آخر تحديث: 13 أبريل 2025 - 11:13 صبقلم:فاروق يوسف ستفكر إيران في الربح ولكنها ستركز بشكل أساس على التقليل من خسائرها المتوقعة.والمفاوض الأميركي الحالي لديه أجندة مختلفة عن سلفه الذي وقع اتفاق عام 2015 والذي أتى مهزوما. ذلك من جهة ومن جهة أخرى فإن إيران اليوم ليست هي إيران عام 2015.فإيران اليوم مهزومة وهي باتت على استعداد للقبول بهزائم مضافة إذا ما اضطرت إلى ذلك.
هُزمت في لبنان بعد مقتل كل قيادات حزب الله وهُزمت في سوريا بعد ترحيل الأسد إلى موسكو. وما هو متوقع أن تُهزم في اليمن بعد أن صار الحوثيون يشكلون خطرا على الملاحة الدولية. أما في العراق فإن وضعها سيكون استثناء. لقد تمكن وكلاؤها من السيطرة على الدولة هناك. ولا تفكر إيران بهزيمة سريعة وقريبة في العراق، غير أنه ما من جهة يمكن أن تضمن استمرار تلك الحال.لم يكن المفاوض الأميركي يوما ما ضعيفا غير أنه سيكون هذه المرة شرسا وقويا في إملاء شروطه. فالولايات المتحدة هي التي تتفاوض غير أن صوت رئيسها دونالد ترامب بكل جهوريته يظل واضحا. وإيران تعرف بدقة أنها لا يمكن أن تستعمل لغتها المخاتلة في الحديث مع ترامب. فأيّ مناورة إيرانية يجب أن تكون محسوبة النتائج وإلا فإن الحرب قادمة. في سياق ذلك الوضع تنفتح إيران على تحول إقليمي خطير يمثله الموقف الإسرائيلي الضاغط في اتجاه الحرب.إيران التي سلمت غزة للخراب وتخلت عن حزب الله وبشار الأسد يمكنها أن تتخلى عن الحوثيين في اليمن وميليشياتها في العراق إذا ما شعرت أن ذلك يمثل ثمنا يدفع عنها أضرار الحرب.في عصر الثنائي ترامب ــ نتنياهو صار التهديد بضرب إيران أو شن الحرب عليها أمرا مؤكدا وليس مجرد تلويحات فارغة من المعنى. لم يعد في إمكان إيران أن تستمر في مشروعها العسكري النووي. إما أن تقدم إيران ما يبرر حاجتها سلميا لمفاعل نووي أو تتعرض للضرب وفقدان كل ما أنفقته من أموال والتضحية بجهد علمائها.أما حين يقول الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بأن إيران مستعدة لاستقبال استثمارات أميركية، فتلك العبارة لا تعبّر عن رأي شخصي. ذلك لأن إيران لا توظف رئيسا من أجل أن يعبّر عن موقفه الشخصي ولكنّ آراءه لا تعبّر دائما عن موقف مرشد الثورة الذي يتخذ الموقف الأخير. ما يهم هنا أن إيران اعتادت أن تطلق بالونات في محاولة منها لجر العالم الخارجي إلى مكان وهمي.ما قاله بزشكيان هذه المرة ليس بالونا. فإضافة إلى أن إيران دولة منهكة اقتصاديا فإن شعورها بأن الحرب صارت قريبة منها يجعلها تفكر بطريقة مختلفة.فلا تصدير الثورة بات مطلبا ملحا ولا أحلام استعادة الإمبراطورية الفارسية ضرورية في مقابل الحفاظ على سلامة النظام السياسي الحاكم واستمراره. لقد أجاد الإيرانيون اللعب مع العالم. في كل الحالات السابقة خرجوا منتصرين. الجمهوري ترامب هو الذي أفسد الطبخة. لا تتحمل إيران أن تصبر أربع سنوات مضافة كما أن ترامب نفسه يضيق بالزمن فيحاول أن يختصر المسافة.حين استلم خامنئي رسالة ترامب التي تم نشرها لم يحتج، كونها انطوت على إملاءات هي عبارة عن شروط مسبقة. فها هي إيران تذهب إلى مفاوضات مسقط وهي التي كانت تطالب بمفاوضات من غير شروط مسبقة. لم تتضمن رسالة ترامب شروطا مسبقة بل انطوت على تهديد معلن بالحرب. ذلك ما تخشاه إيران على الرغم من أنها تمثل دور الدولة القوية المستعدة للحرب التي أوهمت أتباعها بأنها قادرة على الوقوف معهم غير أنها خذلتهم.