أكد سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أن الهند صديق قديم وشريك نمضي معه نحو مستقبل مزدهر، وتجمعنا علاقة أساسها الثقة والاحترام المتبادلين.
وأشاد سموّه بالعلاقات النموذجية والشراكة الاستراتيجية التي تربط البلدين والشعبين الصديقين، والتي تشهد تطوراً مستمراً بمداد من الحرص المشترك على توسيع نطاقها ضمن مختلف المجالات الحيوية الداعمة لأهداف التنمية المستدامة للجانبين.


جاء ذلك في ختام الزيارة الرسمية الأولى لسموه إلى الهند، والتي عقد خلالها سلسلة من المباحثات المهمة مع كبار مسؤولي الحكومة الهندية وفي مقدمتهم دولة ناريندرا مودي، رئيس وزراء جمهورية الهند، حيث نقل إليه تحيات القيادة الرشيدة في دولة الإمارات وصادق أمنياتها للهند قيادةً وحكومةً وشعباً بمزيد من السداد والتقدُّم والازدهار، فيما تناولت المباحثات مستقبل العلاقات الثنائية وآفاق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وسبل تطويرها بما يدعم خططهما في مجالات التنمية الشاملة، ويخدم المصالح المشتركة.
وأعرب سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم عن اعتزازه بهذه الزيارة الناجحة وما أثمرته من نتائج في إطار الحرص المشترك على تعزيز روابط الصداقة والتعاون بين الإمارات والهند بكل ما يتمتع به البلدان من ثقل نوعي على الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية كافة.
وقال سموّه إن الهند صاحبة واحدة من أقدم حضارات العالم.. ولديها ثروة بشرية ضخمة فهي أكبر دولة من ناحية عدد السكان.. والتجارة كانت الجسر الذي ربط الإمارات والهند قديماً.. ولم تحمل سفنها فقط البضائع ولكنها حملت ثقافة وتراثاً وحضارة تبادلها الجانبان.. واليوم البلدان يجمعهما حرص مشترك على صُنع مستقبل مشرق بتعاون وثيق قائم على توظيف الأفكار المبدعة والابتكار والتكنولوجيا في النهوض بقدرات مختلف القطاعات الحيوية.
وأضاف سموه أن الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين أثمرت خلال فترة وجيزة بعد إبرامها في العام 2022، وتعزّزت بتوقيع 8 مذكرات تفاهم جديدة ضمن قطاعات استراتيجية.. ونواصل العمل على اكتشاف مزيد من فرص التعاون البنّاء مع الدول الصديقة كافة مستلهمين رؤية القيادة الرشيدة للمستقبل ونهج الإمارات القائم على السلام والتفاهم والتعايش والسعي الصادق لتحقيق الخير للجميع بتضافر الجهود والعمل المشترك نحو مزيد من الإنجازات والنجاحات ولإيجاد حلول ناجعة تعالج التحديات المشتركة العابرة للحدود.
وأثنى سموّ ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، على جهود وإسهامات القطاع الخاص الإماراتي، ودوره في تعزيز روابط التعاون الاقتصادي للدولة مع العالم، من خلال المشاريع والاستثمارات النوعية التي يشارك في إطلاقها وتنفيذها على الصعيد العالمي، منوهاً بدور المؤسسات الاقتصادية الوطنية الرائدة في تقديم نموذج متطور ومُلهم في التطوير واستحداث آليات ومنظومات العمل الفعّالة عالية الكفاءة المدعومة بالتكنولوجيا المتقدمة، لتعزيز مختلف مسارات التنمية الشاملة على أسس مستدامة.
وقد التقى سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، خلال الزيارة، التي رافق سموّه خلالها وفد رسمي رفيع المستوى، كلاً من معالي الدكتور سوبرامانيام جايشانكار، وزير الشؤون الخارجية، ومعالي راجناث سينغ، وزير الدفاع، جمهورية الهند، حيث تم بحث آفاق التعاون بين الجانبين واستعراض أهم التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية، وجملة من الموضوعات محل الاهتمام المشترك.
وتخلّلت زيارة سموّه نشاطاً مكثفاً ضمن محورها الاقتصادي، حيث التقى سموّه معالي بيوش غويال، وزير التجارة والصناعة الهندي، حيث استعرض الجانبان التطور الإيجابي للشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين وما أثمرته من نتائج سريعة من أهمها نمو التجارة البينية بنسبة تجاوزت 20% خلال العام 2024 مقارنة بالعام 2023 مسجلةً 240 مليار درهم، في حين تطرقت المباحثات إلى سبل تعزيز التعاون بين القطاع الخاص الإماراتي ونظيره الهندي في ضوء المحفزات والفرص الكبيرة التي تتيحها دولة الإمارات أمام الاستثمار الأجنبي. كما شهد سموّه الإعلان عن افتتاح المكتب التمثيلي الثاني لغرفة دبي العالمية في الهند بمدينة بنغالور، بهدف توسيع جهود الغرفة لتعزيز روابط الأعمال مع السوق الهندية، وذلك بعد افتتاح مكتبها التمثيلي الأول في مدينة مومباي في عام 2018، ليرتفع عدد المكاتب التمثيلية الخارجية لغرفة دبي العالمية إلى 34 مكتباً.
كذلك قام سموّ ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، بجولة في منطقة السوق المالي في مدينة مومباي، حيث اطّلع على نشاط بورصة بومباي والتي تعد من أقدم بورصات العالم، حيث استعرض سموّه فرص التعاون القائمة والممكنة بينها وبين الأسواق المالية الإماراتية. 
كما افتتح سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم خلال الزيارة "مجمع نافا شيفا للأعمال" التابع لموانئ دبي العالمية في مدينة مومباي، وهي ثالثة المناطق الحرة عالمية المستوى التي أسستها موانئ دبي العالمية في الهند باستثمارات تزيد على 735 مليون درهم.
وقد رافق سموّه خلال الزيارة وفد رسمي رفيع المستوى ضمّ سموّ الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران المدني، رئيس مطارات دبي، الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات والمجموعة، ومعالي محمد بن عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، ومعالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، ومعالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير الرياضة، ومعالي عبدالله بن طوق المرّي، وزير الاقتصاد، ومعالي محمد بن هادي الحسيني، وزير دولة للشؤون المالية، ومعالي عمر بن سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، كما ضم الوفد عدداً من كبار المسؤولين والقيادات الاقتصادية الإماراتية.

أخبار ذات صلة رئيس الدولة يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الصديقة وزير الطاقة الأميركي: الإمارات شريك استراتيجي ونتطلع إلى تعميق التعاون في مجالات الطاقة والذكاء الاصطناعي المصدر: وام

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: حمدان بن محمد الإمارات الهند الشیخ حمدان بن محمد بن راشد آل مکتوم مجلس الوزراء دبی العالمیة وزیر الدفاع

إقرأ أيضاً:

لماذا نحتاج إلى اتفاقية تجارة مع الهند؟ ولماذا الآن؟

 

 

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

تُعرف سلطنة عُمان على مدى عقود؛ بل وقرون، بأنَّها دولة تحفظ التوازن بعناية في علاقاتها السياسية والاقتصادية، وتبني جسورًا مع مُختلف الأمم شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، دون انحيازات ضيقة أو مواقف ارتجالية. ولم تكن السلطنة يومًا دولة انعزال، ولكنها أيضًا لم تكن دولة تُزَجّ بنفسها في اتفاقيات غير محسوبة.

ولهذا، فإنَّ عودة الحديث مؤخرًا عن اتفاقية تجارة حُرة مرتقبة مع جمهورية الهند، تفتح باب التساؤل الموضوعي: لماذا الآن؟ ولصالح من ستكون هذه الاتفاقية؟

ومن الذي بنى الفكرة ومن هو صاحب الحاجة أكثر وكم دولة أصلًا وقعت السلطنة معها اتفاقية تجارة فلماذا الهند؟

العلاقات العُمانية الهندية ليست وليدة السنوات الأخيرة؛ بل هي علاقات ضاربة في عمق التاريخ البحري والتجاري للمنطقة. فقد عرف العُمانيون الهند منذ عهود وانطلقوا من موانئ قلهات وصور، ومسقط وظفار ومسندم وعبروا المحيط إلى كوجرات وكيرلا، وتبادلت الشعوب البضائع والتوابل والمعرفة. في العصر الحديث، ظل الهنود من أكبر الجاليات في السلطنة، وساهموا في قطاعات عدة، من الصحة إلى التجارة.

لكن مع كل هذا القرب والاحتكاك، لم تُوقّع عُمان أي اتفاقية تجارة حرة مع الهند. وهو أمر قد يبدو مُفاجئًا للبعض، لكنه في الواقع كان تعبيرًا عن حذر استراتيجي عُماني. فالهند دولة كبرى وذات قاعدة صناعية ضخمة، واتفاقيات من هذا النوع قد لا تكون مُتكافئة بالضرورة.

الميزان التجاري.. أين الفائدة؟

حين نفتح دفاتر الأرقام، يظهر الفرق واضحًا: الميزان التجاري بين عُمان والهند يميل بشكل حاد لصالح نيودلهي. تستورد السلطنة من الهند بضائع كثيرة- غذائية وصناعية وطبية- في حين أن ما تصدّره إليها لا يُقارن كمًّا أو قيمة. فهل يُعقل في ظل هذا الخلل أن نفتح السوق العُمانية بشكل أوسع، دون ضمانات أو مكابح تحفظ المصلحة الوطنية؟

حتى لو قُدّمت الاتفاقية بصفتها “فرصة” لزيادة الصادرات العُمانية، يبقى السؤال: ما الذي سنصدره؟ وهل لدينا في الوقت الراهن خطة أو بنية صناعية أو زراعية أو خدمية جاهزة للمنافسة في سوق كثيفة ومنخفضة الكلفة كسوق الهند؟

ثم ماذا عن التوظيف؟ وماذا عن التعمين؟ هل ستتضمّن الاتفاقية بنودًا صريحة تُحافظ على نسب التوظيف الوطني في الشركات الهندية أو المشتركة؟ أم سنفتح الباب دون قيد فيزداد الباحثون عن عمل وهل سيناقش نظام تحويل الاموال بندية وتساوي؟ هذه ليست أسئلة رفاهية، بل جوهر النقاش.

التوقيت.. من يُملي الإيقاع؟

الأهم من ذلك هو السياق الزمني. لماذا طُرحت هذه الاتفاقية الآن؟ هل هي مبادرة هندية تبحث عن أسواق جديدة في الخليج، خاصة مع التغيرات الجو سياسية في العالم؟ أم أنها مبادرة من الجانب العُماني تسعى لتوسيع الفرص التجارية مع الجنوب الآسيوي؟

في ظل غياب الشفافية حتى اللحظة، تبقى الإجابة غامضة. وما يُقلق أكثر أن يتم توقيع اتفاق كبير كهذا دون نقاش مجتمعي، أو دراسة مُعلنة، أو حتى استطلاع رأي القطاعات الاقتصادية المتأثرة.

من حولنا: لا اتفاقيات.. ولا استعجال

والمفارقة هنا لافتة! رغم القرب الجغرافي والتاريخي، لم توقّع سلطنة عُمان اتفاقيات تجارة حرة مع إيران، ولا مع باكستان، ولا حتى مع أفغانستان أو دول جنوب آسيا الأصغر، رغم كل المصالح المتبادلة. فلماذا يبدأ هذا النمط الآن مع الهند؟ بل حتى مع الدول الإفريقية المجاورة، أو مع دول البحر الأحمر، ظلت السياسة التجارية العُمانية تتجه نحو المرونة دون الارتباط باتفاقيات مُلزِمة.

من نحن في هذه المعادلة؟

الاتفاقيات التجارية ليست مجرّد نصوص قانونية، بل عقود سيادية تُعيد تشكيل الاقتصاد الوطني لعقود. ولهذا، لا بد من أن نطرح الأسئلة التالية قبل أي توقيع:

هل نملك رؤية واضحة حول القطاعات العُمانية التي ستستفيد فعليًا؟ هل تتضمن الاتفاقية شروطًا لحماية الصناعات المحلية الناشئة؟ هل تضمن ضوابط التعمين ونقل التكنولوجيا؟ هل تم تقييم تأثير الاتفاقية على ميزان المدفوعات والميزان التجاري؟

إنَّ غياب هذه الرؤية يجعل من التوقيع خطوة محفوفة بالمخاطر أكثر من كونها خطوة نحو الانفتاح.

خلاصة القول.. نعم، العلاقات العُمانية الهندية تاريخية، وراسخة، وتحمل الكثير من الود المتبادل ولست ضد ذلك مطلقاً بل إن من مصلحتنا ترسيخ وتطوير ذلك والاستفادة من السوق الهندية الضخمة، لكن ذلك لا يعني أن أي اتفاق يُعرض علينا يجب أن يُقابل بالترحيب الأعمى.

الحكمة العُمانية لطالما كانت في التأني لا التردد، وفي الانفتاح المشروط والندية والتكافؤ.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الإمارات وكندا.. علاقات متنامية والتزام بتحقيق والسلام والأمن الإقليميين
  • منال بنت محمد: ملتزمون بتقديم نموذج في منح المرأة ما تستحقه
  • عبدالله بن زايد يستقبل رئيسة البرلمان الأوروبي ويبحثان مسارات التعاون المشترك والتطورات الإقليمية
  • الإمارات: نهجنا راسخ في تعزيز السلام والاستقرار وإنهاء التطرف
  • ولي العهد يبحث هاتفيًا مستجدات الأحداث مع قادة دول مجلس التعاون
  • ولي العهد يبحث مع قادة مجلس التعاون التطورات الأخيرة ومستجدات الأحداث في المنطقة
  • عاجل: ولي العهد يبحث هاتفيًا مستجدات الأحداث بالمنطقة مع قادة دول مجلس التعاون
  • الجيل: مصر قادرة على تحويل التحدي لانطلاقة نحو مستقبل اقتصادي مزدهر
  • 56 عاما عن رحيل الشيخ محمد صديق المنشاوي الملقب بـ "الباكى"
  • لماذا نحتاج إلى اتفاقية تجارة مع الهند؟ ولماذا الآن؟