في هذه المرحلة الدقيقة من مراحل الصراع مع إسرائيل، وفي ظل تحوّلات دراماتيكية تعيشها قوى المقاومة في لبنان وغزة والمنطقة، يبدو "حزب الله" مُحاطاً بجملة من التحديات المصيرية. فالحزب الذي نشأ في سياق مجابهة الاحتلال الإسرائيلي للبنان منذ العام  1982، وتطوّر ليصبح قوة سياسية وعسكرية يمتد تأثيرها إلى دول عديدة في المنطقة، يجد نفسه اليوم أمام امتحان صعب.

إمتحانٌ لا يقتصر على الاستمرار في دوره كمقاومة مسلحة، ولا على المشاركة الفعّالة في منظومة الحكم اللبنانية المعقّدة، بل يتعداها إلى الحفاظ على فكرة "الممانعة" التي تمحور حولها تحالفٌ جمعه مع إيران وسورية، وفصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، وقوى أخرى في العراق واليمن. التحالف سُمّي بالمحور، ووُصف "حزب الله" تارة بأنه "درّة تاجه" وتارة أخرى بأنه "قلبه"، لكنّه يواجه اليوم متغيّرات استراتيجية أبرزها التحول في أولويات إيران بعد تقاربها المرحلي مع قوى غربية وإقليمية، وتبدّل التموضعات السياسية في العالم العربي والاهم من ذلك نتائج الحرب الأخيرة التي أرست قواعد اشتباك جديدة ليست في صالح الحزب ولا المحور الذي يضمه.

"عربي 21" تنشر سلسلة مقالات توثيقية حول "حزب الله"، نشأته وتطوره وأبرز قادته، وانتقاله من العمل المقاوم إلى المشاركة في الحياة السياسية في لبنان بكل تعقيداتها وتجاذباتها. ويضيء على دور الحزب الذي، على الرغم من كل الضغوط، يواصل تقديم نفسه كدرع أساسي لحماية لبنان ومساندة غزة في وجه التهديدات الإسرائيلية والمخططات الأميركية.

منذ ظهوره على الساحة اللبنانية عام 1982، شكّل "حزب الله" ظاهرةً فريدةً في الحياة السياسية والعسكرية في لبنان والمنطقة. نشأ كردّة فعل ضدّ الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 مستلهماً نهج وأفكار الثورة الإسلامية الإيرانية، ورافعاً شعارَ المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال، ونجح مع الوقت في الانتقال من حرب العصابات إلى القتال بصفوف منظمة مزودة بالأسلحة المتطورة، كما نجح في الانتقال من كونه مجموعة قتالية تعمل بسرّية إلى حزب سياسي مشارك في الحياة السياسية.

وبرغم خوضه العديد من الحروب المدمِّرة (1993 ـ 1996 ـ 2006 ـ 2024) وتلقّيه ضربات موجعة كان آخرها اغتيال كبار قادته العسكريين وأمينه العام السيد حسن نصرالله، واجه الحزب جولات من الضغط المحلي والإقليمي والدولي بصلابةٍ أثبتت أنه من الأحزاب الأكثر تنظيماً ومأسَسَة في لبنان ومحيطه. بل أصبح ظاهرة تدفع للعودة إلى جذور نشأته للبحث في العوامل والأسباب التي تجعله  قادراً على الصّمود والتكيّف. ومن ثم التعرّف إلى قادته الذين رسّخوا حضوره عبر مسيرته الطويلة وإلى حلفائه المحليين والإقليميين الذين أعطوه الشرعية والحماية. 

التأسيس والنشأة

في الحقيقة، لم يخرج "حزب الله" إلى العلن رسميًا إلا عام 1985، لكنّ العمل التنظيمي والتأسيسي بدأ فعليًا في العام 1982، وتحديداً في حزيران يونيو على وقع الاجتياح الإسرائيلي الذي انطلق من الحدود الجنوبية المحاذية لفلسطين المحتلة ووصل إلى بيروت. يومذاك تداعت مجموعة من الشباب المسلمين الشيعة، المشرذمين في مجموعات غير منظمة، للقتال ضد إسرائيل وأطلقوا بقيادة حسين الموسوي ما سُمّي بدايةً "حركة أمل الإسلامية" التي انشقت عن "حركة أمل" الأمّ (أفواج المقاومة اللبنانية) بسبب انخراط  أمينها العام آنذاك الرئيس نبيه بري في حكومة مصالحة وطنية مع وليد جنبلاط وبشر الجميل وكميل شمعون. شكّلت هذه المجموعة نواة "حزب الله" وبقيت تعمل في السّرّ بالتعاون مع عناصر من من الحرس الثوري الإيراني حتى شباط فبراير من العام 1985، أعلن الناطق الرسمي باسم "حزب الله" إبراهيم أمين السيد، عن وثيقة الحزب السياسية الأولى خلال مؤتمر صحافي في حسينية الشياح الواقعة ضمن ضاحية بيروت الجنوبية وحملت عنوان "الرسالة المفتوحة إلى المستضعفين". فكان للمكان دلالة ورمزية واضحة تشير إلى هوية الحزب الدينية ومكانته الطائفية في خضم حرب أهلية قطعت أوصال لبنان وعزلت مناطقه بعضها عن البعض الآخر.

في الحقيقة، لم يخرج "حزب الله" إلى العلن رسميًا إلا عام 1985، لكنّ العمل التنظيمي والتأسيسي بدأ فعليًا في العام 1982، وتحديداً في حزيران يونيو على وقع الاجتياح الإسرائيلي الذي انطلق من الحدود الجنوبية المحاذية لفلسطين المحتلة ووصل إلى بيروت.ويروي شاهدٌ من الحضور أن ما قرأه أمين السيد آنذاك بدا بياناً حماسياً بعيداً من الواقع، ومثيراً لريبة الحاضرين الذين تساءلوا عن خلفية المجموعة الجديدة الطارئة على مشهد الأحداث المتسارعة في لبنان ولا سيما أن نص الرسالة حدّد رؤية الحزب ومواقفه بلغة عالية النبرة وبخطاب ديني إسلامي راديكالي.
ومن أبرز ما جاء في "الرسالة المفتوحة إلى المستضعفين: "وأمّا قدرتنا العسكرية فلا يتخيّلَنَّ أحد حجمها، إذ ليس لدينا جهاز عسكري منفصل عن بقية أطراف جسمنا، بل إنّ كلاً منّا هو جندي مقاتل حين يدعو داعي الجهاد إنّنا متوجّهون لمحاربة المنكر من جذوره وأول جذور المنكر أمريكا".

"... نحن في لبنان لسنا حزباً تنظيمياً مغلقاً ولسنا إطاراً سياسياً ضيقاً، بل نحن أمةٌ ترتبط مع المسلمين في أنحاء العالم برباط عقائدي وسياسي متين هو الإسلام. وإن الحدّ الأدنى الذي يمكن أن نقبل به على طريق تحقيق هذا الطموح هو إنقاذ لبنان من التبعيّة للغرب أو للشرق، وطرد الاحتلال الصهيوني من أراضيه نهائياً. واعتماد نظام يقرره الشعب بمحض اختياراته وحريته".

هذا علماً، أن "حزب الله" عاد وأطلق في العام 2009 وثيقة سياسية جديدة حدّد فيها مواقفه من الأوضاع الرّاهنة واتّسمت بلغةٍ واقعيةٍ وخطابٍ فكريّ وسياسيّ لم يغب عنه الخطاب الإسلامي الراديكالي لكنه بدا أقل هيمنة.

الهيكل التنظيمي

تطور "حزب الله" في سياق الصراع مع اسرائيل وبنى مؤسسات تكرّس صفته المرجعية لدى جمهوره ومكانته السياسية لدى شركائه وخصومه في آن معاً، من الخدمات الاجتماعية إلى المؤسسات التعليمية والطبية والإعلامية. لكنّ الأهم لبقاء "حزب الله" وتماسكه أمام الصدمات، هو اعتماده على هيكلية تنظيمية وهرمية واضحة.

ويتألف الهيكل التنظيمي للحزب من مجالس متعددة، لا تتداخل صلاحياتها لكن يمكن أن ينضم بعض المسؤولين إلى أكثر من مجلس أو هيئة تابعة له، على أن يرأسها كلّها الأمين العام، الذي يُعدّ رأس التنظيم وقائده، وصاحب الكلمة الفصل في القرار السياسي والعسكري والمالي. ويُنتخَب من قبل مجلس شورى الحزب والذي عدّل المادة التي كانت تحصر حق الأمين العام  بالترشح لدورتين متتاليتين فقط، خلال عهد السيد حسن نصرالله ما سمح له بالترشح مرات عديدة والبقاء في منصبه نحو 32 عاماً.

علماً أن الشيخ صبحي الطفيلي كان أول أمين عام يُنتخب من قبل "شورى القرار" في تشرين الثاني نوفمبر من العام 1989 ودامت ولايته سنتين، مُدّدت 6 أشهر بسبب معارك إقليم التفاح وانتهت بخلافات داخلية أدّت الى انشقاقه وتحوله الى خصم متشدد للحزب وللجمهورية الإسلامية. وبعده انتُخب السيد عباس الموسوي في أيّار مايو من العام 1991 إلى أن اغتالته إسرائيل بطائرة هليكوبتر مع أفرادٍ من عائلته في 16 شباط فبراير من العام 1992 ليُنتخب بعده السيد حسن نصرالله ويتولى قيادة الحزب 32 عاماً انتهت باغتياله في 17 أيلول سبتمبر من العام 2024 بـ82 طناً من القنابل الخارقة للتحصينات.

أما الأمين العام الحالي الشيخ نعيم قاسم، فقد انتُخب في 29 تشرين الأول أكتوبر من العام 2024 بعدما شغل منصب نائب الأمين العام منذ العام 1991. ولعل المشترك الأبرز بين الأمناء العامين هو كونهم رجال دين بتوجهات عقائدية واضحة والتزام قاطع بولاية الفقيه الإيرانية والتزام حازم بالمقاومة المسلحة ضد الاحتلال إلأسرائيلي. علماً أن "ولاية الفقيه" هي اجتهاد شيعي بحت، يختلف تطبيقها بين المجتمعات والدول الشيعية، لكنها في كل الأحوال ترمز إلى نظام حكم قائم على الولاية السياسية والدينية التي يملكها الفقيه (العالم الديني) في غياب الإمام المعصوم (الإمام الثاني عشر في العقيدة الشيعية) ونيابة عنه.

نشأ "حزب الله" وسط فوضى الحرب الأهلية اللبنانية بعد مضي ثلاث سنوات على انتصار الثورة الإسلامية في إيران (1979) التي ألهمت العديد من "المجتمعات الشيعية" في المنطقة ومن بينها الطائفة الشيعية في لبنان التي لمس أبناؤها حاجة ماسة إلى تنظيم صفوفهم في حركةٍ مقاوِمة تساعدهم على تحرير أرضهم المحتلة منذ العام 1978 وتحميهم من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة منذ العام 1948 أي منذ احتلال فلسطين، على المناطق التي يعيشون فيها ولا سيما جنوب لبنان.أما المجالس التي تعمل على اتخاذ القرارات والإشراف على تنفيذها وتقييم نتائجها فهي:

ـ مجلس شورى القرار: هو بمثابة الحكومة، يتألف من 7 أعضاء، خمسة منهم يترأسون المجالس التنظيمية الأساسية التي تعدّ بمثابة الوزارات وهي المجلس التنفيذي، المجلس الجهادي، المجلس السياسي، المجلس القضائي، ومجلس العمل النيابي.

ـ المجلس التنفيذي: يضم المسؤولَ العسكري والمسؤول الأمني والمسؤول التنظيمي ومسؤول التفتيش ومسؤولو المناطق، وتتفررع منه الوحدات التنظيمية التالية:

ـ الوحدة الإعلامية وتضم قناة المنار وإذاعة النور وموقع العهد الالكتروني ومجلّة بقية الله.
ـ الوحدة الاجتماعية وتضم مؤسسة الشهيد ومؤسسة الامداد ومؤسسة القرض الحسن المالية ومؤسسات العمل الاجتماعي.
ـ مؤسسة "جهاد البناء" المختصة بالإعمار والترميم.
ـ وحدة "التعبئة العامة" التي تعمل على ضم المتطوعين الذين يمكن ان يلتحقوا بالمقاومة خلال شنّ العدو الإسرائيلي حرب محتملة .
ـ كشافة الإمام المهدي
ـ المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم
ـ الوحدة المالية
ـ الهيئة الصحية الإسلامية

ـ المجلس الجهادي: يُعنى بمتابعة الأعمال العسكرية والأمنية والتجهيز والتدريب والحماية. ويضم رئيس المجلس التنفيذي والمسؤول العسكري والمسؤول الأمني وممثل عن الولي الفقيه. يتولى كل عضو في هذا المجلس مسؤولية وحدة عسكرية محددة المهام، إما على الصعيد الجغرافي (5 وحدات في المناطق) أو على الصعيد الوظيفي (وحدة المدفعية، وحدة سلاح الجو، الوحدة الصاروخية...)

ـ المجلس السياسي: يهتم بتقديم التحليل السياسي للشورى، وبتحقيق التواصل وبناء العلاقات مع مختلف الأحزاب والقوى السياسية في لبنان على أن يتولّى كلّ عضو منه ملفاً محدّداً ويصبح مسؤولاً عن متابعته.

ـ المجلس القضائي: هو أصغر مجالس حزب الله. يرأسه رجل دين فقيه ويضم المسؤولين القضائيين في المناطق الذين يتابعون شؤون الأعضاء في الحزب ويحكمون في الأمور الشرعية ومخالفات الأعضاء للقرارات الحزبية والتنظيمية.

ـ مجلس العمل الوزاري والنيابي: يتألف من النواب والوزراء الحاليين والسابقين ويتابع عمل "كتلة الوفاء للمقاومة" ويهتم بدراسة مشاريع واقتراحات القوانين المعروضة على المجلس النيابي والحكومة.

