المباحثات الإيرانية الأميركية.. جولتان وزخم متصاعد
تاريخ النشر: 20th, April 2025 GMT
طوت الولايات المتحدة الأميركية وإيران صفحة الجولة الثانية من محادثاتهما الصعبة، التي تمثل لحظة فارقة في مسار العلاقات بين الطرفين ومن شأن نجاحها أو فشلها أن يؤدي إلى تأثيرات بالغة تتجاوز حدود المنطقة.
وقد عقدت الجولة الثانية من المحادثات الأميركية الإيرانية في العاصمة الإيطالية روما، بعد أن عقدت الجولة السابقة في العاصمة العمانية مسقط، واستمرت المحادثات التي توسطت فيها سلطنة عمان 4 ساعات متواصلة.
ومحادثات أمس السبت هي ثاني اجتماع رفيع المستوى بين البلدين منذ أن انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، والذي نص على تخفيف العقوبات الدولية عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وأعلنت الخارجية العمانية أن الجولة المقبلة من المباحثات بين طهران وواشنطن ستعقد في مسقط خلال الأيام القليلة القادمة.
الانتقال إلى مرحلة جديدةيبدو أن المفاوضات ستنتقل في جولتها الثالثة إلى مرحلة جديدة، مما يعني أن الجولتين الماضيتين حققتا تقدما معتبرا كما صرح بذلك أكثر من طرف عقب انتهاء كلتا الجولتين:
فقد قال وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي إن المحادثات تكتسب زخما متزايدا وأصبحت حتى الاحتمالات غير المتوقعة ممكنة الآن. أفادت الخارجية العمانية بأن اجتماعات روما بين إيران والولايات المتحدة أسفرت عن توافق للانتقال إلى المرحلة التالية من المباحثات. أشارت الخارجية العمانية باقتضاب إلى ملامح المرحلة التالية وأهدافها، قائلة إن المباحثات تهدف للتوصل إلى اتفاق يضمن خلو إيران بالكامل من الأسلحة النووية، ورفع العقوبات عنها، وأوضحت أن المباحثات تهدف أيضا للتوصل إلى اتفاق يحافظ على حق إيران بتطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية. في الجانب الإيراني، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن إيران والولايات المتحدة اتفقتا (أمس السبت) على البدء في وضع إطار عمل لاتفاق نووي محتمل. تحدث عراقجي عن تحقيق تقدم في التفاوض، قائلا: "لقد تمكنا من تحقيق بعض التقدم بشأن عدد من المبادئ والأهداف، وفي نهاية المطاف توصلنا إلى تفاهم أفضل". كما تحدث أيضا عن الانتقال للمرحلة التالية من التفاوض دون أن يكشف عن ملامحها، حيث قال "جرى الاتفاق على استمرار المفاوضات والانتقال إلى المرحلة التالية، إذ ستبدأ اجتماعات على مستوى الخبراء يوم الأربعاء في عُمان. وستتاح للخبراء فرصة البدء في وضع إطار عمل للاتفاق". كما وصف عراقجي في تصريح للتلفزيون الإيراني المحادثات بأنها مفيدة وجرت في أجواء بناءة. على الجانب الأميركي، قال مسؤول في وزارة الخارجية إنهم أحرزوا تقدما ملحوظا في الجولة الثانية من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة مع الجانب الإيراني، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على الاجتماع مجددا الأسبوع المقبل. كما أعرب المسؤول الأميركي عن امتنانه لسلطنة عُمان لتسهيلها المحادثات ولإيطاليا على استضافتها لها. إعلان اشتراطات وتنازلات متبادلة أبلغت إيران الولايات المتحدة خلال المفاوضات باستعدادها لقبول بعض القيود على تخصيب اليورانيوم، ولكنها طلبت ضمانات قوية بأن الرئيس ترامب لن ينسحب مجددا من اتفاق نووي جديد. قالت إيران إن المرشد علي خامنئي حددا خطوطا حمرا لا يمكن المساس بها في المحادثات، بما في ذلك تفكيك أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، أو وقف التخصيب تماما، أو خفض كمية اليورانيوم المخصب الذي تخزنه إلى مستوى أقل من ذلك الذي وافقت عليه في اتفاق عام 2015 الذي انسحب منه ترامب. كما أكدت إيران أنها لن تتفاوض بشأن برنامجها الصاروخي الذي تعتبره خارج نطاق أي اتفاق نووي. نقلت رويترز عن مسؤول إيراني قوله إن "إيران علمت في محادثات غير مباشرة في عُمان أن واشنطن لا تريد منها وقف كل أنشطتها النووية، ويمكن أن يكون هذا أساسا تنطلق منه إيران والولايات المتحدة لبدء مفاوضات عادلة". ذكر مصدر إيراني لرويترز أن إيران عبرت عن استعدادها للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تعتبرها "الجهة الوحيدة المقبولة في هذه العملية"، ولتقديم ضمانات بأن نشاطها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط. قال كبير المفاوضين الأميركيين ستيف ويتكوف في منشور على منصة إكس يوم الثلاثاء إن على إيران "وقف تخصيبها النووي والتخلص منه (مخزونات اليورانيوم المخصب بدرجة قريبة من اللازمة لصنع أسلحة)" للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة. وكشفت نيوزويك أن إيران أبدت بعض المرونة في مقترحاتها، بما في ذلك إمكانية إقامة مشروع نووي مشترك مع دول عربية أو حتى مع الولايات المتحدة نفسها، لضمان الشفافية والامتثال. وأوضحت الصحيفة أن إيران ألمحت علاوة على ذلك إلى إمكانية قبولها نقل اليورانيوم المخصب إلى دول أخرى لتخزينه هناك.ومع التقدم الحاصل في التفاوض فإن مواقف البلدين لا تزال متباعدة بشأن النزاع المستمر منذ أكثر من عقدين، رغم أنهما يؤكدان عزمهما على مواصلة الدبلوماسية.
إعلان إشكالية المكانعقدت الجولة الأولى من المباحثات الإيرانية الأميركية في العاصمة العمانية مسقط، وقد كانت نتائجها محل ترحيب وثناء حذر من الطرفين.
وخلال الفترة الفاصلة بين الجولتين حدث تضارب بشأن مكان انعقاد الجولة الموالية، حيث بدا أن إيران كانت تصر على انعقادها في مسقط، بينما اختارت الولايات المتحدة التزام الصمت تجاه مكان انعقاد ثاني الجولات بين الطرفين.
وأثناء ذلك ظهرت مؤشرات على نقل المحادثات إلى دولة أوروبية، قبل أن تعلن سلطنة عُمان، الخميس الماضي، أن العاصمة الإيطالية روما ستستضيف الجولة الثانية من المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، وأنها تواصل وساطتها لتيسير الحوار بينهما.
وقبيل الإعلان الرسمي عن مكان انعقاد الجولة الثانية، انتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في منشور على منصة "إكس" تغيير مكان انعقاد المحادثات وقال إن ذلك "أشبه بتغيير القواعد لصالحهم"، مؤكدا أن "مثل هذا السلوك قد يُفسّر على أنه مؤشر على انعدام الجدية وغياب حُسن النية"، خصوصا "أننا لا نزال في مرحلة الاختبار".
وكتب بقائي، الأربعاء الماضي، في منشور على منصة إكس، "في كرة القدم، يُعد تغيير مكان المرمى خطأ احترافيا وتصرفا غير عادل، أما في الدبلوماسية، فإن اعتماد هذا الأسلوب -الذي يروّج له متطرفون يفتقرون للفهم والمنطق ومهارات التفاوض الرشيد- من شأنه أن يُعرّض أي بداية للتخريب".
وخلافا للمرة الماضية، التي تأجل فيها إعلان مكان انعقاد الجولة القادمة، فقد أعلنت وزارة الخارجية العمانية عقب انتهاء محادثات روما أن الجولة التالية ستعقد خلال الأيام القادمة في مسقط.
ويرجع مراقبون تحفظ إيران، بل ورفضها لنقل مكان انعقاد المحادثات إلى القارة الأوروبية إلى استمرار انعدام الثقة في نيات الطرف الأميركي، خصوصا في ظل حالة الانقسام السائدة داخل الإدارة الأميركية بشأن التعامل مع الملف الإيراني بين التفاوض والمواجهة العسكرية.
إعلانوبالإضافة إلى ذلك، هناك خشية داخل بعض الدوائر الإيرانية من أن يؤثر نقل المفاوضات إلى دولة أوروبية في طبيعتها ويحولها إلى مفاوضات مباشرة تطرح فيها ملفات لا ترغب إيران في مناقشتها على طاولة المفاوضات.
الجولة الثالثة.. ملفات على الطاولةبات من المؤكد أن الجولة الثالثة ستكون مختلفة إلى حد ما عن الجولتين السابقتين، باعتبار أنها تمثل انتقالا إلى مرحلة جديدة وفق ما جاء في بيان الوسيط العماني وفي تصريحات لوزير الخارجية الإيراني.
ويعتقد مدير مركز الرؤية الجديدة للدراسات والإعلام مهدي عزيزي أن الجولة الثالثة من المحادثات ستختلف من حيث السياق والمضمون، مشيرا -في تصريح خاص للجزيرة نت- إلى احتمالية استمرار المحادثات بشكل غير مباشر، مع وجود أمل في أن تتحول لاحقا إلى محادثات مباشرة.
وبشأن الملفات التي ستكون معروضة على طاولة الجولة الثالثة، قال عزيزي إنها ستركز على الملف النووي وتحديدا مسألة تخصيب اليورانيوم، وهو الموضوع الذي سبق أن حدده الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنسبة تقل عن 5%.
وأكد عزيزي أن هناك تسريبات إعلامية من صنع أميركي تتحدث عن نقل ملف تخصيب اليورانيوم الإيراني إلى طرف ثان، وهو ما رفضته إيران بشكل قاطع، معتبرة أن تلك الأنباء لا أساس لها من الصحة.
