دور السردية في استنهاض الوعي وتغييبه
تاريخ النشر: 14th, April 2025 GMT
علي بن مسعود المعشني
وَظَّفَ الكيان الصهيوني ورعاته، في حربه الوجودية مع الوطن العربي، السرديةَ كوسيلةٍ من وسائل الحرب النفسية، في إطار استراتيجية طويلة ومُتجددة، ومتعددة الروايات والأساليب، بقصد تمرير اختراق العقل العربي المعاصر المأزوم والمُثقل بحلقات متتالية من الحروب والمؤامرات المتلاحقة، وبالنتيجة تسبب في تحريف الحقائق وتشويه الواقع، وإحلال أكاذيب انطلت على الكثير من عرب زماننا، والذين أصبحوا مُنتجين نجباء لسرديات مثيلة، تُكرِّس الهزيمة فِينا، والقوة في العدو؛ كقضاءٍ وقدرٍ!
لهذا لا نجد لدى عرب زماننا سردية واحدة موحَّدة في توصيف احتلال العدو لفلسطين، ولا توصيفاً واحدًا مُوحَّدًا لتعريف الكيان الصهيوني.
من نِعَمِ الله على الأُمَّة أن العدو لم يتمكن من تطويع كامل فلسطين منذ سبعة عقود ونيف، كما لم يهنأ بالاستقرار من دول الطوق بالنسبة والتناسب عبر تاريخ احتلاله وزاده "طوفان الأقصى" طامّة كبرى اليوم، حين واجه حربًا شاملة من جغرافيات مختلفة، طالت جميع مُدنه وبلداته ومرافقه الحيوية، وشلَّت أوجه الحياة فيه، وأخرجت جيشه ووحداته وأسلحته الحرجة من الخدمة.
مُشكلة الكيان اليوم أنه يواجه فصائل تحمل ارادة شعبية عربية واسعة حطَّمت سردياته، وواجهت صلفه وجرائمه النِد للنِد، فعجَّلت بفنائه ورفعت من منسوب النضال وثقافة المقاومة وجدواها لتحرير الأرض وصون العرض.
لم يستنزف "طوفان الأقصى" العدو في ميدان المعركة فحسب؛ بل وضع وجوده على المحك، وبات مرهونًا بزمن قصير وواضح المؤشرات، وأعفى النظام الرسمي العربي من المواجهة، وكشف له حقيقة الكيان ووظيفته لمن استُشكِل عليه ذلك، وبقي أسير سرديات عفا عليها الطوفان.
لم يدخر العدو سلاحًا ولا تكتيكًا ولا حيلة طيلة أكثر من عامٍ ونصف العام، وبهذا أسقط جميع أوراقه دفعة واحدة وأحرقها، حلمًا منه في تحقيق نصر استراتيجي واحد يُلوِّحُ به في وجه المقاومة ويعيد تموضعه على الأرض مجددًا.. ففشل!
سحب العدو فرقه العسكرية من غزة وجنوب لبنان بعد الضربات النوعية التي تلقاها والخسائر الكبيرة التي مُني بها، واليوم فشل في إعادة أي منها الى قلب المعركة، بسبب الرفض والتمرد في صفوف قواته، فلجأ الى المزيد من الدمار في البُنى التحتية وقتل المدنيين لرفع منسوب الخسائر والألم؛ كي يُفقد المقاومة حاضنتها الشعبية، ويعلم ما تُعده لمواجهات الغد؛ لأن العدو يعلم أن المواجهة القادمة مع فصائل المقاومة لن تكون كسابقاتها؛ بل ستنطلق من حيث انتهى طوفان الأقصى.
ولهذا يُسوِّق العدو ورعاته اليوم لثقافة العلف في غزة ولبنان في حال تسليم المقاومة لسلاحها وتخليها عن شرف النضال والتحرر، ويُردِّد خلفهم جوقة التطبيع والمُتصهيِنِين سردية "المغامرة غير المحسوبة" لفصائل المقاومة، لتسويق انبطاحهم وخنوعهم على أنه عقلانية وواقعية، ولبرهنة أن الشعوب يُمكنها العيش بلا شرف أو كرامة.
قبل اللقاء.. ما يزال العقل العربي المُعاصر أسيرًا ومُنقسمًا حول رواية من قتل الصحابي عمَّار بن ياسر!! كما لا يزال أسيرًا لتوصيف كفار قريش للنبي الأكرم عليه الصلاة والسلام، قبل الرسالة وبعدها؛ حيث كان يُلقَّب بالصادق الأمين قبل الرسالة، ثم بالساحر والكذاب والمجنون بعد الرسالة!!
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
3 شهداء من منتظري المساعدات بنيران العدو الصهيوني وسط وجنوب قطاع غزة
الثورة نت/وكالات استشهد ثلاثة مواطنين فلسطينيين وأصيب آخرون، اليوم الأربعاء، من منتظري المساعدات بنيران العدو قرب محور نتساريم وسط قطاع غزة. وأفادت مصادر فلسطينية نقلا عن مصادر في مستشفى ناصر في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، عن وصول 3 شهداء وأكثر من 20 مصابا إلى المستشفى جراء إطلاق قوات العدو النار قرب مركز المساعدات الإنسانية في منطقة الشاكوش شمال غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة. كما قصفت مدفعية العدو منطقة السطر الغربي بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة. ونفذت قوات العدو الإسرائيلي عمليات نسف في منطقة السطر الغربي بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.