دور إيران في نشأة الحزب وتطوره 

يحتدم النقاش حول دور إيران في تأسيس ونشأة حزب الله بين من يعتبرها المؤسِّس المباشر للحزب ومن يرى أنها الداعم والوصي عليه. فقد نشأ "حزب الله" وسط فوضى الحرب الأهلية اللبنانية بعد  مضي ثلاث سنوات على انتصار الثورة الإسلامية في إيران (1979) التي ألهمت العديد من "المجتمعات الشيعية" في المنطقة ومن بينها الطائفة الشيعية في لبنان التي لمس أبناؤها حاجة ماسة إلى تنظيم صفوفهم في حركةٍ مقاوِمة تساعدهم على تحرير أرضهم المحتلة منذ العام 1978 وتحميهم من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة منذ العام 1948 أي منذ احتلال فلسطين، على المناطق التي يعيشون فيها ولا سيما جنوب لبنان. علماً أن التوزع الديموغرافي لأبناء الطائفة الشيعية لا يقتصر على الجنوب وحده بل يشمل أيضاً منطقة بعلبك ـ الهرمل والبقاع عموماً، والضاحية الجنوبية لبيروت التي تكوّنت أساساً بفعل تمركز النازحين الجنوبيين والبقاعيين فيها فضلاً عن قرى شيعية صغيرة في منطقة جبيل، وقريتين في الجبل الدرزي في قضاء عاليه.

وتفيد بعض المراجع أن إيران أرسلت في العام 1982 نحو 1500 عنصر إلى منطقة البقاع اللبناني، خصوصًا في بعلبك، تحت غطاء "قوات الحرس الثوري الإيراني في لبنان"، بغطاء من سورية التي كان لها نفوذ في تلك المنطقة إثر تدخلها في سياق الحرب الأهلية اللبنانية. وكان الهدف المُعلَن من إرسال العناصر الإيرانية هو المساعدة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، فبدأ مع قوات الحرس تنظيم وتأطير المجموعات الشيعية المتفرقة وأبرزها "حزب الدعوة الإسلامية" و"اتحاد الطلاب المسلمين" وعناصر من التيار الديني المنشق عن "حركة أمل" وكذلك من حركة "فتح الإسلام" لتشكيل نواة حزب جديد يعتمد "ولاية الفقيه" كمرجعية سياسية ودينية.

لم يُخفِ قادة "حزب الله" وعلى رأسهم الأمين العام الراحل السيد حسن نصرالله، وجود ترابط عضوي بين الحزب و إيران إذ أكد في إحدى مقابلاته أن "الجمهورية الإسلامية في إيران لم تأمرنا يومًا، لكنها ساعدتنا وساندتنا ودعمتنا، وهذا الدعم لم يكن مشروطًا، بل كان دائمًا عن قناعة ووفاء" وقال في مناسبة أخرى "لو لم تكن الجمهورية الإسلامية، لما وُجد حزب الله بهذا الشكل" وفي أحد خطاباته في ذكرى تحرير الجنوب (25 أيار مايو عام 2000) قال "لولا الدعم الإيراني بالسلاح والمال والخبرة، لما تمكّنا من الاستمرار في المقاومة وتحرير الأرض."

كيف لا، وإيران أنشأت منذ الثمانينات معسكرات التدريب والتأهيل، وأرسلت كوادر أمنية وفنية من الحرس الثوري، وموّلت الحزب منذ سنواته الأولى وزودته بالأسلحة والصواريخ، خصوصاً خلال المواجهات مع إسرائيل بين عامي 1996 و2000 إلى حين تحرير جنوب لبنان من الاحتلال، ولاحقاً خلال حرب تموز يوليو من العام 2006.

في كتاب "انهض واقتل اولاً، التاريخ السري لعمليات الاغتيال الاسرائيلية"، إنتقد الكاتب الإسرائيلي رونين بيرغمان ما وصفه باستخفاف الاستخبارات الأميركية و"الإسرائيلية" بتأثير انتصار ثورة الإمام الخميني في إيران على "شيعة لبنان" وجاء في كتابه: " كانت المعسكرات جزءاً من استراتيجية طويلة ومركزة جداً تهدف الى تمدد الثورة الإسلامية الى لبنان بعد وصولها الى السلطة في إيران، فلبنان البلد الصغير الواقع في قلب الشرق الأوسط مع عدد كبير من الشيعة الفقراء المهمشين والمتعطشين للثورة على واقعهم. فقد أراد الخميني أن يجد “موقعاً استراتيجياً متقدماً يقربنا من القدس”، على الحدود مع لبنان، وبحلول نهاية العام 1979 كان المئات من الشيعة يتدربون ليصبحوا جيشاً من حرب العصابات"

دور سوري متعدد الأبعاد

كان لسورية دور متعدد الأبعاد في دعم "حزب الله" وإن كان قد شهد تفاوتاً في مراحل مختلفة. فخلال سنوات العمل السري للحزب (بين 1982 و1985) اقتصر دور دمشق على تسهيل دخول عناصر الحرس الثوري الإيراني إلى لبنان، منطقة البقاع تحديداً، لتدريب المقاتلين المقاومين لإسرائيل.

لاحقاً، ساهمت سورية في ترسيخ نفوذ "حزب الله" من خلال وصايتها وهيمنتها على القرار السياسي والأمني في لبنان، خصوصًا بعد اتفاق الطائف (1989) وحتى اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري واتهام سوريا باغتياله وإجبارها على سحب كامل قواتها من الأراضي اللبنانية في نيسان ابريل من العام 2005. وهنا يتضح دورها متعدد الأبعاد.

أولاً، على المستوى الأمني، سمحت سورية لحزب الله بالاحتفاظ بسلاحه بعد الحرب الأهلية، في استثناء فريد من نوعه في وثيقة الوفاق الوطني  في الطائف عام 1989،   باعتباره  حركة "مقاومة" وسهلت حركة المقاتلين ونقل السلاح عبر الحدود اللبنانية ـ السورية، خصوصًا عبر منطقة البقاع، واستخدمت أجهزتها الأمنية لتأمين خطوط إمداد السلاح من إيران إلى البقاع والجنوب عبر الأراضي السورية.

ثانياً، على المستوى السياسي، دعم النظام السوري وجود "حزب الله" في السلطة، منذ انتخابات العام 1992 وهي أول انتخابات بعد الحرب الأهلية، من خلال الضغط على الحكومات المتعاقبة لإعطاء "حصّة" وازنة للأحزاب الشيعية أي "أمل" و"حزب الله" ما ساهم في دمج الحزب تدريجيًا في المعادلة السياسية اللبنانية..

ثالثاً، في المحافل الدولية، كانت سوريا تحمي "حزب الله" دبلوماسياً عند كل تصعيد دولي ضده لمصلحة إسرائيل، وقد وصف الصحافي البريطاني روبرت فيسك في كتابه "الويلات الكبرى" موقف سوريا بالقول " كانت سوريا في كل جولة تفاوض تحفظ لحزب الله دوره كالمسدس على الطاولة". ولعلّ ما جاء بعد المجازر الإسرائيلية في عملية "عناقيد الغضب" (1996) خير مثال إذ صَدر ما يُعرَف بـ "اتفاق نيسان" برعاية أميركية ـ فرنسية  ـ سورية ـ إيرانية، وأعطى "حزب الله" شرعية للرد على إسرائيل من جنوب لبنان عندما "تضرب إسرائيل مناطق مدنية".

في المقابل، حاولت سوريا في بعض الأحيان الضغط على الحزب لتهدئة الجبهة الجنوبية، أو تأخير أي عمل عسكري إذا كان له تأثير سلبي في مسارٍ دبلوماسي أو سياسي. وفي وثائق لبنانية وإسرائيلية تعود للفترة الممتدة بين مؤتمر مدريد للسلام (1991) ومؤتمر أوسلو (1993) تُظهر التقارير تراجعًا في العمليات الهجومية لحزب الله، وامتناعه عن تبنّي أي هجمات كبيرة خلال جولات المفاوضات فكانت عملياته بمعظمها دفاعية أو محدودة النطاق، وذلك منعاً لاستخدامها ذريعة لإفشال المفاوضات وكنوع من بادرة حسن النية تجاه الغرب الراعي للمفاوضات.

يضاف إلى ذلك إصرار سورية على  وحدة المسارين اللبناني والسوري للخلاص من الاحتلال. يتضح مما ورد أن العلاقة الثلاثية بين "حزب الله" وسوريا وإيران قامت على توزيع الأدوار. إيران تتولى التمويل والسلاح والعقيدة، فيما سوريا تتولى الحماية في المحافل الدولية والدعم السياسي واللوجستي على الأرض. على أن يتولى "حزب الله" المقاومة ضد إسرائيل ويسجل النقاط التي تسمح له بتعزيز دوره في لبنان والمنطقة. لكنّ الأدوار هذه قد انتهت فعلياً، مع انتقال الحكم في سوريا إلى سلطة لا تريد الانخراط في أي حرب وفق ما أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع، وكذلك مع غموض الموقف الإيراني الذي يبدو متريّثاً ومناوراً في ظل تعثّر مفاوضاته مع الغرب لرفع العقوبات التي تخنق اقتصاده. 

المواءمة بين العقيدة والواقعيّة السياسة

واجه "حزب الله" تحدّياً كبيراً في المواءمة بين أهداف نشأته العقائدية (الدولة الإسلامية) وواقع المشاركة السياسية داخل نظام طائفي متنوع وتوافقي. وإذا كانت الواقعية في نظام من هذا النوع تتطلب التواصل مع كل مكوناته، فقد سعى الحزب منذ التسعينات إلى الانفتاح والانتقال من العمل العسكري فقط إلى المشاركة في الحياة السياسية اللبنانية. إذ شارك في الانتخابات النيابية في العام 1992 معتنقاً مبدأ التعايش مع الدولة والتفاعل مع القوى السياسية التي تمثل مكونات المجتمع اللبناني كافة. ثم شارك في الحكومة اللبنانية لأول مرة في العام 2005، ما زاد من فاعلية نشاطه السياسي وحضوره في المؤسسات العامة.

كان لسورية دور متعدد الأبعاد في دعم "حزب الله" وإن كان قد شهد تفاوتاً في مراحل مختلفة. فخلال سنوات العمل السري للحزب (بين 1982 و1985) اقتصر دور دمشق على تسهيل دخول عناصر الحرس الثوري الإيراني إلى لبنان، منطقة البقاع تحديداً، لتدريب المقاتلين المقاومين لإسرائيل.ومن المحطات المهمة في المسار الانفتاحي للحزب، إبرام اتفاق مع التيار الوطني الحرّ الذي كان وما يزال يمثل شريحة واسعة من المسيحيين في لبنان، في ما يُعرف بـ"ورقة تفاهم مار مخايل" في 6 شباط فبراير من العام 2006. الوثيقة كانت بمثابة تفاهم سياسي علني ومكتوب، بين طرفَين كانا على طرفي نقيض خلال الحرب الأهلية وفي مرحلة ما بعد العام 2005 (إغتيال الرئيس رفيق الحريري وخروج القوات السورية من لبنان).

قد يمثّل هذا التفاهم ذروة البراغماتية التي انتهجها "حزب الله" والتي جنى بفضلها شرعيةً وطنيةً عابرةً للطوائف، في لحظة كان يُهاجَم فيها داخليًا وخارجيًا، ونجح في التصدي لمحاولات عزله من قبل فريق "14 آذار" الذي اتهمه في العام 2005 باغتيال الرئيس رفيق الحريري، كما نجح "حزب الله" في اختراق البيئة المسيحية سياسيًا ودحض الاتهام الموجه ضدّه بأنه "تنظيم شيعي منغلق" وبأن ولاءه لإيران وليس للبنان. وأثمر تفاهم مار مخايل، تحالفاً سياسياً جعل الحزب يدعم وصول مؤسِّس ورئيس التيار الوطني الحر ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية (2016) فحصد الحزب غطاءً سياسيًا كبيرًا داخل الدولة اللبنانية، وقلّص الضغوط الدولية عليه من دون أن يلغيه.

فالحزب وبرغم انفتاحه السياسي، حافظ على عقيدته القتالية المرتبطة بولاية الفقيه والمقاومة المسلحة، ما أسهم في استمرار الانتقادات الداخلية والخارجية، التي تفاقمت أكثر عندما اختار الانخراط بالحرب في سوريا لدعم نظام بشار الأسد. ومنذ ذلك الحين، بدأ الحزب بدفع الأثمان السياسية والعسكرية والشعبية، وبمواجهة أكبر موجة تشكيك في قدرته على إحقاق التوازن بين الثبات العقائدي والتكيّف السياسي. ويبقى التساؤل حول مستقبل هذا التوازن مطروحاً في ظل تسارع الأحداث الإقليمية والتحولات الدولية فضلاً عن تعقيدات الساحة اللبنانية المضطربة.

*باحثة وإعلامية لبنانية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير لبنان حزب الله السياسة لبنان حزب الله سياسة أطروحات تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرس الثوری الإیرانی فی الحیاة السیاسیة السید حسن نصرالله الثورة الإسلامیة متعدد الأبعاد الحرب الأهلیة الأمین العام منطقة البقاع جنوب لبنان ة فی لبنان منذ العام حزب الله من العام فی العام ـ المجلس فی إیران العام 2005 الذی ی عام 1982

إقرأ أيضاً:

الجماعة الإسلامية في لبنان تكشف لـعربي21 خطتها للرد على قرار إدارة ترامب

قال رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان، علي أبو ياسين، إن "توجّه إدارة ترامب لإدراج فروع من جماعة الإخوان المسلمين – ومن ضمنها الجماعة الإسلامية في لبنان – على قوائم الإرهاب يأتي في سياق سياسي وإقليمي ودولي بالغ التعقيد، تتقاطع فيه اعتبارات أمن إسرائيل والضغوط الانتخابية واللوبيات النافذة في الولايات المتحدة، إضافة إلى تداعيات حرب غزة وطبيعة العلاقة المتوترة بين الحركات الإسلامية ودول الثورات المضادة".



