لا شك في أن الحلم التقليدي لمجال ريادة الأعمال هو اختراع فكرة مشروع ناشئ والحصول على التمويل من شركات رأس المال الاستثمارية.

ويكتمل الحلم مع نمو الشركة الناشئة بسرعة ووصول قيمتها السوقية إلى أكثر من مليار دولار وطرح أسهمها للاكتتاب العام وسط ضجة إعلامية كبيرة.

ولكن ماذا لو كانت هناك طريقة أخرى لتأسيس شركة بقيمة مليار دولار دون الحاجة إلى استثمار خارجي، أو إنفاق مبالغ طائلة على المبيعات والتسويق، أو الضغط للنمو بشكل سريع.

هذا ما فعلته "زوهو" (Zoho) التي خالفت تقاليد وادي السيليكون محققة نجاحا باهرا في عالم يهيمن فيه عمالقة التقنية على مشهد البرمجيات.

وبرزت "زوهو" بصفتها واحدة من قصص النجاح التقنية التي انطلقت من الهند لتغزو العالم، حيث نجحت في شق طريقها بقطاع البرمجيات السحابية.

اكتمل الحلم مع نمو الشركة الناشئة بسرعة ووصول قيمتها السوقية إلى أكثر من مليار دولار وطرح أسهمها للاكتتاب العام وسط ضجة إعلامية كبيرة (بيكسلز) رحلة تأسيس غير تقليدية

تأسست "زوهو" في عام 1996 على يد "سريدهار فيمبو" (Sridhar Vembu) وفريقه، الذي رأى فرصة لسد الفجوة بين حلول البرمجيات المعقدة والمكلفة، واحتياجات الشركات النامية التي تبحث عن أدوات بسيطة.

إعلان

وفي سنواتها الأولى، كانت الشركة تعمل تحت اسم "أدفنت نت" (AdventNet)، وتركز على تطوير برامج إدارة الشبكات.

ومرت الشركة بأوقات عصيبة بين عامي 2001 و2004، إذ انفجرت في عام 2003 فقاعة الدوت كوم وأطاحت بالأسواق الأساسية للشركة، التي تضمنت بائعي الاتصالات، وشركات، مثل "نوكيا" و"موتورولا" و"سيسكو" وغيرها.

وأصبح من الضروري للشركة البحث عن أسواق بديلة وتوسيع نطاق منتجاتها، والتركيز على سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وبحلول عام 2005، كانت الشركة جاهزة مع أول منتجاتها من حزمة "أوفيس" (Office)، "زوهو رايتر" (Zoho Writer) و "زوهو سي آر إم" (Zoho CRM).

وتبع ذلك إطلاق "زوهو شيت" (Zoho Sheet) و"زوهو كريتور" (Zoho Creator) و"زوهو شو" (Zoho Show) و"زوهو بروجكتس" (Zoho Projects) في عام 2006.

ومنذ ذلك الحين، واصلت "زوهو" توسيع نطاق منتجاتها عاما بعد عام.

وفي عام 2009، أعادت "أدفنت نت" تشكيل هويتها بشكل جذري وتحولت إلى "زوهو" بعد أن طورت مجموعة برامجها المكتبية عبر الإنترنت "أوفيس سويت" (Office Suite).

إستراتيجية النمو بدون مستثمرين

ينظر إلى التمويل الاستثماري بصفته عنصرا حاسما للنمو في عالم الشركات الناشئة، ولكن "زوهو" اختارت طريقا مختلفا، حيث قررت الاعتماد كليا على إيراداتها الذاتية منذ البداية.

ولم تحصل الشركة على أي تمويل خارجي منذ تأسيسها، مما منحها حرية كاملة في اتخاذ القرارات الإستراتيجية دون ضغوط من المستثمرين أو سعي دائم لتحقيق أرباح قصيرة الأجل.

وسمحت هذه الاستقلالية للشركة بالتركيز على بناء المنتجات الطويلة الأمد، وتحقيق النمو التدريجي، الأمر الذي عزز ثقة العملاء حول العالم.

واستطاعت "زوهو" في ظرف سنوات قليلة أن تتحول إلى شركة عالمية تخدم أكثر من 100 مليون مستخدم. وفي البداية، ركزت "زوهو" حصريا على الشركات الصغيرة والمتوسطة، ولكنها انتقلت إلى السوق المتوسطة وحتى الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

إعلان

وأدركت الشركة أن المستقبل يتجه نحو "البرمجيات كخدمة" (SaaS)، مما جعلها تتبنى هذا النموذج، وهو القرار الذي شكل نقطة التحول الكبرى في مسيرتها، وبدأت تبني مجموعة أدواتها السحابية.

واعتمدت "زوهو" على نموذج "البرمجيات كخدمة"، حيث قدمت تطبيقاتها مقابل اشتراك شهري. وقد ساهم هذا النموذج في توفير برامج أعمال عالية الجودة بأسعار معقولة، ولا سيما للشركات الصغيرة والمتوسطة.

منظومة متكاملة

تستمد "زوهو" قوتها من قدرتها على تقديم مجموعة متكاملة من التطبيقات السحابية التي تغطي جميع احتياجات الشركات بدءا من إدارة علاقات العملاء، ومرورا بأدوات الإنتاجية، ووصولا إلى أنظمة المحاسبة.

كما وفرت الشركة أدوات التواصل والتعاون، بالإضافة إلى حلول الموارد البشرية. وتحت مظلة "زوهو"، تستطيع الشركات استخدام أكثر من 55 تطبيقا سحابيا لإدارة كل شيء.

ويتيح هذا الأمر تكاملا عميقا ويقلل من التعقيد الناتج عن استخدام برامج متعددة من شركات مختلفة، وتعد هذه نقطة تفوق واضحة مقارنة بمنافسيها الذين غالبا ما يقدمون حلولا مجزأة أو تفتقر إلى التكامل.

ولعبت سياسة التسعير دورا محوريا في نجاح "زوهو"، فقد قدمت الشركة خططا مجانية أو منخفضة التكلفة مقارنة بمنافسيها، مما جذب الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تبحث عن حلول ميسورة التكلفة.

وبالإضافة إلى ذلك، ركزت "زوهو" على سهولة الاستخدام والتكامل بين تطبيقاتها، مما سهل على العملاء تبني تقنياتها دون الحاجة إلى تدريب مكثف.

"زوهو" تستمد قوتها من قدرتها على تقديم مجموعة متكاملة من التطبيقات السحابية التي تغطي جميع احتياجات الشركات (بيكسلز) نموذج غير تقليدي للتوسع

على عكس المألوف في عالم التقنية، اختارت "زوهو" بناء جزء كبير من عملياتها الهندسية خارج المراكز التقنية الكبرى.

ونقل "سريدهار فيمبو" مقر الشركة إلى قرية صغيرة في ولاية "تاميل نادو" (Tamil Nadu)، وأطلق سياسة التوسع الريفي التي تهدف إلى تأسيس مراكز تطوير برمجيات في القرى الهندية.

إعلان

ودربت الشركة شباب القرى على البرمجة وتطوير البرمجيات ووظفتهم، ومنح هذا النموذج غير المركزي الشركة القدرة على الوصول إلى مواهب جديدة، وخفض التكاليف التشغيلية.

وتفخر "زوهو" اليوم بأن عددا كبيرا من مطوريها جاؤوا من خلفيات غير تقنية. وفي عام 2005، أسست الشركة "جامعة زوهو" (Zoho University) بصفتها تجربة لتوفير بديل للتعليم الجامعي التقليدي.

ويحصل الشباب من خلال هذه التجربة على تدريب لمدة عامين في البرمجة واللغة الإنجليزية ومهارات العمل، وثم يجري تعيينهم رسميا كمطورين أو محللي بيانات.

وحلت "جامعة زوهو" مشكلة المواهب التي واجهت الشركة، حيث سمحت لآلاف الأشخاص من المناطق الريفية في الهند بالانطلاق في مسارات مهنية تكنولوجية.

وبعد مرور 15 عاما، توسعت الجامعة لتصبح "مدارس زوهو للتعلم" (Zoho Schools of Learning)، حيث تدرس كل شيء، بداية من التصميم إلى التسويق والتطوير.

ويعمل لدى الشركة حاليا أكثر من 18 ألف موظف، وقدمت خدماتها في أكثر من 150 بلدا، ولديها 16 مركز بيانات حول العالم، مع أكثر من 120 مليون مستخدم، وأكثر من 55 منتجا.

ما الذي يميز "زوهو" عن "مايكروسوفت" و"غوغل"؟

رغم أن "زوهو" لا تتمتع بحجم "مايكروسوفت" أو انتشار "غوغل"، فإنها استطاعت كسب شريحة واسعة من الشركات الباحثة عن بدائل مرنة.

وتميل الحلول المقدمة من "مايكروسوفت" و"غوغل" إلى الشمولية وتعقيد الاستخدام وارتفاع التكلفة، في حين تقدم "زوهو" تجربة أكثر تخصيصا وأسعارا تنافسية.

كما تركز الشركة بشكل كبير على خصوصية البيانات، وقد عزز هذا التوجه مصداقيتها لدى الشركات المهتمة بحماية البيانات والخصوصية.

وتفتخر الشركة بأنها لا تعرض الإعلانات، ولا تبيع بيانات مستخدميها، ولا تدمج خدماتها مع أدوات تتبع تجارية، على عكس بعض منافسيها.

ونتيجة لذلك، أصبحت خيارا مفضلا للشركات المهتمة بالخصوصية، وخصوصا في أوروبا بعد تطبيق قانون "اللائحة العامة لحماية البيانات" "جي دي بي آر" (GDPR).

إعلان

ولم تنس "زوهو" أهمية دعم اللغات المحلية، مما ساعدها على الانتشار في أسواق ناشئة كانت تعاني من نقص في الحلول المخصصة.

وتستثمر "زوهو" بكثافة في التقنيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي، حيث أطلقت "زيا" (Zia)، وهو المساعد الذكي الذي يتكامل مع تطبيقاتها المختلفة لتحليل البيانات واقتراح القرارات الذكية.

كما توسع نطاق عملها في قطاع التعليم عبر مبادرات، مثل "مدارس زوهو". وبالإضافة إلى ذلك، تعزز بنيتها التحتية السحابية العالمية من خلال افتتاح مراكز بيانات جديدة في مناطق استراتيجية.

في الختام، تعد رحلة "زوهو"، من شركة ناشئة متواضعة إلى شركة عالمية رائدة في مجال برمجيات المؤسسات، خير دليل على رؤيتها وابتكارها ومرونتها، وتقدم نموذجا ملهما لشركات التقنية الناشئة، وخصوصا في العالم النامي.

ومن خلال التزامها بمبادئها وتطورها المستمر لتلبية احتياجات عملائها، وضعت الشركة معيارا جديدا في قطاع البرمجيات. ومع استمرارها في النمو والابتكار، تظل "زوهو" لاعبا رئيسيا في رسم مستقبل تكنولوجيا المؤسسات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الصغیرة والمتوسطة أکثر من فی عام

إقرأ أيضاً:

“كابيتال دوت كوم” تواصل التوسع انطلاقاً من الإمارات.. ومنطقة الشرق الأوسط تستحوذ على أكثر من نصف أحجام التداول حول العالم في الربع الأول 2025

 

تواصل “كابيتال دوت كوم” Capital.com، منصة التداول عالية النمو ومجموعة التكنولوجيا المالية الدولية، التوسع إقليمياً وعالمياً انطلاقاً من دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد افتتاحها مقراً إقليمياً في دبي في أبريل 2024 بالتزامن مع انضمامها إلى مبادرة الجيل من الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تستهدف استقطاب أبرز الشركات وألمع العقول إلى الدولة.

وبفضل توسع “كابيتال دوت كوم”، انطلاقاً من دولة الإمارات، عبر شركتها التابعة “كابيتال كوم مينا” لتجارة الأوراق المالية “Capital Com MENA”، ساهمت منطقة الشرق الأوسط بأكثر من نصف أحجام تداولات عملاء الشركة حول العالم، بحصة بلغت 53%، متفوقةً على أوروبا التي بلغت مساهمتها 24%.

وأعلنت الشركة عن تسجيل نشاط تداول قوي خلال الربع الأول من عام 2025، ما يمثل انطلاقة قوية للعام وسط تقلبات الأسواق العالمية وزيادة الطلب من قبل العملاء.

وخلال الفترة الممتدة من 1 يناير 2025 حتى 31 مارس 2025، سجّلت المنصة أحجام تداول عملاء بلغت 656 مليار دولار، أي بزيادة نسبتها 11% مقارنة بالربع السابق. وخلال الفترة نفسها، تجاوز عدد المستخدمين الجدد الذين أنشأوا حسابًا على المنصة 800,000 مستخدم.

ويأتي هذا الأداء القوي للمنصة بعد تسجيل أرقام قياسية في العام 2024، حيث تخطت أحجام تداول العملاء حاجز 1.7 تريليون دولار. ومع استمرار منصة Capital.com في التوسع، تجاوز عدد موظفي الشركة حاليًا 1000 موظف على مستوى العالم، ما يمثّل منجزًا مهمًا في تحولها من شركة ناشئة سريعة النمو إلى مجموعة تكنولوجيا مالية عالية النمو.

وأوضح طارق شبيب، الرئيس التنفيذي لشركة Capital.com في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “شهدنا ارتفاعًا بارزًا على مستوى نشاط التداول خلال الربع الأوّل في منطقة الشرق الأوسط، مدفوعًا بارتفاع وتيرة تقلبات الأسواق، وتجدد الاهتمام بالأسواق الرئيسية مثل مؤشر ناسداك 100 والذهب.”
وأضاف: “يتفاعل عملاؤنا مع الأحداث العالمية بشكل فوري، وتمكّنهم منصّتنا من اتخاذ قرارات سريعة وواثقة وبسرعة متناهية أكثر من أي وقت مضى”.

وخلال الربع الأول من العام 2025، كانت مؤشرات أسواق الأسهم الرئيسية، ولا سيما مؤشر ناسداك 100، متصدرة والأكثر تداولًا عبر منصة Capital.com، تلتها أسواق السلع، وبالدرجة الأولى الذهب.
وكان عملاء الشركة من منطقة الشرق الأوسط الأكثر نشاطاً في قطاع التداول خلال الربع الأول من العام 2025، وسجلوا أعلى حجم للتداولات خلال هذه الفترة بحصة بلغت 53%، يليهم المتداولون من أوروبا بنسبة 24%، الأمر الذي يعكس تنامي حضور Capital.com في أسواق الشرق الأوسط وكذلك أوروبا.

وانطلاقًا من هذا الزخم، تواصل Capital.com بشكل فعال توسيع فرق المنتجات والهندسة من أجل دعم تطوير منتجات جديدة في مجالي التداول والاستثمار. وتقوم الشركة حالياً بعمليات توظيف نشيطة على امتداد مختلف مكاتبها حول العالم، بما في ذلك أوروبا والشرق الأوسط وأستراليا. وكانت الشركة قد أعلنت في أواخر العام 2024 عن خطط لاستقطاب 200 من الكفاءات الإضافية في مجالي التكنولوجيا والهندسة.

وأضاف شبيب: “المنتجات المالية الجيدة تصنع على يد أشخاص موهوبين. وفي الوقت الذي نقوم فيه بتوسيع حضورنا العالمي، نحن ملتزمون بجذب أفضل المواهب ومطابقتها مع رؤية جريئة خاصة بالمنتجات، الأمر الذي يضمن مواصلة ريادتنا للسوق من خلال الابتكار الذي يضع عملاءنا في المقام الأوّل”.

وبدوره، قال أرييل سيغيف، المدير المالي لدى Capital.com: “مع وصول أحجام تداول العملاء إلى 656 مليار دولار خلال الربع الأول وحده، فإننا نشهد زخمًا استثنائيًا في أعمالنا على مستوى العالم. هذا النمو لا يعكس قوة منصتنا فحسب، بل يؤكّد أيضًا على التزامنا بتمكين عملائنا من الوصول إلى أسواق أوسع وتوفير أدوات أكثر ذكاءً لهم. وفيما نشهد نموًا حيث نتجاوز عتبة الألف موظف، فإننا نركّز على الابتكار، والتنوع، وتوفير خيارات واسعة لكل متداول”.

وقد كانت مستويات تفاعل العملاء خلال الربع الأول قوية بالقدر ذاته، إذ بلغ عدد الصفقات المنفذة على المنصة 48 مليون صفقة، بزيادة قدرها 23% مقارنة بالربع السابق. ويتزامن هذا النشاط المكثف مع التزام Capital.com بالسرعة والموثوقية، حيث تُنفذ الصفقات في غضون 0.024 ثانية فقط، وتُعالج 91% من عمليات السحب خلال 5 دقائق.


مقالات مشابهة

  • الهند تنتقم من الشركات التركية.. فسخ عقود وأزمة متصاعدة!
  • كيف غيرت المشروعات التنموية الحياة في سيناء .. خبراء يشرحون
  • ترامب: سألتقي بوتين بأسرع ما يمكن والعالم سيصبح أكثر أمانا بعد أسابيع
  • ترامب: العالم سيصبح أكثر أمانا خلال 3 أسابيع
  • “كابيتال دوت كوم” تواصل التوسع انطلاقاً من الإمارات.. ومنطقة الشرق الأوسط تستحوذ على أكثر من نصف أحجام التداول حول العالم في الربع الأول 2025
  • هذه الشركات التي ألغت رحلاتها إلى إسرائيل خشية صواريخ الحوثي
  • أكثر الدول امتلاكا للملاعب الرياضية في العالم (إنفوغراف)
  • سر جنون اللابوبو.. دمية الوحوش التي غزت العالم وتباع بآلاف الدولارات
  • عُمان التي أسكتت طبول الحرب