صورة اليهود في القرآن الكريم
تاريخ النشر: 10th, May 2025 GMT
د. عبدالله الأشعل **
الحديث عن بني إسرائيل واليهود منهم شغل حيزًا كبيرًا من القرآن الكريم. ونسارع في القول إنَّ الصهيونية مشروع سياسي، ولكن اليهودية شريعة مقدسة وهي طبقة من طبقات الإسلام تطبيقاً لقوله تعالى: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" (المائدة: 5)، وقال أيضًا "إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ" (آل عمران: 19)، وقوله تعالى: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ" (آل عمران: 85)
ورغم المسافة الفاصلة بين الصهيونية واليهودية، فإنَّ رجال الدين من الصهاينة يستخدمون اليهودية لتحقيق الصهيونية بأكاذيب وتلفيقات تعودوا عليها.
المقولة الأولى "شعب الله المختار" من قوله تعالى "وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ" (البقرة: 47). وبالفعل الله سبحانه اختار بني إسرائيل لكي يبعث فيهم ومنهم موسى عليه السلام، وعددا من أنبياء الله، والله أعلم بنواياهم ومآلاتهم، وكان لا بُد أن يبدأ عصر الرسالات من بني إسرائيل ولم يقل المسلمون أنهم شعب الله المختار لمجرد أنَّ الله اعتبرهم الأمة الوسط ليكونوا شهداء على النَّاس من شعوب أخرى وكذلك لأنَّ الله اختار محمدا الرسول الكريم لكي يكون آخر الأنبياء والرسل ولكى يقول الله فيه (وإنك على خلق عظيم)، وأن القرآن الكريم آخر اتصال بين السماء والأرض وأن سنة الرسول الكريم مع القرآن الكريم هي المصدر الأساسي لكل تشريع. فالله قد وضع معيارا للفرد فقال الله سبحانه وتعالى إن الناس تتفاضل عنده بالتقوى وليس له شعب مختار كما أن الرسول الكريم قال أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا.
أما تعدد الأنبياء في بني إسرائيل إضافة إلى عيسى عليه السلام؛ فهذا دليل ليس على القرب من الله، ولكن دليل على استعصاء حالتهم وكفرهم والحاجة إلى أكثر من رسول ورسالة، فإذا رأيت الأطباء يزدحمون على بيت المريض؛ فمعناه أنَّ الداء عضال واستدعى كل هذا العدد من الأطباء وليس ميزة للمريض أن يزدحم الأطباء على منزله. ولكن الله سبحانه اختار بني إسرائيل لأول رسالة امتحاناً لهم وفتنة لجموعهم وفي النهاية حكم الله عليهم بقوله في محكم الآيات:( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا) وقوله تعالى: "فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا" (البقرة: 80)، وتحذير القرآن الكريم لرسولنا الكريم من اليهود والنصارى الذين حرفوا كتبهم المقدسة.
وإذا كان اليهود قد ارتكبوا الجرائم التي سنفصلها فيما بعد، فإن الصهيونية أشد إجراما من اليهود وأداة جرائم الصهيونية أنهم ينسبون لليهودية كل جرائم الصهيونية.
المقولة الثانية: أنه وهب فلسطين لهم لقوله تعالى "اسكنوا الأرض" (الإسراء: 104)، وهذا تفسير ينسب إلى الله ما لا يقصده، وهذا دأبهم. والحقيقة أنَّ الأرض كلها لله وأن الله لم يخصص أرضا مُعينة لشعب معين ولكنه خصَّ بالذكر المساجد والمسجد الحرام والمسجد الأقصى اللذين ورد ذكرهما صراحة في القرآن الكريم.
والخلاصة أنه لا يجوز تفسير القرآن الكريم لغايات سياسية لأن اليهود لو كانوا عملوا بما في التوراة لكان الله رضي عنهم، ولكن ذمهم في آيات كثيرة وخصهم بالجرائم الآتية:
التقول على الله سبحانه وتعالى. الكفر بالله. التحايل على الله في قصة البقرة وقصة السبت. أكل السحت. أكل مال الناس بالباطل. قتل الأنبياء. الادعاء بأنَّ لهم إله آخر غير إله البشر، وهذه صورة من صور كفرهم، فكما تقوَّل النصارى على عيسى ابن مريم، تقوَّل اليهود على موسى وهارون وأبسطها أن موسى عندما تركهم ليتلقى الألواح وترك فيهم أخاه هارون، عاد ليجدهم يعبدون العجل ويسألون موسي عن الأوثان التي يعبدونها أسوة بالأقوام الأخرى التي لم يُبعث فيها رسول ولم تصلهم رسالة، كما أنهم طلبوا من موسى أن يظهر أدلة نبوته وهذه صورة من صور كفرهم. "وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا" (النساء: 160).أكرمهم الله بأن بعث منهم أول رسول واختارهم وفضلهم بهذه الرسالة الأولى على العالمين، لكنهم فسروها تفسيرا مصلحيًا، إضافة إلى أنهم كفروا ثم آمنوا عدة مرات وعفى الله عنهم ولكنهم كفروا في النهاية وأعد لهم عذابا عظيما، وتحداهم الله إن كانوا صادقين بأن يتمنوا الموت وهو أعلم بخلقه ولذلك حسم القرآن الكريم هذه المسألة بأنهم لن يتمنوا الموت لأنهم أحرص الناس على أي حياة ويخافون من الموت ويثيرون الفتن؛ فالعيب فيهم لا في الشعوب التي يعيشون معهم وهم مضطهدون لسوئهم وليس لعبقريتهم كما زعم المشروع الصهيوني.
ولو أنصفوا لأدركوا أن الله سبحانه يعلم كذبتهم الكبرى وهي ملكهم لأرض فلسطين؛ فالله سبحانه لا يوزع الأراضي حتى على الصالحين، فما بالنا باليهود الذين جعل منهم الله القردة والخنازير ولعنهم الله في القرآن الكريم، وذكر في القرآن الكريم أنه كتب عليهم الشتات، لقوله تعالى "وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا" (الأعراف: 168)، ولذلك فإنَّ جمعهم في إسرائيل- كما يقول علماء الدين- إشارة إلى ما ورد في سورة الإسراء أن الله يُبيدهم في مكان واحد؛ فتجميعهم وفق المشروع الصهيوني خطر عليهم، وهم زعموا أن الفلسطينيين هم الذين اغتصبوا أرضهم وشتتوهم وسموا الشتات "Diaspora"؛ فمصيرهم في القرآن الكريم الفناء وموضوع وعد الآخرة.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
فتاوى وأحكام| هل غسل المال الحرام يحوله إلى حلال؟.. حكم صلاة الجنازة على الغريق المفقود.. حكم من يخفى عيوب السلع عند البيع
فتاوى وأحكام
هل غسل المال الحرام يحوله إلى حلال؟
حكم صلاة الجنازة على الغريق المفقود
حكم من يخفى عيوب السلع عند البيع
نشر موقع صدى البلد خلال الساعات الماضية عددا من الفتاوى والأحكام التى يتساءل عنها عدد من المسلمين نستعرض أبرزها فى التقرير التالى.
هل غسل المال الحرام يحوله إلى حلال؟
كتب الدكتور علي جمعة منشورا جديدا عبر صفحته الرسمية على فيس بوك قال فيه: إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يرزق الخلق، ومن هذا الرزق ما هو حلال ومنه ما هو حرام، ولقد أمرنا ربنا سبحانه وتعالى بالتماس الحلال في المكاسب واجتناب الحرام فيها، وكلٌ من عند الله إلا أن هذا فيه نعمة الابتغاء والطلب والسعي من أجل تحصيله، وهذا فيه نعمة الاجتناب والترك من أجل الله سبحانه وتعالى.
