الخرطوم- شنت قوات الدعم السريع سلسلة من الهجمات المتتالية بالطائرات المسيّرة لضرب البنية التحتية وتدمير منشآت الطاقة بالسودان خلال الأيام الماضية.

وأعلنت شركة كهرباء السودان، أمس الاثنين، انقطاع التيار الكهربائي عن مدينتي عطبرة والدامر بولاية نهر النيل شمالا؛ بعد استهداف مسيّرة مجهولة المصدر محطة كهرباء بمدينة عطبرة شمالي البلاد.

واعتبرت قيادات عسكرية رفيعة تحدثت للجزيرة نت استخدام "المسيرات" بكثافة تطورا خطيرا في مسار الحرب السودانية، بالتزامن مع الذكرى الثانية لاندلاعها في 15 أبريل/نيسان 2023.

ويأتي هجوم قوات الدعم السريع المتكرر بالطيران المُسيّر لتعويض ما فقدته من مكاسب على "الأرض" بضربات من "الجو" بعد تراجعها المستمر بمحاور القتال المختلفة إثر اتساع رقعة سيطرة الجيش السوداني المباغتة على عدد من المدن والولايات.

وتداولت الأوساط السودانية عقب توالي قصف المسيرات لسد مروي في الولاية الشمالية -الذي يعتبر المصدر الأهم لتوليد الطاقة الكهربائية في السودان- بشأن نوعية المسيّرات المستخدمة والمناطق التي تنطلق منها وإمكانية تحييدها بعد تسببها في انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء واسعة من البلاد.

إعلان تطور خطير

وقال المحلل العسكري العميد جمال الشهيد -للجزيرة نت- إن استخدام مليشيا الدعم السريع للطيران المسيّر الإستراتيجي يُعد تطورا بالغ الخطورة في المشهد السوداني الراهن، وعدّه تحديا جديدا في مسار المعركة التي تدور حاليا جاء بعد تصدي الجيش السوداني لعدد كبير من المسيّرات الانتحارية التقليدية منذ بدء الحرب.

وأفاد الشهيد بأن استهداف المرافق الحيوية مثل محطات الكهرباء وشبكات المياه ومخازن الوقود والمستشفيات جزءٌ من حرب ممنهجة تستهدف إنهاك الدولة وشل الحياة في المناطق التي لا تسيطر عليها المليشيا بهدف الضغط على الحكومة والمواطنين، وزعزعة الاستقرار.

وأشار إلى أن الدفاعات الأرضية التابعة للجيش السوداني تمكنت من التصدي لعدد كبير من هذه المسيرات خاصة التقليدية، ولكن يبقى التحدي الأكبر هو كيفية التعامل مع المسيّرات الإستراتيجية التي فاقمت من معاناة المواطنين.

بقايا مسيّرات استهدف بها الدعم السريع مطار مروي وسد مروي (مواقع التواصل) سلاح المسيّرات

وقال العميد بالجيش السوداني عمر عبد الرحمن باشري -للجزيرة نت- إن لجوء مليشيا الدعم السريع إلى استخدام المسيّرات سببه فشلها في تحقيق نصر على الأرض بعد خسارتها خلال العامين الماضيين لقوتها الصلبة والمدربة التي تقدّر بأكثر من 100 ألف مقاتل.

وأوضح باشري أن تدمير القوة الصلبة لقوات الدعم السريع جعلهم يستعينون باللصوص وقطاع الطرق في بوادي كردفان ودارفور الذين أصبحوا يُعرفون في الأوساط الشعبية بـ"الشفشافة" حيث تم حشدهم واستنفارهم من الحواضن القبلية من دون انضباط أو تدريب عسكري على فنون الحرب، لذلك انسحبوا بمسروقاتهم في الأيام الأخيرة من ميادين القتال.

وأفاد بأن استخدام قوات الدعم السريع لسلاح المسيّرات أمر مزعج ولكنه ليس حاسما، وفقا لتعبيره، مشيرا إلى أن الحروب عبر التاريخ القديم والممتد لا تحسمها المسيّرات، بل المشاة والقوات البرية على الأرض، كما حدث منذ التسعينيات في حروب العراق وأفغانستان واليمن.

إعلان

وأثَّرت الهجمات الأخيرة للطائرات المسيّرة (الدرونز) -التي يُعتقد أنها تنطلق من مناطق بدارفور وكردفان ومن تشاد أحيانا- في حياة الناس بشكل مباشر بعد إصابتها لمحطات الكهرباء في أم دباكر والشواك ودنقلا وسد مروي مرات عدة، مما تسبب في انعدام المياه وأحدث شللا متكررا في خدمات المستشفيات وشبكات الاتصال المختلفة.

منظومة الدفاع

وأوضح اللواء المتقاعد بالجيش السوداني أسامة محمد أحمد عبد السلام -للجزيرة نت- أن الدعم السريع سبق الجيش بالبدء باستخدام المسيّرات الانتحارية في الأيام الأولى للحرب، وظل يستخدمها في ضرب أهداف في مدن كنانة وربك وشندي، وحاول ضرب مدينة كوستي.

وقال عبد السلام إن هناك نوعين من المسيّرات تستخدمها مليشيا الدعم السريع، الأولى انتحارية وهي تنفذ مهمة لمرة واحدة وتحمل دانات مدفعية "هاوزر أو هاون 120" تصيب الهدف وتتفجر بعده كأنها مدفعية بعيدة المدى، وهذا النوع من الطائرات يُرى بالعين المجردة، وهذه الطائرات بطيئة في السرعة ويمكن إسقاطها بأي سلاح أرضي، وهي من المسيّرات التي استهدفت الرئيس عبد الفتاح البرهان في منطقة جبيت.

والثانية هي المسيّرة الإستراتيجية، وتحمل صواريخ وتحلّق على علو مرتفع جدا، وتنفذ مهمتها ثم تعود من حيث أتت كأنها طائرة عادية، لذلك من الصعب جدا التعامل معها بمضادات أرضية، فهي تحتاج إلى نظام دفاع جوي متكامل.

وأشار إلى أن منظومة الدفاع الجوي المطلوبة لإيقاف المسيّرات الإستراتيجية وحماية المنشآت الحيوية هي أشبه بفكرة القبة الحديدية، وتحتوي على كواشف (رادارات) تغطي محيط المنشأة المراد حمايتها لكشف الأهداف من مسافات بعيدة والتعامل معها بصواريخ مضادة للطائرات تُفجِّرها في الجو.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الدعم السریع للجزیرة نت المسی رات

إقرأ أيضاً:

رفض قاطع.. وتوعد بإحباط المشروع.. الجيش السوداني يصف الحكومة الموازية بـ«المؤامرة»

البلاد (الخرطوم)
رفض الجيش السوداني، أمس (الأحد)، بشكل قاطع إعلان ائتلاف سياسي بقيادة قوات الدعم السريع عن تشكيل “حكومة موازية” برئاسة محمد حسن التعايشي، واصفًا الخطوة بأنها “محاولة بائسة لشرعنة مشروع إجرامي”، متعهدًا بإفشالها، ومشدداً على أنها تمثل تهديدًا مباشرًا لوحدة السودان واستقراره.
وقال المتحدث باسم الجيش، العميد نبيل عبدالله، في بيان نُشر عبر صفحة القوات المسلحة على “فيسبوك”:” الجيش بمساعدة الشعب سيُحبط أجندة الحكومة الموازية ومن يقفون خلفها”، مضيفًا أن “المشروع الحقيقي لقوات الدعم السريع هو الاستيلاء على السلطة ولن نسمح بذلك تحت أي ظرف”.
وكان تحالف بقيادة قوات الدعم السريع قد أعلن في مؤتمر صحفي بمدينة نيالا بدارفور، عن تشكيل “حكومة موازية” تحمل اسم “حكومة السلام والوحدة”، وتعيين محمد حسن التعايشي، عضو مجلس السيادة السابق، رئيسًا لها، في خطوة أثارت ردود فعل محلية ودولية غاضبة. كما كشف التحالف عن تشكيل مجلس رئاسي مكوّن من 15 عضوًا، يترأسه قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وينوب عنه عبد العزيز الحلو، زعيم الحركة الشعبية – شمال، الذي يسيطر على أجزاء من جنوب السودان.
وضم المجلس شخصيات سياسية ومسؤولين سابقين، من بينهم الهادي إدريس الذي أُعلن تكليفه بمنصب حاكم دارفور، في تحدٍ مباشر للوالي الحالي مني أركو مناوي، المتحالف مع الجيش السوداني.
من جهتها، وصفت وزارة الخارجية السودانية، في بيان عبر منصة “إكس”، إعلان تشكيل الحكومة الجديدة بأنه “وهمي” و”دليل على انكسار الميليشيا المتمردة”، مشيرة إلى أنه يعكس “محاولة يائسة لإضفاء الشرعية على تمرد مسلّح يهدف إلى انتزاع السلطة بالقوة”.
وأعربت الخارجية عن استنكارها الشديد لموافقة كينيا على استضافة الاجتماعات التحضيرية، التي أفضت إلى هذا الإعلان، معتبرة ذلك “انتهاكاً صريحاً لسيادة السودان وخرقًا لمبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”، كما دعت المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية إلى إدانة هذه الخطوة ورفض التعامل مع أي كيان خارج الشرعية.
وأكدت الوزارة أن أي تفاعل دولي مع هذا الإعلان سيُعتبر “تعدياً على الحكومة الشرعية وانتهاكًا لحقوق الشعب السوداني ومقدراته”.
ويعود الإعلان إلى مشاورات سابقة جرت بين قوات الدعم السريع وتحالف من الجماعات المسلحة خلال اجتماعات في كينيا، حيث تم التوافق على مشروع “سودان اتحادي جديد” قائم على ثمانية أقاليم، وتم توقيع “دستور انتقالي” في مارس الماضي، يهدف لتشكيل حكومة بديلة عن السلطة المركزية في الخرطوم.
وحذّر مسؤولون في الأمم المتحدة من أن هذه الخطوة ستزيد من تعقيد المشهد السوداني وتعرقل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إنهاء النزاع الدائر منذ أبريل 2023، مؤكدين أن السودان بات يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

مقالات مشابهة

  • مني أركو: تشكيل ما يُسمى «حكومة تأسيس» يمهّد لتدخل دولي في الشأن السوداني
  • شبكات الكبتاغون تنتقل من سوريا إلى السودان.. مصنع ضخم داخل حقل ألغام للدعم السريع
  • الجيش السوداني يقصف وقوة من “الدعم السريع” تغادر مدينة مهمة في كردفان
  • حكومة موازية في نيالا.. ماذا تعرف عن خريطة نفوذ الدعم السريع في دارفور؟
  • رئيس الوزراء السوداني يعين 5 وزراء جدد في حكومته
  • رفض قاطع.. وتوعد بإحباط المشروع.. الجيش السوداني يصف الحكومة الموازية بـ«المؤامرة»
  • السودان يدين إعلان الدعم السريع حكومة موازية
  • وزارة الخارجية تدين ما ذهبت إليه مليشيا الدعم السريع الإرهابية بإعلان حكومة وهمية
  • الدعم السريع يعلن تشكيل حكومة موازية في السودان
  • أطباء السودان: ارتفاع قتلى هجوم الدعم السريع على غرب كردفان إلى 27