تخاف إيران من حرب أميركية ــ إسرائيلية تُشنّ عليها. كل معلوماتها تؤكد أن تلك الحرب ستكون أسوأ من الحرب التي شنت على العراق عام 2003. لقد شاركت إيران في تلك الحرب. ولكنها تعرف أن تقنيات أكثر من عشرين سنة ستضيف خبرة لن تتمكن من التعامل معها في سياق أيّ حرب جديدة.لن تضحي إيران بنظامها السياسي من أجل أن تؤكد أنها صالحة للدخول في حرب ضد الشيطان الأكبر. لا لأن الزمن تغير وكل شيء في العالم تغير بل لأن هناك مؤشرات قوية تؤكد أن إسرائيل لا ترغب في بقاء نظامها.ستفاجئ إيران العالم بمرونتها. هي لن تتشدد غير أنها ستناور إلى الدرجة التي ستبقيها في السباق.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
التعلُّم من الدول والقيّادات التي تُغلب مصالِح شعوبها
التعلُّم من الدول والقيّادات التي تُغلب مصالِح شعوبها
نضال عبد الوهاب
في العالم من حولنا هنالك حالياً نماذج لدول وقيّادات تختلف أو تتفق معها ولكنها تعاملت مع أزماتها ومواجهة طريق الحروب والدمار لشعبها ولبلادها بمسؤولية وتغليب لمصالح تلك الدول والشعوب، فعلى سبيل المثال عندما اندلعت حرب الأربعة أيام ما بين الهند وباكستان من مدة قصيرة وهما الدولتان النوويتان ومع أول تدخل عالمي ونداءات لوقف النزاع المُسلح والتوسط لإيقافها سواء من أمريكا أو بقية دول العالم استجابت الدولتان وقيادتهما لتلك الوساطة وتم إيقاف الحرب التي جنبت بلديهما وشعبهما الإبادة والدمار الشامل بل وكل العالم والدول الأخرى من حولهما، وكذلك حدث هذا حتى ما بين الأضدّاد إيران وإسرائيل والمُشاركة الأمريكية فيها وبعد اثني عشر يوماً توقفت الحرب بينهما تماماً رغم توفر أسباب استمرارها، ولكن كذلك لوعي قيادة البلدان الثلاثة وخاصة في إيران التي امتصت صدمة الاعتداء الإسرائيلي عليها ولم تتوقف عند (من بدأ الحرب) وتجاوزت ذلك لأجل مصالح أكبر لبلدها وشعبها وبعقلانية كبيرة استجابت مع بقية الأطراف للوساطة الدولية والتفاوض بينهم لوقف الحرب وآلة الدمار والقتل والتخريب، وكان بالإمكان تحولها لحرب عالمية ثالثة في المنطقة، نفس الأمر يحدث الآن ما بين حماس من فلسطين وإسرائيل في محاولات وقف الحرب والإبادة في غزة والتعامل الإيجابي مع البنود المُقدمة من الرئيس ترامب والإدارة الأمريكية الحالية وهي الحليف الإستراتيجي لإسرائيل نفسها، مع بقية الوسطاء، ولكن لتغليب مصلحة العالم والمنطقة وكذلك مصلحة الشعبين سواء الفلسطيني أو الإسرائيلي خاصة في ظل المقاومة الأسطورية لأهل غزة والشعب الفلسطيني وتمسكهم بالأرض تم التوصل لهذا الاتفاق برُغم عدم توازن القوى العسكرية علي الأرض والتي دون شك هي في صالح إسرائيل حالياً المدعومة كذلك من أمريكا القوى العظمى الأولى في العالم.
كُل تلك النماذج لحروب وصرّاعات وفي ذات التوقيت الذي تدمر فيه الحرب والصراعات المُسلحة بلادنا وبصورة قد تعد أكبر بكثير من ما يجري حتى في غزة وفلسطين، خاصة في جانب مأساتها الإنسانية وعدد أحجام المُتضررين منها، وعلى الرُّغم من أن الحرب ما بين إسرائيل وحماس قد بدأت بعد الحرب الحالية في السُودان بقرابة الست أشهر، إلا أن التوصل لاتفاق لإنهائها سبق التوصل لذات الأمر بالنسبة لنا في السُودان، برغم وجود ذات الوسطاء الخارجيين والنداءات الداخلية والأممية لضرورة وقفها.
