حرب السَّفاهة والسُّفَهاء
تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT
حرب السَّفاهة والسُّفَهاء
وجدي كامل
الحربُ، حين تُدارُ بأطرافٍ عسكريّةٍ محليّة، وتُخلِّف وراءها الفوضى والخراب، تُشكِّل بلا شكٍّ لحظةً من لحظاتِ الانحطاطِ الكبرى في تجاربِ الشعوب. لكنّ حربنا هذه – كما تثبت الأيام يومًا بعد يوم – ليست مجرّد حربِ انحطاط، بل هي أيضًا حربُ سفاهة، يقودها سُفَهاء، أبت الحركة الإسلامويّة بشقّيها إلّا أن تُقدِّمها لنا كعرضٍ صارخٍ لتدنّي خِدماتها الأخلاقيّة والثقافيّة.
لقد كشفت هذه الحرب، وعبر وسائط التواصل الاجتماعي، عن خروقاتٍ أخلاقيّةٍ غير مسبوقة. فمن تنامي ظاهرة من يُطلَق عليهنّ “القونات”، وما يُقابلها من رجالٍ يَتباهَون بالتماهي مع أنماط سلوكيّة مخنّثة وسوقيّة، إلى مشاهد للسكر والعري، تُبثّ بلا رقابة ولا وازع، وصولًا إلى القمّة: رأس المؤسسة العسكريّة، الذي ظهر على العلن يَكيل السبابَ والشتائم لقادة “الحرية والتغيير”، وغيرهم، بعباراتٍ نابيةٍ، لم تقتصر على اللغة المنطوقة، بل شملت أيضًا لغةَ الجسد، في انحدار غير مسبوق لهيبة القيادة العسكريّة.
بالأمس القريب، تجاوزنا عتبةً أخرى في هذا التدهور، عندما رأينا القائد العام للجيش، في مدينة الدندر، يُعانق أحد رموز الصفاقة والسفاهة الإعلاميّة – شخصًا اشتهر بعباراته المنحطّة وأسلوبه المستفز – ويقول له ضاحكًا: “أنا أوّل ما وصلت، قلت ليهم شوفوا لي حماد ده!”
لم يسأل القائد ” الهمام ” عن مقابر جنوده المدفونين هناك او عن اسرهم لتعزية افرادها المكلومين، بل عن اشهر سفيه في المنطقة لكى يسمعه ما وراء الكاميرات عباراته البذيئة.
لقد كان من الطبيعي، بل من الواجب القانوني والأخلاقي، أن يأمر سيادة القائد العام باعتقال حماد عبد الله – هكذا اسمه- لما صدر عنه من سبّ علني وإساءة للذوق العام، حتى لو كانت موجّهة لخصوم سياسيين وعسكريين كالـ”دعم السريع”. فالقانون لا يُفصَّل على مقاس الولاءات، بل يُطبَّق على الجميع دون تمييز. لكن ما حدث كان العكس تمامًا: احتفاء، وربما تكريم، وإكراميّات تُقدَّم في الخفاء.
إنّ ما تفعله هذه القيادات ليس فقط تجاوزًا للقيم، بل تدميرٌ صريح لصورة القيادة نفسها. أولئك الذين سلّطتهم علينا الحركة الإسلامويّة، ما كان لهم أن يتجاهلوا حقوق هذا الشعب، وأهمّها: الأمن، والسلام، والكرامة. لكنّهم، عوضًا عن صون هذه الواجبات، تجاوزوها إلى ما هو أسوأ: نشرُ الفُجور، والترويجُ للرزيلة، وتطبيعُ السفاهة، دون أدنى حياء، أو خجل، أو إحساس بالمسؤولية عن التأثير العميق على الأجيال الناشئة.
هذه – بلا شك – ليست حربًا عسكريّة فقط، بل حربُ انهيارٍ أخلاقيّ، حربُ غياب القدوة، وضياع الحكماء، وتقدّم الفُجّار على المنابر، يُشكّلون الذوق العام، ويصوغون سلوك المجتمع بأسوأ النماذج. وهي، في غيّها هذا، لا تهدّد الحاضر فحسب، بل تنذرُ بخطرٍ عظيم على المستقبل: خطر الفساد الخُلقيّ الذي يهدّ أركان البلاد من الداخل، ويجعلها مستباحة لكلّ رياح الفوضى والانهيار.
ما يجب أن يكون عليه القادة:
في الأوقات العصيبة، تتعلّق أعين الشعوب بقادتها، لا لتسمع خطبهم فحسب، بل لترى فيهم القدوة. القائد السياسي أو العسكري ليس مجرّد مُنفِّذ للقرارات أو متحدِّث باسم الدولة، بل هو رمزٌ للقيم العليا: الانضباط، الترفّع، النزاهة، السموّ في اللفظ والسلوك. عليه أن يُمثّل كرامة الدولة لا أن يهدمها، أن يُربّي الأجيال لا أن يُفسدهم، أن يكون حارسًا للوعي، لا تاجرًا في سوق الابتذال.
القيادة مسؤولية أخلاقيّة قبل أن تكون منصبًا. وحين يفقد القائد اتزانه الأخلاقي، ينفرط عقد المجتمع، وتُكسر هيبة الدولة، ويُفتَح الباب واسعًا أمام كل من هبّ ودبّ ليعتلي المشهد ، فيَسُبَّ ويَلعَنَ كما يَشاء.
الوسومالترويج للرزيلة السفاهة السفهاء الفجور القائد القدوة القيادة القيم حربالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: السفاهة السفهاء الفجور القائد القدوة القيادة القيم حرب
إقرأ أيضاً:
القائد الجهوي للدرك بقسنطينة ينصب قائد مجموعة الدرك بميلة
قام العميد داود بن عمرة القائد الجهوي للدرك الوطنية بقسنطينة على تنصيب العقيد مومين مصطفى قائدا للمجموعة الاقليمية للدرك الوطني ميلة خلفا للمقدم بن عزيزة امحمد منصف الذي شغل قائد مجموعة الدرك ميلة بالنيابة.
وقد تمت العملية بحضور السلطات المدنية والقضائية والعسكرية. حيث يندرج ضمن مخطط التحويلات للمستخدمين الضباط لسنة 2025. والذي يشمل بعض قادة الوحدات والتشكيلات التابعة للقيادة الجهوية الخامسة للدرك الوطني.
وقد وجه العنيد القائد الجهوي جملة من التعليمات والتوجيهات للعمل على التقليل من حوادث المرور. والحد من مخلفاتها الماساوية اجتماعيا والمكلفة اقتصاديا.
وأكد على ضرورة العمل وفق مخططات مدروسة تبعا للخريطة الاجرامية بالاستغلال الامثل للموارد البشرية. والوسائل المادية الموضوعة تحت مسؤولية القادة. والتعاون الوثيق مع السلطات الادارية القضائية والامنية. لتحقيق الأمن وتعزيز شعور المواطن بالطمانينة والسكينة والأمن.
وفي إطار تعزيز دعائم العمل الجواري، شدد العميد القائد الجهوي للدرك بقسنطينة. على الزامية توطيد علاقة الثقة والتواصل مع المواطنين بمختلف فئاتهم وشرائحهم باعتبار ان المواطن شريك حقيقي. مع التقيد بالقوانين والانظمة والتحلي بالقيم والأخلاق العسكرية الرفيعة.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور