تُعد العلاقات بين الهند وباكستان من أكثر الملفات حساسية في السياسة الدولية، نظرًا للتاريخ الطويل من النزاعات المسلحة، والاتهامات المتبادلة، والتهديدات النووية التي تلقي بظلالها على منطقة جنوب آسيا بأكملها. 

ورغم إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين الجارتين النوويتين في وقت سابق، إلا أن التصعيدات الأخيرة، سواء على المستوى العسكري أو السياسي، أعادت إلى الواجهة تساؤلات قديمة جديدة: هل يصمد هذا الاتفاق في وجه التحديات، أم أن المنطقة مقبلة على موجة جديدة من الاشتباكات؟

وفي ظل هذا المناخ المتقلب، تزداد أهمية البحث في مدى استقرار اتفاق وقف إطلاق النار، وما إذا كانت هناك تخوفات حقيقية من فشله، خاصة بعد التوترات الكلامية والحدودية الأخيرة، وتزايد التحركات العسكرية في المناطق المتنازع عليها، وفي مقدمتها إقليم كشمير.

اتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان والهند

ورغم بعض المناكفات الحدودية واستخدام الأسلحة الخفيفة بين الطرفين على طول الحدود، لا سيما في كشمير الخاضعة للسيطرة الهندية، إلا أن باكستان تميل دائمًا إلى التفاؤل بشأن استمرار هذه الهدنة، واتفاق وقف إطلاق النار، على أمل أن تتحول هذه الاشتباكات المتقطعة إلى أمن وسلام دائمين في جنوب آسيا.

وقد عبّر رئيس الوزراء الباكستاني عن هذا التوجه بشكل واضح، مؤكدًا للمجتمع الدولي أن بلاده لن تخرق الهدنة، ولن تكون سببًا في تعطيل الجهود الدولية المبذولة لإحلال الاستقرار، وخصوصًا جهود الولايات المتحدة الأمريكية، التي لعبت دورًا محوريًا في الوصول إلى هذا الاتفاق، بحسب التصريحات الباكستانية.

أما من الجانب الهندي، فرغم التصعيد الإعلامي وردود الفعل الغاضبة في الشارع، لم تُسجّل خروقات جدية داخل العمق الباكستاني منذ إعلان وقف إطلاق النار وحتى الآن، ما يشير إلى وجود التزام نسبي من قبل الهند، أو على الأقل، رغبة في تجنب مواجهة مباشرة.

لكن في المقابل، يواجه رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، ضغوطًا داخلية متزايدة، مع اتهامات بالفشل في تنفيذ وعوده المتعلقة بـ"القضاء على بؤر الإرهاب"، وهي اتهامات أطلقتها قوى قومية متشددة داخل الهند، وصلت إلى حد مطالبة البعض بمقاضاته على خلفية "التراخي"، وفق تعبيرهم، تجاه ما يرونه تهديدًا أمنيًا من داخل الأراضي الباكستانية.

ورغم هذه التوترات، تبقى الأوضاع هادئة نسبيًا، وهناك تفاؤل حقيقي في الأوساط الدبلوماسية بإمكانية استمرار هذه التهدئة، لاسيما في ظل إدراك الطرفين أن الحرب ليست في صالح أي منهما، ولا في صالح المنطقة ككل، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية وتغير التوازنات الدولية.

ورغم أن الولايات المتحدة، وعلى رأسها الرئيس دونالد ترامب، كانت الأكثر حضورًا في المشهد الإعلامي والدبلوماسي المرتبط بوقف إطلاق النار، إلا أن جهود الوساطة لم تقتصر على واشنطن وحدها، بل شاركت فيها دول عديدة، بعضها لم يُعلن عن دورها رسميًا.

الصين: كان لها دور دبلوماسي بارز، وأشاد به المسؤولون الباكستانيون، خاصة في ظل علاقات التعاون العسكري والتقني بين بكين وإسلام آباد. وقد ساهمت الصين في تهدئة الموقف عبر قنوات الاتصال مع الطرفين، رغم حساسيتها في التعامل مع الهند.المملكة العربية السعودية: لعبت الرياض دورًا مهدئًا، بحسب ما أكده كل من رئيس الوزراء الباكستاني والناطق باسم الجيش، وإن لم تُعلن تفاصيل هذا الدور بشكل رسمي، إلا أن الدعم السعودي لجهود التهدئة كان محل تقدير في إسلام آباد.بريطانيا: استجابت الحكومة البريطانية لنداءات باكستان بشأن التدخل السياسي والدبلوماسي لمنع تدهور الأوضاع، وقدمت مساهمات ووساطات عبر القنوات الخلفية، وتلقت شكرًا رسميًا من الحكومة الباكستانية.إيران: فاجأت الأوساط السياسية الدولية بدور نشط وفعّال، حيث أرسل وزير خارجيتها مبكرًا إلى كل من نيودلهي وإسلام آباد في الساعات الأولى من تصاعد التوترات. وقد خصّها رئيس الوزراء الباكستاني بالشكر في خطابه أمام البرلمان، مشيدًا بما وصفه بـ"الدور الإيراني البناء" في احتواء الأزمة، مما يجعلها من أبرز الأطراف الإقليمية المساهمة في التهدئة بعد الولايات المتحدة.سلامٌ مؤقت أم استقرار دائم؟

لا يمكن الجزم بأن اتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان سيصمد إلى أجل غير مسمى، لكنه في الوقت الراهن يُمثل فرصة ثمينة لتحويل النزاع الطويل إلى حوار دائم، خصوصًا في ظل توافر الإرادة الدولية والإقليمية لمنع اندلاع حرب جديدة.

