لجريدة عمان:
2025-10-13@00:28:05 GMT

أمن الطاقة يعني استخدام نفط أقل

تاريخ النشر: 8th, July 2025 GMT

عقب الضربات التي وجهها للمنشآت النووية الإيرانية لجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن قلقه العميق من أسعار النفط والتي قفزت بنسبة 20% عن مستواها قبل الحرب. وحتى قبل الضربات الانتقامية لإيران على قاعدة أمريكية في قطر دعا إلى رفع فوري لإنتاج النفط ونبّه صناعة النفط إلى ضرورة الحفاظ على انخفاض أسعاره.

يخشى الساسة من كلا الحزبين الأمريكيين الرئيسيين ومنذ فترة طويلة من الأثر السياسي والاقتصادي للحرب على أسعار البنزين. لكن تحذيرات ترامب كانت لافتة لأنها شكلت تباينا ملحوظا مع تأكيداته (بأن الولايات المتحدة حققت استقلال الطاقة) بعد آخر ضربة وجهتها إيران للقواعد الأمريكية في يناير 2020 حين قال «نحن مستقلّون (مكتفون ذاتيا). ونحن لا نحتاج إلى نفط الشرق الأوسط»

وعلى الرغم من تراجع أسعار النفط عقب وقف إطلاق النار الهش إلا أن الدرس الرئيسي المستفاد من حرب الأسبوعين هو أن المكانة الجديدة للولايات المتحدة كأكبر منتج للنفط في العالم لا تجعلها مكتفية ذاتيا بموارد الطاقة.

قبل شهر فقط هبطت أسعار النفط إلى مستويات متدنية عند حوالي 60 دولارا للبرميل ودفعت مسؤولي الشركات إلى التحذير من نهاية ازدهار النفط الصخري الأمريكي فيما كان ترامب يَعِد في الأثناء «بإطلاق» الإنتاج المحلي.

لكن في الأسابيع الأخيرة حين كانت الصواريخ تتطاير جيئة وذهابا عبر الشرق الأوسط ارتفعت الأسعار إلى ما يقارب 80 دولارا للبرميل. ولم يستبعد الخبراء أن ترتفع أسعار البنزين (في الولايات المتحدة) بحوالي 20 سنتا إلى 30 سنتا للجالون قبل عودتها لاحقا إلى مستويات ما قبل الحرب تقريبا عندما انحسر القتال.

الحقيقة هي أن أفضل طريقة لحماية سائقي السيارات والشركات من القفزات الحتمية للأسعار هي استخدام نفط أقل وليس الاقتصار فقط على إنتاج المزيد منه. لكن خطط الجمهوريين من شأنها إبطال الحوافز والإجراءات التنظيمية التي تعزز أمن الطاقة بالحدِّ من الطلب على النفط الذي يواصل الارتفاع كل عام في الولايات المتحدة.

في العقدين الماضيين تحولت الولايات المتحدة من استيراد 60% من استخداماتها النفطية إلى مُصدِّر صاف وهذا تحول غير مسبوق. نتيجة لذلك عبر خبراء وواضعو سياسات عديدون عن تفاؤل مماثل لاعتقاد ترامب بأن الولايات المتحدة حققت هدفها في استقلال الطاقة والذي سعت وراءه طويلا وأنها لم تعد بحاجة إلى القلق من المخاطر التي يمكن أن تواجه الإمدادات النفطية من الشرق الأوسط أو غيره.

فعلا حققت ثورة النفط الصخري منافع اقتصادية وجيوسياسية عديدة للولايات المتحدة وساعدت على خفض أسعار النفط في السنوات الأخيرة بما في ذلك خلال الصراع الحالي. رغم ذلك يظل استقلال الطاقة مجرد أسطورة. فأسعار النفط والبنزين لا زالت تُحدَّد في الأسواق العالمية. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لم تعد مستوردا صاف للنفط (في الحقيقة أمريكا تستورد وتصدر كميات كبيرة) إلا أن الأسعار عند المضخة ترتفع بالنسبة لسائقي السيارات الأمريكيين إذا تعطلت إمدادات النفط في مناطق بعيدة.

