كشف لغز فضائي محير قبل 200 عام عن طريق الصدفة.. ما القصة؟
تاريخ النشر: 27th, April 2025 GMT
منذ آلاف السنين، كانت النجوم والحياة خارج كوكب الأرض مصدرًا للغموض والتساؤلات لدى البشرية، حيث عجز البشر عن فهم العديد من الظواهر الفلكية قبيل التقدم العلمي واستكشاف الفضاء، مما دفعهم لتفسيرها بطرق متعددة.
بينما ذهب بعض رجال الدين إلى الحديث عن الظواهر الخارقة، انقسم العلماء حول فهم ما يحصل في الفضاء الخارجي، وأبرزها ظاهرة النيزك وأحجاره.
من بين الظواهر التي أثارت اهتمام العلماء على مر العصور، كانت النيازك وأحجار النيازك. منذ وقت بعيد، ساورت الشكوك العديد حول أصل هذه الأحجار، حيث تساءل الجميع عما إذا كانت تأتي من الفضاء الخارجي.
عام 1803 كان نقطة تحول حاسمة في هذا الجدل، حيث شهدت منطقة نورماندي في فرنسا حدثًا علميًا غير مسبوق.
في 26 أبريل 1803، اهتزت قرية ليغل (L'Aigle) بنورماندي بحدث فريد من نوعه. خلال وقت كانت فيه فرنسا تتعافى من التوترات السياسية عقب الثورة، سقط وابل من الشظايا النيزكية، ما يزيد عن 3000 شظية، على القرية. هذا الحدث كان عاملًا رئيسيًا في إعادة النظر في مفاهيم العلماء حول النيازك.
التحقيقات العلمية لسقوط النيزكبمجرد سماعهم عن هذا الحدث، أرسلت أكاديمية العلوم الفرنسية العالم الشاب جان باتيست بيو، المختص في الفيزياء والفلك والرياضيات، للتحقيق في الأمر.
قام بيو بجمع الشهادات من سكان القرية الذين شهدوا الحادث وتفحص الأحجار التي سقطت. وبعد جهد شاق، توصل جان باتيست بيو إلى استنتاج هام: الأحجار التي سقطت فوق قرية ليغل جاءت من الفضاء.
لدعم نظريته، أشار إلى أن العديد من الأحجار المتشابهة سقطت في وقت واحد، وأن شكل ونوع هذه الأحجار كان متوافقًا مع أحجار سقطت في مناطق أخرى. كما ركز على شهادات السكان المحليين، الذين تحدثوا عن أمطار من الأحجار التي ألقتها نيازك، والتي أطلق عليها لقب "نيزك ليغل" نسبةً للقرية.
التأثير على علم النيازكشكلت التجربة التي قام بها بيو ورقة ضغط على النظريات السابقة التي كانت ترى في النيازك أصولًا أرضية، وهي نظريات أرسطو على وجه الخصوص.
في تلك الفترة، أصبح تقرير جان باتيست بيو حجر الزاوية لفهم النيازك وأصولها، ليختبر العلماء بعدها تغييرًا جذريًا في طريقة رؤيتهم لهذه الظاهرة.
وبحسب العلماء فإن حدث ليغل في عام 1803 لم يكن مجرد ظاهرة طبيعية، بل كان نقطة تحول في تاريخ العلوم الفلكية. لقد أسهم في ولادة علم النيازك وصنع فهمًا جديدًا للعالم من حولنا، حيث بدأ العلماء في رؤية الفضاء كأكثر من مجرد ظاهرة غامضة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: النيزك
إقرأ أيضاً:
طائر الجنّة يلهم العلماء لصناعة القماش الأشد سوادا في العالم
في مختبر بجامعة كورنيل، وقف فستان أسود على دمية عرض، لكنه لم يكن "أسود" بالمعنى المعتاد، بل بدا كأنه ثقب بصري يبتلع أي ضوء يُلقى عليه، حيث لا تظهر تفاصيل القماش.
هذا ليس سحرا ولا مرشحا رقميا، بل نتيجة مادة نسيجية جديدة تصنف ضمن ما يُسمّى "السواد الفائق"، أي الأسطح التي تعكس أقل من 0.5% من الضوء الساقط عليها.
وراء هذه الدرجة المتطرفة من السواد قصة "هندسة" و"فيزياء" أكثر مما هي قصة صبغة، إذ استلهم باحثو مختبر تصميم الملابس التفاعلية الفكرة من ريش طائر من طيور الجنة يُدعى "الرفلبِرد الرائع"، وهو طائر معروف بلمعان أزرق على صدره يحيط به ريش أسود مخملي يوحي بأن الضوء يختفي داخله.
في معظم الأقمشة، يكون السواد "سطحيا"، أي صبغة تمتص جزءا من الضوء، فيما يرتد جزء آخر إلى عينك. أما السواد الفائق فيعتمد على حيلة إضافية، وهي إجبار الضوء على الدخول في متاهة مجهرية تطيل مساره وتزيد فرص امتصاصه، بدل أن يرتد مباشرة.
وبحسب الدراسة، التي نشرها الفريق في دورية "نيتشر كومينيكيشنز"، فإن هياكل نانوية ترفع فرص امتصاص المادة لفوتونات الضوء، ما يسمح لنا برؤية السواد الأشد على الإطلاق.
طائر الرفلبرد يفعل ذلك طبيعيا، فريشه لا يعتمد على صبغة الميلانين وحدها، بل على ترتيب دقيق لشعيرات الريش يدفع الضوء للانحراف إلى الداخل. لكن هناك مشكلة: هذا السواد الطبيعي يكون غالبا اتجاهيا، أي مذهلا حين تُشاهَد الريشة من زاوية معيّنة، وأقل "سوادا" عندما تتغير زاوية الرؤية.
حل العلماء لتلك المشكلة جاء بخطوتين بسيطتين في المبدأ، أنيقتين في التنفيذ، حيث صبغ صوف ميرينو بمادة البوليدوبامين، وهو ما يصفه الباحثون بأنه "ميلانين صناعي".
إعلانبعد ذلك يُعرَّض القماش لعملية حفر ونحت داخل حجرة بلازما تزيل جزءا بالغ الدقة من السطح، وتترك خلفها نتوءات نانوية حادة، هذه النتوءات تعمل كمصايد ضوئية، أي يدخل الضوء بينها ويرتد مرات كثيرة حتى يفقد طريق العودة.
النتيجة ليست أسود داكنًا، بل استثناء رقميا صارما، فمتوسط انعكاس القماش الجديد عبر الطيف المرئي (400-700 نانومتر) بلغ 0.13%، وهو، بحسب الورقة العلمية، أغمق قماش مُبلّغ عنه حتى الآن.
تطبيقات مهمةقد يبدو الأمر كترف بصري أو نزوة "موضة"، لكنه في الحقيقة يلامس تطبيقات عملية حساسة، فالسواد الفائق مهم لتقليل الانعكاسات الشاردة داخل الكاميرات والأجهزة البصرية والتلسكوبات.
ويمكن لهذا المستوى من اللون الأسود أن يساعد في بناء ألواح وتقنيات شمسية أو حرارية عبر تعظيم امتصاص الإشعاع.
كما يشير الباحثون أيضا إلى إمكانات واعدة لهذه المادة الجديدة في عمليات التمويه وتنظيم الحرارة، لأن السطح الذي يمتص الضوء بكفاءة قد يحوّل جزءا منه إلى حرارة قابلة للإدارة.
أما الفستان الذي صممه العلماء، فكان برهانا بصريا لطيفا على نجاح التجارب، وقد استُخدم لإظهار أن هذا السواد لا يتبدّل بسهولة حتى عندما تُعدَّل إعدادات الصورة، مثل التباين أو السطوع، مقارنة بأقمشة سوداء أخرى.