قبائل اليمن .. براكين غضب تثور نصرة لغزة ودفاعاً عن المقدسات
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
يمانيون../
في ساحات وميادين يمن العزة، مهد الإيمان والحكمة الضارب بجذوره في أعماق التاريخ، يزمجر هدير النفير العام للقبائل اليمنية كالسيل الهادر، مُعلناً عن فصل جديد من فصول الإباء بمداد من نور. تلك التحركات الشعبية والقبلية في مختلف القبائل اليمنية إسناداً لغزة شكلت لوحة حية نابضة بالعزيمة، تتشابك فيها خيوط الوحدة الوثيقة، والتضحية الباذلة، والشجاعة المتأصلة، لترسم مشهداً مهيباً يخترق حواجز الجغرافيا والزمن، ويستقر صداه وتأثيره في الكيان الصهيوني.
هذه السيول البشرية الهادرة، المتدفقة من أعماق الروح اليمنية الأصيلة، هي حراك فطري، واندفاع عارم ينبع من أصل التربة اليمنية الطيبة التي ارتوت بالإيمان وعز القبيلة الأصيلة. إنها أشبه بزلازل يهز أركان الصمت والتخاذل، تنطلق كالطوفان الجارف من قمم الجبال الشامخة، حاملاً معه رائحة البارود وصدى التلبية لنداء المستضعفين. تراه كبحر هائج، تحمل أمواجه رايات العزة والإباء، وتزمجر حناجرهم بتراتيل النصر والتحدي في استجابة فطرية لنداء الدم والأخوة، صرخات مدوية تنطلق من أعماق الجذور الإسلامية الراسخة، حيث تتشابك قيم النصرة والمروءة والذود عن المستضعف في غزة.
إنه تدفق أصيل من ينابيع صافية تنهمر من عمق صلابة الموقف اليمني، الذي لم تشبه شائبة ولم تعبث به أيدي التزييف. إنه نبض القبيلة الحرة، التي لم تنحنِ يوماً للطغاة، ولم تخضع للمستكبرين، تستعيد اليوم أمجادها الغابرة في ساحات الوغى، وتعلن للعالم أجمع أن العروبة والإسلام يجريان في عروق أبنائها مجرى الدم.
هذا الاندفاع الفطري هو بركان مقدس، يقذف بحمم الغضب في وجه الظلم والعدوان، ويضيء سماء الأمة بنيران العزة والكرامة. إنه صوت الحق الصارخ، الذي لا يخشى في الله لومة لائم، ينطلق مدوياً من قلب يمن الإيمان والحكمة، من عاصمته الأبية صنعاء، ومن قبائل طوقها الشماء، ويمتد زلزاله المبارك ليشمل صعدة العروبة، وعمران الشموخ، والحديدة الصامدة، ومأرب التاريخ، والجوف الأبية، والمحويت الخضراء، وذمار العراقة، وإب الخضراء، والبيضاء الصافية، والضالع الصمود، وتعز الأبية، وريمة الباسلة، وحجة الكريمة، ليوقظ الضمائر النائمة ويهز القلوب الغافلة، مؤكداً أن النصر حليف المؤمنين، وأن الباطل مهما طال أمده، مصيره إلى زوال.
تعبئة شعبية وقبلية واسعة
شهدت المحافظات اليمنية الحرة وقفات حاشدة شارك فيها الآلاف من أبناء القبائل اليمنية، عبروا خلالها عن استعدادهم التام لرفد الجبهات بالرجال والعتاد، والالتحام مع قضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. وأكد المشاركون في هذه الوقفات أن تحركهم هذا يأتي امتدادا لحالة الوعي الشعبي المتزايد بخطورة المرحلة وضرورة اتخاذ مواقف حاسمة تتناسب مع حجم التحديات.
خلال 19شهراً من الإسناد، نظم الشعب اليمني ما يزيد عن مليون و900 ألف مسيرة ووقفة احتجاجية ضمن فعاليات التعبئة العامة، كما يؤكد ذلك السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في خطابه الأخير.
كما عبر المشاركون عن الجهوزية العالية لتنفيذ أي توجيهات تصدر عن القيادة الثورية والسياسية، مؤكدين أن النفير العام هو خيار ثابت لا رجعة عنه في سبيل نيل الحرية والكرامة ومواجهة المحتلين.
ووجه أبناء القبائل اليمنية دعوة إلى الشعوب العربية والإسلامية لاتخاذ مواقف مماثلة، وتعزيز روح التلاحم والتعبئة في مواجهة التحديات التي تمر بها الأمة، لاسيما مع تصاعد الجرائم الصهيونية في غزة
وردد المشاركون في الوقفات هتافات النصر والوفاء، مؤكدين استمرار الزخم الشعبي والقبلي في التصدي لمخططات الأعداء، والانحياز الكامل إلى جانب الشعب الفلسطيني ومقاومته المشروعة. وجددوا موقفهم الثابت في مناصرة القضية الفلسطينية، ورفضهم القاطع لكل أشكال التواطؤ الإقليمي والدولي مع العدو الصهيوني، معلنين براءتهم من الخونة والمرتزقة الذين تآمروا على الأمة وتخلوا عن مسؤولياتهم تجاه فلسطين.
وأعلنوا البراءة من كل خائن ثبت تورطه بخيانة وطنه والتخابر مع قوى العدوان، داعين كافة الأحرار إلى اليقظة لهؤلاء الخونة والإبلاغ عنهم، مطالبين الجهات المعنية بالتعامل معهم بحزم واتخاذ الإجراءات الرادعة بحقهم ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه ارتكاب هذه الخيانة العظمى. وجدد المشاركون التأكيد على أن الشعب اليمني ماض في خياراته الضاغطة على الكيان حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار، مؤكدين أن صمود الشعبين اليمني والفلسطيني كفيل بإحباط مخططات العدو وأن النصر آت لا محالة.
وأشار المشاركون إلى أن الانتصار اليمني اليوم أصبح يقاس بالتحول الكبير في موقع اليمن داخل الخارطة الجيوسياسية، حيث بات “بوابة الردع” في البحر الأحمر. وأكدوا ثبات موقفهم خلف قائد الثورة نصرة للشعب الفلسطيني المظلوم، ودفاعاً عن اليمن من أي اعتداء أو تصعيد من قبل العدو أو أدواتهم في المنطقة. وعبر المشاركون عن بالغ الفخر والاعتزاز بالمواقف الشجاعة لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وثباته على الحق رغم الضغوطات والإغراءات الإقليمية والدولية.
قبائل اليمن، سواعد قوية لأبناء غزة
تتجلى الوحدة الوطنية في أبهى صورها،. اصطفاف جسدي في الساحات والتحام أرواح تجمعت على هدف واحد: “نصرة غزة والتصدي للعدوان”، هذا الإجماع هو نتاج تاريخ مشترك من التضحيات والتكاتف، نسيج متين عصي على التمزق، يواجه عواصف الفرقة والتشتيت بثبات الجبال الراسخة. إنه صوت اليمن الموحد، الذي يدوي في صمت العالم، ليذكر الضمائر النائمة بأن فلسطين بقعة عميقة الجذور في الثبات على الخريطة، وهي نبض العروبة وستبقى روح الإسلام.
تستعيد القبائل اليمنية، بجذورها الضاربة في عمق التاريخ، هويتها الأصيلة كحصون شامخة وسواعد قوية للأمة. إن إعلان النفير العام لم يكن ليعبر عن استعادة لتقاليد الأجداد فحسب، بقدر ما أنه بعث روح العزة والأنفة التي طالما ميزت أبناء هذه الأرض. كأن أسود العرين تخرج من سباتها العميق، تلبية لنداء الواجب المقدس، مؤكدة أن دماء الشهداء وتضحيات الأبطال لم تذهب سدى.
هذا التفعيل للدور القبلي يمثل تدفقاً هائلاً للطاقة الروحية والمادية، يعزز صفوف المقاومة، ويثبت أن اليمن سيظل الدرع الحصين لفلسطين.