إلى ذلك، عندما تحدث مثل هذه القفزات في أسعار النفط لا يوجد اليوم ما يخفف من الضرر الاقتصادي الذي يترتب عن ذلك. لقد جانب الكونجرس الحكمة في قراره ببيع كميات كبيرة من مخزون احتياطي النفط الاستراتيجي في السنوات الأخيرة نتيجة لتصور خاطئ بأن انخفاض الواردات جعل الولايات المتحدة أقل تعرضا لتقلبات الأسواق العالمية وللمخاطر الجيوسياسية. كما ضخت إدارة بايدن أيضا كميات كبيرة تاريخيا من مخزونات النفط الاستراتيجية بعد نشوب الحرب الأوكرانية على الرغم من أن إمدادات النفط الروسية لم تتأثر إلى حد بعيد.

إضافة إلى ذلك، قدرة نمو النفط الصخري الأمريكي على التعويض عن الإمدادات المفقودة في مناطق أخرى تقلصت كثيرا عن مستواها السابق. ومن المتوقع أن يشهد الإنتاج نموا هزيلا هذا العام أو ربما حتى تدهورا نظرا إلى انخفاض الأسعار والاستنزاف الجيولوجي في تشكيلات النفط الصخري. ووفقا لنتائج استطلاع نشرها مؤخرا بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس يخطط الآن ما يقارب نصف المسؤولين التنفيذيين في قطاع النفط لحفر آبار أقل من تلك التي حفروها عندما تولى ترامب سدة الحكم في فترته الرئاسية الثانية.

يقينا، تحول الولايات المتحدة إلى مصدّر صافٍ للنفط يعني أن الآثار السلبية للقفزات في أسعاره على الاقتصاد الكلي أخف كثيرا لأن جزءا أكبر بكثير من الزيادة في الإنفاق الاستهلاكي يذهب إلى المنتجين المحليين وليس وراء البحار. مع ذلك لا زالت الشركات تشعر بالصدمة وكذلك المستهلكون. وهذا يفسر استخدام ترامب أول خطاب مهم له كرئيس هذا العام لمناشدة السعودية وأعضاء أوبك الآخرين بخفض أسعار النفط على الرغم من «استقلال» الطاقة الجديد الذي أحرزته الولايات المتحدة باستغنائها عن واردات النفط.

طالما تتحدد أسعار النفط والبنزين عالميا سيتحقق أمن الطاقة الحقيقي فقط باستخدام نفط أقل وليس إنتاج المزيد منه. ولسوء الحظ يتحرك الكونجرس وكذلك الإدارة الأمريكية في الاتجاه المعاكس. فمشروع موازنة الضرائب والإنفاق الضخمة والذي أجازه كل من مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي ومجلس النواب في شهر مايو بفارق ضئيل (واعتمده ترامب يوم 4 يوليو- المترجم) سينهي الإعفاءات الضريبية لشراء السيارات الكهربائية والإنفاق الفيدرالي على البنية الأساسية اللازمة لإعادة تعبئة بطارياتها. كما تتحرك إدارة ترامب أيضا لإلغاء معايير أشد صرامة للاقتصاد في الوقود وانبعاثات عوادم السيارات. بالمقارنة، تقريبا نصف السيارات الجديدة المباعة في الصين هذا العام ستكون مزودة بمحركات كهربائية، وهذا نتيجة جهود بكين المستمرة لتقليل اعتمادها على النفط لأسباب تتعلق بالأمن الوطني.

