يتأكد يوما بعد يوم أن الحرب على غزة لم يعد لها أي معنى، سوى بقاء نتنياهو في السلطة. هذا ما أكدته كل الأطراف الإسرائيلية المناهضة حاليا لاستمرار القتال، بما في ذلك آلاف العسكريين الذين وقعوا على عرائض في هذا الشأن. لكن الأهم من ذلك أن الرئيس الأمريكي وإدارته أدركا هذه المسألة بعد فشل الحكومة الإسرائيلية في الوفاء بتعهدها القضاء على حركة حماس بعد استئنافها الحرب، فكل ما حققته قتل مزيد المدنيين، وإجبار الأحياء على الترحال هنا وهناك دون مواجهة فعلية مع مقاتلين في الميدان.

بمعنى آخر، مارس نتنياهو القتل العشوائي للنساء والأطفال بكل جرأة وقلة حياء.

كما يعتبر تنازل الحكومة الإسرائيلية عن بعض مطالبها لاستئناف المفاوضات مع المقاومة مؤشرا آخر على اضطراها لذلك، نتيجة الرغبة الأمريكية في تحقيق التهدئة قبل وصول ترامب إلى المنطقة. وتكفي الإشارة في هذا السياق إلى تأكيد عائلات الإسرائيليين على أن أبناءهم أصبحوا رهائن عند نتنياهو وليس عند حماس. فهذه الحكومة الإسرائيلية البغيضة، رغم قرب توصلها مع المقاومة على صيغة اتفاق ثنائي، تستمر بحقد الأسود في قصف المستشفيات وقتل المدنيين بدم بارد، وذلك كأسلوب فظيع من أجل الابتزاز السياسي بهدف الحصول على مزيد من التنازلات لإرضاء النفوس المريضة لجماعات أقصى اليمين.

يجري التخطيط لغزة بعد عشر سنوات على الأقل، ويراد أن تكون مصر شريكا في وضع الخارطة الجيوسياسية الجديدة بعد أن فشلت خطة التهجير. لكن العقدة التي لم يتوصل الجميع إلى تفكيكها تتمثل في أن حركة حماس بقيت إلى حد الآن شوكة في حلق الكيان
في ضوء ذلك يجري التخطيط لغزة بعد عشر سنوات على الأقل، ويراد أن تكون مصر شريكا في وضع الخارطة الجيوسياسية الجديدة بعد أن فشلت خطة التهجير. لكن العقدة التي لم يتوصل الجميع إلى تفكيكها تتمثل في أن حركة حماس بقيت إلى حد الآن شوكة في حلق الكيان.

وفي هذا السياق، تعمل السلطة الفلسطينية على فرض نفسها كرقم صعب لا يمكن القفز عليه، خاصة وأن المجتمع الدولي يعتبرها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. وقد كثفت تحركاتها في الفترة الأخيرة، واعتبرت أن الفرصة سانحة لاستعادة غزة بعد أن خسرتها في أول انتخابات ديمقراطية تجري داخل الأراضي الفلسطينية. والأهم من ذلك أن منهجها مختلف كليا عن منهج حماس وبقية الفصائل المسلحة، فهي لا تزال متمسكة بمرجعية أوسلو، ولا تكتفي برفض الكفاح المسلح ضد إسرائيل، بل وتعتبره عملا إرهابيا. وعلى هذا الأساس قامت السلطة بإدانة "طوفان الأقصى"، وترى فيها خطأ استراتيجيا لم يجن منه الفلسطينيون سوى القتل والإبادة وهدم مدينة غزة.

وعلى هذا الأساس يتم التعامل مع السلطة دوليا، رغم ضعفها وعدم امتلاكها القوة والقدرة على فرض إرادتها والدفاع عن مواطنيها. لهذا تنتظر بفارغ الصبر اللحظة التي تقرر فيها المقاومة تسليم حماسها وأن يغادر قادتها غزة نهائيا ليستقروا في بلدان أخرى، وتتولى هي الإشراف على مشروع إعادة إعمار غزة بأموال خليجية، فتجني من وراء ذلك استعادة شيئ من هيبتها وشرعيتها.

تدرك حماس أن معظم الأطراف على الصعيدين الإقليمي والدولي لن تساعدها على البقاء كلاعب رئيس في المشهد الراهن، وهو ما يفرض عليها البحث عن سياسة لا تجعل منها عقبة أمام إعادة بناء غزة والتخفيف من أعباء المدنيين، في ظل الحصار وضرب كل مقومات الحياة في المدينة
لكن ذلك كله لم يشفع للرئيس عباس عند الإسرائيليين الذين يبحثون عن بديل له، يتولون صناعته ودعمه لكي يساعدهم على السيطرة سياسيا وإداريا على ما تبقى من فلسطين.

إن صمود حماس في هذه الحرب القذرة أمر سيسجله التاريخ في رصيدها، رغم حجم الخسائر الضخمة التي ترتبت عن ذلك، وبناء عليه يُستبعد أن تغادر الساحة وتتركها بكل سهولة لخصومها. وفي المقابل، تدرك حماس أن معظم الأطراف على الصعيدين الإقليمي والدولي لن تساعدها على البقاء كلاعب رئيس في المشهد الراهن، وهو ما يفرض عليها البحث عن سياسة لا تجعل منها عقبة أمام إعادة بناء غزة والتخفيف من أعباء المدنيين، في ظل الحصار وضرب كل مقومات الحياة في المدينة. لهذا يُنتظر منها خلال المرحلة المقبلة التعاطي بمرونة عريضة مع معظم الأطراف، خدمة للقضية لا غير.

والمؤكد أنه ليس من المصلحة الوطنية الفلسطينية الاستسلام لشروط العدو، وخاصة السعي المحموم لتجريدها من سلاحها، خاصة في الظروف الحالية، لأن ذلك سيكون بمثابة "أعطني سكينك لأذبحك به"، وهو ما يفرض على الدول الإسلامية عدم التورط في عمل من هذا القبيل. المؤكد أيضا في كل الأحوال أن الصراع سيتواصل بأشكال متعددة، والعبرة بالأفعال لا بالأقوال.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه غزة الإسرائيلية حماس الفلسطينية إسرائيل فلسطين حماس غزة ابادة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بعد أن

إقرأ أيضاً:

الجدعان: للمملكة والصين دور رئيسي في تحقيق التكامل الاقتصادي العالمي

عقد الجانب المالي للجنة السعودية الصينية المشتركة رفيعة المستوى، اليوم, رابع اجتماعاته -عبر الاتصال المرئي-، وذلك برئاسة معالي وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان, ومعالي وزير المالية الصيني لان فوان، ومشاركة عدد من ممثلي الجهات لدى البلدين.

وناقش المشاركون موضوعات عديدة شملت فرص التعاون الاقتصادي والمالي الثنائي ومتعدد الأطراف بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، وسبل تعزيز فاعلية المؤسسات المالية الدولية، بالإضافة إلى ترسيخ الشراكة الإستراتيجية بين البلدين.

وتبادل المشاركون المقترحات ووجهات النظر بشأن تعزيز التعاون الثنائي في مجالات اقتصادية ومالية مختلفة ومنها السياسات الضريبية، وأسواق المال، والتشريعات المصرفية، والتمويل، وتطوير البنى التحتية، والشراكات بين القطاعين العام والخاص.

وخلال الاجتماع، أوضح الجدعان أن للمملكة والصين دور رئيسي في تحقيق التكامل الاقتصادي العالمي من خلال مشاركتهما الفعّالة في المنصات متعددة الأطراف، مؤكدًا أن هذه المنصات توفر الفرصة المثلى للبلدين لدعم الاقتصادات الناشئة وتحقيق مستهدفات اقتصادية هامة كالتنمية، والحد من الفقر، وتعزيز الحوار الفعّال والشمولي عالميًا.

وأكد أهمية استمرار تعميق العلاقات التجارية والاستثمارية، وتعزيز التكامل المالي، وتنسيق السياسات بين البلدين لتعزيز الرخاء المشترك والتنمية المستدامة، مشددًا على ضرورة استكشاف مجالات جديدة ومبتكرة، وتحسين البحث والتطوير، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتوفير بيئة مالية أكثر شمولية وتنافسية.

اقرأ أيضاًالمملكةوزارة الصناعة والثروة المعدنية تصدر 92 ترخيصًا صناعيًا جديدًا وتعلن بدء الإنتاج في 80 مصنعًا خلال أبريل 2025

وأشار معاليه إلى أن هناك العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة في المملكة للمستثمرين من الصين، التي تشمل مشاريع البنية التحتية والسياحة والصناعة، بالإضافة إلى الشراكات بين القطاع العام في المملكة والشركات الصينية.

من جهته أشار معالي نائب وزير المالية الأستاذ عبدالمحسن بن سعد الخلف في كلمته خلال الجلسة الأولى للاجتماع بعنوان “التعاون المالي والاقتصادي متعدد الأطراف”، إلى دور البلدين القيادي في المنظمات والمؤسسات المالية الدولية – كصندوق النقد والبنك الدوليين – وضرورة تركيز المنتديات العالمية مثل مجموعة العشرين على الأولويات الاقتصادية، وتبني نهجٍ تعاونيٍ لتقديم حلول عملية لمواجهة التحديات العالمية.

وأشاد بقدرة المملكة والصين الاستثنائية على حشد الموارد الدولية لإصلاح البنى الاقتصادية وترميم جسور التعاون من خلال مبادرات رائدة عادت بالنفع على الاقتصاد العالمي واقتصادات الأسواق الناشئة مثل مبادرة تعليق خدمة مدفوعات الدين وإطار العمل المشترك لمعالجة الديون، مؤكدًا أهمية الاستمرار في بذل الجهود والسعي نحو استكشاف فرص التعاون الممكنة في المنظمات متعددة الأطراف العالمية والإقليمية بما يدعم مكانة البلدين عالميًا.

مقالات مشابهة

  • بشار المصري يصرح لصحيفة عبرية مهاجما حماس.. لا خيار أمامها سوى ترك السلطة
  • “أونروا”: غزة بحاجة ماسة إلى تدفق المساعدات الإنسانية دون توقف
  • دي ماريا يرفض الابتزاز ويعود إلى نادي الطفولة
  • وزير الخارجية الإيراني: نسعى لحل دبلوماسي لجميع الأطراف وهذا يتطلب إلغاء العقوبات
  • “حماس”: مجزرتا البريج ومفترق السرايا تجسدان فصول الإبادة الجماعية الصهيوني
  • سفارة كوريا ترحب بتقرير اللجنة الاستشارية
  • التربية تتابع أوضاع المعلمين بمختلف البلديات وتبحث تسويات وظيفية وترقيات
  • الجدعان: للمملكة والصين دور رئيسي في تحقيق التكامل الاقتصادي العالمي
  • ويتكوف متفائل بشأن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة
  • الشباب والرياضة بالأقصر تنظم البرنامج القومي للتوعية بمجال الابتزاز الالكتروني