الأسود في عرين العروبة
تتجلى الجهوزية القتالية العالية في تلك الحشود الهادرة التي تملأ الساحات، كبراكين غضب تثور نصرة للأمة ودفاعاً عن المظلومين. إنها استعراض للقوة العسكرية، وهي تعبير عن إرادة صلبة وعزيمة لا تلين في مواجهة قوى الاستكبار والطغيان. إنها رسالة واضحة إلى أعداء الأمة، مفادها أن اليمن ليس أرضاً مستباحة، وأن أبناءه مستعدون لتقديم أرواحهم فداءً لفلسطين وكرامة الأمة. هذا الاستعداد القتالي هو السياج المنيع الذي يحمي اليمن ويذود عن حياضه.
إن التمسك بالقضية الفلسطينية يتجاوز وصفه بالموقف السياسي أو الشعار المرحلي، إنه نبض الضمير الحي للأمة، والبوصلة التي توجه خطوات اليمن نحو الحق والعدل. إنه إيمان راسخ بأن فلسطين هي القلب النابض للعروبة والإسلام، وأن الدفاع عنها هو دفاع عن الذات والكرامة والمقدسات. هذا الرفض القاطع لأي شكل من أشكال التواطؤ مع العدو الصهيوني هو صرخة مدوية في وجه الخذلان والتطبيع، يؤكد أن اليمن سيظل الصوت الصادق الذي يصدح بالحق ويدافع عن المظلومين حتى يتحقق النصر.
خلاصة القول
يمكن القول إن هذه التحركات الشعبية والقبلية الواسعة في اليمن ترسم لوحة بلاغية إبداعية، قوامها الوحدة الوطنية الراسخة، والدور المحوري للقبائل الأبية، والثقة المطلقة بالقيادة الحكيمة، والجهوزية القتالية العالية، والتمسك الأبدي بالقضية الفلسطينية. إنها سمفونية عز وإباء، تعزفها أرض اليمن الشامخة، لتعلن للعالم أجمع أن فلسطين ليست وحدها، وأن هناك شعباً أبياً يقف إلى جانبها، مستعداً لتقديم الغالي والنفيس حتى يتحقق النصر وتعود الحقوق إلى أصحابها.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القبائل الیمنیة قبائل الیمن
إقرأ أيضاً:
الإفراج عن إمام مسجد عمر بن الخطاب في عدن بعد اقتحام أمني مثير للجدل
عاد الشيخ محمد الكازمي، إمام وخطيب مسجد عمر بن الخطاب بمديرية المنصورة في عدن، للظهور العلني للمرة الأولى مساء الخميس، عقب الإفراج عنه من قبل جهات أمنية، بعد ساعات من احتجازه في واقعة وصفت بأنها انتهاك صارخ لحرمة بيوت الله، وأثارت سخطًا واسعًا في الأوساط الدينية والشعبية والسياسية في عدن.
احتجاز فجري داخل المسجد
فجر أمس الخميس، وبينما كان المصلون يؤدون صلاة الفجر في مسجد عمر بن الخطاب، داهمت قوة أمنية مجهولة الهوية المسجد بشكل مفاجئ، وسط ذهول وصدمة المصلين. وبحسب شهود عيان، فإن القوة أطلقت النار داخل حرم المسجد، قبل أن تعتقل الشيخ الكازمي وتنقله إلى جهة غير معلومة، دون توضيح رسمي للأسباب أو وجود مذكرة توقيف قانونية.
الاقتحام أثار ردود فعل غاضبة واستنكارًا عامًا، واعتُبر تعديًا مباشرًا على حرمة المساجد ومساسًا بهيبة الدين، كما أثار تساؤلات مقلقة حول آليات تنفيذ القانون في مدينة شهدت في السنوات الأخيرة توترات أمنية متقطعة.
ردود فعل رسمية: إدانة وتحقيق فوري
في أعقاب الضجة، أصدر محافظ عدن، الذي يشغل أيضًا رئاسة اللجنة الأمنية في المحافظة، توجيهًا عاجلًا بفتح تحقيق فوري في الحادثة، ومحاسبة المسؤولين عن هذا التصرف.