لقد بدا أن التوترات في الشرق الأوسط خفَّت، في الوقت الحاضر على الأقل. لكن مع بقاء عدم اليقين حول وضع مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب يمكن أن تشتد هذه التوترات بسهولة مرة أخرى. وحتى إذا انتهت هذه الأزمة ستكون هنالك أزمات أخرى. ربما يتنفس الساسة الصعداء الآن بشأن أسعار مضخات الوقود اليوم، لكن على الكونجرس وإدارة ترامب كليهما مضاعفة جهودهما لمواجهة الأزمة الحتمية التالية. وأفضل طريقة للقيام بذلك هي خفض اعتماد الولايات المتحدة على النفط بصرف النظر عن مصدره.

جيسون بوردوف كاتب رأي في مجلة «فورين بوليسي» والمدير المؤسس لمركز سياسات الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا.

الترجمة عن مجلة فورين بوليسي

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة النفط الصخری الشرق الأوسط على الرغم من أسعار النفط

إقرأ أيضاً:

وزارة النفط تعلن عن إطلاق مشروع الأنبوب البحري الثالث لربط موانئ العراق بالخليج العربي

آخر تحديث: 12 أكتوبر 2025 - 9:36 صبغداد/ شبكة أخبار العراق- أعلنت وزارة النفط، السبت (11 تشرين الأول 2025)، إطلاق مشروع الأنبوب البحري الثالث، الذي يهدف إلى ربط موانئ العراق بالخليج وتعزيز الطاقة التصديرية للخام عبر الموانئ الجنوبية، في خطوة وُصفت بأنها الأكبر ضمن خطط تطوير البنية التحتية النفطية البحرية.وقال وزير النفط حيان عبد الغني في تصريح صحفي، إن “إعادة تشغيل ميناء العمية تعد من أبرز المنجزات المرتقبة، بعد توقفه لفترات طويلة”، مشيراً إلى أن “الحكومة العراقية تولت استكمال المشروع بعد أن تم تنفيذ جزء كبير منه سابقاً بتمويل من القرض الياباني”.وأضاف: “بعد انتهاء صلاحية القرض، تعاقدت الحكومة مع شركتي (إيستا) التركية و(مايكو ييري) الإيطالية، وتم توقيع عقد جديد، حيث وصلت باخرة مخصصة للمسح البحري إيذاناً بانطلاق الأعمال”.وأوضح الوزير أن “المشروع سينفذ على ثلاث مراحل، ويتوقع أن يُسهم بشكل كبير في رفع الطاقة التصديرية للعراق”، لافتا إلى أن “المدة التعاقدية للمشروع تبلغ 750 يوماً، وستنجز المرحلة الأولى خلال العامين المقبلين”.يمثل مشروع الأنبوب البحري الثالث جزءاً من استراتيجية وزارة النفط لتعزيز البنى التحتية الخاصة بعمليات التصدير وتوسيع الطاقة الاستيعابية لموانئ الجنوب، في إطار سعي العراق إلى الاستفادة من تعافي سوق النفط ورفع صادراته لتلبية متطلبات الموازنة الاتحادية وتحقيق الاستقرار المالي.

مقالات مشابهة

  • عاجل | ترامب يغادر الولايات المتحدة لزيارة إسرائيل وحضور قمة شرم الشيخ
  • ترامب يغادر الولايات المتحدة لزيارة إسرائيل وحضور قمة شرم الشيخ للسلام في مصر
  • ترامب يغادر الولايات المتحدة لزيارة إسرائيل وحضور قمة شرم الشيخ
  • ترامب: الولايات المتحدة تريد مساعدة الصين لا إيذاءها
  • الولايات المتحدة: اقترحنا اتصالا مع الصين بعد القيود التجارية الجديدة
  • وزارة النفط تعلن عن إطلاق مشروع الأنبوب البحري الثالث لربط موانئ العراق بالخليج العربي
  • النفط يتراجع إلى أدنى مستوى في 5 أشهر بعد تهديد ترامب للصين
  • مقتل 4 أشخاص بإطلاق نار في الولايات المتحدة
  • النفط يهوي وسط تفاؤل بتراجع التوترات في الشرق الأوسط.. والذهب يواصل مكاسبه
  • الولايات المتحدة تعلن نشر 200 عسكري لدعم استقرار القطاع