هُنا يكمُن الفارق للأسف ما بين العقليّات والقيّادات والأطراف العسكرية والمدنية والسياسِية السُودانيّة وما بين تلك الدول وقيّاداتها في التعامل مع هذه الأزمة والصراع الدموي والحرب، والغياب التام لتغليب مصلحة السُودان وشعبه في ظل ما يجري من إبادة وخراب ودمار وتشرّيد ومُعاناة ومأساة إنسانية غير مسبوقة، وفي ظل خطر دائم يُهدد وجود الدولة نفسها وقتامة لمُستقبلها والأجيال القادمة فيها.
لا نزال للأسف نتعامل بعقليّة بعيّدة كُل البُعد عن حجم الأزمة والكارثة المُحيطة بنا والعمل الجاد المُخلص لوقفها وتداركها، لا تزال هنالك عقليّات وأدمغة لا ترى إلا كراسي السُلطة والمال والنفوذ حتى في ظل كُل هذا الموت والدمار والخراب، ولا تأبه بكُل هذا، لا تزال قوى وقيّادات سياسية تنظر تحت رجليها وبضيّق أفق “غريب” للتعامل مع الواقع الحالي وترفض أي محاولة لتقديم أدنى تنازلات لأجل تغيير هذا الواقع وتغليب مصلحة الشعب في وقف الحرب بأي ثمن طالما سيضمن وقف الموت والإبادة للشعب ويوقف التشريّد والجوع والمرض الذي يفتك بالسُودانيين، لا يزال البعض يغلق عقله كأننا في 1989 والتسعينات من القرن الماضي أو في 2019؟؟؟ مُتناسيّن التحولات في ذات الواقع والتغيير الكبير على الأرض وحجم الضرر الحادث الآن ونحن في نهايات 2025؟؟؟، لا يزال الكثيرين للأسف لم يتعلموا من كُل هذا الدرس القاسِي للحرب في الإصرار على التوقف عند مواقف سياسية وطريقة حلول ومسارات لن توصل شعبنا لبر الآمان ولن توقف موته وإبادته وتشرده ومُعاناته، لا يزال هنالك من القيّادات أو المُسماة قيادات سياسِية مجازاً من يرفض حتى فكرة الجلوس مع المُختلف معهم سياسياً أو الخصوم والأعداء في سبيل التوصل لصيغة يتم بها وقف هذا الدمار والموت وتكون لصالح الشعب بالأساس وليس لصالح كراسي السُلطة؟؟؟، يرفضون حتى وضع أجندة لحوار سلمي شامل للوصول لمُشتركات وينزع العنف والصراع الدموي المُسلح، تنظر للمُستقبل ولا تتدحرج بنا في ماضٍ لا ينتهي صرّاعه، عقليّات قمة في الأنانية والتزمُت والتطرف وضيّق الأفق، ولكنها مع هذا للأسف تتسيّد المشهد وتفرض تحجُرها هذا على كُل السُودانيين من الذين ليس لهم حيلة من البسطاء ومن يحاصرهم الموت والجوع والمرض في كل لحظة تمر ومُغلقة أمامهم كُل الأبواب؟؟؟.
نحتاج للتعلُّم من تجارب الآخرين في العالم دول وقيّادات في تغليّب مصالح شعوبهم ودولهم، نحتاج للتخلي عن الأنانية والتزمت وضيّق الأفق، نحتاج لقيّادة واعية ووطنية وشُجاعة تعمل لوقف هذا الجنون والموت وآلته، عسكريين ومدنيين وقوى سياسِية وكل فاعِل سياسِي مُهتم، لا نحتاج لضيّقي الأفق ولا الذين تجاوزهم الواقع والتجربة وفشلوا فشلاً لا حدود له في نقل البلد والشعب لوضع آمن ومُستقر وأفضل في كُل شئ؟؟؟
أخيراً نحتاج إلى من لا ينظر إلا لمصلحة هذا الوطن والشعب ويجعلها هي الأولى والمُقدمة وينسى حظوظ النفس وصرّاع كراسِي السُلطة الذي لم يوردنا إلا لهذا المصيّر الحالي!
الوسومأمريكا إسرائيل إيران الحرب السلام السودان القوى السياسية الهند باكستان حماس صراع السلطة غزة فلسطين نضال عبد الوهاب