في جدة.. مصر تُجدد رفضها القاطع لسياسات التهجير وتدين العدوان الإسرائيلي
تاريخ النشر: 25th, August 2025 GMT
شارك د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج يوم الإثنين ٢٥ أغسطس ٢٠٢٥ في الدورة الاستثنائية لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لبحث العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وذلك بمقر المنظمة بمدينة جدة.
أشار الوزير عبد العاطي في كلمته إلى استمرار إسرائيل في انتهاكاتها السافرة والممنهجة وارتكابها الجرائم والإبادة الجماعية ضد شعب أعزل، واستهانتها بكافة القوانين والأعراف الدولية من خلال مواصلة وتوسيع عدوانها على قطاع غزة، واستخدام التجويع والحصار وعرقلة عمل المؤسسات الأممية للنيل من صمود وبسالة الشعب الفلسطيني في غزة ودفعه للقبول بخيار التهجير تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما ترفضه مصر بشكل قاطع.
وأعرب وزير الخارجية عن إدانة مصر بأشد العبارات لتوسيع إسرائيل للعمليات العسكرية في غزة، محملاً إياها المسؤولية الكاملة عن استمرار الحرب والتجاهل المتعمد لمحاولات الوسطاء للتوصل لتهدئة، وآخرها المقترح الذي حظي بموافقة حركة حماس، والذي من شأنه أن يفضي لصفقة لإطلاق سراح الرهائن والأسرى ووقف إطلاق النار وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وفعّال للتعامل مع الكارثة الإنسانية في غزة، داعياً المجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياته القانونية والإنسانية لبذل كافة الجهود الدبلوماسية والسياسية لوقف هذه السياسات وممارسة كافة أشكال الضغط على إسرائيل وإلزامها بقبول الصفقة المطروحة حالياً بناء على مُقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف.
وتطرق وزير الخارجية إلى مواصلة إسرائيل انتهاكاتها في الضفة الغربية المُحتلة في إطار مخططاتها لوأد أي أفق لإقامة الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وإعلان الحكومة الإسرائيلية اعتزامها بناء ٣٤٠٠ وحدة سكنية بمنطقة "E1" بالضفة في خرق فاضح لاتفاقيات جنيف الأربع، وبما يستهدف فصل شمال الضفة عن جنوبها وإجهاض أي فرصة لإقامة دولة قابلة للحياة، بالإضافة إلى محاولات تغيير الوضع القانوني والديموغرافي والجغرافي للأراضي الفلسطينية المُحتلة بما يمثل انتهاكاً جديداً وصارخاً للقرارات الأممية والقانون الدولي. وأكد الوزير عبد العاطي على رفض مصر جملةً وتفصيلاً التصريحات الإسرائيلية الأخيرة فيما يتعلق بأوهام ما يسمي "إسرائيل الكبرى" التي لا تعكس سوى غطرسة القوة ولن تقبل بها مصر أو تسمح بتنفيذها، مشدداً على أن مثل تلك الأفكار لن تفضي سوى لتأجيج الصراع وتوسيع رقعته والقضاء على أفق التعايش السلمي بين الشعوب في المنطقة. كما أكد على الأولوية التي تحظى بها القضية الفلسطينية في السياسة الخارجية المصرية، مشدداً على مواصلة مصر جهودها في دعم مساعي الشعب الفلسطيني للحصول على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
كما أشار د. عبد العاطي إلى ترحيب مصر بما تم الإعلان عنه مؤخراً من جانب بعض الدول بشأن الاعتراف المرتقب بالدولة الفلسطينية، معتبراً إياها خطوة فارقة طال انتظارها في مسار إحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير، داعيا الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين على المبادرة بذلك باعتباره حقاً غير قابل للتصرف، وتأكيداً لالتزام المجتمع الدولي بالتوصل لحل دائم وعادل يعزز فرص السلام ويضع حداً للمعاناة الطويلة للشعب الفلسطيني.
وزير الخارجية: قطاع الدواء يمثل إحدى الركائز الأساسية للتعاون المصري مع الدول الأفريقية
وزير الخارجية والهجرة يتوجه إلى جدة
وزير الخارجية يتابع مشروع توثيق المستندات ذات القيمة التاريخية
ونوه وزير الخارجية بتأكيد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته للشعب المصري في ٢٧ يوليو ٢٠٢٥ أن موقف مصر واضح فيما يخص رفض التهجير، وأن مصر لا يمكن أن تشارك في هذا الظلم التاريخي، والذي سيؤدي لتفريغ حل الدولتين وعدم إقامة دولة فلسطينية، فضلاً عن تأكيد تضامن مصر الكامل مع الشعب الفلسطيني الشقيق ونبذ أية سياسات أو أفكار أو خطوات تستهدف خلق ظروف تدفع أصحاب الأرض إلى الرحيل عن أراضيهم في ظل تردي الأوضاع المعيشية بالقطاع من جراء السياسات الإسرائيلية غير المقبولة والمرفوضة، مكرراً ما ذكره فخامة الرئيس أنه حتى لو تمكنت إسرائيل من تطبيع علاقاتها مع جميع دول المنطقة فإن ذلك لن يحقق لها الأمن والسلام طالما لم تستجب للتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: وزير الخارجية غزة اسرائيل اجتماع جدة بدر عبد العاطي الشعب الفلسطینی وزیر الخارجیة عبد العاطی
إقرأ أيضاً:
العصابات الصهيونية.. تاريخ من المجازر والمذابح ضد الشعب الفلسطيني
إن المتابع لما يشهده قطاع غزة تلك البقعة الصغيرة في العالم والتي يتعرض أهلها للقتل والتهجير والتجويع من قبل عصابة بل عصابات صهيونية تسمي نفسها دولة، تسرق الأرض وتقتل الإنسان وترمي بكل القوانين والشرائع الدولية عرض الحائط، ترتكب المجازر وتمارس العنصرية بشتى أنواعها وأشكالها، والمطالع لحجم الخسائر البشرية والمادية وحجم الدمار لقطاع يسكنه أكثر من مليوني ونصف المليون نسمة من البشر، يجد نفسه أما جريمة شنيعة لا تساويها جريمة على مر التاريخ، وكل ما حدث خلال عامين هو استمرار لكم هائل من الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني على مدار أكثر من مائة عام.
فالعالم لن ينسى مذابح “صبرا وشاتيلا، ودير ياسين، وحيفا، والخليل، وجنين، والأقصى”، وغيرها الكثير من المجازر التي ارتكبها الكيان الصهيوني على مدى أكثر من مائة عام، تلك المجازر الصهيونية التي ارتكبها الكيان الصهيوني دون تحرك إنساني أو ردع دولي، وحتى بعد إدانة الأمم المتحدة لهذه المجازر وإصدار قرارات بها لم يتم تطبيق هذه القرارات الأممية التي أدانت تلك المجازر، بل على العكس من ذلك لا يزال ذلك الكيان يتلقى الدعم الدولي المستمر من الدول العظمى المدعية لحقوق الإنسان والراعية للأمن والاستقرار في العالم.
منذ أن أصبح العالم قرية واحدة، صار شاهداً على كل تلك المجازر وعليه أن يضطلع بمسؤولياته الأخلاقية والإنسانية خاصة المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان والناخب الغربي الذي عليه أن يعرف أين تذهب ضرائبه وأمواله، وقد حان الوقت لانتفاضة إنسانية ضد الدول الداعمة لهذا الكيان اللقيط.
منذ أن وضعت العصابات الصهيونية قدمها على أرض فلسطين وحتى تمكنها من إعلان دولة اصبحت مارقة عن كل الأخلاقيات والقيم والقوانين الدولية، فقط وضعت لها ميثاقاً وخطة عمل لا تزال مستمرة حتى وقتنا الحالي، تعتمد على التطهير العرقي من خلال القتل والتهجير والاستيطان، وخلق واقعاً ديموغرافياً جديداً يغير المشهد كلياً، ويهدف إلى إبادة شعب وسلب أرضه وثرواته، وما الاتفاقات التي عقدتها مع الفلسطينيين وبعض الدول العربية إلا كذر الرماد، وهي بذلك تستغل وسائل الإعلام الكبرى في العالم لتقوم بالكذب والتحريف والتزييف للحقائق، حتى أصبحت الفصائل المقاومة للقتل والتهجير والاستيطان تدعى فصائل إرهابية، دون العودة إلى الأرض لمعرفة الحقائق.
لا يمكن للعرب أن يقطعوا علاقاتهم مع القضية الفلسطينية التي تمثل قضية كل العرب وكل المسلمين وكل الأحرار في العالم، فإذا ما تم تصفية القضية الفلسطينية والتخلص من المقاومة، فالدور سيكون قادم على الدول المجاورة لفلسطين، ومن ثم الدول الأخرى، وإذا لم تكن السيطرة عسكرياً فستكون اقتصادياً وثقافياً، ولا غرابة أن أحرار العالم يستنكرون أن الدول التي تمثل العرب في الشرق الأوسط تدعو إلى السلام مع هذا الكيان الذي لا يعرف السلام ولا يملك ذرة إنسانية، وعلينا أن نتخيل طريقة السلام الذي يمكن ان تحدث مع كيان قائم على جرائم القتل والتهجير والتشريد والاستيطان والتوسع على أراضي الغير، والاستيلاء على الثروات، والاستعلاء على الآخرين ومنعهم من ممارساتهم الدينية، والاستيلاء على دور العبادة وغيرها من الجرائم غير الإنسانية وغير الأخلاقية والمخالفة للشرائع السماوية والقوانين والأعراف الدولية.
وقد وصف المؤرخ اليهودي “إيلان بابيه” خطة التطهير العرقي بدقة في كتابه (التطهير العرقي في فلسطين)، حيث تؤكد أنها تقوم على: “إثارة الرعب والفزع بين الجميع، الحصار المشدد، قصف القرى والتجمعات السكانية، حرق أو هدم المنازل والمدارس والمستشفيات، وزرع ألغام وسط الأنقاض لمنع السكان من العودة مجددا”.
وتشير كل الوقائع التاريخية والراهنة إلى أن الكيان الإسرائيلي بعد أن أصبح له “دولة” لم تغادر هذه الدولة فكر العصابات المسلحة، وظل التطهير العرقي دستورها الدائم، ولم تتحول إلى دولة تخضع للقوانين والالتزامات الدولية، بل بقيت عصابة مسلحة هدفها طرد شعب أو إبادته، ولا شك في أنها نجحت في تطهير كثير من القرى والمدن من سكانها ليحل محلهم مهاجرون جاءوا من شتى بقاع الأرض.
وفي عام 1963 كتب “بن غوريون” في مقدمة كتاب تاريخ الهاجاناه (وهو تاريخ عصابة
مسلحة): “ليس في بلادنا مكان إلا لليهود، إننا سنقول للعرب ابتعدوا، فإذا لم يبتعدوا وقاوموا فسنبعدهم بالقوة”.
أما “احاد هاعام” قائد الجناح الثقافي في الحركة الصهيونية، فكان يقول: “إن الصهاينة يغضبون بشدة ممن يذكرهم بوجود شعب آخر في فلسطين يعيش هناك ولا ينوى المغادرة، لقد كان هرتزل يتصور أن فلسطين بلا شعب، وكنت مثله اتخيلها مستنقعات لكني رأيت شعباً وحضارة وأطفالاً وبرتقالاً، فإذا أخذناها وطردناهم نكون قد ارتكبنا ظلما كبيراً.
وعندما استمع “حاييم وزمان” إلى كلام “هاعام” في القدس عام 1918 لم يرد، لكن جوابه جاء لاحقًاً في كتابه “التجربة والخطأ” إذ كتب: “في عام 1918 ذهبت لزيارة القدس، وكان معي “أحاد هاعام”، وبعد أن تجولنا في أنحاء البلاد قال لي عند الغروب ونحن نتناول العشاء في شرفة فندق يطل على القدس: “نحن نرتكب ظلماً كبيراً، ألا ترى ذلك؟”. لم أرد، فلست مسئولاً عن مستقبل الفلسطينيين، فليجدوا مكاناً غير هنا، أو فليعودوا إلى الصحراء التي جاءوا منها.
هذا يوضح أن التنظيم الصهيوني لم يفكر يوماً في التعايش أو الاندماج أو حتى الاحتلال، بل في التطهير العرقي وحده، وهذا ما يتجلى بوضوح اليوم في غزة والضفة الغربية، فما يفعله “النتنياهو” الآن فعله أسلافه، وتم تخليدهم في الذاكرة الصهيونية، بأنهم أنبياء جدد، وما العدوان المستمر على غزة والضفة إلا حلقة في سلسلة ممتدة على كامل التراب الفلسطيني، هدفها اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه، وشطب تاريخه، ومحو هويته، وإحلال المستوطنين محله.
أصبح العالم إذن أمام مشروع أسسته عصابات مسلحة بدعم وحماية إمبراطوريات كبرى، وليس أمام “دولة” تخضع للقانون الدولي وتحترم حقوق الآخرين، وهذا يؤكد نهايتها آجلاً أم عاجلاً.