وأكد المحافظ في بيان رسمي: "نرفض وبشكل قاطع أي ممارسات تخرق قدسية بيوت الله، أو تهز ثقة المواطن بالأجهزة الأمنية… وسنتخذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث."
ورغم هذا التوضيح، لم تصدر حتى مساء الخميس أي تفاصيل رسمية حول دوافع الاقتحام أو الجهة التي أصدرت الأوامر.
أول ظهور للكازمي: ترحيب شعبي ورسالة صمود
وظهر مساء أمس الخميس الشيخ محمد الكازمي بعد الإفراج عنه، وسط استقبال شعبي كبير في محيط المسجد، حيث احتشد العشرات من المصلين وأبناء الحي للترحيب بعودته.
وقد بدت على الشيخ علامات الإرهاق، لكنه حرص على التحدث بكلمات موجزة طمأن فيها الحضور، مؤكدًا أنه بخير، ومشددًا على أن "حرمة المساجد خط أحمر لا يجوز تجاوزه".
بيان قبائل باكازم.. لهجة تصعيدية وتحذير شديد
وفي تصعيد لافت، أصدرت مشايخ وأعيان قبائل باكازم بيانًا ناريًا مساء الخميس، أدانوا فيه بأشد العبارات ما وصفوه بـ"الاقتحام الهمجي" للمسجد، و"الاعتقال غير القانوني" للشيخ الكازمي.
وأكد البيان أن القوة الأمنية التي نفذت الاقتحام قادت العملية بطريقة مهينة وغير إنسانية، وحملوا السلطات الأمنية والمحلية في عدن المسؤولية الكاملة عن الواقعة.
وطالب البيان بـ"رد الاعتبار للشيخ الكازمي"، والاحتكام إلى قبائل باكازم في معالجة ما وصفوه بـ"الانتهاك"، مشيرين إلى أن "أي تجاهل أو مماطلة سيقابل بإجراءات تصعيدية من جانب القبائل".
البيان الذي حمل توقيع مشايخ وأعيان قبائل باكازم ختم برسالة شكر لكل من ساندهم ووقف إلى جانبهم، في إشارة إلى اتساع رقعة التضامن الشعبي والقبلي مع الكازمي.
من هو الشيخ محمد الكازمي؟
الشيخ محمد الكازمي يُعد من أبرز دعاة عدن، وأحد الرموز الدينية المحترمة في مديرية المنصورة. يُعرف بخطابه المعتدل والبعيد عن التحريض، وله تأثير واسع بين مختلف الفئات، لا سيما الشباب.
عُرف عنه دفاعه عن القيم السلمية والدعوة إلى ضبط النفس والحفاظ على مؤسسات الدولة، في زمن طغت فيه الخطابات المتطرفة والانقسامات السياسية.
تداعيات الحادثة.. أزمة ثقة جديدة بالأمن
الحادثة أعادت فتح ملف التجاوزات الأمنية في عدن، وأثارت مخاوف من تحول المساجد إلى ساحات تصفية حسابات أو استعراضات قمعية، وهو ما يُنذر بموجة غضب قد تُهدد تماسك النسيج الاجتماعي.
ودعت شخصيات سياسية ودينية إلى تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق، وعدم الاكتفاء بتصريحات تهدئة، معتبرين أن "ما حدث يمس كل مواطن يطمح لدولة قانون وعدالة".
من يسيطر على عدن؟
تُدار مدينة عدن، العاصمة المؤقتة لليمن، من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا، والذي يفرض سيطرته الأمنية والعسكرية على مفاصل المدينة منذ سنوات، رغم الاعتراف الرسمي بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.
ويُعرف عن عدن أنها تخضع لشبكة معقدة من الأجهزة الأمنية، بعضها يتبع للمجلس الانتقالي، وأخرى تُنسّق مع قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، ما يجعل من المشهد الأمني هناك متداخلًا وغير شفاف.
وتُعد الحوادث الأخيرة ـ كاقتحام المساجد أو الاعتقالات خارج القانون ـ جزءًا من تراكمات خلل أمني وهيكلي يعاني منه السكان، وسط غياب واضح للمساءلة الفعلية وتضارب الصلاحيات بين الجهات النافذة.