ترامب يحتاج إلى زنزانات إضافية... فهل أوروبا على استعداد للمقايضة؟
تاريخ النشر: 12th, May 2025 GMT
بينما يسعى الاتحاد الأوروبي جاهدًا للعثور على أوراق ضغط فعالة في مفاوضاته التجارية المرتقبة مع إدارة ترامب، قد تكون هناك ورقة غير متوقعة يمكن لبروكسل أن تلعبها لجذب اهتمام الرئيس الأمريكي: سجون مهجورة، وجزر منسية، ومساحات احتجاز قد تناسب طموحاته في "توسيع" نظام العقوبات. اعلان
صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا لهجته بشأن التعامل مع المجرمين العنيفين، معلنًا أنه "يحب" فكرة ترحيل المتورطين في جرائم عنف إلى سجون أجنبية، وعلى رأسها سجن ضخم سيء السمعة في السلفادور.
وفي مقابلة أجراها مع مجلة "تايم"الشهر الماضي، قال ترامب: "أحب أن أفعل ذلك إذا سمح القانون... نحن ندرس هذا الخيار".
لكن هذا "الدراسة القانونية" لا يبدو أنها أسفرت عن نتيجة واضحة حتى الآن، خاصة وأن ترامب يبحث بالتوازي عن مساحات إضافية داخل الولايات المتحدة لاحتجاز المجرمين الخطرين.
وأضاف ترامب خلال لقائه بالرئيس السلفادوري ناييب بوكيلي في المكتب البيضاوي قبل أسابيع: "أنا أتحدث عن الأشخاص العنيفين... عن الأشخاص السيئين حقًا. أشخاص سيئون جدًا".
وتدير حكومة بوكيلي مركز احتجاز الإرهابيين (CECOT)، وهو سجن ضخم يُعدّ من أكثر السجون قسوة في نصف الكرة الغربي. وقد أصبح هذا السجن رمزًا لنهج بوكيلي المتشدد في مكافحة الجريمة، ولا يخفي ترامب إعجابه به.
فترامب، الذي سبق أن رحّلت إدارته مئات المهاجرين غير النظاميين إلى هذا السجن المحصّن، يبدو أنه لا يكتفي بإعجابه، بل يطمح لنقل بعض نهجه إلى الولايات المتحدة، لكن بطريقته الخاصة. إذ يرى أن سجن "سيكوت" لم يعد كافيًا، ويريد توسعة أكبر لقدرات أميركا على احتجاز المجرمين.
ومن هنا، جدّد ترامب قبل أسبوعين اقتراحًا مفاجئًا بإعادة فتح سجن "الكاتراز" الشهير في خليج سان فرانسيسكو، بل وتوسيعه، رغم أنه مكوّن من مبانٍ شبه متهالكة.
لكن في حال لم تسعفه الجغرافيا الأمريكية، ربما يجد ضالته في أرخبيلات أوروبية... فالاتحاد الأوروبي يضمّ جزرًا تاريخية كانت تُستخدم كسجون وتتميّز بطابع معماري وثقافي قد يروق لذوق ترامب.
ولنبدأ مع واحدة من أشهر هذه الجزر: "شاتو ديف" قبالة سواحل مرسيليا في البحر الأبيض المتوسط، والتي قد تكون -من باب المزاح أو التفاوض- أول عرض مقايضة أوروبية للرئيس الأمريكي.
حتى وإن كانت شخصية "كونت مونت كريستو"، أشهر سجين في "شاتو ديف"، خيالية ومن وحي روايات ألكسندر دوما، إلا أن الجزيرة نفسها كانت مسرحًا حقيقيًا لمعاناة العديد من السجناء، أغلبهم من رجال الدين، منذ القرن السادس عشر وحتى نهاية القرن التاسع عشر.
وتُعرف "شاتو ديف" بأنها قلعة منيعة، إذ رغم أن الرواية صوّرت هروب أحد أبطالها منها، إلا أن التاريخ الحقيقي للجزيرة لا يذكر أي حالة فرار ناجحة.
ما الذي قد يجذب ترامب؟الصفقة المحتملة ستكون مباشرة مع صديقه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، متجاوزًا تعقيدات بيروقراطية بروكسل و"الألمان المزعجين" كما يراهم ترامب.
ثم نصل إلى جزيرة الشيطان، وهي أيضًا تحت السيادة الفرنسية، لكن على الضفة الأخرى من المحيط: قبالة سواحل غويانا الفرنسية، أكبر أقاليم فرنسا ما وراء البحار، والمطلة على شمال شرق أمريكا الجنوبية.
اشتهرت هذه المستعمرة الجزائية، التي كانت تعمل بين عامي 1852 و1952، بظروفها القاسية ومناخها الاستوائي القاسي، فضلاً عن تفشي الأمراض، ما أدى إلى معدلات وفيات مروعة وصلت إلى 75% في أسوأ فتراتها.
خلّد الكاتب هنري شاريير، أحد نزلاء جزيرة الشيطان السابقين، قصة فراره الأسطوري في كتابه الشهير "بابيون"، الذي أصبح من أكثر الكتب مبيعًا عند صدوره عام 1969.
أما بالنسبة لجاذبية ترامب؟ يكفي أن نشير إلى ما سبق ذكره بشأن "شاتو ديف".
ننتقل الآن إلى "غولي أوتوك"، الجزيرة المهجورة الواقعة قبالة الساحل الأدرياتيكي لكرواتيا، والتي كانت ذات يوم أحد أكثر السجون ومعسكرات العمل سريةً في يوغوسلافيا السابقة.
وقد استُخدمت "غولي أوتوك" كسجن ومعسكر عمل شديد الحراسة بين عامي 1949 و1989، وكانت بمثابة منفى للشيوعيين المعارضين لحكم تيتو، أو حتى لستالين. أما في زمن أسبق، خلال الحرب العالمية الأولى، فقد كانت الإمبراطورية النمساوية المجرية ترسل أسرى الحرب الروس إلى هذه الجزيرة النائية.
واسمها، الذي يعني "الجزيرة القاحلة" بالكرواتية، يعكس واقعها الجغرافي بدقة: تضاريسها شبه خالية من أي غطاء نباتي.
وقد اكتسبت شهرة أكبر بعد وفاة تيتو في عام 1980، حين نشر الكاتب الصربي أنطونيو إيساكوفيتش روايته ترين (اللحظة)، التي وثّقت ظروف الاعتقال فيها، وتحولت بسرعة إلى واحدة من أكثر الكتب مبيعًا.
ما الذي قد يجذب ترامب؟ ببساطة، الجزيرة ما زالت مهجورة منذ عام 1989، وكأنها تنتظر مستثمرًا بطموحات "الكاتراز" جديدة.
وإذا لم تنجح صفقة "السجون مقابل التعريفات الجمركية"، يمكن لأوروبا أن تعرض على ترامب نموذجًا بديلًا: النظام الإصلاحي في هولندا، حيث انخفض عدد السجناء من 94 إلى 51 لكل 100 ألف نسمة بين عامي 2005 و2016، بفضل برامج التأهيل وإعادة الإدماج.
والنتيجة؟ بعض السجون الفارغة تحوّلت إلى فنادق أو مراكز ثقافية.
وقد تكون هذه الفكرة مغرية لرجل أعمال مثل ترامب، يجمع بين الهوس بالعقاب... والشغف بالعقار.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل حركة حماس غزة دونالد ترامب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ألمانيا إسرائيل حركة حماس غزة دونالد ترامب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ألمانيا أسرى الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب السلفادور إسرائيل حركة حماس غزة دونالد ترامب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ألمانيا روسيا بنيامين نتنياهو فولوديمير زيلينسكي إيران تركيا الصين جزیرة الشیطان
إقرأ أيضاً:
موقع ديلي بيست الأمريكي يكشف القرار المزلزل الذي وعد ترامب بإعلانه
أفاد موقع "ديلي بيست" الأميركي بأن القرار "المزلزل" الذي وعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم بإعلانه خلال الأيام القليلة الماضية، ظهر أنه سياسة من سياساته التي كان يرغب في تنفيذها أثناء ولايته الأولى في الرئاسة ولم ينجح.
وأعلن ترامب الليلة الماضية أنه سيوقع صباح اليوم أمرا تنفيذيا يقضي بتخفيض أسعار الأدوية في أميركا بنسب تتراوح بين 30% و80%، وفقا للموقع.
وأوضح ترامب في تغريدة له على منصته "تروث سوشيال" أن هيئة الرعاية الطبية الأميركية -ميديكيد- يجب ألا تدفع، بموجب الأمر، أكثر من أدنى سعر يُدفع في أي مكان في العالم، واصفا قراره بأنه إحياء لسياساته لجعل أميركا "الدولة الأكثر رعاية" لمواطنيها.
أهم قرار على الإطلاق
وأضاف في تغريدته: "لسنوات عديدة تساءل العالم لماذا تكون أسعار الأدوية في الولايات المتحدة أعلى بكثير من أي دولة أخرى. سيتم التعامل مع بلدنا أخيرا بشكل عادل، وسيتم تخفيض تكاليف الرعاية الصحية لمواطنينا بأرقام لم يتم التفكير فيها من قبل".
وقبل الكشف عن قراره، وصف ترامب هذا القرار بأنه سيكون "واحدا من أهم القرارات التي أصدرها وأكثرها تأثيرا على الإطلاق".
وذكر "ديلي بيست" أن أول محاولة لترامب لسن هذه السياسة قد أجهضها في عام 2020 قاض فدرالي قال إن الحكومة فشلت في اتباع عمليات التنفيذ المناسبة، وألغاها لاحقا الرئيس السابق جو بايدن.
لن يرضخ للشركات
وقال ترامب أمس إنه سيفعل ما هو صحيح "وهو الأمر الذي حاربه الديمقراطيون لسنوات عديدة"، ملمحا إلى أن مقاومة هذه السياسة تعود إلى تأثير جماعات الضغط والمصالح السياسية، وأعلن رفضه للرضوخ لضغوط شركات الأدوية.
ونسب "ديلي بيست" إلى مراقبين توقعهم أن تعارض شركات صناعة الأدوية هذه الخطوة، مشيرا إلى وصف صحيفة "وول ستريت جورنال" في افتتاحية لها الأسبوع الماضي هذه السياسة بأنها "أسوأ فكرة لترامب منذ التعريفات الجمركية".
وكانت وول ستريت جورنال قالت إن هذه السياسة لن تقرّب إدارة ترامب من تحقيق هدفها المتمثل في توفير 880 مليار دولار من نفقات الرعاية الطبية، لأن "ميديكيد" تنفق على المستشفيات أكثر من 10 أضعاف ما تنفقه على الأدوية.
وأوضحت الصحيفة أن الضغط المالي على شركات الأدوية قد يؤدي إلى انسحاب بعضها من برنامج "ميديكيد"، مما قد يؤثر سلبا على تطوير العلاجات الجديدة والمبتكرة