بتمويل قطري.. الذكاء الاصطناعي في علاج مرضى السرطان بالقدس
تاريخ النشر: 16th, May 2025 GMT
يصل يوميا إلى مستشفى أوغستا فكتوريا (المطّلع) بمدينة القدس المحتلة بين 80 إلى 90 مريضا من محافظات الضفة الغربية، للخضوع لجلسات العلاج بالإشعاع من أورام سرطانية مختلفة، وبدأ علاج هؤلاء المرضى مؤخرا بجهاز "المُسارِع الخطّي" الذي يدخل تقنية الذكاء الاصطناعي، والذس تبرع به للمستشفى صندوق قطر للتنمية.
داخل القسم، التقت الجزيرة نت مريضتين قدمتا من مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، وتخضعان لجلسات في وحدة العلاج بالإشعاع بعد تشخيصهما بسرطان الثدي والغدد اللمفاوية.
قالت سمر عميرة، التي شُخصت في مستشفى المطلع يوليو/تموز 2024، إن أكثر ما يُشعرها بالراحة هو سعي المستشفى لإدخال التقنيات الحديثة في العلاج ومواكبة التطور.
"عندما سمعت عن هذا الجهاز الجديد شعرت بنعمة كبيرة، وأؤمن أنه سيعطي نتائج دقيقة ويسهم في شفائنا من المرض" أضافت سمر.
أما يوليانا زين الدين التي تنحدر من رومانيا، فوصلت إلى المستشفى للخضوع للجلسة الـ14 من العلاج بالإشعاع من أصل 16 جلسة، وقالت إن أكثر ما يطمئنها خلال الجلسة هو صوت الجهاز المنخفض، وعدم وجود آلام تذكر.
إعلانتعيش يوليانا منذ عام 1990 في نابلس بعد ارتباطها بزوجها الفلسطيني، وتقول إنها مرّت بكثير من الانتكاسات الصحية الكبيرة، لكنها لم تفكر يوما في التوجه إلى رومانيا للعلاج من أيّ منها، وذلك لوجود "أطباء جيّدين في كل فلسطين، ولأن طاقم مستشفى المطلع بالتحديد يستقبل المرضى بابتسامة ويتبادلون معهم أطراف الحديث، وهو ما يدعمنا نحن المرضى ويجعلنا قادرين على تحدي المرض والشفاء منه".
الطبيب في قسم العلاج بالإشعاع عبد المنعم الخطيب اصطحب الجزيرة نت إلى الغرفة التي وُضع بها الجهاز الجديد، وأطلعنا على آلية تشغيله والتقنيات التي يعمل من خلالها، وقال إن مراكز الأورام التي عالجت المرضى بهذا الجهاز لاحظت أنه أعطى فعالية كبيرة مقارنة مع الأجهزة السابقة.
وتتمثل هذه الفعالية في تخفيف الأعراض الجانبية، لأن الجهاز قادر على تحديد الحقل الإشعاعي بشكل أدق كونه يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي، كما أنه أثبت نجاعته في التعامل مع الأورام التي تتحرك مع عملية التنفس، أو تلك القريبة من أعضاء تتحرك مع عملية التنفس.
وأضاف أن "هذا النوع من الأورام بالتحديد يمكّن الجهاز الجديد من التركيز عليها وتتبعها طيلة مدة الجلسة، كما ساعدنا في التحكم بالجرعة في كل جلسة بطريقة أفضل من الأجهزة السابقة".
وختم الخطيب حديثه للجزيرة نت بالتعريج على ماهيّة آلية العلاج بالإشعاع موضحا أنها تعمل من خلال حزم الطاقة المكثفة على تكسير الروابط الجينية التي تتحكم في نمو الخلايا وانقسامها، لأن الخلية السرطانية لا قدرة لديها على تجديد نفسها بعد تكسير هذه الروابط على عكس الخلية السليمة.
من جهته، قال المدير التنفيذي لمستشفى المطلع ورئيس قسم علاج الأورام بالإشعاع الطبيب فادي الأطرش إن جهاز "المسارع الخطّي" وصل إلى المستشفى ضمن إطار خطة تطوير عمله، وهو مهم لتعزيز قدرتها على منح أحدث العلاجات من الناحية التقنية، لأن العلاج الإشعاعي في تطور مستمر، وتضمن مواكبة تطوره تقديم جميع التقنيات الحديثة الموجودة في العالم للفلسطينيين مما يزيد فرص السيطرة على المرض والشفاء منه.
