يقتلنا هذا العدو الإسرائيلي ـ نحن العرب الفلسطينيين ـ إن قاتلناه، وإن رفعنا الراية البيضاء، فالقتل سمة من سمات عدونا، إن صالحناه وإن ناصبناه العداء، ولا صحة للمنطق القائل: إن العدو الإسرائيلي سيواصل شن الغارات على أهل غزة حتى يسترجع أسراه، ولذلك فلا مناص لنا -نحن الفلسطينيين- إلا أن نعيد الأسرى الإسرائيليين لذويهم دون مقابل، ويكفي أن يتوقف القصف على أهل غزة، يكفي نوقف المقتلة، ونوقف دمار غزة، ونوقف الجوع والتشريد والنزوح، فهذا بحذ ذاته إنجاز عظيم، وإلا سنفقد آخر عامود باطون قائم فوق الأرض، وسنفقد آخر إنسان في غزة قد يصون العرض.
لأولئك الذين يقْصرون الصراع مع العدو الإسرائيلي على قضية الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى المقاومة في غزة، ويضيقون زمن الحرب على ما يجري على أرض غزة فقط، متجاهلين سنوات طويلة من الصراع والعذاب، أتساءل:
متى توقف عدونا الإسرائيلي عن قتلنا؟ متى راعى لنا حرمة؟ أو احتفظ لنا بكرامة؟ ونحن المطرودون من أرضنا في فلسطين نكبة 1948، ولما يزل يلاحقنا على ما تبقى لنا من ذاكرة على حدود أرضنا المغتصبة، عدونا يلاحقنا حتى في منامنا وصحونا، ويطاردنا في استقرارنا وشوقنا، لذلك ذبحنا قبل سنة 1956 في غزة أكثر من مرة، وانقض على المدنيين في أكثر من مجزرة، راح ضحيتها المئات من اللاجئين في مراكز توزيع الإغاثة في دير البلح وخان يونس، ويشهد على ذلك البطل المصري مصطفى حافظ، والبطل المصري أحمد عبد العزيز، ورفاقهم الفلسطينيون، الذين قتلهم الصهاينة غدراً، في ذلك الوقت الذي لم يكن لعدونا أي أسير في غزة.
العدو الإسرائيلي لم يترك الضفة الغربية بعد نكبة 1948 بحالها، فانقض عليها في مجزرة بلدة السموع، وغيرها من المجازر والتشريد كما حصل مع قريتي إقرت وكفر برعم، اللتان تشهدان حتى يومنا هذا على العدوان الإسرائيلي المتواصل دون وجود أسرى إسرائيليين في الضفة الغربية في ذلك الوقت، فالعدو ليس بحاجة إلى مبرر، حين يغرز سكينة في ظهر الضحية كما حدث في مذبحة كفر قاسم 1956، وذلك قبل أن يمارس أسس بقائه القائمة على احتلال الضفة الغربية وغزة بالكامل عشية هزيمة 1967، دون أن يكون للإسرائيليين أسير واحد لا في غزة ولا في الضفة الغربية.
وهل توقف العدو الإسرائيلي عن قتلنا بعد هزيمة 1967 في غزة والضفة الغربية وفي الأردن ولبنان وسوريا؟ وهل توقف العدو عن قتلنا خلال انتفاضة الحجارة 1987؟ وهل توقف عن قتلنا خلال انتفاضة الأقصى 2000؟ هل أغمد عدونا سيف الأحقاد، واحترم إنسانيتنا، وسجونه تطبق على أكثر من مئة ألف أسير، في الوقت الذي لم يكن لعدونا أسير واحد عندنا، فهل توقف عن قتلنا، وقتالنا، وتدمير بيوتنا، واعتقال نسائنا، وأطفالنا؟
ولما يزل عدونا الإسرائيلي يواصل عدوانه على مدن الضفة الغربية ومخيماتها رغم عدم وجود أي أسير إسرائيلي في الضفة الغربية، فلماذا لا يوقف العدوان على الضفة الغربية، وهل اقتصرت أهداف العدو في عدوانه على تحرير أسراه، والانكفاء بسلام خلف حدود غزة؟ وكلنا يعرف أن غزة قد سلمت له الأسير جلعاد شاليط في صفقة تبادل أسرى 2011، وكان الشرط أن يتوقف عن قتلنا طالما استرد أسيره، فهل توقف عن قتلنا، وذبحنا في غزة؟ وكم عدوان شنه العدو على أهل غزة منذ صفقة وفاء الأحرار حتى السابع من أكتوبر، موعد معركة طوفان الأقصى؟
عدونا يقتلنا إن احتفظنا بأسراه بيننا، وفاوضناه على صفقة تبادل أسرى، وسيقتلنا عدونا إن سالمناه وهادناه، وقدمنا له لحم أكتافنا طعاماً شهياً يضمن له الأمن، ويوفر له الأيدي العاملة الرخيصة، عدونا لا يريد أن يرانا على وجه الأرض، عدونا يريد التخلص منا نهائياً، ومسح القضية الفلسطينية من ذاكرة العالم، ولا يتحقق له ذلك بإغلاق مؤسسة الأونروا، ولا يتحقق له ذلك باسترداد أسراه، ولن يتحقق له ذلك من خلال وقف إطلاق النار، ولا من خلال التنسيق والتعاون الأمني، عدونا يسعى إلى السلام القائم على ذبح كل من يتمكن من ذبحه من العرب الفلسطينيين بصمتٍ، أو بصخبٍ من خلال تشريد كل من ظن أن رفع الأيدي عالياً، والتسليم بلا ثمن سيضمن له السلامة.