وأوضح أن الحديث عن تحديد نسبة التخصيب بأقل من 5% هو جزء من تلك الرواية الإعلامية المفبركة، وأن إيران لم تقبل بهذا الطرح.
وتوقع أن تركز الجولة الثالثة من المحادثات بشكل إيجابي على الجوانب الفنية.
وما توقعه عزيزي هو ما أكدته صحيفة نيويورك تايمز اليوم حين ذكرت أن المفاوضات القادمة، ستركز على "التفاصيل الفنية"، وستغطي جوانب رئيسية مثل المستويات القصوى لتخصيب اليورانيوم وحجم المخزون الإيراني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الخارجیة العمانیة الجولة الثانیة من الولایات المتحدة الجولة الثالثة من المحادثات مکان انعقاد أن الجولة أن إیران
إقرأ أيضاً:
فقدان أثر اليورانيوم الإيراني القريب من درجة صنع القنبلة النووية
يمن مونيتور/ بلومبرج/ ترجمة خاصة:
قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إنها لا تستطيع حاليًا التحقق من موقع مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب، والذي يقترب من درجة صنع القنبلة، وذلك بسبب الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر الذي يمنع المفتشين من أداء عملهم.
كمية اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب، والبالغة 409 كيلوغرامات (902 رطل) – وهي كمية كافية لإنتاج 10 رؤوس نووية – يجب أن تكون نظريًا مؤمنة ومختومة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية في منشأة تحت الأرض في أصفهان. لكن المدير العام للوكالة، رافائيل ماريانو غروسي، صرح يوم الأربعاء بأن مكانه غير واضح الآن، خاصة بعد أن حذرته طهران من أن المخزون قد يتم نقله في حال وقوع هجوم إسرائيلي.
وعندما سُئل عن اليورانيوم، قال غروسي لتلفزيون بلومبرغ: “لست متأكدًا تمامًا. في وقت الحرب، تُغلق جميع المواقع النووية. لا يمكن إجراء تفتيش، ولا يمكن القيام بأي نشاط طبيعي.”
وتسلط تعليقات رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية الضوء على إحدى المعضلات الرئيسية للهجمات على البنية التحتية النووية الإيرانية. ففي حين أن القصف الإسرائيلي أثر بلا شك على قدرة البلاد على إنتاج كميات جديدة من اليورانيوم المخصب، إلا أن العالم يخاطر بفقدان تتبع المخزونات الموجودة التي يمكن تخصيبها بسرعة كبيرة إلى درجة الأسلحة.
مخاوف رئيسية وجهود المراقبة
أكد غروسي أن أصفهان “تعرضت للقصف بشكل متكرر وتضررت بعض المباني فيها”.
حتى بدأت الهجمات الإسرائيلية في أواخر الأسبوع الماضي، كان مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية يجرون أكثر من زيارة يوميًا للمواقع النووية الإيرانية. ومع ذلك، قال غروسي إن إيران لم تبلغ وكالته بعد بأي “إجراءات خاصة” تخطط لتنفيذها لحماية مخزونها من الهجوم.
وأضاف غروسي: “لم يتم إبلاغنا بأي شيء بالتفصيل. لا نعرف ما هي هذه الإجراءات الوقائية الإضافية.”
تواصل الوكالة الدولية للطاقة الذرية مراقبة المواقع عبر صور الأقمار الصناعية ولم تر أي مؤشر على أن إيران حاولت إزالة المخزون عالي التخصيب. فمثل هذا الإجراء سيشكل انتهاكًا خطيرًا لالتزامات إيران بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التي تهدف إلى منع انتشار الأسلحة الذرية. وأكد غروسي أن “إيران تدرك أن هذا المخزون يجب أن يكون هناك تحت إشراف مستمر من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.”
يمكن أن يتسع اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب في 16 أسطوانة بارتفاع 36 بوصة (91.4 سم)، وفقًا لمكتب المعلومات العلمية والتقنية التابع للحكومة الأمريكية. وحتى لو دمرت إسرائيل البنية التحتية للتخصيب في إيران، فلا يزال يتعين التحقق من موقع هذه المواد بسبب خطر نقلها إلى منشأة سرية.
وفي الختام، قال غروسي إنه في حين أن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية “لم يروا” أي جهد منظم من قبل إيران لإنتاج أسلحة نووية، إلا أنه “لا يوجد بلد في العالم يقوم بتخصيب اليورانيوم بهذا المستوى”. وأضاف المدير العام: “الكثير من كبار المسؤولين قالوا إن إيران تملك جميع قطع اللغز. كان هناك الكثير من الغموض، وهذا ليس جيدًا أبدًا.”
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق عربي ودوليأنا طالبة علم حصلت معي ظروف صعبة جداً و عجزت اكمل دراستي و أ...
نحن اقوياء لاننا مع الحق وانتم مع الباطل...
محمد عبدالخالق سعيد محمد الوريد مدير بنك ترنس اتلنتيك فليوري...
قيق يا مسؤولي تعز تمخض الجمل فولد فأرة تبا لكم...
المتحاربة عفوًا...