انتخابات بلدية في البقاع اللبناني بنفَس إنمائي
تاريخ النشر: 17th, May 2025 GMT
بيروت- بدأ العد العكسي لإجراء المرحلة الثالثة لانتخاب مجالس بلدية واختيارية في محافظتي سهل البقاع اللبناني (بعلبك – الهرمل، والبقاع) صبيحة يوم الأحد المقبل، وذلك بعد إنجازها في محافظات جبل لبنان، وعكار، والشمال، وسط مشاركة واسعة لامست 45% في تلك المحافظات، على أن تُختتم في 24 من الشهر الجاري في محافظتي النبطية والجنوب.
وتُجرى الانتخابات في ظل اعتداءات إسرائيلية متكررة في البقاع والجنوب، رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبُعيد انتخاب العماد جوزيف عون رئيسا للبلاد في يناير/كانون الثاني الماضي، مما جعل السير بهذا الاستحقاق "إرادة تحدٍ وصمود تحصن المجتمع المحلي وتُمهد لإعادة بناء ما دمره العدو" بحسب القيادي في حركة أمل محمد الخشن.
يتنافس في القضائين اللذين تضمهما محافظة بعلبك – الهرمل المتاخمة للحدود السورية 2083 مرشحا لعضوية 84 مجلسا بلديا، ويتراوح عدد أعضاء المجالس بين 9 و15 مقعدا، باستثناء بعلبك التي تضم 21 مقعدا، حيث تتوزع طوائف ناخبي القضائين البالغ عددهم 352 ألفا و631 شخصا وفق النسب التالية:
%75 من الطائفة الشيعية. %14 من الطائفة السنية. %11 من الطوائف المسيحية. إعلانوأكد الخشن للجزيرة نت، أن حركة أمل وحزب الله يخوضان الانتخابات البلدية بتفاهم وتنسيق، وأضاف "لقد تم تشكيل لوائح توافقية مشتركة تتضمن مرشحين من العائلات وأبناء العشائر، سعيا منا لإنتاج مجالس بلدية واختيارية يكون لها دور في إعادة بناء آلاف الوحدات السكنية المدمرة في بعلبك والهرمل والبقاع الغربي والجنوب".
وبعدما لفت إلى أن محطة الانتخاب الأخيرة في الجنوب ستكون "الأهم بنظرنا"، وصف ما حل بمدينة بعلبك وقرى المحافظة من دمار وخراب بفعل العدوان الإسرائيلي بـ"الكارثي"، وأضاف "هذا يُحملنا مسؤولية إنجاز الاستحقاق البلدي، سواء تحت خيمةٍ أو فوق ركام المنازل المدمرة، وسيكون لنا عرس وطني في البقاع أو في قرى الحافة الأمامية في الجنوب، رغم الغارات الإسرائيلية الحديثة على النبطية ومرتفعات بعلبك".
وقال الخشن، نأمل من العهد الجديد مواكبة مرحلة ما بعد إنجاز الاستحقاق، عبر إفساح المجال لمن تضررت منازلهم للشروع بالبناء دون تعقيدات إدارية في الحصول على تراخيص. مؤكدا أن "البلديات المُنتظر تشكلها، عليها مسؤولية تهيئة أرضية مناسبة تتيح للقادرين من الأهالي ترميم منازلهم، بانتظار إطلاق مشروع إعادة الإعمار الذي ينتظر التمويل المناسب".
تضم محافظة البقاع 3 أقضية: زحلة، البقاع الغربي، وراشيا، ويصل عدد الناخبين فيها إلى 344 ألفا و63 ناخبا، يصوتون لاختيار مرشحين لـ231 مقعدا، موزعين على 87 مجلسا بلديا.
ويضم مجلس مدينة زحلة الذي يعد الأكبر في المحافظة 21 مقعدا، وتعد المدينة مركزا إداريا وسياحيا هاما للكتلة الكاثوليكية في الشرق، وتبعد عن بيروت 55 كلم، وعن الحدود اللبنانية السورية شرقا 10 كلم.
وعن التداخل العائلي الحزبي في المدينة وقراها الـ29 يقول الرئيس السابق لإقليم حزب الكتائب في زحلة المحامي روجيه زلاقط إن "خريطة التحالفات البلدية في المدينة لا تشبه التحالفات المركزية بين الأحزاب والقوى السياسية في جبل لبنان مثلا، فحزب الكتائب وحزب القوات اللبنانية ضمن خصومة انتخابية في المدينة، وهذا نقيض تعاونهم الانتخابي في محافظات أخرى".
إعلانويضيف كذلك أن "الثنائي الشيعي (أمل وحزب الله) يقول إنه على مسافة واحدة من الجميع، ولن يتدخل في انتخابات عاصمة الكثلكة في الشرق، أي عكس تحالفه مع التيار الوطني الحر في محافظات أخرى".
ورفض زلاقط في حديثه للجزيرة نت إسقاط تحالفات أو نتائج الانتخابات البلدية في البقاع على تحالفات الانتخابات النيابية العام المقبل. وأضاف موضحا "أعتقد أن همّ الجميع إنمائي بامتياز، والكل يحاول مواكبة انطلاقة العهد الجديد ودعمه في مواجهة التحديات على أكثر من صعيد، خاصة مسيرة تعافي البلاد من نُدوب كثيرة".
طابع إنمائييعتبر الكاتب والمحلل السياسي صلاح تقي الدين أن نسب المشاركة الشعبية في جبل لبنان، التي بلغت 44%، تشكل رافدا أساسيا لترجمة مضمون خطاب القسم الذي أطلقه الرئيس جوزيف عون في بداية عهده، ويوضح أن "استعادة قرار بناء الدولة يأتي من خلال قيام مجالس بلدية معتبرة، وأتوقع أن تكون مشاركة البقاعيّين على نفس القدر إذا لم يكن أكثر".
وبعدما أشار إلى أن قيام مجالس بلدية جديدة، يعني اهتماما بقضايا اقتصادية وبيئية وإنمائية لأي مجتمع في أي قرية لبنانية، أكد تقي الدين أن "تحصين المجتمع بحكومات محلية تمثله، يشكل لبنة أولى نحو إقامة نظام لامركزية إدارية في لبنان، وهذا مطلب إنمائي هام جدا، بل هو تحد حقيقي بمواجهة الفراغ، وبمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة منذ النكبة الفلسطينية عام 1948″.
وأكد في حديثه للجزيرة نت أن "الانتخابات البلدية غادرت الاصطفافات الحزبية بشكل نسبي، إذ رصدنا في المحطات الأولى وأثناء تشكل اللوائح في زحلة وغالبية القرى البقاعية فاعلية العائلات والمستقلين".
وأضاف "هذا لا يعني أن الأحزاب لم تتدخل لإبراز قوتها في بعض الأماكن، لكن التحالفات أخذت طابعا بلديا أكثر منه سياسيا"، مؤكدا اختلاف حسابات البلديات عن الاستحقاق النيابي في مايو/أيار القادم.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مجالس بلدیة فی البقاع
إقرأ أيضاً:
رفع العقوبات عن سوريا يعيد رسم خريطة التحالفات.. وواشنطن تفتح الباب لتطبيع مع إسرائيل
في تطور لافت على الساحة الدولية، أعلنت الولايات المتحدة رفع بعض العقوبات المفروضة على سوريا، ما اعتبره مراقبون تحولًا في السياسة الأمريكية تجاه دمشق، وفتحًا لباب التساؤلات حول دلالات الخطوة وتوقيتها.
يأتي هذا القرار بعد سنوات من العزلة التي فرضها المجتمع الدولي على النظام السوري، ووسط مؤشرات متزايدة على تحركات إقليمية تهدف إلى إعادة دمج سوريا في محيطها السياسي، سواء عبر بوابة التطبيع أو المفاوضات.
وتشير التقديرات إلى أن هذه الخطوة قد تكون جزءًا من إعادة تشكيل التوازنات في الشرق الأوسط، خاصة مع ما يثار عن دور أمريكي في تسهيل تقارب محتمل بين دمشق وتل أبيب.
قال محمد فوزي، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن القرار الأمريكي برفع العقوبات عن سوريا يمثل خطوة مهمة على طريق إنهاء العزلة الدولية المفروضة على دمشق منذ عقود، إبان حكم حزب البعث، لافتًا إلى أن هذه الخطوة تحمل دلالات ترتبط بشكل مباشر بنهج إدارة دونالد ترامب تجاه القيادة الحالية في سوريا برئاسة أحمد الشرع.
وأضاف فوزي أن التوقيت اللافت لهذا القرار الأمريكي يتزامن مع مؤشرات متزايدة على وجود تحركات نحو تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل، سواء من خلال المباحثات المباشرة أو الوساطات القائمة بين الطرفين، مشيرًا إلى وجود انفتاح واضح من الجانب الإسرائيلي على الإدارة السورية الحالية.
وأوضح أن الولايات المتحدة تلعب دورًا محوريًا في هذه المباحثات، سواء كوسيط أو كمنسق رئيسي، وتسعى من خلالها إلى تحقيق عدد من الأهداف، في مقدمتها تحييد أي تهديدات محتملة لإسرائيل من الجانب السوري، إلى جانب الدفع نحو انضمام سوريا إلى “الاتفاقات الإبراهيمية”.
وأكد فوزي أن الإدارة الأمريكية تربط بشكل واضح بين الرفع الكامل للعقوبات وبين انخراط سوريا في هذا المسار، معتبرًا أن خطوة رفع العقوبات تأتي في إطار توجه أشمل لإعادة تأهيل النظام السوري وتوسيع نطاق الاتفاقات الإبراهيمية لتشمل دمشق.
وقال الرئيس ترامب في تصريح مقتضب: "إذا تبين أن الظروف التي أدت إلى رفع العقوبات لم تحترم، فإن وزارة الخارجية ستعيد فرضها مجددًا."
كما أكد وزيرا الخارجية والخزانة الأمريكيان أن على دمشق أن "تتخذ خطوات لبناء دولة مستقرة، تنعم بالسلام داخليًا ومع جيرانها".
ومن جانبه، أوضح متحدث باسم البيت الأبيض أن الولايات المتحدة "ستواصل مراقبة التقدم في الملفات الجوهرية داخل سوريا"، وعلى رأسها ملف العلاقات مع إسرائيل، معتبرًا أن الإدارة الأمريكية "تفهم أن التطبيع عملية طويلة ومعقدة"، إلا أن التقدم فيها ضروري لاستمرار الانفتاح الأمريكي.
وفي حين لم يصدر تعليق رسمي من دمشق حول مسألة التطبيع، إلا أن الترحيب الرسمي الحار بقرار ترامب قد يشير إلى انفتاح تكتيكي جديد من جانب النظام السوري تجاه متغيرات إقليمية تزداد تعقيدًا، خاصة في ظل تصاعد الحديث عن "صفقات كبرى" تقودها واشنطن لإعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة.