مؤرخ بريطاني: ما زلنا نخوض غمار الحرب العالمية الثانية
تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT
في مقال له بعنوان: "ما زلنا نخوض الحرب العالمية الثانية"، يؤكد المؤرخ البريطاني أنتوني بيفور، المختص بالشؤون العسكرية، أن التأثير العميق للحرب العالمية الثانية وقضاياها العالقة لا تزال بصمتها ماثلة على السياسة العالمية المعاصرة.
يفتتح الكاتب مقاله بالقول: "نادرًا ما يكون التاريخ مُرتبًا، فالعصور تتداخل، وتستمر الأعمال غير المُنجزة من فترة إلى أخرى"، مُؤكّدًا بذلك حجته المحورية بأن إرث الحرب لم يُحسم بعد.
ويُشدد بيفور، في مقاله الطويل بمجلة فورين آفيرز الأميركية، على الطبيعة المُتعددة الأوجه للصراع، واصفًا إياه بأنه "مزيج من صراعات عديدة، بما في ذلك الكراهية العرقية والقومية" الناجمة عن آثار الحرب العالمية الأولى.
ويُشير إلى الجدل الدائر حول بدء الحرب، مُشيرًا إلى أنه "حتى مسألة متى بدأت الحرب لا تزال محل جدل"، حيث تُقدم وجهات النظر الأميركية والروسية والصينية والإسبانية نقاط انطلاق مُختلفة.
يُجادل بيفور بأن هذه التفسيرات التاريخية المُتباينة لا تزال تُشكّل مصدرًا لعدم الاستقرار العالمي.
يُسلّط الضوء تحديدًا على كيفية "انتقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتاريخ الروسي"، مزجًا بين الروايات السوفياتية عن "الحرب الوطنية العظمى" والأيديولوجيات القيصرية الرجعية، بما في ذلك الإيمان بالتفوق الروسي "من فلاديفوستوك إلى دبلن"، كما تصوره الفيلسوف السياسي الروسي اليميني المتطرف ألكسندر دوغين.
إعلانكما يُشير إلى إعادة تأهيل بوتين لجوزيف ستالين، مبرزا وصف عالم الفيزياء الروسي أندريه ساخاروف لاستالين بأنه كان مسؤولًا عن "ملايين الوفيات أكثر حتى من زعيم المازية آدولف هتلر"، وإلى إنكار بوتين لأهوال الحقبة الستالينية، بما في ذلك المجاعة الكبرى في أوكرانيا، حيث "تعمّد ستالين التسبّب في مجاعة… مما أسفر عن مقتل أكثر من 3 ملايين شخص".
ويتناول المقال، من ناحية أخرى، ديناميكيات القوة العالمية المتغيرة الناتجة عن الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك "التوازن المضطرب في كثير من الأحيان بين أوروبا والولايات المتحدة".
وروى بيفور كيف اضطرت المملكة المتحدة إلى طلب المساعدة الأميركية، مما أدى إلى تراجع نفوذها العالمي، رغم تشبثها بتقمص "التفوق على وزنها الحقيقي" وترويجها لــ"العلاقة الخاصة" مع الولايات المتحدة.
ويشير إلى الميل الأميركي الأولي نحو الانعزالية، والذي قوبل بـ"تهديد موسكو" خلال الحرب الباردة.
ويربط بيفور هذا السياق التاريخي بالوقت الحاضر، مشيرًا إلى أن "أول حرب قارية كبرى في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية دخلت عامها الرابع، مدفوعةً جزئيًا بقراءة بوتين الانتقائية للتاريخ الروسي"، معربًا عن قلقه إزاء التآكل المحتمل للنظام الدولي لما بعد الحرب القائم على "احترام السيادة الوطنية والحدود".
ويؤكد بيفور على التكلفة البشرية الهائلة للحرب، مشيرًا إلى أن "قسوة الحرب العالمية الثانية المُطلقة قد حُفرت في ذاكرة أجيال عديدة"، وأنها كانت "أول صراع حديث قُتل فيه عدد من المدنيين يفوق بكثير عدد المقاتلين".
ويعزو ذلك إلى اعتماد النازيين "نزع الصفة الإنسانية عن العدو بدافع أيديولوجي".
ويستشهد بأرقامٍ مُذهلة للخسائر البشرية، بما في ذلك 6 ملايين يهودي قُتلوا في الهولوكوست، وفقدان ما يقرب من خُمس السكان البولنديين، وأكثر من 20 مليون قتيل صيني، بينما يُقدر عدد القتلى السوفيات بما بين 24 و26 مليونًا.
إعلانويؤكد بيفور أنه "لا يكفي تذكر الموتى، الذين تعمد قتلةُ الكثير منهم إخفاء هويتهم"، ويُسلّط الضوء على الأثر الدائم على الناجين، بمن فيهم أسرى الحرب والمدنيون في المعسكرات.
ويستكشف المقال كذلك الآثار الاجتماعية والسياسية للحرب، مُشيرًا إلى تواصل "الصراع السياسي الحاد" وإعادة رسم "الحدود… التي أُزيلت أو أُعيد رسمها أثناء الحرب وبعدها"، مما أدى إلى موجات نزوح جماعي.
ويُفصّل بيفور طموحات ستالين التوسعية، التي كُشف عنها في مؤتمري يالطا وبوتسدام، بما في ذلك اهتمامه بالمستعمرات الإيطالية السابقة وما كان يلوح به من غزو لأوروبا الغربية والذي لم يُلغَ إلا بعد علمه بالقنبلة الذرية الأميركية.
ويناقش الكاتب التعقيدات الأخلاقية التي أفرزتها القنابل الذرية التي ألقيت على هيروشيما وناغازاكي، معترفا بالخسائر الهائلة في الأرواح، ولكنه يعترف أيضا بأن ذلك ربما أسهم في إنقاذ المزيد من الأرواح من خلال تسريع إنهاء الحرب.
وفي الختام، يؤكد بيفور أن "الحرب العالمية الثانية أعادت رسم مسار السياسة العالمية"، مما أدى إلى صعود الصين، وانهيار الإمبراطوريات الأوروبية، وظهور الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي كقوتين عظميين، وتأسيس الأمم المتحدة.
وهنا يشير إلى مفارقة أن الولايات المتحدة تُدير ظهرها الآن، على ما يبدو، للمبادئ التأسيسية للأمم المتحدة.
ويربط بيفور ديناميكيات القيادة في الحرب العالمية الثانية، حيث أساهم "الرجال العظماء" بشكل كبير في تشكيل الأحداث، بالحاضر، مجادلا بأن تصرفات بوتين وإعجاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أحييا هذا المفهوم.
واليوم، يقول بيفولار، دخلت أول حرب قارية كبرى في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية عامها الرابع، مدفوعةً جزئيًا بقراءة بوتين الانتقائية للتاريخ الروسي، بينما تُهدد الصراعات المميتة في الشرق الأوسط وأماكن أخرى بالانتشار.
إعلانوفي هذه الأثناء، يبدو أن إدارة ترامب تتخلى عن القيادة العالمية للولايات المتحدة في نوبة غضب مُربكة، وقبل 80 عامًا، مهدت نهاية الحرب العالمية الثانية الطريق لنظام دولي جديد قائم على احترام السيادة الوطنية والحدود، لكن الآن، قد يحين موعد دفع ثمن باهظ للتردد الأميركي، والرضا الأوروبي، والانتقام الروسي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الحرب العالمیة الثانیة بما فی ذلک شیر ا إلى شیر إلى
إقرأ أيضاً:
200 كاتب بريطاني يطالبون بمقاطعة إسرائيل
وأدى تدمير الاحتلال الإسرائيلي لغزة إلى ترك الفلسطينيين الجائعين لا يحصلون إلا على 1.5% من الأراضي الزراعية المتاحة والصالحة للزراعة، وفقًا لأرقام جديدة من الأمم المتحدة، وهذا أقل من 4% مما يشير إلى أن إسرائيل استمرت في استهداف الأراضي الزراعية الفلسطينية منذ فرض حصار كامل أوائل مارس، ما أدى إلى تقييد شديد للمساعدات من دخول القطاع.
وأِشارت الصحيفة الى ان غزة قبل الحرب كانت مركز زراعي مزدهر، حيث كان المزارعون والفلسطينيون العاديون يزرعون مجموعة واسعة من الفواكه والخضراوات والمكسرات والحبوب للاستهلاك المحلى ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة، شكلت الزراعة حوالى 10% من اقتصاد قطاع غزة، وكان أكثر من 560 ألف شخص، أو ربع السكان، يعتمدون جزئيًا على الزراعة وصيد الأسماك على الأقل.
واستهدف الاحتلال الإسرائيلي مصادر الغذاء - البساتين والصوبات الزراعية والأراضي الزراعية والصيادين - منذ بدء حصارها لغزة في أكتوبر 2023 وبحلول 28 يوليو 2025، كانت إسرائيل ألحقت أضرارًا بنسبة 86%، أى ما يعادل حوالى 32000 فدان، من الأراضي الزراعية في قطاع غزة وبينما لا يزال الوصول الفعلي إلى أقل من 9% من الأراضي الزراعية ممكنًا، فإن 1.5% فقط 537 فدان يمكن الوصول إليها ولم تتضرر جراء الهجوم الإسرائيلي.
وفى شمال غزة، دمرت الدبابات والقنابل الإسرائيلية أو ألحقت أضرارًا بـ 94% من الأراضي التي كانت تعتبر من أكثر الأراضي خصوبة وإنتاجية في القطاع، وفى الأسبوع الماضي، هدمت قوات الاحتلال لإسرائيلي جزئيًا بنكًا للبذور في الخليل بالضفة الغربية