لجريدة عمان:
2025-06-26@18:45:39 GMT

الصعود إلى القمة في ربيع قرطبة

تاريخ النشر: 3rd, April 2025 GMT

الصعود إلى القمة في ربيع قرطبة

ما الذي كان في ذهن المخرج الكبير صلاح أبو هنود حين استل الجزء الثالث من ثلاثية الأندلس للكاتب الشاب وقتها د. وليد سيف؟ ما الذي كان هناك من سياق سياسي عربي؟

إنها منتصف الثمانينيات: بعض تحولات الحكم، ووصول شخصيات للحكم في الحقب السابقة منذ ما بعد الاستقلال، وصولا لحراكات الثمانينيات السياسية. وربما هو رجوع صرف للتاريخ دون إسقاط سياسي تاريخي تجاه حاكم لاحق لحاكم سابق هو المنصور بن أبي عامر الذي وصل رأس الهرم السياسي قادما من قريته البعيدة عن عاصمة الخلافة في قرطبة، في الزهراء العامرة.

سيجد الناس دوما مجالا للحديث عن تاريخ تلك الشخصيات التي شقّت طريقها إلى أعلى هرم السلطة والحكم!

هنا، وفي أمكنة وأزمنة أخرى، سيكون هذا الحاكم، أو ممن لهم نفوذ في "المطبخ السياسي" مجال روايات وقصص، لأولئك الذين عرفوه عن قرب، أو سمعوا عنه.

فقط الملوك أبناء الملوك، بالوراثة، هم الذين يتم استثناؤهم لأنهم ولدوا بجينات الحكم.

هو وهما وهم، كل وقصة صعوده، وربما قصتا صعود وهبوط. سيكون الوضع مأساويا حين يكون الهبوط سقوطا مدويّا.

هنا وفي العالم، حين نستقرئ ونستقصي تاريخ الحكام، من غير الجين الملكي، ربما تكون إنجازاتهم الوطنية هي بيت قصيد تقييم الوجود والأثر، لأنه هكذا لأن الدول والحكومات في الأزمنة والأمكنة، هي مطمح ومطمع الراغبين بالسيادة والنفوذ المقترن مع الاقتصاد ورفاهية الحاكم وبطانته.

أنظر حولي في بلادنا، فأجد تلك القصص التي تسرد، ولربما يخف الانفعال بعد زمن، فيكون السرد موضوعيا، ليصير مثلا أكثر تركيزا على الشخصيات، لا على العلاقات والسياقات الاجتماعية الاقتصادية السياسية التي وجدت فيها شخصيات النخبة الحاكمة.

"فلان واصل"!

وفي بلاد كثيرة، فإن من يصل فقد ثبت نفسه بنخبة حوله تكون أوتاد خيمته الحاكمة التي هو عمودها. ويحلم كل وتد بأن يصير عمود الخيمة. وبسبب ما يقرؤه العمود في الأوتاد من مطمع ومطمح، فإنه يحرص أن يظل الوتد وتدا، وذلك بمراقبة مكانه، حتى يظل بحجمه، فلا ينمو ولا يستطيل.

وجه الشبه بين محمد بن أبي عامر، وبين من وصل إلى السلطة وامتلكها، فهو كثير، وتعدد ظهور الشبيهين؛ فحتى اليوم سنظل نشهد من يتدرج في الصعود إلى أعلى مناصب الدول.

وجه الاختلاف أن محمد بن أبي عامر حين وصل الحكم، فقد أعلى من شأن قرطبة والأندلس التي أصبحت قوة كبرى، فازدهرت البلاد، وصارت مهابة وآمنة.

لربما جعل ذلك ابن أبي عامر مبررا لدوام ملكه، حين رأى أن الأندلس القوية هي من ستحمي نفسها ممن يتربص بها.

يحمل التاجر القرويّ حاجات السفر، ميمما شطر قرطبة، مدينة الدنيا في ذلك الزمان، وقد تيقن أنه في طريقه إلى الزهراء، قصر الحكم الأمويّ في قرطبة؛ فقد آمن بقدراته في الصعود معتمدا على ما سيرسمه من طريق، تكون المعرفة هو الوقود المحرك، والثقة بالنفس، والإيمان باستعادة العنصر العربي في الحكم، بعد أن ساد الصقالبة أروقة الزهراء، وفي البال وضع حد لمطامع الدول من حول الأندلس.

عين على المجتمع السياسي في قرطبة، وعين على المجتمع السياسي الأوروبي قبل ألف عام.

سيعيننا الاختلاف، لا التشابه.

سيعنينا وصول الفتى من بين الوسط الاجتماعي العاديّ إلى الزهراء، وكيف صار لديهم مكين، فناظر أملاك وليّ العهد هشام بن الحكم، متدرجا في الوظائف العامة وصولا إلى الحجابة، وهي أكثر المناصب نفوذا، فالملك المنصور الذي فوّضه الخليفة للحكم نيابة عنه، حين كان طفلا وفتى، فصار من الصعوبة استعادة الحكم، فصار الخليفة حاكما شكليا والحاجب حاكما فعليا.