وأشار إلى أنه تم وضع لبنات أساسية في تطوير قسم العلاج بالإشعاع نوعيا، وكانت أولاها عام 2004 عند تأسيسه، ثم عام 2011 وفي 2018، وفي 2025 عند تشغيل الجهاز الجديد ستكون نقطة التحول الرابعة التي ستنقل القسم من العمل بالتقنيات العادية إلى تقنية الذكاء الاصطناعي.
إعلانوأضاف أن "أهمية الأجهزة المتطورة تكمن في أنها تسمح للإشعاع بالوصول إلى أماكن لم يكن بإمكاننا الوصول إليها تقنيا في السابق، فيمكنها علاج أكثر من موقع بشكل متزامن والتخفيف من الأعراض الجانبية عبر تخفيف الإشعاع للأعضاء السليمة، وهذا يمنح نوعية حياة أفضل للمريض ويرفع فرصة شفائه وفرص التعامل مع المرض".
ومن المفترض أن يزيد الجهاز الجديد من القدرة الاستيعابية لمستشفى المطلع، "وهذا جزء من استعدادنا لتقديم هذه الخدمة الجديدة حينما يتمكن أهلنا في غزة من الوصول إلينا لتلقي العلاج كما كانوا قبل الحرب" أضاف الأطرش.
ويستقبل قسم العلاج بالإشعاع في المستشفى ما يزيد على ألفي مريض سنويا، ويشكل الغزيّون 30% من هؤلاء، لكن أكثر من 600 منهم حُرموا من الوصول لتلقي علاجهم في هذا القسم خلال الحرب.
وبمناسبة احتفال مستشفى المطلع بالذكرى الـ75 لتأسيسه، قال الأطرش إن هذا الصرح الطبي أُنشئ عام 1950 من أجل خدمة الشعب الفلسطيني وتقديم الرعاية الصحية بجودة عالية وبطريقة مستدامة وبكرامة للإنسان الفلسطيني.
وتابع: "ما زلنا في المقدمة، لأن المطّلع صنع فارقا في النظام الصحي الفلسطيني من حيث الإضافة النوعية، سواء بنوعية العلاج والقدرة على التعامل مع المرضى، أم من خلال إضافة وتغيير تطبيق العلاجات في فلسطين".
وختم مدير المستشفى حديثه للجزيرة نت بقوله: "سنبقى في مقدمة من يدعو لحقوق الشعب الفلسطيني الطبية وإعادة هيكلة النظام الصحي الفلسطيني بما يجعله أكثر استدامة، ونحن شركاء في هذه الجهود والقيادة، وفي قيادة شبكة مستشفيات القدس الشرقية، التي هي الأساس للنظام الصحي الفلسطيني".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الذکاء الاصطناعی العلاج بالإشعاع الجهاز الجدید فی علاج
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يحلّل تخطيط صدى القلب خلال دقائق
يُستخدم تخطيط صدى القلب "الإيكو" من قِبل الأطباء لتشخيص العديد من المشكلات الوظيفية أو الهيكلية في القلب.
ويعتمد هذا الفحص على تحليل أكثر من 100 مقطع فيديو وصورة تُظهر مناطق مختلفة من القلب، حيث يقوم اختصاصيو "الإيكو" بإجراء العديد من القياسات، مثل أبعاد القلب وشكله، وسمك البطين، إضافة إلى حركة ووظائف الحجرات القلبية، بهدف تقييم صحة المريض القلبية.
تشخيص أسرع
في دراسة حديثة نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الأميركية (JAMA)، كشف باحثون من كلية الطب بجامعة ييل عن أداة مدعومة بالذكاء الاصطناعي قادرة على تفسير تخطيط صدى القلب بدقة عالية خلال دقائق معدودة، بحسب ما نقله موقع "ميديكال إكسبريس" المتخصص في الأبحاث الطبية.
وقال الدكتور روهان كيرا، أستاذ مساعد في طب القلب والإحصاء الحيوي بكلية ييل للصحة العامة، وكبير مؤلفي الدراسة: "يُعد تخطيط صدى القلب حجر الزاوية في رعاية القلب، لكنه يتطلب وقتاً طويلاً من أطباء ذوي خبرة عالية لتحليل تلك الدراسات. أردنا تطوير تقنية تساهم في تخفيف العبء عن هؤلاء الاختصاصيين وتُحسن الدقة وتُسرّع سير العمل".
دقة لافتة
أظهرت الدراسة أن الأداة التي طوّرت، وتحمل اسم "PanEcho"، استطاعت أداء 39 مهمة تشخيصية بناءً على صور متعددة الزوايا لتخطيط صدى القلب، وتمكنت من رصد حالات مثل التضيق الشديد في الصمام الأبهري، والضعف الانقباضي، وانخفاض الكسر القذفي للبطين الأيسر، بدقة لافتة.
وتبني هذه النتائج على أبحاث سابقة، منها دراسة نُشرت عام 2023 في مجلة "European Heart Journal"، أظهرت بدورها دقة هذه التقنية.
ويوضح غريغ هولست، أحد المشاركين في الدراسة: "قمنا بتطوير أداة تدمج المعلومات من زوايا متعددة للقلب لتحديد القياسات الأساسية والتشوهات التي قد يدرجها طبيب القلب في تقريره الكامل".
تدريب واسع
تم تطوير "PanEcho" باستخدام 999.727 مقطع فيديو لتخطيط صدى القلب جُمعت من مرضى في مستشفى Yale New Haven بين يناير 2016 ويونيو 2022، ثم اختُبرت الأداة على بيانات من 5130 مريضاً إضافياً من نفس المستشفى، إلى جانب ثلاث مجموعات بيانات خارجية من مركز القلب والأوعية في جامعة "سيميلويس" في بودابست بالمجر، ومستشفى جامعة ستانفورد، ونظام "Stanford Health Care".
إشراف بشري
أكد الدكتور إيفانجيلوس إيكونومو، زميل سريري في طب القلب وأحد المؤلفين المشاركين أن "الأداة تستطيع الآن قياس وتقييم طيف واسع من أمراض القلب، ما يجعلها واعدة للغاية للاستخدام السريري مستقبلاً. لكنها، رغم دقتها العالية، لا تزال خوارزمية وقد تفتقر لبعض التفسيرات التي يقدمها الطبيب، لذا فهي تحتاج إلى إشراف بشري".
ورغم أن الأداة غير متاحة حالياً للاستخدام السريري، إلا أن الدراسة تناقش تطبيقات مستقبلية واعدة.
فعلى سبيل المثال، يمكن استخدامها كمساعد أولي لتحليل الصور في مختبرات الإيكو، أو كأداة مراجعة ثانية ترصد التشوهات التي قد تفوت على الاختصاصي البشري.
حلول للمناطق منخفضة الموارد
أشار الباحثون إلى أن هذه التقنية قد تكون ذات قيمة خاصة في البيئات منخفضة الموارد، حيث تكون أجهزة التصوير والخبرات القلبية نادرة. ففي مثل هذه السياقات، غالباً ما يُستخدم جهاز تصوير صغير محمول باليد، يوفّر صوراً بجودة أقل يصعب تفسيرها.
ولتقييم دقة النموذج في مثل هذه الحالات، استخدم الباحثون صوراً من قسم الطوارئ في مستشفى Yale New Haven، حيث تُجرى فحوصات سريعة بجهاز موجات فوق صوتية محمول كجزء من الرعاية الروتينية.
ويضيف الدكتور كيرا: "أردنا محاكاة واقع المناطق الفقيرة في الموارد، حيث يعتمد الأطباء على أجهزة يدوية ويحتاجون إلى إرسال الصور لتفسيرها من قبل طبيب قلب في مكان آخر. وحتى مع الصور منخفضة الجودة، أظهر نموذجنا قدرة عالية على استخراج المعلومات المطلوبة لتحديد الحالة بدقة".
دراسات إضافية
يعمل كيرا وفريقه حالياً على دراسات إضافية لقياس أثر استخدام هذه الأداة على رعاية المرضى في مختبرات الإيكو في ييل.
وأردف كيرا: "نتعلم الآن كيف يستخدم الأطباء هذه الأداة فعلياً، بما يشمل التعديلات التي يجرونها على سير العمل، واستجابتهم للمعلومات التي توفرها، وما إذا كانت تضيف قيمة فعلية في السياق السريري".
آفاق مستقبلية
من جانبه، يقول الدكتور إريك جيه. فيلازكوي، أستاذ طب القلب ورئيس قسم القلب في جامعة ييل: "أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "PanEcho" يمكن أن تساعدنا على رفع كفاءتنا ودقتنا، ما يسمح لنا بفحص ومعالجة عدد أكبر من المرضى المصابين بأمراض القلب. وأنا فخور بالتزام الجامعة المتواصل بالبحث المتقدم والابتكار في تقديم الرعاية".
وأتاحت الدراسة النموذج الكامل وأوزانه عبر مصدر مفتوح، وشجّع الفريق البحثي العلماء الآخرين على اختبار النموذج باستخدام دراساتهم الخاصة على تخطيط صدى القلب والعمل على تطويره.
أمجد الأمين (أبوظبي)