كابل- في تطور لافت في ملف اللاجئين الأفغان، أكدت ما تُسمى "لجنة الدولة للأمن القومي" في طاجيكستان طرد عدد من الأفغان، في وقت تتزايد فيه المخاوف من أن تتحول قضية اللاجئين من أفغانستان إلى ورقة ضغط في سياق التحولات السياسية الجارية بالمنطقة، لا سيما مع تأزم أوضاعهم في دول الجوار.

ونقلت وكالة الأنباء الحكومية "خاوار" عن مركز الإعلام التابع لحرس الحدود الطاجيكستاني، أن "بعض الأجانب، من ضمنهم أفغان، خالفوا قوانين الإقامة، أو دخلوا البلاد بطرق غير قانونية".

وأشارت لجنة الدولة للأمن القومي -في بيانها- إلى "تورّط" عدد من الأجانب في "جرائم مثل تهريب المخدرات، والتحريض على التطرف، واستخدام وثائق مزورة لطلب اللجوء، وحيازة جنسيات دول ثالثة، أو استخدام طاجيكستان كبلد عبور إلى وجهات أخرى".

وذكرت أنها اتخذت إجراءات قانونية بحق هؤلاء، ووصفت عملية الترحيل بأنها "وفق قوانين البلاد"، مؤكدة أن عددا من اللاجئين الأفغان ضمن المُرحَّلين، دون تحديد عددهم أو ظروف إعادتهم.

تقديرات بإعادة ملايين الأفغان من إيران وباكستان إلى أفغانستان في الشهور الأخيرة (الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر الأفغاني) تحذيرات

تزامنا مع ذلك، أعرب مسؤولون طاجيكستانيون عن قلقهم من تزايد أعداد الأجانب في البلاد، مبررين ذلك بالتعقيدات السياسية والاقتصادية في المنطقة والعالم.

وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، تناقلت وسائل الإعلام الأفغانية ومواقع التواصل الاجتماعي تقارير تفيد بمنح السلطات الطاجيكستانية مهلة 15 يوما للاجئين الأفغان لمغادرة البلاد، الأمر الذي لم تؤكده رسميا أي جهة حكومية.

كما أظهرت صور تم تداولها على منصات التواصل عمليات ترحيل من "مجمع وحدت" السكني، الذي يبعد نحو 15 كيلومترا عن العاصمة دوشنبه.

وأقرّ مسؤولو شؤون اللاجئين الأفغان في طاجيكستان ببدء عمليات ترحيل "مخالفي قوانين الإقامة" قبل أسبوع، بينما لا يزال العدد الدقيق للمرحلين غير واضح حتى الآن، في ظل مخاوف متصاعدة بين اللاجئين.

إعلان

الخوف يعم اللاجئين

وفي شهادة خاصة، قال أحد اللاجئين الأفغان في اتصال بالجزيرة نت، إنه يختبئ مع شقيقته منذ أيام في منزل مستأجر بمنطقة "وحدت"، خوفا من الاعتقال أو الترحيل. وأوضح أن عائلته لجأت إلى طاجيكستان قبل سقوط الحكومة الأفغانية السابقة، وأنه مسجّل رسميا كلاجئ بانتظار الانتقال إلى كندا عبر برنامج دعم الهجرة.

وتتكرر مثل هذه الحالات بين عشرات من طالبي اللجوء الأفغان الذين يعيشون ظروفا غامضة، بعد أن كانوا يأملون في إعادة توطينهم في دول ثالثة وفق برامج الأمم المتحدة.

وتحدث بعض اللاجئين عن حالات "عودة طوعية"، وقالوا إن السلطات تضغط على الرجال للمغادرة، بينما يُترك النساء والأطفال بلا دعم، مما يدفع الأسر إلى اختيار العودة بدلا من التفكك.

ظاهر أغبر: لا وجود لعمليات ترحيل جماعي من طاجيكستان والعودة طوعية (مواقع التواصل) "لا ترحيل جماعيا"

من جهته، نفى سفير أفغانستان السابق في دوشنبه ظاهر أغبر، أن تكون هناك عمليات ترحيل جماعي، لكنه أقر بإعادة بعض اللاجئين خلال الأيام الماضية.

وقال في حديثه للجزيرة نت، إنه زار بلدة "وحدت" والتقى لاجئين هناك، وأكد أن العائدين رجعوا طوعا بعد توقف كندا والولايات المتحدة (وجهة هجرتهم) عن معالجة ملفاتهم.

وأشار إلى أن نحو 700 طالب أفغاني و50 موظفا لا يزالون يدرسون ويعملون في مدرسة "السامانيين" في طاجيكستان، مؤكدا استمرار التنسيق مع الخارجية الطاجيكستانية لضمان حقوق اللاجئين.

الحدود بين طاجيكستان وأفغانستان طولها نحو 1400 كيلومتر (الجزيرة) ضغوط سياسية أم أمنية؟

بحسب بعض المحللين، فإن موجة الترحيل الجديدة قد تكون مرتبطة بقرار روسيا إزالة حركة طالبان من قائمتها للمنظمات الإرهابية، وهو ما قد يفتح الباب لتفاهمات جديدة بين موسكو وكابل.

وبما أن طاجيكستان تُعدّ شريكا إستراتيجيا لروسيا، يُرجّح أن تكون قد بدأت في تكييف موقفها بما يتماشى مع المتغيرات الإقليمية.

كما أشار مراقبون إلى تزايد عمليات الترحيل من إيران وباكستان وبعض الدول الغربية، مما يعزز المخاوف من حملة إقليمية منسقة لإعادة اللاجئين الأفغان.

وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي الأفغاني أحمد سعيدي، أن ترحيل اللاجئين لا يُمكن قراءته بمعزل عن التوازنات الإقليمية. وقال في حديثه للجزيرة نت، إن هذه الخطوة تحمل دلالات سياسية واضحة؛ فطاجيكستان تسعى لإعادة ضبط علاقتها مع أطراف إقليمية نافذة، وخاصة موسكو، في ظل تحولات في الموقف الروسي تجاه طالبان.

كما أن دوشنبه، وفق المحلل، "تسعى للضغط على طالبان بشكل غير مباشر، باستخدام اللاجئين كورقة تأثير، سواء للابتزاز السياسي أو لضمان أمنها الداخلي".

وأضاف سعيدي أن اللاجئين في هذه الحالة "يدفعون ثمن لعبة سياسية لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ويتحولون إلى أداة تفاوض في صراعات دول الجوار مع كابل"، محذرا من أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية على الحدود الأفغانية.

طالبات أفغانيات في مدرسة "سامانيان" بدوشنبه يحلمن بمستقبل آمن وتعليم مستقر (مواقع التواصل) موقع إستراتيجي

وتُعدّ طاجيكستان من أكثر دول آسيا الوسطى حساسية حيال الملف الأفغاني، إذ تربطها بأفغانستان أطول حدود مشتركة في المنطقة (نحو 1400 كيلومتر)، وتُعد ممرا تقليديا للاجئين منذ عقود.

ووفق الإحصاءات الرسمية، يعيش في طاجيكستان أكثر من 9 آلاف لاجئ أفغاني، معظمهم فرّوا بعد سيطرة طالبان على الحكم منتصف أغسطس/آب 2021.

إعلان

لكن الغموض لا يزال يكتنف مصير كثير من هؤلاء، في ظل تحولات إقليمية كبرى، وسط دعوات حقوقية لضمان عدم استخدامهم كورقة تفاوض في صراعات الدول.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات اللاجئین الأفغان فی طاجیکستان عملیات ترحیل

إقرأ أيضاً:

ضغوط شديدة على رئيس الوزراء البريطاني للاعتراف بدولة فلسطين

ضغوط شديدة على رئيس الوزراء البريطاني للاعتراف بدولة فلسطين

مقالات مشابهة

  • ضغوط شديدة على رئيس الوزراء البريطاني للاعتراف بدولة فلسطين
  • تداعيات اقتصادية لأكبر حملة ترحيل للعمالة الأفغانية من إيران
  • في ذكرى إجراءات يوليو.. احتجاجات بتونس تطالب بالإفراج عن معتقلي التآمر
  • تعلن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن إنزال مناقصة عامة
  • معاناة اللاجئين السودانيين بين قصف المسيّرات والغرق بمياه السيول
  • ألمانيا.. ترحيل 11800 مهاجر في النصف الأول من 2025
  • حصيلة 4 أعوام من إجراءات قيس سعيد الاستثنائية.. هل من انفراجة قريبا؟
  • الإمارات استضافت 17.6 ألف أفغاني قبل مغادرتهم إلى وجهاتهم النهائية
  • ألمانيا تعلن ترحيل عائلة إيزيدية الى العراق