عربي21:
2025-08-11@23:46:26 GMT

في نَصرِ اللهِ وسُننه

تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT

١- في معنى النصر

التعريف التقليدي لـ"النصر" لا يخرج عن معنى "الغلبة" في دلالاتها المادية، وغلبة الخصم أي التفوق عليه في معركة أو منافسة أو خصومة، سواء في ساحات القتال أو في عوالم السياسة والتجارة والرياضة.

وهذا المعنى لـ"النصر" لا يُنظَر إليه إلا باعتباره حدَثا عابرا يُمكن أن تُلغيه هزيمة قادمة فينقلب المنتصر مهزوما والمهزوم منتصرا، وليس لهذا النصر ولهذه الهزيمة تداعيات خطرة تمس من جوهر الإنسان ومن منظومة القيم لكون الصراع يدور في عالم المادة وبمعايير مادية تستند إلى مفهوم كميٍّ للربح وللخسارة، من ذلك مثلا عدد القتلى في الحروب أو مقادير المال في التجارة أو عدد الأهداف في الملاعب أو عدد النقاط في المصارعة، وتلك معايير تشتغل كلها على الظاهر وتنظر في السطح فلا يكون الحُكم بعدها بـ"نصر" أو بـ"هزيمة" إلا حُكما من طبيعة تلك المفاهيم الكميّة.



2- النصر مقاومة

الذين يخوضون معاركهم تحت عنوان "معركة الحق والباطل" و"معركة العدل والظلم"؛ لا يستعجلون نتيجة بقدر ما يحرصون على توفير الأسباب وبقدر ما يبذلون من جهد عقلي ومعنوي في توضيح طبيعة المعركة وفي حث الأفراد على الصمود وعلى التضحية وعلى الصبر والثبات.

معارك الانتصار للحق وللعدل هي معارك الإنسان في طريقه نحول "الكمال"، أي نحو الحرية ونحو العدالة ونحو عوالم الجمال والحب والأمان، حيث يكون أقرب إلى الله المقتدر الغالب القوي العادل العالم الباطش الرحيم. وتلك مرتبة يُدركها الإنسان ويجدها في روحه حين يشعر بالطمأنينة وبالتوازن النفسي، وحين يجد بأنه يسمو بكل اعتزاز على كل مظاهر القوة فلا يخشاها ولا يتذلل أمام أصحابها ولا يتنازل عن بعض كرامته لنيل مرضاة ذي جاه أو مال او سلاح.

أصحاب هذه المعارك يجدون أنفسهم دائما في حالة انتصار، لكونهم لم ييأسوا ولم يَهِنوا: "ولا تَهِنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين" (آل عمران: 139)، ولم يساوموا ولم يشكّوا في مبادئهم وفي حتمية انتصار تلك المبادئ التي يقاومون دفاعا عنها ويُورّثونها للأجيال القادمة؛ في مواقفهم وفي كتاباتهم وفي دماء شهدائهم وأسماء رموزهم وصمود قادتهم وعطاء بيئتهم الحاضنة لفكرة المقاومة ولمبدأ الشهادة ولقيم الحق والعدل والحرية والكرامة.

إنها بيئة لا تكف عن تقديم التضحية بأحبّ ما يُحب الإنسانُ مما زيّن الله في نفسه من مال وبنين، بيئة تفتح على المستقبل بما هو نصر دنيوي أو جنات خلود أو هما معا قال تعالى: "إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ" (غافر: 51).

لقد صمد أنباء ورسل في معركتهم مع الظلم والباطل، ولاقوا صنوفا من الأذى، وفيهم من قُتِل وفيهم من هُجّر وفيهم من حوصِرَ، ولكنهم لم يتنازلوا عن رسالتهم ولم يشكّوا في كونهم على حق ولم يسعوا إلى تبادل الاعتراف مع قوى الشر وسلطان الظلم.

ذاك الصمود هو انتصار حقيقي على الأعداء، لقد كانوا يشعرون بكبرياء ورفعة، وكان أعداؤهم يشعرون بالعجز ويجدون أنفسهم أذلاء وصغارا أمام ثبات أصحاب الرسالات وأمام صمود أهل الحق.

لم تكن "الغلبة" المادية تُشعر أصحاب الباطل بكونهم انتصروا، ولم تكن حالة التجرّد من القوة المادية تُشعر أصحاب الحق بكونهم مهزومين. ثمة معايير معنوية لا يدركها المتعجرفون ممن قست قلوبهم وسُكِّرَت أبصارهم وضُرِب على آذانهم، فلا يرون من الوجود إلا ظاهره، ولا يُميّزون بين الحياة بما هي حضور في التاريخ وفعلٌ فيه وبين العيش بما هو كينونة جسدانية لا يختلفون فيها مع بقية الحيوانات التي تحتكم لقانون الغلبة ولا تخرج حركتها عن قانون الطبيعة.

3- في نصر الله وسُننه

إن يقين المدافعين عن الحق بحتمية النصر، بما هو نصر مادي في التاريخ أو معنوي في روح الحضارة الإنسانية، لا يجعلهم يتواكلون فيكتفون بالدعاء على الأعداء وبطلب النصر من الله تعالى، إنما هم يعون بأن الله تعالى جعل لكل ظاهرة سببا ولكل نتيجة فعلا، ويعون بأن عدالة الله تعالى تقتضى ألا ينصر قاعدا والا يرزق كسولا وألا يُصلح عمل مفسدٍ.

إن سُنن الله تعالى كما هي ساريةٌ في الطبيعة فإنها سارية في التاريخ، وهي سُنن لا تتبدّل، فأصحاب الحق يُمكن أن يقدموا الكثير من الشهداء إذا خاضوا معاركهم إرضاء لله، ولكنهم قد لا يغلبون إذا لم يُعِدّوا الأسباب الكافية لتحقيق الغلبة على اعدائهم من أهل الباطل. إن الأسباب ليست فقط مادية عسكرية، إنما هي كل الأسباب التي تُؤلم العدوّ. لا بدّ من إيلام العدوّ بأيّ قدر من الإيلام بحسب قُدراتنا وما يتوفر لدينا من وسائل الإيلام، فلا نحقّر من شأن أي وسيلة فقد تكون رصاصة أو كلمة أو شعارا أو مسيرة أو بيانا أو مساعدة لمن هم مواجهة مباشرة مع العدو، مع أن المسلمين لا يكونون كذلك إلا إذا شعروا فعلا بأنهم جميعا في مواجهة مع العدو حتى وإن كانت اعتداءاته المباشرة تحصل على بعض من أهلهم في مكان يبدو بعيدا. إن المسلمين جميعا معنيون بواجب "إيلام" العدو، إيلاما حقيقيا: "ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما" (النساء: 104).

لقد خسر المسلمون معركة أُحُد وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم حفَظَة قرآن وفيهم صالحون مصلحون، ولكن بعضهم أخلّ بشرط من شروط الغلبة حين نزل "الرُّماةُ" من أعلى الجبل فرحا بما بدا لهم من فرار جيش العدو.

لم تكن "الهزيمة" يومها عقوبة إلهية خارجة عن مبدأ السّنن، وإنما كانت نتيجة عسكرية في علاقة بسبب مادي حقيقي، لقد خالقوا أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم بما هي أوامر عسكرية ووجدوا نتائج مخالفتها في ساحة المعركة، وليس فقط بما هي أوامر نبوية سيجدون نتيجة مخالفتها في الآخرة.

x.com/bahriarfaoui1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء النصر هزيمة المسلمين مسلمين هزيمة نصر سنن قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء اقتصاد صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الله تعالى ن الله

إقرأ أيضاً:

مستوطنون صهاينة يحرقون أراض وخيام فلسطينيين في الضفة الغربية

الثورة نت/..

واصلت قطعان المستوطنين الصهاينة، مساء اليوم السبت، اعتداءاتها الإجرامية بحق المواطنين الفلسطينيين في شرق رام الله وجنوب بيت لحم والأغوار الشمالية في الضفة الغربية بفلسطين المحتلة، وذلك تحت حماية قوات العدو الإسرائيلي.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، بأن مستوطنين هاجموا بحماية من قوات العدو الإسرائيلي، مساء اليوم، قرية دير جرير شرق رام الله، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع المواطنين الفلسطينيين.

ونقلت عن مصادر محلية، أن قطعان من المستوطنين تجمهرت عند مدخل القرية الغربي، فيما اقتحمت قوات العدو المكان لتأمين الحماية للمستوطنين وأغلقت مدخل القرية، وسط إطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز السام المسيل للدموع صوب الفلسطينيين العزّل الذين خرجوا للتصدي لهجوم المستوطنين، دون أن يبلغ عن وقوع إصابات.

فيما ذكرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن قوات العدو الإسرائيلي منعت طواقمها من الوصول إلى قرية دير جرير بعد ورود بلاغ عن هجوم المستوطنين على القرية.

وفي وقت سابق، هاجم مستوطنون صهاينة مسلحون بحماية قوات العدو الإسرائيلي، قرية رمون شرق رام الله.

وأفاد رئيس مجلس قروي رمون، إبراهيم الخطيب، بأن مجموعة من المستوطنين المسلحين بحماية قوات العدو هاجمت القرية من الجهة الشمالية الغربية، وأطلقت الرصاص تجاه المواطنين ومنازلهم دون أن يبلغ عن إصابات.

وأضاف الخطيب، أن المستوطنين أحرقوا أراضي زراعية تحيط بمنازل الفلسطينيين في المنطقة، فيما اقتحمت قوات العدو المنطقة لتأمين الحماية للمستوطنين، وأطلقت قنابل مضيئة أدت لزيادة الحرائق، ما أسفر عن أضرار مادية في أراضي الفلسطينيين.

كما هاجم مستوطنون تجمعا بدويا في منطقة عين أيوب غرب رام الله، وعائلات من عرب الكعابنة شمال شرق المدينة.

وقالت منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، في بيان، إن مستوطنين هاجموا تجمعا بدويا وأحرقوا خيامهم في منطقة عين أيوب، ما خلف أضرارا جسيمة في الممتلكات.

وأضافت في بيان آخر، أن مستوطنين هاجموا عائلات من عرب الكعابنة، في منطقة الخلايل، شمال شرق رام الله، ومنحوا السكان مهلة لا تتجاوز الأسبوعين لإخلاء منازلهم وأراضيهم.

في سياق متصل اعتدى مستوطنون صهاينة، مساء اليوم، على عدد من المزارعين الفلسطينيين أثناء عملهم في أرض المواطن نعيم محمد الراضي، الواقعة في منطقة خلة النحلة بقرية واد رحال، جنوب بيت لحم.

وأفاد مصدر أمني، بأن مجموعة من المستوطنين داهموا المنطقة وهاجموا المزارعين واعتدوا عليهم بالضرب، ما أسفر عن إصابة كل من: موسى محمد محمود حرز الله، ورضا محمد محمود حرز الله، وعبد الله إبراهيم زيادة برضوض متفاوتة.

وتتعرض منطقة خلة النحلة منذ أعوام لاعتداءات متكررة من قبل المستوطنين، في إطار محاولات الاستيلاء على المزيد من الأراضي الزراعية لصالح التوسع الاستيطاني.

وفي الأغوار الشمالية، اقتحم مستوطنون، مساء اليوم، خربة سمرة، وتجولوا بين خيام المواطنين الفلسطينيين، ما أثار الخوف بين السكان خاصة النساء والأطفال.

وتشهد المنطقة اقتحامات يومية يقوم بها مستوطنون صهاينة مسلحون، في سياسة الضغط المتواصل على المواطنين الفلسطينيين لإجبارهم على ترك مساكنهم والرحيل عنها، ضمن خطة العدو الإسرائيلي الرامية إلى إفراغ الأغوار من المواطنين الفلسطينيين.

ووفق تقرير لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فقد نفذ المستوطنون خلال يوليو الماضي، 466 اعتداء ضد المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، أسفرت عن استشهاد 4 فلسطينيين، وترحيل قسري لتجمعين بدويين يتكونان من 50 عائلة.

مقالات مشابهة

  • العدو الصهيوني يقتحم سلواد شرقي رام الله
  • نور على نور
  • مسيرة تضامنية في حجة مع الشعب الفلسطيني وتنديداً بجرائم الصهاينة في غزة
  • مسيرة بجامعة حجة تضامناً مع غزة
  • علي جمعة: المؤمن الحق يمر باللغو كريماً ويبدأ بإصلاح نفسه قبل غيره
  • مستوطنون صهاينة يحرقون أراض وخيام فلسطينيين في الضفة الغربية
  • وقفة لقطاع التعليم في حجة نصرة للشعب الفلسطيني
  • هاشم معزيا بشهداء الجيش: سقطوا ليبقى لبنان وطن الحق والسيادة
  • مسيرة طلابية في بيت الفقيه تندد بجرائم الإبادة والتجويع في غزة
  • حزب الله: تسليم السلاح انتحار… ونموذج غزة شاهد على نوايا الاحتلال (شاهد)