عدونا الإسرائيلي وحش في غابة كما تقول له كتبه المقدسة، وبأنيابه سينهش لحمنا، نحن الفرائس، وبمخالب يديه سيمزق وجودنا نحن العرب الفلسطينيين، وليس لنا والله إلا الصبر والصمود والمواجهة، وهذا واجبنا كشعب في غزة والضفة الغربية، ليبقى واجب الدفاع عن إنسانيتا، وحقنا في الحياة ملقى على عاتق قيادة منظمة التحرير الفلسطينية أولاً، وهي القيادة التي أغمضت عينها عن حرب الإبادة في غزة، وكأن أصول أهل غزة ترجع إلى عالمٍ آخر لا علاقة لهم بأرض فلسطين.
ويقع واجب الدفاع عن أهل غزة والضفة على عاتق الأنظمة العربية، وهي الأنظمة التي نفضت يدها من الأراضي العربية المحتلة، ونجا كل نظام بنفسه، ونأى بمصالحه عما يجري على أرض غزة، في جحود قومي ووطني وديني وإنساني غير مسبوق.
ويقع واجب الدفاع عن الإنسان العربي في غزة على عاتق سكان الكرة الأرضية، من مسلمين ومسيحيين، يرون بأم أعينهم المجازر والمذابح وحرب الإبادة الجماعية، ولا يحركون ساكناً، وكأن أهل غزة ليسوا من بني البشر، وكأنهم القوم الذي حلل رب يعقوب ذبحهم، وبالسكين الصهيونية الصدئة، المنزوعة من الأحقاد التاريخية.
*كاتب ومحلل سياسي فلسطيني
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الضفة الغربية : اعتقال 150 فلسطينيا خلال أسبوع
قال نادي الأسير الفلسطيني ، اليوم الاربعاء 11 يونيو 2025 ، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت نحو 150 مواطنا، بينهم أطفال ونساء وأسرى سابقون، منذ الأربعاء الماضي، وحتى اليوم.
وأضاف نادي الأسير في بيان صحفي، أن الاحتلال يواصل تصعيد عمليات الاعتقال في محافظات الضفة، التي تركزت في محافظات: الخليل، وجنين، و بيت لحم ، و نابلس التي شهدت يوم أمس اقتحاماً استمر لنحو 24 ساعة رافقه عمليات اعتقال وتحقيق ميداني واسعة، أُفرج عن أغلبيتهم لاحقاً.
وأوضح، أن عمليات الاعتقال هذه تتواصل مع استمرار حرب الإبادة الجماعية بحق شعبنا في غزة ، وقد رافق حملات الاعتقال المتصاعدة، عمليات إعدام ميدانية، وتدمير لعشرات المنازل تحديدا في محافظتي جنين وطولكرم اللتين تشهدان عدوانا واسعاً مستمراً منذ بداية العام الجاري، وإلى جانب هذا استمر الاحتلال في تصعيد عمليات التحقيق الميداني التي يرافقها عمليات تنكيل واعتداءات بالضرب المبرح، واعتقال المواطنين رهائن.
ومن الجدير ذكره أن عدد حالات الاعتقال في الضفة منذ بدء حرب الإبادة بلغ نحو (17500)، من بينها (545) حالة اعتقال بين صفوف النساء، ونحو (1400) حالة اعتقال بين صفوف الأطفال، علماً أن حالات الاعتقال تتضمن من اعتُقل وأبقى الاحتلال على اعتقاله ومن أفرج عنه لاحقاً، وهذا المعطى لا يشمل عدد حالات الاعتقال من غزة الذي يقدر بالآلاف.
ونوه نادي الأسير إلى أن عمليات الاعتقال هذه تأتي كعملية انتقامية تندرج في إطار جريمة (العقاب الجماعي)، إذ شكلت عمليات الاعتقال، ولا تزال، أبرز السياسات الثابتة والممنهجة التي يستخدمها الاحتلال، ليس فقط من حيث مستوى أعداد المعتقلين، وإنما من حيث مستوى الجرائم التي يرتكبها.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين تفاصيل جلسة مجلس الوزراء الفلسطيني الإسبوعية استشهاد شقيقان برصاص الجيش الإسرائيلي في نابلس ترامب يناقش مع فريقه الأمني مستقبل الاتفاق النووي ووقف النار في غزة الأكثر قراءة الاحتلال يستولي على 41 دونما من أراضي محافظة رام الله "اليونيسف": انهيار القطاع الصحي يهدد حياة الأطفال في غزة بشكل خطير تصاعد خطير في انتهاكات الاحتلال والمستوطنين بالقدس خلال مايو إصابة طفل برصاص الاحتلال خلال اقتحام حارة العرب في أريحا عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025