أما الاختلاف، وهو مثار الجدل التاريخي والقانوني والسياسي (والدرامي) فهو أن هذا الحاجب "الواصل"، قد ضبط الأندلس ماليا وإداريا وأمنيا وحماها، وجعلها في أعين الأوروبيين عظيمة الوجود، يتذلل ملوكها وأمراؤها للحاكم المنصور بن أبي عامر.

ربما هذا ما قد يشفع له في هذا الجدل، بعد ألف عام ويزيد.

في البدء كان مسلسل "الصعود إلى القمة"، للمخرج الكبير صلاح أبو هنود، يتحدث المسلسل الذي ظهر عام 1985عن قصة صعود الحاجب المنصور (محمد بن أبي عامر المنصور) القرويّ والتاجر الصغير، من رحلته كطالب علم في قرطبة، ثم كاتب إلى قصر الحكم. كنت ابن 18 عاما حين عرض المسلسل، والذي لاقى مشاهدة كثيرين راحوا يتابعون بتشوق ما سيكون من أحداث، ومنهم مثلي، من راح يقرأ في تاريخ الأندلس ليجد صفحات كثيرة تتحدث عن الحاجب المنصور، وما كان من بعده وبعد أبنائه من تحولات ملوك الطوائف، بعد أن كانت الدولة موحدة مهابة الجانب. لقد أسرني (أسرنا) محمد بن أبي عامر، الذي أدى دوره الفنان محمد وفيق، والذي تضاعف أجره بعد المسلسل، بعد أن حاز على شهرة كبيرة لتمكنه من أداء الدور التاريخي. كمن أتابع بتشوق مثل الآخرين، لكني أذكر أنني كنت أعيش تلك الأحداث، متضامنا مع ابن أبي عامر لتفوقه من جهة، ولإتقانه ما كان يعهد إليه به لإدارته، لكن شيئا كان في اللاوعي، وهو أن لكل منا رحلة صعود ما، حيث كانت الحياة الجامعية ثم حياتي الثقافية، من قارئ إلى كاتب معروف وإن لم ينل شهرة كحال كتاب البلاد الصغيرة. ومع كل مرحلة صعود كان أبو عامر حاضرا، باختلاف أن مجالي هو الثقافة لا العمل السياسي.

أما ربيع قرطبة"، الذي ظهر عام 2003، المقتبس عن الرواية نفسها التي اعتمد عليها من قبل صلاح أبو هنود، فلم أعرف أنه يروي حياة المنصور، إلا هذا الشتاء (شتاء 2025)، حين كنت أبحث عن مسلسل "الصعود إلى القمة"، الذي رأيته من 40 عاما، فإذا أنا بـ"ربيع قرطبة" الذي سمعته عنه، ولكني لم أتابعه. وحين علمت بموضوع المسلسل، رحت أشاهد حلقاته الـ29 حلقة، بعد عقدين على ظهوره. إنها القصة نفسها، وهكذا فقد أعادني حاتم علي إلى صلاح أبو هنود.

بعد الانتهاء من "ربيع قرطبة"، عدت إلى "الصعود إلى القمة"، وكم كان ذلك موحيا وأنا لا أرى المسلسل مرة أخرى، بل أستعيد نفسي حين كنت أول الشباب، وأولى خطوات الكتابة.

رحت ككاتب وناقد فني أقارن بين العملين اللذين استخدما الرواية نفسها. والمسلسلان اللذان يفصل بينهما 18 عاما، من حيث الظهور، كانا بالنسبة لي الفاصل 40 عاما.

كان والمخرج صلاح أبو هنود 40 عاما، محمد وفيق ابن 38 عاما، وكان حاتم علي ابن 41 عاما، وتيم حسن (الذي أدى دور المنصور في ربيع قرطبة) ابن 27 عاما.

أما وليد سيف فكان في المسلسل الأول ابن 37 عاما، وفي الثاني ابن 57 عاما.

هو الوعي والعمر إذن ربما.

تلقي العملين الآن، وقد غزا الأبيض ما تبقى من شعر رأسي، ذهب إلى المتشابه والمختلف في صعود المنصور بن أبي عامر وصولا لسؤال سياسي حول من وصل إلى النخبة الحاكمة، وما أنجزه للبلاد خاصة من وصل من خلال الانقلابات، أو من استغل الظروف لصالحه.

في الوقت الذي تابعت فيه تمثيل المصري محمد وفيق والسوري تيم حسن، خاصة في الحلقات الأخيرة، فقد استمتعت بقدراتهما معا، في الوقت الذي وجدت نفسي متضامنا مع الخليفة المصادرة حقوقه، في الوقت الذي لم نكره المنصور. تأملت رحلة أبي عامر، وكيف تحول إلى حاكم مستبد، حتى وإن ضبط أمور الدولة وجاهد للدفاع عن الوطن.

سررت جدا خلال مشاهدتي التي استمرت الشهر تقريبا بالتواصل مع المخرج الكبير الأستاذ صلاح أبو هنود، الذي اختصر المسلسل بنقد أسلوب أبي عامر: "كانت الفكرة أن الغاية لا تبرر الوسيلة، وأن الغاية النبيلة تحتاج وسيلة نبيلة. وهذا ما فقده المنصور".

Ytahseen2001@yahoo.com

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی قرطبة

إقرأ أيضاً:

الانفصال لا يعني العداء.. أيتن عامر تقدم درسًا في النضج الأسري

نفت مصادر مقربة من النجمة أيتن عامر، ما يتردد ويتداول على مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة بشأن عودتها لطليقها مدير التصوير محمد عز العرب.

وأوضحت أن كل ما فى الأمر هو نجاح الصلح بينهما من أجل مصلحة الأولاد بما يعود على حالتهم النفسية خاصة فى مرحلة النشأة.

ورغم انتهاء العلاقة الزوجية بين أيتن عامر ومحمد عز العرب، واتهام الأخير لها فى العديد من المنشورات ومهاجمتها خلال السنوات الماضية، إلا أن أيتن عامر لم ترد على منشورات طليقها حفاظاً على مشاعر أولادهما.

وبعد مرور 3 سنوات من طلاقهما وعام من الخلافات، أثبت الطرفان أن النهايات أخلاق وأن العلاقة بعيداً عن الزواج يجب أن ترتكز على الاحترام المتبادل ومراعاة مصلحة الأبناء، حيث اتفقا على أن تبقى علاقتهما قائمة كصداقة وتفاهم من أجل تربية أبنائهما.

اللافت في هذه التجربة أن أيتن عامر لم تفتح الباب للتكهنات المعتادة عن "عودة محتملة"، بل أوضحت أن النهايات لا تعني القطيعة، وإنما تعني احترام ما كان، والمضي قدمًا مع الالتزام بالمسؤوليات المشتركة، وأن النهايات أخلاق، ومراعاة وجود أطفال بين اثنين منفصلين دليل نضج حقيقي

ونشر محمد عز العرب منشوراً مصحوبا بصورة تجمعه بأولاده وبطليقته أيتن عامر على حسابه، وعلق قائلاً: " وجود الأب والام في حياة أولادهم مهم حتي لو الطريق اختلف، المهم ان الأولاد يفضلوا دائما مرتاحين ومبسوطين، علشان راحة ولادنا وسعادتهم أهم من أي حاجة".

وشاركت أيتن عامر المنشور على صحفتها على مواقع التواصل الإجتماعي وعلقت قائلة: "شكرا يا عز جدا وانت فعلا عندك حق، و يا رب تفضل دايما  مصلحة الاولاد هى همنا الاول"، وهو الأمر الذى عبر عن النهاية السعيدة التى تهم مصلحة الأولاد بعيداً عن الزواج أو عودتهما مرة اخرى.

وعبر الكثير من مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة، عن سعادتهم بحل الخلافات بينهما من أجل نهاية سعيدة تصب فى مصلحة الأولاد".

هذا الموقف يُعيد التذكير بأن الأبوة والأمومة ليست مرتبطة ببقاء العلاقة الزوجية، بل تتعلق بالوعي بأن الأطفال ليسوا طرفًا في الخلاف، وأن عليهم أن ينالوا حبًا غير مشروط من الطرفين، دون أن يشعروا بأنهم في صراع بين والدين متخاصمين.

ما فعله عز العرب وأيتن عامر هو رسالة مجتمعية بليغة لكل من يمر بتجربة انفصال، يمكنكم أن تفترقوا كزوجين، لكن ابقوا شركاء في التربية، في الدعم، وفي الحفاظ على الاستقرار النفسي لأطفالكم.

طباعة شارك أيتن عامر نجوم الفن اخبار الفن

مقالات مشابهة

  • حتى نتجنب مصير مُجير أم عامر
  • وفيات الخميس … 26 / 6 / 2025
  • المنصور يتفقد سير العمل بفرع هيئة الاراضي في الحديدة
  • الانفصال لا يعني العداء.. أيتن عامر تقدم درسًا في النضج الأسري
  • رغم طلاقهما.. محمد عز العرب ينشر صورته مع آيتن عامر وأبنائهما
  • تعطّل القطارات يثير شبهات التخريب قبيل قمة الناتو في هولندا
  • البورصة تواصل الصعود .. 78 مليار جنيه مكاسب سوقية في ثالث جلسة
  • في صفقة مفاجأة.. من هو اللاعب السوري الذي ضمه برشلونه إلى فريقه؟
  • فرج عامر: وسام ابو علي مهاجم خطير ومن طراز فريد
  • فرج عامر: زيزو مكسب كبير للأهلي