التربية الإعلامية: سلاح الجيل لصدّ التضليل (2)
تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT
د. يوسف الشامسي **
تحدثنا في المقال السابق حول أهمية التحصين الإخباري في زمنٍ يغمرنا فيه طوفان من الأخبار والرسائل الإعلامية من كل اتجاه، إذ لم تعد أدوات المعرفة التقليدية كافية لمواكبة تعقيدات العصر، بل صار لزامًا أن نُسلِّح الأجيال الجديدة بأدواتٍ تمكّنهم من تمييز الحقيقة من الزيف، وفكّ شيفرات الخطاب الإعلامي الذي يطوقهم من كل صوب.
لذا أطرح في هذا المقال مقترحًا حول مشروع مقرر "التربية الإعلامية" كضرورةٍ ماسّة لبناء وعي نقدي قادر على مواجهة التحديات التي يفرضها العالم الرقمي، حيث تتحول الشاشات الصغيرة إلى ساحات حربٍ تستهدف الوعي قبل الأجساد.
يهدف هذا المُقرر إلى تمكين الطلبة من تحليل المضامين الإعلامية بوعي، بدءًا من التمييز بين الخبر الصحفي المدعوم بالأدلة والدعاية السياسية المُموَّلة، وصولًا إلى اكتشاف المغالطات المنطقية التي تتسلل إلى الرسائل اليومية. فالفرد اليوم لم يعد متلقٍّ سلبي للمعلومات، بل أصبح – بفضل وسائل التواصل – منتجًا ومستهلكًا في آنٍ، ما يجعله عرضةً لتحويل آرائه إلى سلعةٍ تُشكِّلها الخوارزميات وفقًا لمصالح "الجهات" المختلفة. ومن هنا تأتي أهمية تعليم أدوات التحقق من المعلومات، كاستخدام منصات "Originality.ai" و"Snopes" وFactCheck وغيرها، وفهم آليات عمل محركات البحث، والتي تتحكم- دون أن ندرك- فيما نراه وما يُخفى عنَّا.
لا ينبغي أن يقتصر المقرر على الجانب النظري، بل يُبنى على مراحل عملية تتناسب مع كل فئة عمرية. ففي المدارس الابتدائية، يمكن تبسيط المفاهيم عبر ألعاب تفاعلية تُعلِّم الطفل كيف يميز بين إعلانٍ لعبوة مشروبات غازية وخبرٍ عن فعالية مدرسية، بينما يُناقش طلاب المرحلة الإعدادية تناقضات الروايات الإخبارية على منصات التواصل مثل "إنستجرام" مقابل "إكس"، وكيف تؤثر الصياغة والجمهور المستهدف في تشكيل الرسالة. أما في المرحلة الثانوية، فبالإمكان أن يتعمق الطلبة في تحليل الأزمات الإعلامية الواقعية، على سبيل المثال تتبع مسار شائعةٍ صحية وكيفية تفنيدها، أو دراسة دور الإعلام في تضخيم الأزمات السياسية أو احتوائها.
وعند الانتقال إلى المرحلة الجامعية، يتحول المقرر إلى مساحةٍ للبحث والتخصص، حيث يدرس الطلبة تأثير المنصات الرقمية على الرأي العام في قضايا محلية، أو يُحلِّلون خطابات تاريخية عبر منهجيات النقد الحديثة. كما يمكن دمج مشاريع ميدانية، كالتدريب في غرف الأخبار لفهم صناعة المحتوى من الداخل، أو تشكيل حملات توعوية تعالج ظواهر اجتماعية مختلفة كالتنمر الإلكتروني أو الأخبار المفبركة وغيرها.