واعتبر أبو ياسين، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "هذا القرار الأمريكي لا يمكن فصله عن المشهد الأكبر الذي تعيد فيه واشنطن رسم تموضعها الاستراتيجي في الشرق الأوسط عبر دعم المشروع الإسرائيلي، وتوسيع مسار التطبيع، وإعادة هندسة البيئة السياسية في المنطقة بما يخدم رؤيتها الاستراتيجية للمرحلة المقبلة".

وكشف أن "لدى الجماعة الإسلامية خططا عملية قيد التحويل إلى مشاريع قانونية ودبلوماسية وإعلامية متكاملة، تهدف إلى مواجهة الافتراءات والرد عليها ضمن الأطر القضائية الدولية، وإثبات الطابع القانوني والمؤسساتي لعمل الجماعة وشفافيته"، مشيرا إلى أن "هذه المسارات تهدف إلى حماية مؤسسات الجماعة من أي تجميد أو حظر محتمل".

وذكر أن أمام الجماعة حزمة واسعة من الخيارات ستتم معالجتها بمنهج تخصصي وتكاملي، موضحا أنها ستستخدم "المسار السياسي للدفاع عن شرعية عملها، والمسار الإعلامي لتفنيد المزاعم، والمسار القانوني لمواجهة أي استهداف غير مشروع، إضافة إلى مسار دبلوماسي يهدف إلى التواصل مع الجهات الدولية المعنية وتوضيح الصورة الحقيقية بعيدا عن الدعاية والتحريض".

ولفت أبو ياسين إلى أنه "لا علاقة للجماعة الإسلامية في لبنان مع الولايات المتحدة، ولم يُعرف عنها يوما أنها هدّدت مصالحها أو استهدفت وجودها"، كاشفا أن "فكرة إيجاد وسطاء للتواصل وإعادة تقييم الموقف الأميركي تبقى أمرا محتملا، إذا كان ذلك يسهم في تصحيح صورة مشوّهة أو مواجهة روايات ملفّقة لا تمت إلى الواقع بصلة".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

كيف تقيّمون دوافع إدارة ترامب في إدراج فروع من جماعة الإخوان المسلمين – ومن ضمنها الجماعة الإسلامية في لبنان – على قوائم الإرهاب؟

يأتي هذا التوجّه في سياق سياسي وإقليمي ودولي مشحون وبالغ التعقيد، تتقاطع فيه أمن إسرائيل وأولويات الأمن القومي الأمريكي، وحسابات الداخل الانتخابي، والضغوط المتصاعدة من اللوبيات المؤثرة، إضافة إلى تداعيات حرب غزة، وطبيعة العلاقة المتوترة بين الحركات الإسلامية ودول الثورات المضادة؛ فقرار كهذا لا يمكن فصله عن المشهد الأكبر الذي تعيد فيه واشنطن رسم تموضعها الاستراتيجي في الشرق الأوسط، بما يشمل دعمها الواضح والكبير للمشروع الإسرائيلي، وتوسيع مسار التطبيع، والسعي إلى إعادة هندسة البيئة السياسية في المنطقة بما يخدم رؤيتها الاستراتيجية.

ما القراءة السياسية لديكم لتوقيت هذا القرار؟ ولماذا عاد هذا الملف إلى الواجهة الآن؟

إن تفسير التوقيت يستدعي قراءة شاملة لمنظومة الإرادات الفاعلة والمستفيدة من إعادة طرح هذا الملف؛ فمن ناحية واشنطن، يتكامل القرار مع نهج سياسي وأيديولوجي ينظر إلى تيارات الإسلام السياسي بوصفها عائقا أمام مشروع "الاستقرار الإقليمي" كما تراه الولايات المتحدة؛ إذ تتبنى إدارة ترامب مقاربة ذات طابع أيديولوجي معادٍ للإسلام السياسي.

ويأتي القرار كذلك في سياق إزالة ما تعتبره الإدارة الأمريكية عوائق أمام تنفيذ أجندتها في المنطقة، خصوصا ما يتعلق بتوسيع مسار التطبيع، وترسيخ الاتفاقات الإبراهيمية، وتعزيز التحالفات الإقليمية الجديدة، فضلا عن منح أولوية مطلقة لأمن إسرائيل وتقوية حضورها السياسي والعسكري، وتعزيز الهيمنة الأمريكية على موارد المنطقة.

أما بالنسبة للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، فإن إعادة تحريك هذا الملف تخدم محاولات تحويل الأنظار عن جرائم الإبادة في غزة، عبر إعادة إنتاج خطاب يصوّر الحركات الإسلامية كتهديد عابر للحدود حسب مزاعمهم. كما أن الخطوة تأتي ردّا على موجة الانتقادات المتصاعدة للكيان داخل الجامعات والمجتمع المدني الأمريكي، وتساهم في الحدّ من نفوذ المؤسسات الإسلامية في الداخل الأمريكي وخلق مسافة بينها وبين أجهزة الدولة.

وفي المقابل، ينظر الكيان الصهيوني إلى حرب "طوفان الأقصى" باعتبارها تهديدا وجوديا يستلزم مواجهة شاملة تتجاوز الميدان العسكري إلى الميدان السياسي والدولي، ويعتبر أن استهداف فروع الإخوان في دول الطوق خطوة داعمة لمساعيه في محاصرة حركة حماس وتقليص أي عمق سياسي أو اجتماعي يمكن أن تستند إليه. كما يأتي ذلك ضمن مساعي تل أبيب لإزالة العوائق القانونية والسياسية التي قد تحدّ من تمدّد مشروعها الاستراتيجي في المنطقة.

هذه العوامل مجتمعة، إلى جانب رغبة ترامب في تسجيل إنجاز سياسي يرضي قاعدته، تُشكّل الخلفية الفعلية لهذا التوجّه.

وهل سيتم اعتماد هذا القرار رسميا برأيكم؟

من المتوقع أن يتأرجح القرار بين ثلاثة سيناريوهات محتملة، يجري اختيار أحدها بحسب موازين القوى والضغوط داخل الإدارة الأمريكية.

قد تتجه واشنطن نحو تصنيف شامل يطال الجماعة بكامل فروعها وكل المرتبطين بها تنظيميا أو ماليا أو فكريا، وهو خيار واسع المدى لكنه يحمل كلفة قانونية وسياسية مرتفعة، كما قد يثير اعتراضات داخلية قوية. وقد تعتمد الإدارة الأمريكية خيارا أقل حدّة يقوم على استهداف شخصيات قيادية أو مؤسسات محدّدة ضمن نهج انتقائي يحقق الغاية السياسية دون دفع أثمان كبيرة. كما قد تذهب إلى خيار ثالث يقتصر على تصنيف ما يُسمّى "الجناح العسكري" أو اللجان العسكرية للجماعة في بعض الساحات، مع إبقاء المجال مفتوحا للتواصل السياسي، وبما يخفف من الاعتراضات الدولية المحتملة.

