الرعاية الصحية والأدوية 0.9%، وأخيرًا الاتصالات والإعلام وتكنولوجيا المعلومات بنسبة 0.7%.

طباعة شارك مؤشرات البورصة المصرية إيجي إكس 30 إيجي إكس 30 للعائد الكلي

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يفصح عن إسرائيل الكبرى والعرب يردون على أحلامه التوسعية
  • مصدر مصري: وفد حماس التقى اليوم رئيس المخابرات العامة المصرية
  • ذكرى رابعة: لعنة الدم على النظام وحده أم على الأطياف السياسية المصرية أيضا؟
  • دماء على يد صاحب الفخامة
  • موعد مباريات اليوم بطولة كأس العالم لكرة اليد 19 عاماً
  • استقرار نسبي في أسعار الدولار اليوم الثلاثاء بالبنوك المصرية
  • اجتماعات الدورة الـ33 للجنة العليا الأردنية المصرية في عمّان تنطلق اليوم
  • تراجع 11 قطاعا.. مليار جنيه خسائر البورصة المصرية اليوم الأثنين
  • مصر والتشيك أبرزها.. تعرف على مباريات اليوم في الدور الرئيسي ببطولة العالم تحت 19 عاما