رئيس البعثة أوضح أن العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي أصبح سمة بارزة في الحرب الدائرة. وكشفت التحقيقات عن حالات اغتصاب واغتصاب جماعي واسترقاق جنسي وزواج قسري واختطاف.

جنيف: التغيير

أكد رئيس البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان، محمد شاندي عثمان، أن ما يشهده السودان منذ اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع يمثل “حرب فظائع”، مشدداً على أن الشعب السوداني “لا يحتاج إلى التعاطف فحسب، بل يستحق التحرك الجاد نحو العدالة والحماية ومستقبل خالٍ من العنف”.

استهداف متعمد للمدنيين

وقال عثمان خلال عرضه لنتائج التقرير الأخير للبعثة أمام الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف اليوم الثلاثاء، إن المدنيين في السودان “لا يجدون أنفسهم فقط في مرمى النيران، بل يتم استهدافهم عمداً وتهجيرهم قسراً وحرمانهم من الغذاء”، مضيفاً أن الطرفين المتحاربين، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وحلفاؤهما، ارتكبوا جرائم حرب.

محمد شاندي عثمان

وأشار إلى أن أفعال قوات الدعم السريع ترقى في كثير من الحالات إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الاضطهاد والإبادة، بينما ارتكب الطرفان أعمالاً انتقامية شملت الاحتجاز التعسفي والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية.

العنف الجنسي كسلاح حرب

أوضح رئيس البعثة أن العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي أصبح سمة بارزة في الحرب الدائرة. وكشفت التحقيقات عن حالات اغتصاب واغتصاب جماعي واسترقاق جنسي وزواج قسري واختطاف ارتكبها مقاتلو قوات الدعم السريع، استهدفت في الغالب نساء وفتيات من مجتمعات غير عربية، بعضهن لم يتجاوزن 12 عاماً.

كما أضاف أن هناك أدلة على ارتكاب الجيش السوداني أعمال عنف جنسي، خاصة داخل مراكز الاحتجاز.

تدمير البنية التحتية وتجويع متعمد

شدد عثمان على أن الحرب “لا تقتل الأرواح فقط، بل تدمر وسائل البقاء على قيد الحياة”، مشيراً إلى قصف الأسواق، وانهيار النظام الصحي، واستهداف العاملين الطبيين والإنسانيين.

ووصف رئيس البعثة الوضع الغذائي بأنه “إحدى أخطر أزمات الجوع الطارئة في التاريخ الحديث”، مؤكداً أن ممارسات الجيش تعكس فشلاً في تقليل الخسائر بين المدنيين.

بينما تنتهج قوات الدعم السريع استراتيجية متعمدة لحرمان السكان من مقومات الحياة، وهو ما قد يرقى إلى جريمة حرب تتمثل في التجويع، بل إلى جريمة ضد الإنسانية عبر الحرمان الممنهج من الغذاء والدواء وعرقلة المساعدات.

معسكر زمزم خارطة طريق للعدالة

قدم عثمان توصيات تشكل خارطة طريق تقوم على أربع ركائز رئيسية تشمل وقف العنف فوراً، حماية المدنيين، رفع الحصارات، وضمان وصول المساعدات ووقف العنف الجنسي.

إضافة إلى تحرك دولي حازم عبر تطبيق حظر السلاح، وقف الدعم المادي للأطراف، تعزيز المعونة الإنسانية، دعم المحكمة الجنائية الدولية، وإنشاء آلية قضائية مستقلة، إضافة إلى فرض عقوبات محددة.

وعملية سلام شاملة تضع العدالة في صميمها، يقودها الوسطاء الدوليون والإقليميون، وكذلك دور المجتمع المدني في توثيق الانتهاكات، ودعم الضحايا، وبناء أسس سودان جامع قائم على الحقوق.

جرائم مستمرة

ومنذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، يعيش ملايين المدنيين أوضاعاً إنسانية كارثية، مع نزوح واسع وغياب الخدمات الأساسية، واتهامات متبادلة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وتعد هذه التقارير الأممية من أبرز الأدلة الدولية التي تضع الانتهاكات تحت مجهر العدالة الدولية، في وقت يزداد فيه الضغط على الأطراف المتحاربة لإنهاء الصراع عبر تسوية سياسية شاملة.

الوسومآثار الحرب في السودان الأمم المتحدة انتهاكات الحرب بعثة تقصي الحقائق بشأن السودان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الأمم المتحدة انتهاكات الحرب بعثة تقصي الحقائق بشأن السودان العنف الجنسی الدعم السریع رئیس البعثة فی السودان

إقرأ أيضاً:

وزير خارجية السودان السابق: جيش واحد وإبعاد قادة الحرب للحل السلمي

قال إن بيان الآلية الرباعية وضع خريطة طريق يمكن البناء عليها لإنهاء النزاع، تقوم على هدنة إنسانية لثلاثة أشهر، يليها وقف إطلاق النار تمهيدًا لعملية سياسية تفضي إلى حكم مدني..

التغيير: الخرطوم

قال وزير الخارجية السوداني السابق علي يوسف، إن الشرط الأول لأي حل سلمي في السودان هو وجود جيش وطني واحد فقط، دون وجود قوات الدعم السريع أو أي تشكيلات موازية، معتبرًا أن توحيد المؤسسة العسكرية يمثل الركيزة الأساسية لإنهاء الحرب.

