فرنسا تراجع قوانينها الجنائية بعد فوضى ليلة دوري أبطال أوروبا
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
في أعقاب أعمال العنف التي اندلعت بعد فوز نادي باريس سان جيرمان بلقب دوري أبطال أوروبا، دعا وزير العدل الفرنسي، جيرالد دارمانين، إلى مراجعة شاملة للإطار القانوني وتشديد العقوبات على مرتكبي أعمال العنف، خصوصًا تلك الموجهة ضد عناصر الشرطة. اعلان
وقال دارمانين في منشور عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي إن "الإطار القانوني الحالي متساهل للغاية ولا يرقى إلى مستوى التحديات الأمنية في البلاد"، وأوضح أن بعض الأحكام القضائية الصادرة في قضايا تتعلق بالاعتداء على رجال الأمن وتدمير الممتلكات لم تعد تعكس خطورة هذه الأفعال ولا حجم العنف المتصاعد.
وأكد الوزير أن الوقت قد حان لإجراء تغيير "جذري" في القانون الجنائي، مشيرًا إلى ضرورة منح القضاة صلاحيات أوسع لفرض عقوبات أكثر صرامة تتناسب مع "جنوح اليوم"، وأضاف: "كما اقترحتُ علنًا، يجب أن نضع حدًا للخيارات البديلة للعقوبات القصيرة، خصوصًا تلك التي تقل عن ستة أشهر، والتي غالبًا ما يتم قضاءها في المنازل باستخدام أساور إلكترونية".
كما دعا دارمانين إلى إنهاء العمل بنظام الأحكام مع وقف التنفيذ في القضايا المتعلقة بالعنف ضد موظفي الدولة، مطالبًا بسن قانون يقرّ حدًا أدنى إلزاميًا للعقوبات، من بين المقترحات التي طرحها، فرض عقوبة سجن لا تقل عن ثلاثة أشهر لأي اعتداء على موظف عام، وفرض غرامات مشددة على المتورطين في أعمال التخريب.
وشدد الوزير على أن "هذه التعديلات يجب تنفيذها بسرعة، مع الحفاظ الكامل على استقلالية القضاء"، مؤكدًا أن "الحزم هو ما يطالب به المواطنون، إلى جانب الحفاظ على النظام العام والعقلانية القانونية".
تأتي هذه التصريحات في وقت يسعى فيه دارمانين، الذي لم يُخفِ طموحه السياسي في الترشح للانتخابات الرئاسية عام 2027، إلى ترك بصمة واضحة في مجال الأمن والقانون. ومع ذلك، فإن المقترحات التي تم الإعلان عنها ستتطلب تعديلًا تشريعيًا، ولا يُتوقع أن تمر دون نقاشات حادة في البرلمان.
الاحتفالات تنقلب رأسًا على عقبوكانت الاحتفالات التاريخية بتتويج باريس سان جيرمان بلقبه الأوروبي الأول قد تحولت إلى مشاهد من الفوضى، بعد فوزه العريض على إنتر ميلان بنتيجة 5-0 على ملعب أليانز أرينا في ميونيخ، مساء السبت الماضي.
وبينما بدأت الاحتفالات بشكل سلمي في عدة مدن، شهدت العاصمة باريس، لاسيما شارع الشانزليزيه، اضطرابات واسعة النطاق. ووفقًا للشرطة، تم اعتقال 559 شخصًا، فيما تم إحراق أكثر من 200 سيارة، وتعرضت القوات الأمنية للرشق بالمقذوفات والألعاب النارية.
وسُجلت حالتا وفاة خلال هذه الأحداث؛ الأولى لشخص تُوفي بعد أن صدمته سيارة أثناء قيادته دراجة بخارية، والثانية لمراهق يبلغ من العمر 17 عامًا، قُتل طعنًا في بلدة داكس جنوب البلاد.
واستمرت أعمال العنف حتى مساء الأحد، حيث تم اعتقال 79 شخصًا إضافيًا، على خلفية اعتداءات على الشرطة، ومحاولات لنهب المتاجر، وعرقلة حركة المرور.
وفي تصريح له خلال استقباله لاعبي باريس سان جيرمان في قصر الإليزيه، وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون العنف الذي رافق الاحتفالات بأنه "غير مقبول"، مؤكدًا: "لا شيء يمكن أن يبرر ما حدث خلال الساعات الماضية".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل غزة حركة حماس إيران فرنسا البرنامج الايراني النووي إسرائيل غزة حركة حماس إيران فرنسا البرنامج الايراني النووي عنف رجال الشرطة دوري أبطال أوروبا بي إس جي فرنسا باريس إسرائيل غزة حركة حماس إيران فرنسا البرنامج الايراني النووي إيطاليا أوروبا الصحة السعودية دونالد ترامب المملكة المتحدة دوری أبطال أوروبا باریس سان جیرمان
إقرأ أيضاً:
تحوّل دراماتيكي في مسار حوادث العنف بفرنسا: اليمين المتطرف في قفص الإتهام
تشهد فرنسا تحولًا نوعيًا في مقاربتها لقضايا الإرهاب، بعد أن تولّت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب لأول مرة التحقيق في جريمة قتل ارتكبها عنصر من اليمين المتطرف ضد مواطن تونسي، وُصفت بأنها "عنصرية وإرهابية". اعلان
في مشهد غير مسبوق علىالساحة القضائية الفرنسية، أعلنت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب تولّيها التحقيق في جريمة قتل ذات خلفية عنصرية، نفّذها مشتبه به من اليمين المتطرف في مدينة بوجيه سور أرجانس جنوب البلاد، ما يشكّل نقطة تحوّل بارزة في مقاربة الدولة لملف الإرهاب الذي طالما ارتبط في المخيلة الرسمية والجماهيرية بالتطرّف الجهادي.
الضحية، تونسي يبلغ من العمر 45 عامًا، سقط برصاص جاره الفرنسي (من مواليد 1971) الذي لم يكتفِ بتنفيذ الجريمة، بل عمد إلى توثيقها بخطاب عنصري مسجّل قبل وبعد إطلاق النار، ونشر مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يحرض فيها على الكراهية، ويعلن فيها ولاءه للعلم الفرنسي، داعيًا صراحة إلى استهداف الأجانب.
النيابة العامة وصفت الجريمة بـ"العمل الإرهابي المرتكب على أساس العرق والدين"، مشيرة إلى أن التحقيقات تشمل أيضًا تهمة "مؤامرة إرهابية إجرامية". وقد عُثر في سيارة الجاني على ترسانة من الأسلحة، بينها بنادق ومسدسات أوتوماتيكية، ما يدل على نية التخطيط لأفعال قد تتجاوز حدود الجريمة الفردية.
Relatedفرنسا تتهم الاستخبارات الروسية بشن هجمات سيبرانية متكررة منذ 2015فرنسا تراجع قوانينها الجنائية بعد فوضى ليلة دوري أبطال أوروبافرنسا: مشروع قانون حظر الحجاب في الملاعب: تمسك بالعلمانية أو تمييز ضد المسلمين؟الجريمة التي هزّت فرنسا والجالية التونسية جاءت في مناخ سياسي واجتماعي مشحون، يتغذّى من خطابات كراهية واستقطاب سياسي غير مسبوق. فحسب ما نشرته صحيفة لوموند، فإن التهديد الإرهابي اليميني المتطرف عاد ليطفو على السطح منذ عام 2017، وقد فُتح أكثر من 20 تحقيقًا في هذا الإطار، دون أن يصل أي منها، حتى اللحظة، إلى مستوى التحقيق في جريمة قتل.
الموقف اللافت جاء من وزير الداخلية برونو روتايو، المعروف بمواقفه اليمينية المحافظة، والذي أقرّ صراحة بأن الجريمة "عنصرية"، مستخدمًا لهجة حادة في توصيف الفعل، في خطوة نادرة من مسؤول بموقعه، ما يعكس ربما تصاعد القلق داخل الأروقة السياسية من تآكل الخط الفاصل بين الخطاب السياسي المتشدد والفعل الإجرامي العنصري. تصريح روتايو، الذي لم يتوان عن المجاهرة بتبنيه نهجا محافظا قد يقترب من أقصى اليمين، يفتح الباب أمام جدل واسع حول مسؤولية الطبقة السياسية في تغذية مناخ الكراهية.
من جهتها، سلّطت صحيفة ليبيراسيون الضوء على تطور ظاهرة الإرهاب اليميني، مشيرة إلى أن السلطات الفرنسية نجحت منذ 2017 في إحباط عدة هجمات مستلهمة من هذه الأيديولوجيا، إلا أن النيابة لم تكن قد تعاملت حتى الآن مع أي جريمة قتل ضمن هذا الإطار. ما يجعل حادثة مقتل التونسي هشام الميراوي علامة فارقة، ليس فقط على المستوى القضائي، بل في رسم معالم المرحلة المقبلة من سياسات مكافحة الإرهاب.
وفي مقابلة مع "فرانس 24"، أوضح الدكتور مجيد بودن، أستاذ القانون الدولي، أن "الدافع العنصري بحد ذاته لا يكفي لتصنيف الجريمة كإرهابية"، لكن توفّر نية ترويع المجتمع، ووجود خطابات تحريضية معلنة، و"سعي المجرم إلى جعل فعله نموذجًا يُحتذى" كلها عوامل جعلت النيابة تختار تصنيف الجريمة ضمن الإرهاب.
تزامنًا مع هذه الجريمة، لا تزال قضية مقتل الشاب المالي أبو بكر سيسيه في مسجد جنوب شرق فرنسا تُثير الجدل، إذ لم تُدرج ضمن خانة الإرهاب لعدم توفّر "البعد الجماعي أو التحريضي" وفق نتائج التحقيقات الأولية، ما يعكس تباينًا في المعايير القضائية يثير قلق الجاليات المستهدفة.
العنصرية.. أرقام مقلقةوتفيد بيانات رسمية بأن عام 2024 شهد ارتفاعًا بنسبة 11% في الجرائم العنصرية والمعادية للأجانب والدين، ما يعزز المطالب بضرورة التطبيق الصارم للتشريعات الموجودة، والضرب بيد من حديد على كل محاولة لتسييس الكراهية أو شرعنتها بخطابات تغذيها بعض الأصوات الإعلامية والسياسية.
التحقيقات لا تزال في بدايتها، لكن المؤشرات تؤكد أن فرنسا تقف عند مفترق حادّ. فبين القتل والنية في زرع الرعب، خيطٌ رفيع ترسمه السلطة القضائية اليوم من جديد. خيطٌ تحوم حوله تساؤلات عديدة: هل يُعيد هذا التحوّل تعريف مفهوم "الإرهاب" في فرنسا؟.
ويرى المراقبون لحالة الاستقطاب السياسي السائدة في فرنسا، أن محاربة هذه الظواهر هي مسؤولية مشتركة. فالدولة بحسب رأيهم، مسؤولة عن تطبيق العدالة، لكن النخب السياسية والثقافية مدعوّة إلى مواجهة الخطاب العنصري بجرأة، بعيدا عن الشعارات والمواقف المعلنة في الحملات الانتخابية التي قد تتحوّل، في أسوأ الظروف، إلى دم على أرصفة المدن الفرنسية.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة