صحيفة البلاد:
2025-12-09@20:03:19 GMT

اغتيال المعلّم بدم بارد

تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT

اغتيال المعلّم بدم بارد

تعاقبت النظريات التربوية على المعلّم فحرّكته أول الأمر نحو النظرية السلوكية فأصبحت عملية التعلم تحت رحمة الثواب والعقاب والمثير والاستجابة إلى الدرجة التي يتحكّم فيها المعلم بكل شيء. يمكن للمعلم أن يضرب الطالب بالعصا ضربا مبرحاً، كما هو الحال في المدارس لدينا قبل أربعين سنة. مكانه في مقدمة الصف. ولا يبدو أن هذه النظرية قد أفل نجمها رغم إعلان إفلاسها النظري في منتصف القرن الماضي على يد نعوم تشومسكي إذ أن ملاحظة بسيطة لأروقة المدرسة تكشف عن تغلغل هذه النظرية وسيطرة أشباح سكنر وشلّته السلوكية على مفاصل العملية التعليمية والدليل على ذلك تلك الاختبارات المكثفة، المحلية والإقليمية والدولية، التي تشهدها المدرسة خلال العام الدراسي.


ثم جاءت النظرية البنائية في محاولة للإطاحة بالنظرية السلوكية عن طريق سحب بعض الصلاحيات التي يتمتع بها المعلم ونقلها للطلاب الذين أصبحوا يشاركون في عملية التعلّم. أصبح دور المعلم تحت رحمة هذه النظرية منحصراً في تهيئة الظروف لدى المتعلم وتمكينه وإشراكه في تقديم المعرفة ومتابعة عملية التعلم عنده وتقديم المساعدة له عندما تغوص أقدامه في رمال المعرفة ورمضائها. المعلم، بحسب هذه النظرية، مجرد مقاول معماري يوفّر السقالات التي يرتقي عليها هؤلاء البنّاؤون لتشييد صروحهم المعرفية التي يريدونها وتتناسب مع مهاراتهم الإنشائية والمعمارية. مكانه في ناحية ما على يمين الصف أو يساره وليس مقدمته. كما هو واضح من هذه النظرية، تراجع دور المعلّم تدريجياً وأصبح مجرد مسهّل للعملية التعليمية بعد أن كان يقف أمام أبنائه ينقل الحكمة لهم والويل كل الويل لمن يعترض طريقه.
ثم جاءت فلسفة ما بعد الحداثة في نهاية القرن الماضي لتنشر فوضى تعدّد الرؤى وغموض المعنى وترويج القصص الصغيرة وإلغاء القصص الكبرى، أو بمعنى آخر الرفع من شأن الحرية الفردية وإلغاء الحقيقة المطلقة الواحدة، فأصبح المعلم نفسه تحت التهديد من هؤلاء الذين كانوا أتباعه وتحت يده. تزحزح مكانه وأصبح بالقرب من الباب. المعلم، تحت وطأة هذه الفلسفة، يتحرّك داخل مدرسته وهو خائف يتلفّت ويترقّب. لا يستطيع أن يفعل أي شيء مهما كان هذا الذي كان تحت يده يضع وشماً، أو يقص شعره بطريقة شاذة أو أن يلبس القلائد على رقبته، أو يربط شعره برباط كما تفعل النساء.
ثم جاء زلزال الذكاء الصناعي في القرن الحادي والعشرين الذي يبدو، من وجهة نظر خاصة لكاتب هذه السطور، أنه تشكّل واضح لفلسفة ما بعد الحداثة التي لم تكن تحمل اسما وقتها. انتهت مرحلة “الما بعد” وأصبح الأمر واضحاً، وتحوّلت فلسلفة ما بعد الحداثة إلى هذا الشيطان الذي يحمل اسم الذكاء الصناعي. اختفت المدرسة برمتها وأصبحت مجرد منصّة افتراضية لا وجود حقيقي لها. أصبح دور المعلم فنياً فقط بحيث يمكن استبداله بروبوت افتراضي يدرّس عبر الأثير. الله وحده يعلم المصير المحتوم الذي ينتظر هذا المعلم المغلوب على أمره الذي تم ركله خارج غرفة الصف واغتياله بدم بارد.

khaledalawadh @

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: هذه النظریة ما بعد

إقرأ أيضاً:

«المعلمين» تثمّن الإجراءات الحازمة لـ «الداخلية» فى واقعة الاعتداء على معلم بعين شمس

أعربت نقابة المعلمين، عن تقديرها الكامل لسرعة استجابة وزارة الداخلية وتعاملها الحازم مع واقعة الاعتداء على أحد المعلمين داخل مدرسة بمنطقة عين شمس بمحافظة القاهرة، بعد تعرّضه للضرب من قِبل 4 طلاب أثناء أدائه مهامه الوظيفية.

وأكدت النقابة أن الإجراءات التى اتخذتها وزارة الداخلية تمت بمنتهى الشفافية والالتزام بالقانون، مشيرة إلى أن سرعة ضبط الطلاب المعتدين وإحالتهم للجهات المختصة يعكس إصرار الدولة على حماية كرامة المعلم والحفاظ على هيبته داخل المؤسسات التعليمية.

وأشارت نقابة المعلمين إلى أن تفاصيل الواقعة، تعود للأسبوع الماضى، بعد قيام 4 طلاب بالاعتداء بالضرب على مدرس تربيه رياضيه بمدرسه أحمد عصمت الرسميه لغات، والذى قام بتقديم بلاغ رسمى لقسم الشرطة، وتم القبض على الطلاب والتحقيق معهم، وفى اليوم التالى توجه إلى المدرسة حسين حموده رئيس اللجنة النقابية للمعلمين بعين شمس بمرافقه منيرة أسامة مدير إدارة عين شمس التعليمية، وتكريم المعلم فى طابور الصباح، وإعلان فصل الطلاب الأربعه تطبيقا للائحة الانضباط، والتأكيد أمام جميع الطلاب على عدم التهاون مع أى تعدى على المعلمين أثناء أداء رسالتهم.

وأوضحت النقابة العامة للمعلمين، أن التدخل الفورى من مسئولى وزارة الداخلية، يبعث برسالة واضحة مفادها أن الاعتداء على المعلم، أمر لن يتم التهاون معه بأى شكل من الأشكال.

وشددت النقابة على أن احترام المعلم هو احترام للدولة وقيم المجتمع، وأن فرض الانضباط داخل المدارس ضرورة لضمان بيئة تعليمية آمنة، إلى جانب ضرورة تعزيز برامج التوعية للطلاب وأولياء الأمور بأهمية احترام المعلم ودوره التربوى قبل التعليمى، بما يضمن الحفاظ على منظومة التعليم وهيبتها.

وأكدت النقابة دعمها الكامل للمعلم المعتدى عليه، ومتابعتها الدقيقة لسير التحقيقات حتى حصوله على كامل حقوقه القانونية، وأن النقابة لن تتوانى عن اتخاذ أى خطوات لحماية أعضائها وصون كرامتهم.

مقالات مشابهة

  • لجنة المعلّمين ترفض «نقابة التعليم بالخرطوم» وتعدّها امتداداً لنقابات التمكين
  • العجارمة: أندية المعلمين تدخل عصر التطوير لتعكس مكانة المعلم
  • يديعوت أحرونوت: الشاباك دعم اغتيال السنوار والضيف في 2023 ورئيس الأركان عارض
  • تعز.. تمييع إخواني مستمر يعطل سير العدالة في قضية اغتيال أفتهان المشهري
  • نقابة المعلمين تثمّن جهود وزارة الداخلية في حادث الاعتداء على معلم بعين شمس
  • قنبلة صنعاء الأمنية: الكشف عن الخلايا المتورطة في اغتيال الرهوي والغماري
  • نقابة المعلمين تشيد بضبط الداخلية 4 طلاب ضربوا مدرس علقة موت
  • «المعلمين» تثمّن الإجراءات الحازمة لـ «الداخلية» فى واقعة الاعتداء على معلم بعين شمس
  • إبادة بلا ضجيج.. اغتيال الأدباء والمفكرين في غزة
  • بعد اغتيال الطبطبائي..الخرق الأمني لحزب الله بميزان المحللين