هل تعتقدون أن ضغوطا إقليمية معينة لعبت دورا أساسيا في هذا التصنيف؟

من الواضح أن بعض دول الثورات المضادة لعبت دورا في الدفع باتجاه هذا التصنيف، انطلاقا من رغبتها في منع نشوء أي قوة سياسية قادرة على إحداث تغيير حقيقي في البنى الاستبدادية والظلامية التي تهيمن على المنطقة. هذه الدول تسعى، من خلال هذا القرار، إلى إعادة تشكيل البيئة السياسية بما يتيح إعادة تمكين قوى تُقدّم بوصفها "وسطية واعتدالية" في لبنان والمنطقة، على حساب القوى المجتمعية التي تمتلك حضورا فعليا وقدرة تنظيمية، ولا يمكن تجاهل تأثير شبكات الضغط المقربة من هذه الدول داخل واشنطن، والتي تمارس نفوذا واضحا في صياغة السياسات الأمريكية المتعلقة بالإسلاميين.

كيف سينعكس هذا الإدراج على عمل الجماعة الإسلامية في لبنان من الناحية السياسية والاجتماعية والخدماتية؟

إن تقييم أي قوة سياسية لبنانية يرتبط حصريا بالدستور والقانون اللبنانيين، وليس بقرارات أو تصنيفات خارجية ناتجة عن رؤى سياسية أمريكية منحازة للعدو الإسرائيلي ولا تعكس الواقع اللبناني. وأي محاولة محلية لاستثمار هذا القرار في المنافسات السياسية الداخلية هو تهويل وتضخيم غير مبرّر ويهدد بفتح أبواب التوتر الداخلي دون مصلحة وطنية.

الجماعة الإسلامية تُمثّل شريحة واسعة من اللبنانيين، وتعكس تطلعاتهم الوطنية والاجتماعية، وتطرح برنامجا إصلاحيا يسعى إلى بناء دولة العدالة والمؤسسات وترسيخ مفهوم المواطنة، وهي تؤكد على انتماء لبنان العربي كما نص الدستور، وتتبنى دعم القضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بما ينسجم مع الإجماع الوطني اللبناني الواسع.

هل تلقيتم مؤشرات داخلية لبنانية عن إمكان اتخاذ إجراءات محلية مشابهة أو متأثرة بالقرار الأمريكي؟ وكيف تقيّمون موقف الحكومة اللبنانية؟

حتى اللحظة، لم ترد أي مؤشرات تفيد بنية القوى الرسمية اللبنانية السير في هذا الاتجاه. ونتمنى، حرصا على العدالة وصونا للاستقرار الداخلي، ألا يتم استيراد هذا النوع من القرارات إلى الساحة اللبنانية، لأنها لا تخدم مصلحة البلاد ولا تنسجم مع خصوصية التجربة السياسية اللبنانية. المطلوب موقف حكومي متماسك يحفظ السيادة ويمنع تسييس الملفات القضائية والأمنية تحت ضغط خارجي.

ما حجم الأضرار المحتملة على بيئة الجماعة ومؤسساتها وناخبيها وداعميها نتيجة هذا التصنيف؟

الجماعة اعتادت أن تعمل في ظروف أقسى بكثير من الظروف الراهنة، ولم تتوقف يوما عن أداء دورها الديني والاجتماعي والسياسي رغم حملات الحصار والملاحقة. فعلى سبيل المثال، خلال فترة الهيمنة السورية على لبنان، واجهت الجماعة شتى أنواع التضييق الأمني والسياسي، ومع ذلك طوّرت مؤسساتها ووسعت حضورها، كما واجهت الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب وشاركت في مسيرة التحرير. لذلك، فإن التحديات الحالية لن تثنيها مطلقا عن متابعة مسيرتها وخدمة جمهورها وبيئتها الطبيعية.

ما أبرز التحديات القانونية التي قد تواجهكم، خصوصا فيما يتعلق بالتحويلات المالية والعلاقات الخارجية والمؤسسات التابعة للجماعة؟

مؤسسات الجماعة تعمل بإنتاج ذاتي ولا تعتمد على أي تمويل خارجي، فهي تعتمد على نفسها وجهود العاملين فيها حصريا. ومن جهة أخرى، فإن المصارف اللبنانية – التي كانت سببا أساسيا في نكبة اللبنانيين وتبديد أموالهم وقرصنتها – تغلق منذ سنوات حسابات العديد من المؤسسات ولا تفتح حسابات جديدة رضوخا للإملاءات الخارجية، لذلك لن يتغير الكثير.

ما مصير قوات الفجر "الجناح العسكري للجماعة الإسلامية في لبنان" في ضوء التطورات الأخيرة؟

الشعب اللبناني لا يحتاج إذنا من أحد للدفاع عن نفسه عندما يتعرض لعدوان صهيوني. هذا حق ثابت ومشروع تكفله القوانين الدولية وحقائق التاريخ والجغرافيا، وكل نقاش بشأن هذا الملف ينبغي أن ينطلق من مبدأ حماية لبنان وأمنه وسيادته، لا من الاعتبارات السياسية المفروضة من الخارج.

هل لديكم خطط أو شبكات قانونية دولية لمواجهة أي تجميد للأصول أو حظرٍ للأنشطة المرتبطة بهذا القرار؟

نعم، لدينا خطط عملية قيد التحويل إلى مشاريع قانونية ودبلوماسية وإعلامية متكاملة، تهدف إلى مواجهة الافتراءات والرد عليها ضمن الأطر القضائية الدولية، وإثبات الطابع القانوني والمؤسساتي لعمل الجماعة وشفافيته.

ما الخيارات المتاحة أمامكم لمواجهة هذا القرار؟

لدينا حزمة واسعة من الخيارات سنتعامل معها بمنهج تخصصي وتكاملي. سنستخدم المسار السياسي للدفاع عن شرعية عملنا، والمسار الإعلامي لتفنيد المزاعم بحقنا، والمسار القانوني لمواجهة أي استهداف غير مشروع، إضافة إلى مسار دبلوماسي يهدف إلى التواصل مع الجهات الدولية المعنية وتوضيح الصورة الحقيقية بعيدا عن الدعاية والتحريض.

هل تسعون إلى بناء شراكات مع قوى لبنانية أخرى لمواجهة القرار؟

بكل تأكيد؛ فبناء الشراكات هو أحد أهم المسارات السياسية التي ستنخرط فيها الجماعة خلال المرحلة المقبلة، سواء لضمان وحدة الموقف الداخلي تجاه أي استهداف خارجي، أو لترسيخ بيئة وطنية متفاهمة قادرة على منع توظيف القرار بما يضرّ السلم الأهلي أو المصالح الوطنية العليا.

هل تعيد الجماعة النظر في خطابها أو آليات عملها السياسي بعد هذا القرار، أم تعتبرونه قرارا لا يستوجب تغييرا في النهج؟

لا نرى أي مبرّر لتغيير خطابنا، لأننا نمتلك رؤية واضحة للوطن قائمة على الإصلاح والتنمية وتعزيز الدولة القوية والعادلة. نحن نحارب الفساد والزبائنية، ونعمل من أجل سيادة لبنان وازدهاره، ونعتبر القضية الفلسطينية جزءا أصيلا من هويتنا السياسية والأخلاقية. لذلك، لن نتخلى عن ثوابتنا ولن ننزاح عن نهجنا الوطني.

كيف ستتأثر علاقتكم – كجماعة إسلامية – مع واشنطن بعد هذا التصنيف؟ وهل هناك قنوات اتصال أو وسطاء لإعادة تقييم الموقف الأمريكي؟

لا علاقة لنا مع الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه لم يُعرف عن الجماعة يوما أنها هدّدت مصالح الولايات المتحدة. لذلك فإن فكرة إيجاد وسطاء للتواصل وإعادة تقييم الموقف أمر محتمل، خصوصا إذا كان ذلك يسهم في تصحيح صورة مشوّهة أو مواجهة روايات ملفّقة لا تمت إلى الواقع بصلة.

إلى أي مدى تخشون أن يؤدي هذا القرار إلى إعادة رسم خريطة التعامل الإقليمي والدولي مع الحركات الإسلامية، بما في ذلك العلاقات مع الخليج وأوروبا؟

إذا طرأت تغييرات من أي طرف إقليمي أو دولي فسنقوم بدراسة الأمر بدقة، وسنبني مواقفنا استنادا إلى التقييم الهادئ والموضوعي. نحن نتعاطى مع الجميع وفق مصلحة لبنان وسيادتِه، لا وفق ردود فعل انفعالية.

كيف ترون علاقة الجماعة الإسلامية مع الداخل السوري وتواجدها على الأرض السورية بعد زجّ اسمها في التوغّل الأخير للاحتلال الإسرائيلي في بلدة بيت جن؟ وما طبيعة علاقتكم بالإدارة السورية الجديدة؟

الجماعة الإسلامية ليس لها أي نشاط خارج الحدود اللبنانية، فهي حزب لبناني بالكامل. والدولة السورية لم تقم علاقة مع أحزاب وأفراد يقيمون علاقات مع دول.

أما فيما يخصّ اعتداء "بيت جن"، فقد أصدرنا بيانا واضحا أدنّا فيه الاعتداء وقدمنا التعازي لعائلات الشهداء، وأكدنا أننا لا علاقة لنا بما جرى، وهذه هي الحقيقة الثابتة التي لا تحتمل التأويل.

كيف يمكن لقرار التصنيف أن يؤثر على حضور الجماعة في الانتخابات البرلمانية اللبنانية لعام 2026، سواء على مستوى التحالفات أو الخطاب السياسي أو الحملات الانتخابية؟

سنخوض الانتخابات بكل عزم وتصميم، وسنعلن عن تحالفاتنا في الوقت المناسب، وسنقدم رجال دولة قادرين على حماية الوطن وصون مؤسساته. القرار لن يُضعف حضورنا بل سيجعلنا أكثر وضوحا في خطابنا وأكثر إصرارا على تحقيق مشروع وطني إصلاحي.

هل تتوقعون أن يستغل خصومكم السياسيون هذا القرار لتقليص نفوذكم انتخابيا أو للتشكيك في شرعيتكم؟

لا نعتبر أن لدينا خصوما في الداخل اللبناني، لكن إذا أراد البعض تقديم قرابين سياسية لخصوم لبنان الخارجيين، فلكل حادث حديث. نحن نحتكم للقانون اللبناني ولإرادة الناس، ومَن يختبئ خلف النفوذ الخارجي سيكشفه اللبنانيون بأنفسهم.

إلى أي حد تعتقدون أن التصنيف قد يؤثر على المزاج الشعبي و"الصوت السنّي" تحديدا في انتخابات 2026؟

الجماعة الإسلامية هي أقوى حزب منظم في الساحة السنيّة، وستبقى في مواجهة كل مشاريع التهشيم والتهميش التي تتعرض لها هذه الساحة منذ سنوات. مشروعنا المركزي يقوم على تثبيت حضور السنّة واستعادة دورهم الطبيعي في الدولة اللبنانية بما يخدم استقرار الوطن ووحدته. ومن هذا المنطلق، فإن أي محاولة للنيل من موقع الجماعة قد تنعكس عكسيا، وتزيد من تعاطف الناس مع مشروعها الوطني.

هل سيؤثر القرار على علاقة الجماعة الإسلامية بحزب الله؟

سنراقب كيفية تعاطي الأحزاب والقوى السياسية كافة مع القرار، وسنبني على الوقائع والمواقف التي ستتّضح خلال المرحلة المقبلة. علاقاتُنا تُحدَّد وفق مصلحة لبنان وثوابته الوطنية، لا وفق الضغوط الخارجية، وبالتالي سنبني على الشيء مقتضاه.

على صعيد آخر، كيف تنظرون للخروقات الإسرائيلية المتكررة في لبنان؟

العدوان الإسرائيلي على لبنان، الذي قيل إنه توقف في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، لم يتوقف من الجانب الإسرائيلي مطلقًا؛ فالتوقف كان من الجانب اللبناني فقط. أمّا إسرائيل، فعدوانها مستمر ومتصاعد عبر الغارات الجوية والاستباحة الكاملة للأجواء اللبنانية؛ إذ إن الطائرات الحربية والمسيّرات الإسرائيلية لا تغادر الأجواء منذ ذلك التاريخ، وفي كل يوم تقع عمليات استهداف وغارات يسقط فيها شهداء وتُدمّر منازل وبيوت. كما يشنّ العدو حربا نفسية من خلال تحديد أماكن للاستهداف بهدف دفع الأهالي للنزوح من قراهم.

ومن جهة ثانية، يقوم العدو بتصعيد متدرج لإخضاع لبنان ودفعه إلى التفاوض المباشر، وهو ما نلحظه في الغارات الواسعة، والاستهدافات الجنونية، والأحزمة النارية التي تطال بعض القرى اللبنانية. إن توسّع الاعتداءات عملية ممنهجة ومستمرة منذ اللحظة الأولى للاعتداء على لبنان.

كما ندرك تماما أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ينتهج استراتيجية الهروب إلى الأمام هربا من المحاسبة على جرائمه الداخلية والخارجية، وقد يلجأ إلى شنّ حرب على لبنان؛ فالحرب باتت متوقعة، وإن كان الأمريكي حتى الآن غير موافق عليها، إلا أن إسرائيل قد تُقدم عليها لإرغام واشنطن على القبول بها.

كيف ترون الاتهامات الموجّهة للجيش اللبناني بالتقاعس عن مهامه جنوب الليطاني؟

واضح تماما أن الجيش اللبناني لم يتقاعس ولن يتقاعس؛ فمنذ اللحظة الأولى بعد توقيع وقف إطلاق النار، بدأت وحداته بالانتشار جنوب الليطاني، وقامت بواجباتها في تفكيك المواقع والمخازن وحصر السلاح، وهناك خطة لزيادة عدد القوات ليبلغ بحلول نهاية عام 2026 نحو 20 ألف ضابط وجندي.