ونوه بأن الله خلق الحلال والحرام، ورزق الناس الحلال والحرام؛ حتى يقوم المؤمن بوظيفته التي أمره الله بها أو نهاه عنها، وحتى ينال المؤمن الثواب الجزيل إذا ما هو طلب الحلال، وينال الثواب الجزيل إذا ما هو ابتعد عن الحرام، ومن أجل ذلك كان الحلال والحرام نعمةً من عند الله؛ لأن المؤمن سيثاب في كلٍ من الطرفين؛ هذا في ابتغائه وتحصيله، وهذا في البعد عنه والترك له.
وأشار إلى أن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ فيخاطب المؤمن والكافر ﴿ كُلُوا مِمَّا فِى الأَرْضِ ﴾ والذي في الأرض قد أتاحه الله لنا، وهو في متناول أيدينا لكننا يمكن أن نجعله رزقًا طيبًا حلالاً حسنًا بتحصيله من وجهه على مراد ربنا وأوامره ويمكن أن نجعله رزقًا خبيثًا حرامًا يغضب عليه الله ورسـوله، وجعل الله سبحانه وتعالى معالم الحلال والحرام في قرآنه وسنة نبيه في دينه ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِى الأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾.
ولابد عليك أيها المؤمن أن تفهم معالم الحلال والحرام في المكاسب، ومن الناس الآن من يتبع خطوات الشيطان، وإذا ما حصلوا شيئًا من الحرام أرادوا أن يغسلوه كما لو أن ذلك الغسيل يحوله إلى حلال، ويأبى اللهُ الشيطانَ وخطواتِه، ويمنعنا الله سبحانه وتعالى من التحايل والخداع عليه، ويبين لنا أن المجتمعات إذا ظلمت هذا الظلم المبين- تهلك، وأن صور الهلاك أن نعطل الحلال وأن ننغمس في الترف، فيقول الله عز وجل: ﴿ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ﴾ انظر الهـلاك سببه الظلم ﴿ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ﴾. خرَّت.. وانهار المجتمع ﴿ وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ ﴾ بئر فيها الماء وهو أساس حياة الإنسان والحيوان والنبات.. وما كان كذلك فهو معطل عند أولئك الظلمة، وقصر كان يكتفي ساكنه بكوخٍ يأويه من الحر والبرد والمطر..، لكنه جَصَّصه بالجُصِّ (أي بيضه بالطلاء)، وحلاه وزينه على أبدع ما يكون، ومكّن بنيانه بحيث جاء الهلاك فأبقى القصر على ما هو عليه؛ تذكرة لمن بعدهم بعد هلاكهم..! فالقصر لم يتأثر بالهلاك؛ فهو قصر ثابت مبذول فيه كل الجهد، وللأسف البئر معطلة!
هذا مظهر الظلم..! أن نجد قرية من قرى الله سبحانه وتعالى قد عطلت فيها أدوات الإنتاج وما ينفع الناس وما يعم خيره، وقد شيدت فيها قاعات الأفراح والقصور والاستراحات وغيرها من مظاهر الترف، هذا الظلم سيترتب عليه الجوع والخوف؛ لأننا لا نسير وراء سنة نبينا، ولا وراء أوامر ربنا سبحانه وتعالى.
حكم صلاة الجنازة على الغريق المفقود
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه ما حكم صلاة الجنازة على الغريق المفقود؟ فقد سأل أحد الأشخاص عن قريب له كان يهوى السباحة، وفي يوم من الأيام أخذ يسبح حتى جرفه الموج ولم يخرج، وأبلغوا الجهات المختصة ولم يتم العثور عليه حتى الآن، وقد مر على ذلك خمسة عشر يومًا، فهل يصلون عليه صلاة الجنازة أو ماذا؟
وأجاب عن السؤال الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية وقال: إذا عثرتْ فرقُ الإنقاذ وجهاتُ البحث على جثة القريب المذكور الذي مات غريقًا فإنه يعامل معاملة سائر الموتى من الغسل -إذا أمكن تغسيله- والتكفين والصلاة عليه والدفن، أما إذا لم يعثر على جثته ولم يعلم حاله من حياة أو وفاة، فلا يصلى عليه حتى يصدر قرارٌ من الجهة المختصة أو حكمٌ قضائي بموته، فإذا صَدَرَ قرارٌ أو حكمٌ بموته: فإنه يُصَلَّى عليه صلاة الغائب حينئذٍ.
هل الغريق من الشهداء
أكدت دار الإفتاء المصرية، أنه من المقرر أن الشهداء على ثلاثة أقسام؛ الأول: شهيد الدُّنيا والآخرة: الَّذي يُقْتَل في المعركة والدفاع عن الأوطان، وهو المقصود من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ قاتلَ لِتَكُونَ كلِمةُ اللهِ هيَ الْعُليا فهوَ في سبيلِ اللهِ» متفقٌ عليه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وتسمى هذه الشهادة بالشهادة الحقيقية.
أما الشهيد الثاني فهو شهيد الدُّنيا: وهو مَن قُتِلَ كذلك، ولكنه قُتِلَ مُدْبِرًا، أو قاتل رياءً وسُمعةً، ونحو ذلك؛ فهو شهيد في الظاهر وفي أحكام الدنيا.
وأما الشهيد الثالث فهو شهيد الآخرة: وهو مَن له مرتبة الشهادة وأجر الشهيد في الآخرة، لكنه لا تجري عليه أحكام الشهيد من النوع الأول في الدنيا مِن تغسيله وتكفينه والصلاة عليه؛ وذلك كالميِّت بداء البطن، أو بالطَّاعون، أو بالغرق، أو الهدم، ونحو ذلك، وهذه تُسمَّى بالشهادة الحُكْمية.
واستدلت بما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطعُونُ، والمَبطُونُ، والغريق، وَصَاحِبُ الهَدمِ، والشَّهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ» أخرجه الشيخان.
حكم من يخفى عيوب السلع عند البيع
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه ما حكم إخفاء عيب في السلعة عند البيع؟
وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة أن الأصل في البيْع حِلّهُ وإباحته؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ ٱللهُ ٱلۡبَيۡعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْ﴾ [البقرة: 275].
أمَّا إذا اشتمل البيعُ على محظورٍ كالغش والمخادعة؛ فإنَّ حكم البيع يتحول إلى الحرمة.
وأشارت إلى أن الله سبحانه وتعالى نهى ورسوله عن الغش خاصة في البيع والشراء؛ روى الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي».
كما استشهدت بما ورد عن أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا».
وروى الإمام ابن حبان في "صحيحه" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ فِي النَّارِ».
وبينت الإفتاء بناء على ذلك ان كتمان عيوب السلع والبضائع وعدم إظهارها للمشتري وقت البيع أمرٌ محرَّم شرعًا، وهو من الكبائر، ويستحقّ مَنْ يفعل ذلك اللعن والمقت والطرد من رحمة الله سبحانه وتعالى.
وذكرت رأي عدد من الفقهاء حول تلك المسألة ومنهم:
اعتبر الإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي، أن كتمان عيب السلعة عند البيع هو من الكبائر في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (1/ 393، ط. دار الفكر): [الكبيرة الموفية المائتين: الغش في البيع وغيره] اهـ.
والغش والكذب وكتمان العيب من الأمور التي يستحق بها صاحبها اللعن والمقت والطرد من رحمة الله سبحانه وتعالى؛ فعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «مَنْ بَاعَ عَيْبًا لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يَزَلْ فِي مَقْتِ اللهِ، وَلَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تَلْعَنُهُ» أخرجه الإمام ابن ماجه في "سننه".
وهو من الأمور التي يترتب عليها أيضًا محق البركة؛ فعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، -أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا- فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» متفق عليه.
قال العلامة ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (6/ 213، ط. مكتبة الرشد): [قال ابن المنذر: فكتمان العيوب في السلع حرام، ومن فعل ذلك فهو مُتوَّعد بمحق بركة بيعه في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة] اهـ