تصاعد نيران البحر الأحمر مع تزايد الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، أطلقت الولايات المتحدة حملة عسكرية واسعة النطاق منتصف مارس، انطلاقاً من حاملة الطائرات "هاري ترومان" في البحر الأحمر و"كارل فينسون" في بحر العرب، تحت شعار ردع الحوثيين وضمان حرية الملاحة الدولية.

أهداف الضربات ونتائجها الضربات الأميركية استهدفت بشكل مباشر بنية الحوثيين العسكرية: من مخازن السلاح المخبأة في كهوف صعدة وعمران، إلى المطارات والثكنات ومنصات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة.

ورغم الدقة العالية في الاستهداف، لم تؤكد واشنطن أو الحوثيون مقتل قيادات بارزة، وهو ما يعزوه مراقبون إلى التضاريس الوعرة التي تشكل حصناً طبيعياً للجماعة.

ومع ذلك، أشارت مصادر يمنية إلى إصابة القيادي الحوثي منصور السعادي خلال غارة على الحديدة، ونقله إلى صنعاء لتلقي العلاج، مما يعكس اختراقاً لافتاً في قلب التحصينات الحوثية.

موقف الشرعية...وترقب لتحرك بري

ترى الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أن الضربات الأميركية فرصة ذهبية لإعادة ترتيب المشهد العسكري، وتتهيأ لإطلاق حملة برية قد تبدأ من الساحل الغربي وتصل إلى صنعاء.

تصريحات رسمية أكدت أن التحضيرات جارية، وأن ساعة الخلاص من الحوثيين باتت قريبة.

العميد صالح قروش، أحد القادة العسكريين، صرّح لـ"اندبندنت عربية" أن الجيش على أهبة الاستعداد، معتبراً أن اللحظة الحالية تمثل منعطفاً حاسماً في مسار الأزمة.

ردود الحوثيين... بين التهديد والتحشيد

من جانبهم، يحاول الحوثيون الحفاظ على توازن الخطاب، بين تهديد مستمر باستهداف السفن الأميركية وتحشيد عسكري داخلي.

وفيما يكرر زعيم الجماعة حديثه عن "نصرة غزة"، يصرّح المتحدث العسكري باسمهم عن "ضربات على حاملة الطائرات الأميركية"، في ما يراه محللون محاولة للظهور بمظهر القوة رغم الخسائر المتتالية.

تراجع في الهجمات البحرية الحوثية ورغم النبرة التصعيدية، تكشف الوقائع عن انخفاض واضح في عمليات الجماعة في البحر الأحمر، نتيجة للرصد الجوي الأميركي المكثف والاستعداد العالي للتعامل الفوري مع أي تهديد.

أدوات الحرب الأميركية الولايات المتحدة تعتمد على أحدث ما تملك من ترسانة: قاذفات "بي 2" من قاعدة دييغو غارسيا، ومقاتلات "أف 18" و"أف 35"، إضافة إلى طائرات دون طيار بمهمات قتالية واستخباراتية، ما يمنح عملياتها تفوقاً نوعياً في سماء اليمن.

أين تركزت الضربات؟ الضربات تركزت في مناطق سيطرة الحوثيين، لاسيما العاصمة صنعاء ومحافظات صعدة وعمران، معقل الجماعة ومركز ثقلها العسكري والسياسي.

الموقف الشعبي اليمني الشارع اليمني، المنهك من الحرب، ينظر إلى هذه التحولات بكثير من الحذر والتفاؤل، على أمل أن تكون بداية النهاية لمشروع الحوثيين، وإنهاء سنوات طويلة من الصراع والانقسام.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

مهمة مستحيلة.. لماذا لا يمكن هزيمة الحوثيين في اليمن؟ (ترجمة خاصة)

منذ ظهورهم كقوة سياسية داخل اليمن في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تحول المتمردون الحوثيون، إلى قوة إقليمية رئيسية تحمل أفعالها عواقب عالمية.

 

سواءً أكان ذلك بإسقاط النظام القديم في اليمن، أو مقاومة التحالف العربي بقيادة السعودية، أو محاربة الولايات المتحدة حتى الجمود، فقد أظهر الحوثيون صمودًا يُثير الصدمة بقدر ما يثير الإعجاب، بالنظر إلى تفاوت القوة الظاهري بينهم وبين خصومهم.

 

ورغم وصفهم خطأً بالوكلاء لإيران، فقد أظهر الحوثيون استقلالية في أفعالهم الداخلية والخارجية، مما جعل إيجاد حل لمقاومتهم المستمرة في مواجهة صعوبات تبدو ساحقة مهمة مستحيلة.

 

تستمد حركة الحوثيين في اليمن اسمها من قبيلة الحوثي التي تهيمن على صفوفها التنظيمية والحكومية، بما في ذلك أعلى المناصب. يتجذر الحوثيون في هوية دينية زيدية شيعية تتجاوز البعد الروحي إلى جوهر قضيتهم - واجب مقاومة الظلم.

 

هذا يكمن في صميم المذهب الزيدي، الذي تأسس على ثورة القرن الثامن التي قادها زيد بن علي ضد الخلافة الأموية، والتي تنص على أن أي سليل عالم من سلالة علي يمكن أن يصبح إمامًا بإثبات حقه والدفاع عنه.

 

وهذا يتعارض مع المعتقد الشيعي التقليدي القائل بأن الأئمة يجب أن يكونوا معينين من الله. هذا الاختلاف العقائدي هو أحد الأسباب الرئيسية لعدم خضوع الحوثيين لإيران: فمبدأ ولاية الفقيه، المفهوم الذي يقوم عليه الحكم الديني الأعلى في إيران، يُبغضه الحوثيون.

 

أطلق الحوثيون على حركتهم اسم "أنصار الله". هذا ليس مجرد لقب، بل إشارة إلى أهل المدينة الذين رحّبوا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه ودعموه وحموه في السنوات الأولى للإسلام. يحمل مصطلح "أنصار الله" في طياته التزامًا قويًا بالإيمان واستعدادًا للدفاع عن الحق. في حين يُستهزأ بالحماسة الدينية في الغرب أو يُقلل من شأنها، فإن صدق إيمان الحوثيين، ومدى تحديده لوجودهم، يكمن في أساس ثبات قناعاتهم ومرونتهم في نضالهم.

 

تاريخ من النضال

 

بدأت المظاهر المعاصرة لإحياء الحوثيين بدافع المقاومة في تسعينيات القرن الماضي كصحوة ثقافية ودينية زيدية تُسمى "الشباب المؤمن"، تطورت إلى انتفاضة مسلحة بحلول عام 2004 بعد مقتل زعيم الشباب المؤمن على يد قوات الأمن أثناء اعتقاله. يكمن جوهر مقاومة الحوثيين في الدين وفي المفهوم الأكثر علمانية للاستقلال عن التدخل الخارجي (ولا سيما تأثير كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية على شؤون اليمن).

 

تقوم حركة الحوثيين اليوم على ثلاثة مبادئ أساسية: الهوية الطائفية (الزيدية)، والحكم الذاتي المحلي، ورفض التدخل الأجنبي. ثار الحوثيون ضد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في عام 2014. وبعد السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء، تحولت الجماعة من تمرد كلاسيكي إلى كيان سياسي شرعي أثبت قدرته على تولي مهام تحديد وبناء هياكل الدولة بما يتجاوز مجرد الجيش.

 

في عام 2015، أطلقت المملكة العربية السعودية، بالتعاون مع تحالف من الدول العربية وبدعم كامل من الولايات المتحدة، عملية "عاصفة الحزم"، وهي هجوم جوي ضخم ضد الحوثيين، بهدف سحقهم كحركة عسكرية وسياسية، وتنصيب حكومة موالية لهم مكانهم. أدى فشل العملية في تحقيق النتائج المرجوة إلى تصعيد السعوديين لحربهم من خلال شنّ توغل بري في اليمن الخاضع لسيطرة الحوثيين.

 

وعلى الفور تقريبًا، واجه السعوديون حقيقة أن الحوثيين لا يُرهبون بسهولة. توسعت مقاومة الحوثيين من إحباط التوغلات التي تقودها السعودية إلى نقل المعركة إلى المملكة العربية السعودية، وضرب البنية التحتية الحيوية للطاقة بالصواريخ والطائرات المسيرة، بينما شنّوا هجماتهم البرية على الأراضي السعودية. وبحلول عام 2023، كان السعوديون يتطلعون إلى إنهاء حربهم مع الحوثيين. في الواقع، كان إنهاء الصراع مع الحوثيين عاملاً دافعاً وراء التقارب الذي توسطت فيه الصين بين المملكة العربية السعودية وإيران في ربيع عام 2023.

 

انسحاب الولايات المتحدة

 

شكّل هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 مبرراً للحوثيين لبدء عمليات عسكرية ضد السفن الإسرائيلية بهدف فرض حصار بحري فعلي على ميناء إيلات جنوب إسرائيل. ربط الحوثيون أفعالهم بمطلب إسرائيل قبول وقف إطلاق النار ضد حماس والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة. من نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إلى يناير/كانون الثاني 2025، هاجم الحوثيون أكثر من 100 سفينة تجارية كانت تعبر مضيق باب المندب الاستراتيجي الرابط بين البحر الأحمر وخليج عدن.

 

أدى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني 2025، إلى تهدئة مؤقتة لهجمات الحوثيين على السفن، لكنها استؤنفت في مارس/آذار 2025 عندما انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار. بالإضافة إلى مهاجمة السفن، أطلق الحوثيون طائرات مسيرة وصواريخ باليستية على إسرائيل، مهددين بفرض حصار جوي عبر منع الرحلات التجارية من وإلى مطار بن غوريون الإسرائيلي.

 

بدأت الولايات المتحدة، بدعم من المملكة المتحدة وانضمت إليها إسرائيل، حملة جوية واسعة النطاق تهدف إلى معاقبة الحوثيين وردعهم عن تنفيذ هذه الهجمات. كان الضرر الذي ألحقته هذه الضربات بالبنية التحتية المدنية في اليمن الخاضع لسيطرة الحوثيين كبيرًا، مما أسفر عن سقوط مئات الضحايا المدنيين. إلا أن التأثير العسكري لغارات القصف التي قادتها الولايات المتحدة كان أقل إثارة للإعجاب، حيث هدد الحوثيون سفن البحرية الأمريكية العاملة في البحر الأحمر، بينما استمروا في ضرب إسرائيل بالصواريخ الباليستية.

 

في حين أن العديد من المراقبين يصورون الحوثيين على أنهم ذراع تابعة لـ"محور المقاومة" الموجه من إيران، ومهمته مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة ودول الخليج العربية، فإن مستوى استقلالية الحوثيين في العمل مرتفع للغاية. في الواقع، اتُخذ قرار البدء في اعتراض الشحن الإسرائيلي بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 دون موافقة إيران.

 

علاوة على ذلك، فإن وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أوائل مايو بين الولايات المتحدة والحوثيين، والذي وافقت فيه إدارة ترامب على وقف الغارات الجوية مقابل موافقة الحوثيين على وقف مهاجمة السفن الأمريكية، قد تم التوصل إليه إلى حد كبير لأن الصراع الحوثي الأمريكي كان يقوض جهود الولايات المتحدة للتفاوض على اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني.

 

لكن المثير في الاتفاق الأمريكي الحوثي هو أنه لم يُلزم الحوثيين بوقف هجماتهم الصاروخية ضد إسرائيل. إن حقيقة أن إدارة ترامب نفذت هذا الاتفاق بشكل مستقل عن إسرائيل تؤكد حقيقة أن مقاومة الحوثيين لا يمكن كسرها بقوة النيران الأمريكية، وأن استمرار العمل العسكري ضدهم سيضر بمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة.

 

لقد خرج الحوثيون من صراعهم مع الولايات المتحدة أقوى من أي وقت مضى، سواء من حيث الشرعية المحلية أو من منظور دولي، حيث قاتلوا أقوى جيش في العالم حتى جمدوا شوكتهم، بينما فرضوا إرادتهم على الواقع الجيوسياسي العالمي. لقد ثبت أن روح الحوثيين الصلبة تُشكل مشكلةً مستعصية على الحل بالنسبة للدول التي وقعت في مرمى نيران شعورهم بمقاومة الظلم.

 

*يمكن الرجوع للمادة الأصل: هنا

 

*ترجمة خاصة بالموقع بوست

 


مقالات مشابهة

  • الكشف عن تفاصيل جديدة في لهجوم الإسرائيلي على إيران بالأسماء.. قصف منشآت نووية واستهداف قادة عسكريين وعلماء
  • صدمة جديدة للمصريين بعد قرار للسيسي بشأن رأس شقير في البحر الأحمر
  • اليمن تطالب بوقف التدخلات الإيرانية وتفعيل حظر الأسلحة على الحوثيين
  • مهمة مستحيلة.. لماذا لا يمكن هزيمة الحوثيين في اليمن؟ (ترجمة خاصة)
  • كانوا في طريقهم إلى اليمن.. وفاة وفقدان 30 مهاجرا من القرن الإفريقي في البحر الأحمر
  • صنعاء تُشعل جبهة جديدة ضد إسرائيل: مرحلة الردع المباشر تبدأ من البحر الأحمر
  • حول إصدار بعض الصكوك السيادية.. المالية توضح تفاصيل تخصيص أرض البحر الأحمر
  • جنرال أمريكي: إيران عبر الحوثيين تمتلك القدرة لإغلاق أهم الممرات البحرية في العالم
  • الحكومة اليمنية: ''مليشيا الحوثي تبيع الوهم وتدعي مكاسب زائفة''
  • وزارة المالية تعتزم إصدار صكوك جديدة بضمان قطعة أرض على البحر الأحمر