عقد الجامع الأزهر، أمس الثلاثاء، حلقةً جديدةً من ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، تحت عنوان: «شبكات التواصل الاجتماعي بين الإيجابية والسلبية»، وذلك في إطار اللقاءات الأسبوعية التي تُعقد كل ثلاثاء برحاب الجامع الأزهر، بحضور كل من؛   أ. د. رضا أمين، عميد كلية الإعلام بجامعة الأزهر، وأ.د صالح عبد الوهاب، وكيل كلية العلوم الإسلامية للوافدين، وأدار الحوار الإعلامي محمد مصطفى يحيى.


في بداية الملتقى أكّد الدكتور رضا عبد الواجد، عميد كلية الإعلام بجامعة الأزهر، على الأهمية القصوى لتوخي الحذر من الآثار السلبية المتزايدة لشبكات التواصل الاجتماعي على نسيج مجتمعاتنا،  لأن هذه السلبيات تزداد فتكًا وتأثيرًا كلما استسلم الفرد لساعات طويلة أمام هذه المنصات دون وعي  أو تفكير ، محذرًا من أن هذا الاستهلاك السلبي قد يؤدي إلى تشكيل وعي زائف وتبني أفكار هدامة، ولتحصين الذات والمجتمع من براثن هذه السلبيات، شدد  على ضرورة تبني مجموعة من الضوابط الواضحة والملزمة عند التعامل مع المحتوى الرقمي، سواء كان ذلك استقبالًا أو نشرًا، كما أن الدراسات العلمية الحديثة كشفت عن رقم مفزع يتمثل في متوسط أربع إلى خمس ساعات يوميًا يقضيها الفرد متصفحًا هذه الشبكات، وهو ما يمثل استنزافًا حقيقيًا لجزء ثمين من عمر الإنسان وطاقاته، ويستدعي وقفة جادة لإعادة تقييم أولوياتنا وكيفية استثمار أوقاتنا بشكل أكثر إنتاجية.

أطباء جامعة الأزهر يوقعون الكشف الطبي على 2000 مواطن بالسويسملتقى الجامع الأزهر: رسولنا حث على طلب الشفاء وعدم الاستسلام للمرض‏


وفي سياق تفصيله لهذه الضوابط، أوضح عميد إعلام الأزهر أن أولى هذه المحاذير تكمن في ضرورة التحلي بالمسؤولية وتجنب الانسياق وراء نشر الأخبار الكاذبة والشائعات المغرضة، لأن سهولة تداول المعلومات غير الموثقة عبر هذه المنصات قد تدفع الكثيرين إلى إعادة نشرها دون أدنى تدقيق، وهو ما لا يقتصر ضرره على الأفراد فحسب، بل يمتد ليطال الأمن الفكري للمجتمع ككل، ويساهم في تزييف الحقائق وتشويه الوعي العام، أما الضابط الثاني الذي أكد عليه، فهو ضرورة الامتناع عن نشر أي محتوى يتعارض مع قيمنا الدينية الراسخة وتقاليدنا المجتمعية الأصيلة، وعدم  الانسياق وراء التيارات الفكرية والثقافية الغريبة التي قد تبث سمومها وتنشر الرذيلة  عبر هذه الشبكات، وتسعى إلى تفكيك منظومة القيم والأخلاق التي تحافظ على تماسك المجتمع، وحول الضابط الثالث أشار إلى ضرورة الاستخدام الرشيد للوقت، وعدم إهداره في تصفح غير هادف ومحتوى تافه لا يعود بالنفع على الفرد أو المجتمع، لأن الوقت هو أثمن ما يملكه الإنسان وأنه مسؤول عنه أمام الله، وأختتم هذه الضوابط بالتشديد على عدم الخوض في خصوصيات الآخرين وكشف سترهم عبر هذه المنصات، لتسببه في إلحاق الأذى النفسي والمعنوي بهم،  كما يؤدي إلى تفكك الروابط الاجتماعية وانتشار الكراهية والبغضاء.

وفي المقابل، بين عميد إعلام الأزهر  أهمية توجيه استخدام هذه الأدوات الرقمية نحو تحقيق أقصى استفادة ممكنة فيما يعزز تقدم المجتمع، من خلال استثمار هذه المنصات في نشر القيم الإسلامية النبيلة والمبادئ الوطنية السامية التي تدعو إلى الخير والتسامح والتعاون، بالإضافة إلى الاستفادة من الإمكانات المعرفية الهائلة التي تتيحها هذه الشبكات في توسيع المدارك واكتساب العلوم والمعارف النافعة، بجانب تعزيز الاستفادة الإيجابية من شبكات التواصل الاجتماعي، مثل: نشر الوعي بالقضايا المجتمعية الهامة، وعلى الدعاة استثمار هذه الشبكات في الدعوة إلى الله ونشر الوعي والفكر الأمن الذي يحصن شبابنا من الوقوع فريسه للأفكار الهدامة.