ورغم التحديات الداخلية في كلا البلدين، والتجاذبات السياسية، يبقى الأمل معقودًا على استمرار الهدوء الحذر، وتحويله إلى خطوات دبلوماسية أكثر عمقًا، بما يُعيد رسم ملامح العلاقة بين القوتين النوويتين، ويُجنب المنطقة والعالم خطر الانزلاق إلى مواجهة لا تُحمد عقباها.

طباعة شارك الهند باكستان الهند وباكستان باكستان والهند وقف إطلاق النار اتفاق وقف إطلاق النار

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الهند باكستان الهند وباكستان باكستان والهند وقف إطلاق النار اتفاق وقف إطلاق النار اتفاق وقف إطلاق النار وقف إطلاق النار بین الهند وباکستان رئیس الوزراء إلا أن

إقرأ أيضاً:

مصر والدنمارك تؤكدان الشراكة الاستراتيجية وتنسيق الجهود الدولية

أجرى د. بدر عبد العاطى وزير الخارجية والهجرة اتصالاً هاتفياً مع لارس لوكا راسموسن، وزير خارجية الدنمارك اليوم الأربعاء. 

استهل الوزير عبد العاطى الاتصال بتقديم التهنئة لنظيره الدنماركي بمناسبة تسلم الدنمارك الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، مؤكداً قوة العلاقات بين مصر والدنمارك والتي انعكست في الزيارات واللقاءات الرسمية المتبادلة، وعلى رأسها زيارة فخامة رئيس الجمهورية إلي مملكة الدنمارك في ديسمبر ٢٠٢٤، والتي شهدت ترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية. 

وزير الخارجية: الشباب عماد المستقبل والدبلوماسية تبدأ من الوعيوزيرا خارجية مصر وسلطنة عمان يعقدان جلسة مباحثات موسعة ويؤكدان عمق العلاقات الثنائية

وأشار إلى الحرص على تعزيز كافة أوجه التعاون الثنائي بين البلدين، بما في ذلك العلاقات الاقتصادية والاستثمارية وتدشين مجلس الأعمال المصري الدنماركي، معرباً عن التقدير للشركات الدنماركية في دفع عملية التنمية الاقتصادية في مصر، وضرورة زيادة نشاطها واستثماراتها في السوق المصري للبناء على النجاحات القائمة والتي تقودها استثمارات شركة "ميرسك" الدنماركية في مجالات النقل.

كما ثمن وزير الخارجية الدعم الدنماركي للمصالح المصرية داخل أروقة الاتحاد الأوروبي، وبالأخص فيما يتعلق بتمرير قرار صرف مبلغ الشريحة الثانية بقيمة ٤ مليار يورو، وأعرب عن التطلع لمواصلة التنسيق مع الجانب الدنماركى ازاء القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك على ضوء تولى الدنمارك الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، مشيداً بالدور الدنماركي الفعال في إطار عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن ٢٠٢٥-٢٠٢٦، لاسيما القضايا التي تهدد السلم والأمن الدوليين.

 
واستعرض الوزير عبد العاطى الجهود المصرية الحثيثة لخفض التصعيد في المنطقة والعمل على استئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ونفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، كما اطلع نظيره الدنماركي على اعتزام مصر استضافة المؤتمر الدولى للتعافى المبكر وإعادة الإعمار فى غزة فور التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، مستعرضاً الاتصالات التى تجريها مصر فى هذا الإطار.
 

كما تناول وزير الخارجية التطورات بشأن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، حيث أكد على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار وخفض التصعيد، والدفع بالحلول الدبلوماسية، مؤكدًا دعم مصر لكافة الجهود الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
 

طباعة شارك بدر عبد العاطى وزير الخارجية والهجرة لارس لوكا راسموسن وزير خارجية الدنمارك مصر والدنمارك مملكة الدنمارك مجلس الأعمال المصري الدنماركي

مقالات مشابهة

  • معهد أمريكي: الحوثيون يستغلون هدنة واشنطن لتنظيم قواتهم وتعزيز تحالفاتهم
  • مقترح جديد على طاولة "مفاوضات غزة".. هدنة مؤقتة أم إنهاء شامل للحرب؟!
  • هل يصمد القرار الهش بـ «وقف النار» بين إيران وإسرائيل؟
  • مصر والدنمارك تؤكدان الشراكة الاستراتيجية وتنسيق الجهود الدولية
  • الناس يموتون جوعًا.. الأونروا: يجب إدخال مساعدات لغزة فورًا.. ومقترح هدنة 60 يوماً
  • مسئولون إسرائيليون: مفاوضات خلال هدنة الـ 60 يومًا لإنهاء الحرب في غزة
  • ترامب: الكيان الصهيوني وافق على هدنة لـ60 يوما في انتظار موافقة حماس
  • ترامب: الكيان الصهيوني وافق على هدنة 60 يوما بانتظار موافقة حماس
  • باكستان.. مسلحون يقتحمون مركزاً للشرطة
  • هل تنجح ضغوط الوسطاء في التوصل إلى "هدنة غزة"؟