زكي: القمة العربية في بغداد تعزيز للأمن والتعاون العربي المشترك
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
مايو 14, 2025آخر تحديث: مايو 14, 2025
المستقلة/- أكد السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، أهمية كبيرة لانعقاد القمة العربية الرابعة والثلاثين في بغداد، مشيرًا إلى الرمزية الخاصة لهذا الحدث في قلب العراق، البلد العربي الكبير الذي كان ولا يزال له دور محوري في العمل العربي المشترك.
بغداد في أبهى صورها
وفي تصريحاته لـصحيفة “الصباح” تابعته المستقلة، عبر زكي عن سعادته الكبيرة بوجود القمة في بغداد، مؤكدًا أن العاصمة العراقية شهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. وأضاف أن بغداد تتجمل للقمة العربية بشكل لافت، مشيرًا إلى أن الجميع يلاحظ هذا التحسن الواضح في المدينة، التي كانت في السابق تواجه تحديات أمنية كبيرة، ولكن اليوم أصبح الأمن فيها من المسلمات.
التقدم والأمن في العراق
أشاد الأمين العام المساعد بمستوى الأمن المستقر الذي يعم البلاد في الوقت الحالي، وهو ما يمثل تحولًا كبيرًا في ظل الظروف التي مر بها العراق سابقًا. كما أكد أن هذا الاستقرار الأمني يساهم في دعم عملية التنمية والتقدم في البلاد، متمنيًا أن يستمر العراق في تحقيق المزيد من الازدهار.
مشاريع عراقية للمستقبل
زكي أشار إلى عرض العراق لعدد من المشاريع الهامة خلال القمة، ومنها مشروع إنشاء مركز للذكاء الاصطناعي، الذي تم إحالته إلى الأمانة العامة للجامعة العربية لدراسته وتقديم تقرير بشأنه. كما تطرق إلى مقترح العراق بإنشاء مجلس وزراء التجارة العرب، الذي من المتوقع أن يُناقش في الدورة المقبلة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، على أن يتم التأكد من عدم تداخل هذا المجلس مع المجالس الوزارية المتخصصة الأخرى.
ملفات حيوية على طاولة القمة
من جانب آخر، كشف السفير حسام زكي أن القمة العربية ستشهد مناقشة العديد من الملفات الحيوية، على رأسها القضية الفلسطينية، التي تعد القضية المركزية للعالم العربي. كما سيتم التطرق إلى قضايا أخرى مهمة مثل الأوضاع في ليبيا والسودان وسوريا واليمن، إضافة إلى التضامن مع لبنان. ومن المقرر أن يشهد اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين التحضيري للقمة، الذي يعقد اليوم الأربعاء، نقاشات مكثفة حول مشروعات قرارات تتعلق بتلك الموضوعات.
التكامل الاقتصادي والتعاون العربي
وأوضح زكي أن القمة ستناقش أيضًا مسألة التكامل الاقتصادي العربي، وهو أمر حيوي لضمان تقدم المنطقة العربية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. وأكد أن هناك مشروعات قرارات تتعلق بسوريا تشمل دورًا للجامعة العربية في المرحلة الانتقالية، على أن يتم تعديلها بعد مناقشتها في القمة.
إعادة إعمار غزة
كما أشار السفير حسام زكي إلى التحديات التي تواجه خطة إعمار غزة، التي تم تبنيها في القمة العربية غير العادية التي عقدت في القاهرة، موضحًا أن التنفيذ قد تأجل بسبب الانتهاكات الصهيونية لاتفاق وقف إطلاق النار. وأكد أن خطة إعمار غزة لا تحتاج إلى قرار تمويل بل إلى تهيئة الظروف المناسبة لبدء التنفيذ.
رسالة وحدة العرب
وفي الختام، أكد زكي أن الرسالة الأساسية من انعقاد القمة هي تأكيد العرب على تمسكهم بوحدتهم، مشيرًا إلى أن عقد القمة بشكل دوري يعد رسالة قوية تعكس عزم الدول العربية على تعزيز التعاون المشترك في مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: القمة العربیة
إقرأ أيضاً:
العراق ولبنان كساحات اختبار للنفوذ الإيراني
آخر تحديث: 17 غشت 2025 - 9:40 ص بقلم:مالك الحافظ- كاتب وباحث سوري تأتي الزيارة الخارجية الأولى لعلي لاريجاني، أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، إلى بغداد وبيروت في لحظة تزداد فيها مؤشرات إعادة فرز موازين القوى في المشرق العربي. من حيث الشكل، يمكن النظر إلى هذه الجولة باعتبارها محاولة لإظهار الحضور، لكن من حيث الجوهر، تعكس الزيارة انشغال طهران بإعادة ترتيب مواقعها في ساحات نفوذ باتت أكثر هشاشة وأقل قابلية للضبط. في بغداد، تبدو أهداف لاريجاني مرتبطة بالدرجة الأولى بملف الحشد الشعبي وما يمثله من ذراع عسكرية وسياسية لإيران. غير أن السياق العراقي الراهن يختلف عن سنوات ما بعد 2014، حيث لم يعد الإجماع الشيعي على دور الحشد قائماً، وتزايدت الأصوات، سواء من داخل القوى الشيعية أو من الكتل السنية، التي ترى في استمرار تمدده تهديداً لبنية الدولة. زيارة لاريجاني، بهذا المعنى، ليست تأسيساً لجديد بقدر ما هي محاولة لمنع اهتزاز وضع قائم. وفي ظل مؤشرات التوتر مع واشنطن وضغوط داخلية على الحكومة العراقية، يصبح الحفاظ على صيغة النفوذ الحالية أكثر صعوبة، خاصة أن بغداد تتحرك أحياناً في اتجاهات متعارضة مع مصالح طهران، سواء في مجال الطاقة أو في ملفات الانفتاح الإقليمي. أما في بيروت، فتتزامن الزيارة مع قرارات رسمية لحصر السلاح بيد الدولة، وهو ما يضع إيران أمام معضلة في واحدة من أهم ساحات نفوذها غير الرسمي. الجدل اللبناني حول هذا القرار لم يعد مقتصراً على الخطاب السياسي، بل بدأ يتخذ مسارات إجرائية، ما يعني أن قدرة طهران على تعطيل المسار أصبحت مرتبطة بمدى قدرتها على التأثير في حسابات القوى المحلية، وليس بمجرد الضغط السياسي. هنا، تظهر الزيارة كمحاولة لتأجيل الحسم أو إدخال الملف في بازار تفاوضي أوسع، سواء عبر إطالة أمد القرارات، أو ربطها بملفات تفاوضية أكبر، خصوصاً في ظل تزايد الإشارات عن عودة القنوات الخلفية بين طهران وواشنطن. تسعى إيران من خلال هذه الزيارة إلى إرسال رسائل خارجية تؤكد قدرتها على المبادرة والحركة في الإقليم، إلا أن هذا الخطاب الخارجي يتناقض مع واقع داخلي ضاغط، تتداخل فيه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. هذا التباين بين صورة الخارج وحقائق الداخل يكشف عن أن جزءاً من الحراك الدبلوماسي الإيراني يهدف إلى تعويض الفجوات الداخلية عبر عرض مظاهر الحضور والنفوذ في الساحات الخارجية، وهو تكتيك شائع لدى القوى التي تواجه تحديات شرعية داخلية.
إذا كان الهدف المعلن هو التعاون الإقليمي وتجنب الفوضى، فإن القراءة الأعمق تشير إلى أن الزيارة تتحرك في بيئة إقليمية تغيرت معطياتها: عراق يبحث عن توازنات جديدة، لبنان يقترب من استحقاقات سياسية وأمنية حساسة، ومشهد إقليمي يشهد إعادة صياغة تحالفات في ضوء ملفات الطاقة والحدود والأمن البحري.
في مثل هذه البيئة، يصبح التحرك الإيراني أقرب إلى إدارة موقع دفاعي منه إلى توسع هجومي، حيث تتركز الجهود على تحصين مواقع النفوذ الحالية أمام ضغوط داخلية وخارجية، بدلاً من السعي لفتح جبهات جديدة.الجولة التي شملت بغداد وبيروت في وقت متقارب تعكس إدراكاً إيرانياً بأن مساري النفوذ في البلدين مترابطان من حيث الأثر السياسي: أيّ اهتزاز في إحدى الساحتين يمكن أن يُستثمر ضد إيران في الأخرى. لكن هذا الترابط، بدلاً من أن يكون مصدر قوة، قد يتحول إلى نقطة ضعف، إذ يجعل النفوذ عرضة لتأثيرات خارجية متزامنة، ويضاعف كلفة الحفاظ عليه. يُظهر مسار السياسة الإقليمية الإيرانية أن عنصر الزمن ليس مجرد سياق تتحرك فيه، وإنما أداة بحد ذاتها لإدارة الملفات الشائكة. زيارة لاريجاني إلى بغداد وبيروت يمكن قراءتها ضمن ما يعرف في العلوم السياسية بـ”سياسات المماطلة”، حيث يُستثمر الوقت لإطالة أمد الأزمات أو تأجيل استحقاقاتها، بما يسمح بإعادة تشكيل البيئة السياسية بما يخدم بقاء نفوذ قائم أو كسب نقاط تفاوضية. هذا النهج يمنح الفاعل الخارجي فرصة لمراقبة ديناميكيات القوى المحلية وتحديد اللحظة المناسبة للتدخل، لكنه في الوقت نفسه قد يؤدي إلى تراكم أزمات يصعب ضبطها لاحقاً. الحفاظ على مواقع النفوذ لا يقل كلفة عن بنائها، بل قد يكون أكثر استنزافاً، خصوصاً في بيئات سياسية هشّة. إيران، في العراق ولبنان، تواجه ما يمكن تسميته بـ”عبء الهيمنة”، حيث يتطلب استمرار حضورها توجيه موارد مالية وبشرية وسياسية ضخمة، مقابل مكاسب غير مضمونة. هذا العبء يصبح مضاعفاً حين تتزامن الأزمات المحلية في ساحات النفوذ مع أزمات داخلية في مركز القرار، ما يجعل استدامة هذا النمط من الحضور محل شكوك متزايدة. زيارة علي لاريجاني تحمل في ظاهرها رسائل ثقة واستمرارية، لكنها في عمقها محاولة لتأجيل استحقاقات صعبة في العراق ولبنان، وشراء الوقت قبل أيّ تحولات قد تقلص من قدرة طهران على المناورة. وفي حين تُقدَّم الجولة كجزء من دبلوماسية التعاون، فإن حقيقتها تبدو أقرب إلى مسار وقائي يسعى لتقليل الخسائر المحتملة في ساحات بدأت تتغير معادلاتها الداخلية، ولو ببطء.