سوريا – من رحم الحرب في سوريا وركام أنقاضها، سطع كورال (جوقة) “غاردينيا” النسائي كأحد أبرز وجوه المقاومة الثقافية، وبعد تحرره من قيود نظام الأسد البائد، تحوّلت أغنياته عن الثورة والحرية إلى نوتات موسيقية تُحاكي الأمل، وتُجسّد قدرة المرأة السورية على النهوض عبر الفن.

وتأسس كورال “غاردينيا” النسائي في عام 2016، في خضم الحرب، بمبادرة من مجموعة من النساء المؤمنات بدور الفن وقدرته علي نشر قيم السلام والتسامح، وإظهار قوة المرأة من خلال الموسيقى.

وبمرور الوقت، لم يقتصر دور الكورال على كونه مجموعة جوقة موسيقية فحسب، بل أصبح رمزًا للصوت النسائي الصادح بمعاني الحرية، والسلام والتعايش، والحاصد على عدة جوائز في فعاليات داخل سوريا وخارجها، نظير أدائه اللافت.

ومع انهيار نظام الأسد وحزب البعث في ديسمبر/ كانون الثاني 2024، تحررت عضوات الكورال من القيود الأمنية السابقة، وأخذن يتنفسن الفن بحرية ويقدّمن أغاني الثورة في حفلات عامة تجمع مختلف أطياف المجتمع.

ويواصل الكورال اليوم نقل آلام وآمال الشعب السوري إلى العالم، ناهضا بروح الفن الحر.

وفي 8 ديسمبر 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 سنة من حزب البعث الدموي و53 سنة من سيطرة أسرة الأسد.

– “الآن يمكننا تقديم رسالتنا بحرية”

وفي مقابلة مع الأناضول، عقب إحدى حفلات الكورال التي جرى تنظيمها في قصر “بيت فارحي” أحد القصور التاريخية في العاصمة السورية دمشق، أعلنت عضوات الفريق أنهن أخيرا “تمكن من استنشاق الحرية” والغناء دون خوف أو قيود.

وقالت العضو المؤسس في الكورال سفانة بقلة، إنهن منذ تأسيس الفريق الغنائي خضن مسيرة مليئة بالتحديات.

وأضافت أن الفريق يضم 20 موسيقية من خلفيات مهنية متنوعة، جميعهن يمتلكن خبرة احترافية في الموسيقى.

وأكدت أنهن مجموعة مستقلة، رسالتها كانت دائما “جمع السوريين معا، والدعوة إلى السلام، وإثبات أن العمل الجماعي أقوى من الفردي”.

وتابعت: “نؤمن أننا نستطيع تحقيق المزيد معا”.

واعتبرت بقلة أن تأسيس الكورال جاء “هروبا من الحرب وحالة القمع التي عاشتها سوريا في عهد بشار الأسد”.

وحول فترات القمع والخوف في عهد نظام الأسد، أردفت بقلة: “كانت ساعات التدريب ملاذنا، لحظات نتنفس فيها بحرية ونبتعد عن كل السلبيات”.

وأشارت إلى أن الكورال يولي أهمية خاصة بالحفاظ على التراث الثقافي والدفاع عن حقوق المرأة، مبينة أن سقوط النظام السابق “منحهن مساحة للتعبير عن الآلام التي عاشها السوريون على مدى سنوات”.

وتابعت: “نستطيع الآن أن نقول ما نريد. غنينا أغان لم نكن نحلم بأن نغنيها سابقًا. أعدنا إنتاج التراث الفني الذي وُلد مع الثورة. لم يعد من الصعب إقامة حفل موسيقي، بعد أن كان الأمر يتطلب موافقات أمنية وتعقيدات كثيرة”.

واستدركت بكلمات مؤثرة: “الآن يمكننا أن نقدم رسالتنا الفنية بحرية. بدأنا نعيش حياة أكثر راحة على صعيد حرية التعبير”.

وكشفت بقلة أنها احتُجزت لدى قوات نظام الأسد عام 2012 لنحو شهر، معتبرة أن أول حفل بعد سقوط النظام كان بمثابة “معجزة لا توصف”.

– “شعرت وكأنني في حلم”

من جهتها، نوهت عازفة البيانو ياسمين سلامة، وهي عضوة بالكورال منذ عام 2016، إلى أن الفريق واجه صعوبات كثيرة عند التأسيس.

وقالت للأناضول: “سابقا، لم يكن لدينا مكان للتدريب، كنا نتمرن في بيوت الصديقات تحضيرا للعروض”.

ولفتت سلامة إلى أن عضوات الكورال اكتسبن تجارب ومهارات مهمة خلال السنوات التسع الماضية، مشيرة إلى أن الحماسة الكبيرة من الجمهور “كانت دافعا كبيرا للاستمرار”.

وعن أول حفل بعد سقوط نظام الأسد، لخصت سلامة تلك اللحظات قائلة: “كان شعورا غريبا، إحساسا يلامس القلب، رأيت أعلام الثورة وتفاعل الناس معها، شعرت وكأنني في حلم”.

وتابعت: “لم أصدق أننا في دمشق، وأن هذه الأغاني تُغنّى والناس يصفقون، دون أن يُعتقل أحد. كان شعورا لا يوصف، وكل ما نريده الآن هو السلام”.

– “نستحق لسعادة”

من جهتها، قالت ميادة حميدان، إحدى الحاضرات في حفل الكورال في “بيت فارحي”، إن الأغنيات التي قدمها الفريق في الحفل كانت “مؤثرة جدا”.

وأكدت في حديث للأناضول على أنه بعد الحرب “يستحق الشعب السوري أن يكون سعيدا”.

وأوضحت أنه خلال الحرب “لم يكن الأطفال يسمعون سوى أصوات القنابل، أما الآن، يستحقون الاستماع إلى الموسيقى”.

وأشارت إلى أن أغنيات فريق “غاردينيا” عن الثورة والتي قدمها خلال حفله في “بيت فرحي” ذكرتها بأصدقائها الذين فقدتهم خلال الحرب التي استمرت نحو 13 عاما.

واستدركت: “نأمل ألا يعيش أطفالنا مثل هذه المعاناة مرة أخرى”.

بدورها، أعربت بسمة فلاحة، عن سعادتها لتمكنها من الاستماع لأغنيات “غاردينيا” في حفل حي مباشر.

وقالت للأناضول: “أنا سعيدة جدا لأنني أرى مثل هذه الفعاليات، وأشاهد عودة بلدي للنهوض من جديد، والأهم أن الناس باتوا يستطيعون التعبير عن آرائهم بحرية”.

 

الأناضول

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: نظام الأسد إلى أن

إقرأ أيضاً:

المبعوث الأمريكي إلى سوريا: لم نسقط نظام الأسد بل الشعب هو من فعل

عرضت قناة القاهرة الإخبارية خبرا عاجلا يفيد بأن المبعوث الأمريكي إلى سوريا، قال:" ملتزمون بتمكين حكومة الشرع من إثبات جدارتها، ويجب أن نسمح لسوريا بالنهوض عبر رفع العقوبات".

سوريا تحصل على منحة من البنك الدولي لتحسين إمدادات الكهرباءفي وجه العنف والإرهاب.. مجلس كنائس مصر يصلي من أجل السلام في سورياالكنيسة الأرثوذكسية تدين العمل الإرهابي داخل كنيسة القديس إلياس في سورياسوريا .. سقوط مسيرتين في محيط تل الجابية جراء الحرب الإسرائيلية الإيرانية


وأضاف أن: لم نسقط نظام الأسد بل الشعب السوري هو من فعل، وهدفنا في سوريا هو مكافحة الإرهـ ـاب والقضاء على داعـ ـش.

ووافق البنك الدولي على منحة بقيمة 146 مليون دولار لتحسين إمدادات الكهرباء في سوريا ودعم التعافي الاقتصادي.

وقال البنك، في بيان على موقعه الإلكتروني اليوم الأربعاء، إن مجلس المديرين التنفيذيين وافق أمس على المنحة المقدّمة من المؤسسة الدّولية للتنمية لمساعدة سوريا في استعادة إمدادات كهرباء موثوقة وبأسعار ميسورة، ولدعم التعافي الاقتصادي للبلاد.

وأضاف البنك أن المشروع الطارئ للكهرباء في سوريا؛ يهدف إلى إعادة تأهيل خطوط النقل والمحطات الفرعية للمحولات الكهربائية المتضررة، وتقديم المساعدة الفنية لدعم تطوير قطاع الكهرباء وبناء قدرات مؤسساته، وفق وكالة الأنباء السورية "سانا".
 

ووصف المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي، جان كريستوف كاريه، المشروع بأنه "يمثل الخطوة الأولى في خطة زيادة دعم البنك الدولي لسوريا في مسيرتها نحو التعافي والتنمية".

وقال إنه من بين احتياجات إعادة الإعمار الملحة في سوريا، برز موضوع إعادة تأهيل قطاع الكهرباء كاستثمار حيوي لتحسين الظروف المعيشية للشعب السوري.

وسيمول المشروع إعادة تأهيل خطوط نقل الضغط العالي، ويشمل ذلك خطي ضغط عالي رئيسيين للربط الكهربائي بطاقة 400 كيلوفولط، كما سيوفر مساعدة فنية في إعداد الاستراتيجيات الرئيسية لقطاع الكهرباء، والإصلاحات على مستوى السياسات واللوائح التنظيمية، وخطط الاستثمار لتحقيق الاستدامة على المدى المتوسط والطويل.

طباعة شارك الأسد سوريا القاهرة الإخبارية

مقالات مشابهة

  • “الثورة نت” ينشر نص كلمة قائد الثورة بذكرى الهجرة النبوية وآخر التطورات والمستجدات
  • سوريا.. ضبط 13 مستودع مخدرات و320 مليون حبة كبتاغون منذ سقوط الأسد
  • “لجان المقاومة” تنعي مسؤول ملف فلسطين في الحرس الثوري الإيراني
  • المبعوث الأمريكي إلى سوريا: لم نسقط نظام الأسد بل الشعب هو من فعل
  • فوسفات سوريا: إعادة إحياء الاقتصاد عبر التصدير في عصر ما بعد الأسد
  • «مانيج إنجن» تطلق منصتها الجديدة “MSP Central”من أجل تعزيز البنية التحتية الحديثة لـمزودي الخدمات المدارة “MSPs”
  • محافظ الحديدة لـ” الثورة “:المحافظة لطالما كانت محط أطماع وحصنًا منيعًا أمام أطماع الغزاة والمرتزقة
  • “الأسد الصاعد” يستغيث بعد ساعات من المواجهة!
  • الشرطة تهنئ وزير الداخلية الجديد “الفريق شرطة حقوقي / بابكر سمرة علي”
  • سوريا.. القبض على لواء سابق في النظام المخلوع باللاذقية