في الوقت الذي يشهد فيه العالم صراعات عسكرية واقتصادية، واصطفافات وتحالفات جديدة، تتشكّل معها ملامح قوى عالمية جديدة، تبرز سلطنة عمان، بجهودها السياسية ومكانتها العالمية، كواحدة من دول العالم التي تخلق التوازنات، وتدير ملفات شائكة في الظروف الصعبة، وتقرّب وجهات النظر في ملفات كادت أن تُدخِل العالم في أتون حرب واسعة.
المكانة الدبلوماسية التي تحظى بها سلطنة عمان جعلت منها الوسيط الموثوق والمؤتمن الذي يحظى بثقة الجميع، لذلك فإن نجاح محطتي التفاوض بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية اللتين أجريتا في مسقط وروما، بوساطة عمانية، ومهّدتا الطريق لجولة ثالثة، أثبت الثقل السياسي والدبلوماسي لسلطنة عمان، وفتح آفاقًا من التفاؤل للوصول إلى اتفاق يُبعد شبح الحرب، خاصة أن طرفي التفاوض أكدا على تحقيق تقدُّم جيد في الجولتين الماضيتين.
إن المكانة المرموقة التي تحظى بها سلطنة عمان بين دول العالم اكتسبتها عبر حقب تاريخية مديدة، وثمرة سياسة واضحة المعالم عكست للعالم المصداقية والتوازن في التعاطي مع الأحداث والأزمات، والابتعاد عن الصراعات وتأجيج المواقف.
وفي خضم الأحداث التي رافقت عودة المفاوضات بين الجانبين الأمريكي والإيراني، وما صاحبها من تغطية إعلامية عالمية، برزت العديد من التعليقات من محللين سياسيين أجمعوا على أن (عمان تقف دائمًا على الجانب الصحيح من التاريخ)، وعُرِفت كراعية للسلام في العديد من الملفات، ومع مرور السنوات وتقلُّب الأحداث ظلَّت المواقف العمانية ثابتة في تبنّي الحوار والوسائل السلمية أساسًا لحل المشكلات، مما عزز ثقة العالم في سياستها الخارجية.
الخبير جورجيو كافييرو الرئيس التنفيذي لشركة Gulf State Analytics -وهي شركة استشارية للمخاطر الجيوسياسية مقرها واشنطن العاصمة- أكد في تصريح سابق لـ«عمان» بأن سلطنة عمان أدّت دورًا كقوة موازنة جيوسياسية في الشرق الأوسط، كما أكد المحلل السياسي كريستيان كوتس أولريكسن، زميل لشؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس بالولايات المتحدة الأمريكية أن السياسة الخارجية لسلطنة عمان تستند إلى توازن المصالح وإيجاد مساحات تدعم الحوار والدبلوماسية لمعالجة نقاط التوتر والنقاط الإقليمية الساخنة،.. هذه الرؤى السياسية من الخبراء تعكس جليًا نجاح السياسة الخارجية الناجحة لسلطنة عمان، ودورها الإيجابي في إحلال السلام وتجنيب المنطقة والعالم خطر الانزلاق إلى الحروب والكوارث.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: سلطنة عمان
إقرأ أيضاً:
سلطنة عُمان ترسخ موقعها كوجهة رائدة للاستثمار في صناعة أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية
تغطية - مي الغدانية
اختتمت اليوم الأربعاء أعمال القمة العالمية للتنفيذيين لأشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية التي استضافتها سلطنة عمان.
وركزت أوراق العمل في اليوم الثاني على أحدث الابتكارات في علوم المواد والتقنيات الذكية، وشملت عرض أحدث التطورات في علوم المواد المتقدمة لتقنيات التغليف عالية الأداء، وكيفية تحسين كفاءة تصنيع الرقائق وتعزيز أداء الأنظمة الإلكترونية. كما تناولت إحدى الأوراق التكامل بين الأجهزة الفاعلة وغير الفاعلة لتعزيز كفاءة الإلكترونيات، مع التركيز على التطبيقات الصناعية للحلول المدمجة بين المكونات المختلفة.
كما ركزت أوراق أخرى على مستقبل المستشعرات الدقيقة وتطبيقاتها في البنى التحتية الذكية المعتمدة على المعالجة القريبة من المصدر (Edge Computing)، بالإضافة إلى استعراض دور التقنيات المتقدمة في دعم نمو مشاريع MEMS في أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتطرقت القمة أيضًا إلى مبادرة التصنيع المتقدم الإقليمي، التي تهدف إلى بناء قدرات تصنيع رقائق محلية وتعزيز التكامل بين السوق المحلي والإقليمي لتطوير منظومة أشباه الموصلات في المنطقة.
أوراق عمل بحثية
كما تضمن اليوم الثاني من أعمال القمة أوراق عمل بحثية متخصصة قدمتها مؤسسات أكاديمية ومراكز ابتكار، وركزت على الحلول البحثية والتقنيات المتقدمة في تصميم الرقائق وتحسين دقة الاختبار.
وعُقدت جلسة نقاشية حول النظام البيئي لأشباه الموصلات في الصين، استعرض فيها المتحدثون مكونات هذا النظام المتكامل، بدءًا من قدرات التصنيع المتقدمة والبنية التحتية الضخمة، مرورًا بسلاسل التوريد المرنة، ووصولًا إلى منظومات البحث والتطوير التي تقود الابتكار في هذا القطاع الحيوي.
وناقشت الجلسة فرص التعاون بين الصين ودول المنطقة، وإمكانات الاستفادة من الخبرات الصينية لتعزيز قدرات التصنيع الإقليمي وتطوير التقنيات المستقبلية.
جاهزية سلطنة عمان
وفي تصريح صحفي لـ "عمان"، قالت الدكتورة سيماء بنت سعدي الكعبية، المديرة العامة للمديرية العامة لتحفيز القطاع ومهارات المستقبل بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، إن استضافة سلطنة عمان لقمة أشباه الموصلات تأتي في إطار توجه وطني لتعزيز مكانة سلطنة عمان كمركز إقليمي لصناعة التقنيات الحديثة، واستقطاب الاستثمارات العالمية في قطاع أشباه الموصلات.
وأوضحت الكعبية أن القمة تمثل منصة لعرض جاهزية سلطنة عمان أمام الخبراء والباحثين والرؤساء التنفيذيين والشركات العالمية ومراكز الأبحاث، وإبراز قدرتها على احتضان هذه الصناعة الحيوية وبناء منظومة متكاملة لسلاسل الإمداد المرتبطة بها.
وأشارت الكعبية إلى أن سلطنة عمان تمتلك بنية أساسية مؤهلة، إلى جانب حوافز حكومية جاذبة مثل دعم الأجور، وبرامج التدريب المقرون بالتوظيف، والإعفاءات الضريبية، وتسهيلات رسوم الأراضي. وأضافت أن بناء القدرات الوطنية يُعد ركيزة أساسية في هذا التوجه، موضحة أنه تم تدريب 100 شاب عماني ضمن برامج متخصصة نفذتها شركات عاملة في القطاع، وأسهموا في تصميم رقائق "عمان 1" و"عمان 2" بكفاءات محلية، قبل إرسالها إلى تايوان لاستكمال مراحل التصنيع.
وأكدت الكعبية أن سلطنة عمان حريصة على استقطاب أحدث التقنيات وتوفير فرص عمل نوعية للشباب العماني، باعتبار هذين العنصرين حجر الأساس في بناء صناعة وطنية رائدة في مجال أشباه الموصلات.
ابتكار واستثمار
واختتمت القمة العالمية لأشباه الموصلات بإبراز مكانة سلطنة عمان كوجهة رائدة للاستثمار في التقنيات المتقدمة، وأكد المشاركون أن بيئة البحث والتطوير المتكاملة، إلى جانب الحوافز الاستثمارية الجاذبة، تجعل سلطنة عمان منصة مثالية للشركات العالمية لتوسيع أنشطتها في المنطقة.
وأشار الخبراء إلى أن القمة نجحت في ترسيخ موقع سلطنة عمان كمركز إقليمي لصناعة الرقائق الإلكترونية المتقدمة، وفتحت آفاقًا جديدة للمبادرات البحثية والشراكات الدولية، مما يعزز مسيرة بناء اقتصاد معرفي مستدام قائم على الابتكار والتقنيات الحديثة، ويؤسس لفرص نمو جديدة على مستوى المنطقة والعالم.
وتأتي استضافة سلطنة عمان للقمة العالمية للتنفيذيين لأشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية في إطار التوجه الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي وتحقيق مستهدفات "رؤية عمان 2040" في بناء منظومة متكاملة لصناعة التقنيات المتقدمة داخل سلطنة عمان.