وأوضح يوسف، في مقابلة مع قناة الجزيرة مباشر السبت، أن الشرط الثاني يتمثل في إبعاد كل المسؤولين الذين أصدروا تعليمات قادت إلى اندلاع الحرب، على أن تحدد فترة الإبعاد بإرادة الشعب السوداني.

وأشار إلى أن بيان الآلية الرباعية (الولايات المتحدة، مصر، السعودية، الإمارات) وضع خريطة طريق يمكن البناء عليها لإنهاء النزاع، تقوم على هدنة إنسانية لثلاثة أشهر، يليها وقف إطلاق النار تمهيدًا لعملية سياسية تفضي إلى حكم مدني.

وأضاف الوزير السابق أن جميع الحروب في السودان انتهت عبر التفاوض، مؤكدًا أن الحوار السياسي هو السبيل الوحيد لإرساء السلام، وأن الحلول العسكرية “ليست أمرًا يسيرًا”، في ظل استمرار وجود قوات الدعم السريع في مناطق واسعة بدارفور وغرب كردفان رغم عمليات الجيش.

وخلال حديثه، كشف علي يوسف عن صعوبات كبيرة واجهها في إدارة وزارة الخارجية منذ تعيينه في نوفمبر 2024 وحتى إعفائه من منصبه في أبريل 2025، قائلًا إنه لم يتمكن من ممارسة عمله بحرية، وطلب بنفسه من رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان إعفاءه “تفاديًا لإشكاليات مع أطراف أخرى في السلطة”.

وانتقد يوسف غياب الحرية في إدارة العمل الدبلوماسي، مضيفًا: “وزير الخارجية يجب أن يكون له دور ومواقف، لا أن يكون مجرد صورة للكاميرات”. كما أشار إلى أن تدخل أعضاء مجلس السيادة العسكريين في الإشراف المباشر على الوزارات خلق تضاربًا في الرؤى بشأن ملفات أساسية.

وفي ما يتعلق بالوساطات، أكد يوسف أن البرهان وافق على مبادرات من مصر وتركيا والسعودية والجامعة العربية للتوسط من أجل إنهاء النزاع، مشيرًا إلى أن مشاركة الإمارات في الآلية الرباعية “لا تعني ابتدار حوار مباشر معها”، لكنها ضرورية لأنها “طرف فاعل في دعم مليشيا الدعم السريع”.

قرار السلام

ودعا يوسف البرهان إلى مواصلة الجهود العسكرية لإضعاف الدعم السريع، مع عدم التردد في اتخاذ قرار السلام، مبينًا أن أي معالجة للأزمة لا بد أن تشمل دور الإمارات باعتبارها لاعبًا مؤثرًا في مسار الحرب.

واعتبر الوزير السابق أن الموقف الدولي لا يمكنه إلا التعامل مع الجيش والدعم السريع كأطراف حرب، موضحًا أن ذلك “لا يعني مساواتهما”، بل يعكس واقع النزاع الذي يفرض على الوسطاء التعامل مع جميع القوى المنخرطة في القتال.

واندلعت الحرب الحالية في السودان في 15 أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). ومنذ اندلاعها امتدت المواجهات إلى معظم أنحاء البلاد، خاصة الخرطوم ودارفور وكردفان والجزيرة والنيل الأزرق،

وأسفرت الحرب عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين داخليًا وخارجيًا، لتتحول إلى أكبر أزمة نزوح في العالم عام 2024–2025 بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

وأدت الحرب إلى نهب واسع وتوقف الخدمات الأساسية في قطاعات الصحة والتعليم والمياه والكهرباء، كما انعكست مباشرة على حياة المواطنين عبر معاناة شديدة في استخراج الأوراق الثبوتية مثل الجوازات والبطاقة القومية، في ظل شلل إداري ومؤسسي متواصل.

الوسومالبرهان الدبلوماسية السودانية حرب الجيش والدعم السريع علي يوسف

مقالات مشابهة

  • مطالب دولية بتسليم البشير وتوسيع ولاية "الجنائية الدولية"
  • أمنستي ورايتس ووتش: إدانة الجنائية الدولية لـكوشيب جرس إنذار لمرتكبي انتهاكات السودان
  • رغم اعتراض حكومة الخرطوم .. الأمم المتحدة تمدد ولاية بعثة تقصي الحقائق في السودان
  • «صمود» يدين القصف في دارفور ويرحب بتمديد ولاية بعثة تقصي الحقائق الدولية
  • المحكمة الجنائية الدولية تدين زعيما سابقا لجماعة مسلحة سودانية
  • بعد إتهامه بارتكاب جرائم حرب بإقليم دارفورالمحكمة الجنائية الدولية تدين زعيما سابقا لجماعة مسلحة سودانية
  • مقتل وإصابة أكثر من 30 شخصاً في قصف للدعم السريع على الفاشر
  • شبكة أطباء السودان: 13 قتيلا و19 مصابا في قصف الدعم السريع للفاشر
  • منسقة الشؤون الإنسانية في السودان: أوقفوا الحرب نريد الوصول إلى الفاشر
  • وزير خارجية السودان السابق: جيش واحد وإبعاد قادة الحرب للحل السلمي