كما أشار فضيلة الدكتور صالح عبد الوهاب، وكيل كلية العلوم الإسلامية للوافدين، إلى التداعيات السلبية المتزايدة الناجمة عن الاستخدام غير الرشيد لشبكات التواصل الاجتماعي، والتي أدت إلى ظهور  العديد من المساوئ، نتيجة غياب  الوعي في تعامل الأشخاص  مع هذه المنصات،  ونتج عن هذا الانغماس المفرط في شبكات التواصل الاجتماعي حدوث  خلل جوهري في الأسرة، وضعف الروابط الأسرية،  ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تسببت أيضا في إحداث أضرار نفسية واجتماعية عميقة، كنتيجة للإدمان في استخدامها بشكل غير واع،  وتشمل هذه الأضرار الشعور بالعزلة، وتفاقم مشاعر القلق والاكتئاب، وانتشار المقارنات الاجتماعية السلبية التي تؤدي إلى تدني احترام الذات.


وعقد الدكتور  صالح عبد الوهاب مقارنة بين واقع شبابنا المعاصر ، الذين يقضون أوقاتًا طويلة  أمام شبكات التواصل الاجتماعي،  دون تحقيق أي فائدة تذكر أو إضافة حقيقية إلى رصيدهم المعرفي أو الشخصي، وبين قامة شامخة، ألا وهو الإمام شرف الدين النووي رحمه الله، الذي كان يستثمر كل لحظة في طلب العلم ونشره، حتى أنه كان يُملي في كل يوم وليلة ما يعادل دفترين كاملين مما جادت به قريحته  وحصيلته العلمية، كما تذكر لنا الأخبار أيضا أن الإمام ابن جرير الطبري ظل يكتب كل يوم أربعين ورقة طوال أربعين عاما من عمره، مؤكدا أن هذه المقارنة لا تهدف إلى جلد الذات بقدر ما هي دعوة صادقة إلى استلهام عظمة الماضي واستثمار طاقات شبابنا فيما يعود عليهم وعلى أمتهم بالنفع والارتقاء.


وفي سياق نصائحه للشباب، استلهم وكيل كلية العلوم الإسلامية من معين العلامة ابن الجوزي لأبنه: "يا بني، إن الأيام تبسط ساعات، وإن الساعات تبسط أنفاسًا، وفي كل نفس خزانة، فاحذر أن يذهب نفس بغير شيء، فترى في القيامة خزانة فارغة فتندم ولا ينفعك الندم"، وهي دعوة إلى الوعي بقيمة الوقت والحياة، وإلى السعي الدؤوب لملء خزائن أنفاسهم بما يرتقي بهم وبمجتمعاتهم، فالشباب هم وقود المستقبل، وإدراكهم لهذه الحقائق هو الخطوة الأولى نحو بناء غد مشرق.

وأوضح وكيل كلية العلوم الإسلامية أن المبادئ السامية والضوابط الأخلاقية التي أرساها شرعنا الحنيف في تعاملاتنا مع الآخرين، والمستمدة من نصوص قرآنية كريمة كقوله تعالى: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا"، وقوله عز وجل: "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"، ليست مجرد توجيهات عابرة، بل هي أسس راسخة يتعين علينا الالتزام بها بدقة وأمانة خلال تواصلاتنا وتفاعلاتنا عبر شبكات التواصل الاجتماعي،  على أن تحقيق المناعة والتحصين من الآثار السلبية  لشبكات التواصل الاجتماعي يبدأ بالاستشعار الدائم لمراقبة الله عز وجل لنا في كل ما نفعل، سواء في عالمنا الواقعي أو في الفضاء الرقمي، وعلى كل منا أن  يدرك تمام الإدراك أن كل كلمة يكتبها، وكل صورة ينشرها، وكل تفاعل يقوم به على هذه الشبكات، سيكون شاهدًا له أو عليه يوم القيامة.

طباعة شارك ملتقى الجامع الأزهر الاستهلاك السلبي شبكات التواصل

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ملتقى الجامع الأزهر شبكات التواصل شبکات التواصل الاجتماعی الجامع الأزهر هذه المنصات هذه الشبکات

إقرأ أيضاً:

طهران تعلن تفكيك شبكات تجسس إسرائيلية وأمريكية

أعلن مساعد العلاقات العامة في الحرس الثوري الإيراني، عن توقيف 26 عميلا تابعا لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" في محافظة خوزستان جنوب غربي البلاد، في واحدة من أكبر عمليات تفكيك الشبكات التجسسية منذ التصعيد الأخير مع الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة.

ووفق بيان صادر عن الحرس الثوري، فقد صادرت الأجهزة الأمنية كميات من "المعدات التقنية والعسكرية وأجهزة الاتصال" كانت بحوزة المعتقلين، دون الكشف عن تفاصيل إضافية بشأن طبيعة المهام التي كانوا مكلفين بها.

تسلل استخباري متشعّب 
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الأمن الإيرانية في بيان رسمي عن رصد وتحديد عدد من "المتسللين والعملاء والمرتزقة التابعين لأجهزة استخبارات أجنبية"، في مقدمتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، والاستخبارات البريطانية (MI6)، إضافة إلى الموساد الإسرائيلي.

وأكد البيان أن الوزارة "تخوض معركة معقدة وشرسة في الطبقات الخفية من جبهة الصراع"، على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، مشيرا إلى أن بعض نتائج التحقيقات سيتم الإعلان عنها قريبا، بحسب ما تقتضيه الظروف الميدانية والأمنية.

ولفتت الوزارة إلى أن المعلومات جُمعت عبر "شبكات استخباراتية متعددة" تمكنت من اختراق محاولات تجسسية حساسة استهدفت معلومات إستراتيجية وسرية للغاية.

اعتقال جاسوس في مترو طهران
وفي تطور آخر، أعلن المتحدث باسم قوى الأمن الداخلي الإيرانية، العميد منتظر المهدي، عن اعتقال شخص في مترو طهران، يشتبه بتورطه في أنشطة تجسسية لصالح الاحتلال الإسرائيلي.

وأشار المهدي إلى أن شرطة المترو اشتبهت بالرجل أثناء تنقله، لتكتشف لاحقا، عبر تفتيش هاتفه ومعداته، أنه قام بتصوير مواقع عسكرية حساسة باستخدام شريحة إلكترونية متقدمة، وأرسلها إلى جهات مجهولة. 

كما أظهرت التحقيقات أنه تلقى تعليمات مكتوبة باللغة العبرية. وقد أُحيل المتهم إلى الأجهزة المختصة والسلطة القضائية لمواصلة التحقيق.


الأقليات الحدودية في دائرة الاتهام
في السياق ذاته، أفادت وسائل إعلام إيرانية رسمية، أن عدداً من الجواسيس الذين تم اعتقالهم بعضهم أُعدم لاحقا.

وبحسب تقارير وكالة "فارس" الإيرانية، فإن استخبارات الاحتلال الإسرائيلي تستغل هشاشة الوضع الاقتصادي والاجتماعي في بعض المناطق.

وأشارت إلى أن بعض المتهمين تلقوا تدريبات متقدمة خارج البلاد، في دول مثل جورجيا ونيبال، ضمن برامج تجنيد أعدها الموساد.

كما اتهمت السلطات الإيرانية المغتربين الإيرانيين والجماعات المعارضة المقيمة في الخارج، بتوفير الدعم اللوجستي والمالي والتقني لشبكات التجسس العاملة داخل البلاد، بما في ذلك عبر العملات الرقمية وتطبيقات التراسل المشفّرة.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب العدوان الإسرائيلي الأمريكي على إيران، الذي بدأ في 13 حزيران/يونيو الجاري واستمر 12 يوما، مستهدفا منشآت نووية وعسكرية ومدنية، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات اغتيال طالت قادة بارزين في الحرس الثوري الإيراني وعلماء نوويين.

وردت طهران على هذا العدوان بسلسلة من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة طالت منشآت عسكرية واستخبارية إسرائيلية في العمق، في تصعيد غير مسبوق بين الجانبين.

وفي 22 حزيران/يونيو الجاري، وسعت واشنطن من تدخلها المباشر في الحرب، بشن ضربات جوية ضد منشآت نووية إيرانية، قالت إنها تهدف إلى "شل البرنامج النووي الإيراني". غير أن طهران ردت على ذلك بقصف قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر، في رسالة إقليمية مزدوجة حملت أبعاداً تتجاوز المواجهة الثنائية مع الاحتلال الإسرائيلي.

وبعد يومين، أعلنت واشنطن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار بين تل أبيب وطهران، في خطوة وصفها مراقبون بأنها محاولة لاحتواء الانزلاق نحو مواجهة شاملة في المنطقة.

ورغم إعلان الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي أن الضربات الجوية نجحت في "تدمير" أجزاء من البنية التحتية النووية الإيرانية، فإن طهران تواصل التزامها الغموض حول حجم الأضرار.

واكتفى الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، بالقول إن "العدوان لم يحقق أهدافه"، دون تقديم أية تفاصيل إضافية.

مقالات مشابهة

  • إيقاف استقبال طلبات المحامين الورقية غدا.. وبدء التقديم الإلكترونى للقضايا
  • حصري.. عائلة الأنصاري الإستقلالية تطلب الإلتحاق بالبام لخوض الإنتخابات المقبلة
  • علامة فارقة.. رضا فرحات يتحدث عن ثورة 30 يونيو وتأثيرها على مصر
  • ‏ردة فعل طفلة بعد مصافحتها لسالم الدوسري تشعل مواقع التواصل الاجتماعي.. فيديو
  • بـ إطلالة جريئة.. ملك قورة تشعل مواقع التواصل الاجتماعي
  • ملتقى المرأة بالجامع الأزهر يناقش بدائل العمرة وأولويات البر المجتمعي
  • وسائل التواصل .. بين الأثر على النسق الاجتماعي وتوسيع دائرة العلاقات
  • «أحمد كريمة» يحذر من الشيخ «شات جي بي تي- ChatGPT» الذي سيخطب الجمعة مستقبلا
  • خطيب الجامع الأزهر: بقاء الوطن يتحقق بوحدة الصف ويد الله مع الجماعة
  • طهران تعلن تفكيك شبكات تجسس إسرائيلية وأمريكية