بالطبع تطبيق مقترح كهذا سيواجه تحدياتٍ ليست هينة، أولها تأهيل الكوادر التعليمية القادرة على تدريسه؛ فالمدرّس التقليدي- رغم خبرته- قد لا يملك الأدوات الرقمية اللازمة. وهذا يستدعي شراكاتٍ مع مؤسسات إعلامية وجامعات دولية رائدة في هذا المجال. كما أن تطوير المنهج يجب أن يكون عملية ديناميكية تخضع للتحديث السنوي، فبيئة الإعلام الرقمي كما هو معلوم تتغير بوتيرة متسارعةٍ تجعل أي محتوى جامدٍ عُرضةً للتقادم بين يوم وآخر.
وختامًا، نؤكد على أهمية تحصين الأجيال وانتشالهم من مستنقع التلقين إلى فضاءات التفكيك والمساءلة، وما هذا المقترح إلّا دعوةٌ لتعليم النشء أن "التابلوهات" الإعلامية ليست مقدسة، كما أن النقد ليس خصومة؛ بل هو الخطوة الأولى نحو وعيٍ يحترم ذاته بذاته؛ ففي عصرٍ تُقاس فيه القوة بمدى السيطرة على الوعي، يصبح هذا المقرر- ببساطة- درعًا واقيًا لأمننا الفكري، وخط الدفاع الأخير عن حقنا- وأجيالنا- في أن نقرأ العالم ونرى الأحداث بعيوننا وبصيرتنا اليقظة، لا بعيون أصحاب الأجندات الخفية أو من يبيعوننا الوهم.
** أكاديمي بقسم الاتصال الجماهيري- جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بنزوى
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
البيت الأبيض يكشف أولوية الإدارة الأمريكية بشأن غزة
أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، الجمعة 9 مايو 2025 ، أن أولوية الولايات المتحدة في قطاع غزة الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين.
وأشارت إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لن تخوض في تفاصيل ما يتم تداوله بشأن مستقبل إدارة القطاع بعد الحرب.
وأجابت ليفيت عن التقارير التي تحدثت عن محادثات أمريكية إسرائيلية بشأن هيكلية الإدارة في قطاع غزة بعد الحرب بالقول: "نحن على تواصل مستمر مع شركائنا في إسرائيل".
وكشفت أن الوزير الإسرائيلي للشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، "كان أمس (الخميس) في البيت الأبيض، والتقى بأعضاء من فريق الرئيس ترامب".
وأضافت: "الرئيس ترامب عبّر بوضوح عن رغبته في الإفراج عن الرهائن. هذا هو موقفنا المعلن. أما ما يتعلق بالتقارير أو الخطط المطروحة، سواء كانت مؤكدة أو غير مؤكدة، فلن أخوض في تفاصيلها".
بدورها قالت صحيفة معاريف نقلاً عن مصدر في الحكومة الإسرائيلية: "تلقينا رسالة أمريكية بأن واشنطن تفضل وقفًا لإطلاق النار في غزة بدلًا من عملية إسرائيلية شاملة".
وأضاف: "سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، على نتنياهو أن يقول لا لترامب".
وقالت إن مسؤولين يرون أن الحكومة أهدرت الوقت، ويستحيل البدء بمناورة في غزة قبيل وصول ترامب.
وأضافت أن الأمريكيين نقلوا رسالة لإسرائيل مفادها: لا تفاجئونا قبل زيارة ترامب.
وأكدت: "مخاوف من أن يمارس ترامب خلال زيارته للمنطقة ضغوطًا على نتنياهو لقبول صفقة لا تلائم إسرائيل".
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار العربية والدولية الحوثي يعلن استهداف مطار بن غوريون هدف حيوي بتل أبيب قبل جولة ترامب.. وزير الخارجية الإيراني يتوجه إلى السعودية وقطر الخارجية الأميركية: نحن على بعد خطوات قليلة من حل بشأن مساعدات غزة الأكثر قراءة سبب وفاة عبد العزيز العجلان – عبدالعزيز العجلان ويكيبيديا استشهاد شرطي وطفل بقصف إسرائيلي على مدينة غزة غزة - إعدام 6 "مجرمين" وإطلاق النار على أرجل 13 آخرين سوريا - شهداء وجرحى في سلسلة غارات جوية إسرائيلية عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025