الضغط الذي يُمارس اليوم هو ابتزاز سياسي للدولة اللبنانية لدفعها إلى قبول شروط العدو، لكن الدولة مدركة تماما لهذا الأمر، وقد قامت بخطوة مهمّة عبر تطعيم لجنة الميكانيزم بمندوب مدني هو السفير سيمون كرم، ووضع إطار واضح للمفاوضات.

وقد حدّدت الدولة اللبنانية ثلاثة شروط رئيسية تُشكّل سقف التفاوض، تتمثل في: انسحاب العدو من الأراضي اللبنانية التي ما زال يحتلها - إذ ما زال موجودا في خمس نقاط حاكمة - ووقف الاعتداءات والخروقات الجوية والبرية، والتفاوض حول ملف الأسرى في السجون الإسرائيلية.

هذه هي السقوف الثلاثة. أمّا الإسرائيلي، ومن خلفه الولايات المتحدة، فيسعيان للضغط على لبنان للذهاب إلى مدى تفاوضي أوسع، لكن لبنان مصرّ على التمسّك بهذه النقاط فقط.

ما رؤيتكم لأخطار إسرائيل على لبنان اليوم، وكيف يمكن حماية البلاد منها؟

ثمة قناعة آخذة في التوسع بين مختلف مكوّنات الشعب اللبناني - ولو لم تتحول بعد إلى إجماع كامل - بأن السؤال المركزي المطروح اليوم هو: كيف نحمي لبنان؟ فالأطماع الإسرائيلية لم تتوقف يوما، بل تتخذ اليوم شكلا أكثر خطورة، مع وجود خطط لاجتياح بري للأراضي اللبنانية، ولعل دخول القوات الإسرائيلية إلى الجنوب السوري والتفافها شرقا وصولا إلى مسافة كيلومترات قليلة من نقطة المصنع الحدودية كان جزءا من تصور عملياتي يستهدف لبنان بشكل مباشر.

ورغم أن الولايات المتحدة ما زالت حتى الآن تمنع إسرائيل من تنفيذ هذا الاجتياح البري، تبقى الأطماع بالحدود والثروات قائمة، وفي مقدّمها غاز شرق المتوسط وممرّات نقله؛ فإسرائيل تسعى إلى تصدير غازها وغاز فلسطين المُحتلة إلى أوروبا عبر ممرات آمنة تُكرّس موقعها في معادلة الطاقة الدولية.

إضافة إلى ذلك، أعلن نتنياهو صراحة أنه يؤدي "مهمة تاريخية وإلهية" تهدف إلى إنشاء إسرائيل الكبرى، ولبنان جزء من هذا المشروع، وعندما يؤسّس العدو حزاما أمنيا واحدا، لا يلبث أن يسعى إلى بناء حزام ثان وثالث حمايةً للأول، ما يعني أن الأطماع ليست فقط مستمرة، بل مرشحة للتصاعد.

من هنا، لا يمكن حماية لبنان بالاعتماد على القرارات الدولية أو المساعي الدبلوماسية وحدها، بل من خلال استراتيجية شاملة للأمن القومي تتكامل فيها المسارات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدبلوماسية، بما يضمن صون السيادة وردع العدوان والحفاظ على استقرار البلاد.

في ظل تصاعد الأطماع الإسرائيلية واتساع دائرة التهديد للبنان، هل بات من الضروري إعادة صياغة مفهوم المقاومة الوطنية واعتماد مقاربة دفاعية شاملة على مستوى الدولة؟

هذا هو واجب الوقت بالفعل، وهو مسار بالغ الأهمية ولا يحتمل التأجيل، لكن ثمة مشكلتين تعوقان الوصول إلى رؤية وطنية جامعة.

ففي الداخل، تبرز أطراف لبنانية تدعو إلى اعتماد سياسة الحياد، وهذا من وجهة نظرنا خطأ جوهري؛ إذ لا يمكن للبنان أن يكون محايدا في مواجهة دولة محتلة ومعتدية تخطّط لحرب جديدة عليه، وتسعى إلى السيطرة على حدوده وثرواته الحيوية.

أما في الخارج، فالمشكلة تتجلى في الضغوط الأمريكية والدولية التي تمنع الجيش اللبناني من امتلاك القدرات اللازمة للدفاع عن البلاد، بل إن الجيش يُطالب بتدمير السلاح الذي يصادره، ولا يُسمح له باستخدامه عند الحاجة، ما يفرغ دوره الدفاعي من مضمونه الفعلي.

لذلك، أصبحت الحاجة إلى استراتيجية دفاعية وطنية شاملة ضرورة ملحّة، شرط أن تُبنى على حوار جامع وتوافق سياسي حقيقي، لا على مقاربات تجزيئية أو حسابات فئوية ضيقة؛ فغياب هذا التوافق سيؤدي إلى ضياع الفرصة، ويتيح للعدو تحقيق المزيد من المكاسب، خصوصا أنه يشعر اليوم بفائض قوة بعد ما يعدّه تفوقا في حربه على غزة وعلى لبنان.

وعلى الحكومة والسلطة اللبنانية أن تُصغي إلى صوت شعبها قبل أي صوت خارجي؛ فحتى اللحظة، ما تزال القرى المدمّرة في الجنوب والبقاع محرومة من حقها الطبيعي في إعادة الإعمار، ولا يُسمح بدخول أموال الإغاثة إليها، فيما يعيش الناس من دون بيوت، وعلى أبواب شتاء قارس ومنخفضات جوية متتالية، ومع ذلك لم تُصدر السلطات أي إذن يسمح ببدء إعادة البناء.

ما تحتاجه الحكومة اليوم هو التعويل على شعبها لا على وعود الخارج؛ فالشعب هو مصدر القوة الحقيقية التي تمنح لبنان مناعته وقدرته على الصمود، وهو القادر على حماية بلده عندما تتخلى عنه القوى الدولية أو تفرض عليه قيودا لا تخدم مصالحه الوطنية.

أمّا إذا بقينا نرضخ لإملاءات الخارج - وخاصة الدول الداعمة للعدو الإسرائيلي - فلن نكون قادرين على حماية لبنان، وسندفع أثمانا باهظة جدا ولن يمكننا حماية أنفسنا من اعتداءات العدو الإسرائيلي.

مقالات مشابهة

  • تونس: السجن 12 سنة بحق السياسية المعارضة عبير موسي بعد طعنها في أوامر الرئيس قيس سعيّد
  • مساحته 5600 متر.. أمين البحوث الإسلامية يشارك في وضع حجر أساس مسجد شهداء القضاة
  • الحزب الكردي يطالب بمنح أوجلان حقوقه السياسية وينتقد معاهدة لوزان 
  • ر بو عاصي: لا توازن قوى مع إسرائيل والتفاوض ضرورة لحماية لبنان
  • حزب الله من رسالة البابا إلى زيارة السفارة البابوية… تأكيد كيانية لبنان
  • بينحزب الله وحاكم مصرف لبنان: هواجس متبادلة قيد البحث
  • مفتي الجمهورية ينعى الدكتور ثروت مهنا أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر
  • إسرائيل: التطورات على الحدود مع حزب الله تتجه نحو التصعيد
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • الجماعة الإسلامية في لبنان تكشف لـعربي21 خطتها للرد على قرار إدارة ترامب