واشنطن وحروب المنطقة.. ذاكرة التاريخ لا تزال مفتوحة
تاريخ النشر: 18th, June 2025 GMT
ما يجري في المنطقة في هذه اللحظة الحاسمة من لحظات تاريخ الشرق الأوسط ليس حرجا بالنسبة لدولة فقط، إنما للعالم أجمع بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها.. فهي تجد نفسها أمام اختبار لقدرتها على اتخاذ قرارات عقلانية في منطقة مثقلة بالندوب القديمة، وفي لحظة يقول فيها كتبة التاريخ إن القرن الأمريكي قد انتهى.
لكنّ الخطاب المتقلب للرئيس ترامب، الذي يراوح بين الدعوة للسلام والحديث عن استسلام إيراني كامل، يفتح الباب أمام سيناريوهات لا يمكن فصلها عن خطر التورط العسكري المباشر والعودة إلى دائرة الحرب الممتدة التي لم تنتج خلال العقود الماضية إلا الخراب.
ويصعب تصور أن ذاكرة صناع القرار في واشنطن قد أصبحت قصيرة إلى حد نسيان تكلفة الحروب التي خاضتها أمريكا بالأمس القريب في المنطقة نفسها، في أفغانستان، ثم في العراق، وما نتج عن ذلك من نظام دولي أقل استقرارا وشرق أوسط أكثر هشاشة. ويتذكر الأمريكيون آلاف الجنود الذين قتلوا، وملايين المدنيين الذين دفعوا ثمنا باهظا دون أن يتحقق الأمن أو تزدهر الديمقراطية التي كان المحافظون الجدد يريدون نشرها في العالم بقوة السلاح. وإذا كانت تلك الحروب بدأت بأهداف «معلنة» لم تصمد أمام اختبار الزمن، فإن تورط أمريكا في حرب جديدة ضد إيران سيعيد تكرار دورة الفشل السياسي والعسكري نفسها تحت عنوان مختلف.. لكن ربما بكلفة أكبر مما كان عليه الأمر في العراق وأفغانستان رغم عظم الثمن هناك. أما من الناحية العسكرية فإن واشنطن تدرك تماما أن الضربات الجوية لن تدمّر مشروع إيران النووي بالكامل، بل قد تدفع به إلى السرعة القصوى. أما من الناحية السياسية، فإن أي تدخل أمريكي مباشر سيُنظر إليه كاصطفاف ضد دولة إقليمية قوية، في لحظةٍ كان يمكن للدبلوماسية أن تُعيد التوازن بدل أن تُمزق خرائط المنطقة مجددًا.. وما يجري اليوم لن يظل شأنا محصورا في الإقليم، بل ستبني عليه قوى دولية أخرى طموحاتها، من شرق العالم إلى غربه، مستندة إلى منطق القوة لا القانون.
لقد اختارت إسرائيل عندما أقدمت على عدوانها الخطير على إيران وهي تدرك تماما أن ما بعد ذلك العدوان لن يكون شبيها لما قبله، لأن الحروب المفتوحة تبدأ بشعارات حاسمة، لكنها نادرا ما تُنهي النزاع أو تضمن نتائج مستقرة. لكن واشنطن، بما تملك من ثقل ومسؤولية دولية، مطالبة بكبح هذا المسار لا بمرافقته والمشاركة في تصعيده، وهو ما يكرّس عالما بلا قواعد أو أفق سياسي واضح، أو ما يمكن أن نسميه «اللانظام» الدولي.
لا تحتمل المنطقة حربا جديدة في لحظة لا يبدو أنها قد تعافت من تداعيات حروبه السابقة، والعراق خير دليل على ذلك.. وكان من المنطقي، بالنظر إلى شعار «أمريكا أولا» الذي يتبناه ترامب، أن يتجنب التورط في أي حرب جديدة، سواء عبر التمهيد السياسي أو التدخل العسكري المباشر، بل أن يضغط في اتجاه إلزام الجميع بمنطق العقل السياسي والمبادرات الرصينة التي تحول دون اتساع رقعة العنف.
على أنه ما زال بوسع أمريكا أن تختار موقعها في هذه اللحظة المفصلية، إما شريكا في التصعيد الذي لن يملك أحد السيطرة عليه، أو قوة عاقلة تعيد الاعتبار للوسائل السياسية وتحترم حدود القانون الدولي. وقد أثبت التاريخ ـ مرارا ـ أن قرارات الحروب لا تندم عليها الشعوب وحدها، بل تدفع ثمنها الأجيال القادمة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
تركيا تتفوق على دول المنطقة وأوروبا
خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025، ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة (DYY) الواردة إلى تركيا بنسبة 13% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، لتصل إلى 3.3 مليار دولار، بحسب بيانات نُشرت يوم الإثنين عن جمعية المستثمرين الدوليين في تركيا.
أعلى ثلاث دول استثمرت في تركيا:
كازاخستان – 610 مليون دولار
هولندا – 311 مليون دولار
الولايات المتحدة الأمريكية – 201 مليون دولار
في شهر أبريل وحده، بلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى تركيا 408 ملايين دولار، منها:
327 مليون دولار من أدوات الدين
140 مليون دولار من مبيعات العقارات للأجانب
أبرز القطاعات المستهدفة:
رغم ذلك، سجلت الفترة نفسها خروج استثمارات بقيمة 494 مليون دولار نتيجة لتصفية بعض الاستثمارات.
وبلغت تدفقات رؤوس الأموال في أبريل 435 مليون دولار، توجه منها:
اقرأ أيضاأردوغان نصح الشرع بعدم الانخراط في التصعيد بين إيران…